Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحيوانات الأليفة... آخر ضحايا أزمة تركيا الاقتصادية

أسعار أغذيتها الخاصة ارتفعت 90 في المئة بسبب التضخم وضعف الليرة ونقص الخامات

ارتفعت مبيعات أغذيتها إلى 127 مليون دولار في عام 2022 بنمو قدره 30 في المئة عن عام 2021 (أ ف ب)

ملخص

تقف الضغوط التضخمية ونقص المواد الخام وراء الارتفاع الكبير في أسعار أغذية الحيوانات الأليفة التي تباع في السوق التركية

خلَّفت الأزمة الاقتصادية في تركيا، آثاراً غير محمودة على المواطنين الأتراك، من دون أن تسلم حيواناتهم الأليفة من تبعاتها، فالبلد الذي عانى في الأعوام الأخيرة نزفاً في ليرته المحلية أمام الدولار، وشكا قاطنوه تضخماً بالغ القسوة، وتسربت أموال المودعين خارج القطاع المصرفي إثر مواصلة خفض الفائدة، لم يكن يواجه عبء تزويد تلك الحيوانات بما تحتاج من الأطعمة التجارية (ينتج ثلثي الكميات المستهلكة ويستورد الثلث المتبقي من أوروبا وتحديداً فرنسا والمجر وصربيا) قبل العام الماضي، حين تباطأت مبيعات هذه الأطعمة الخاصة على نحو ملحوظ، واعتماد الأسر على بقايا المائدة طعام بديل.

عرفت تركيا في السنوات الأخيرة، تصاعداً في الطلب على أغذية الحيوانات الأليفة، مع توسع ملكية تلك الحيوانات، بخاصة الكلاب والقطط، إذ ارتفعت مبيعات أغذيتها إلى 127 مليون دولار في عام 2022 بنمو قدره 30 في المئة عن عام 2021، وسط توقعات سابقة بأن تتضاعف إلى 300 مليون دولار بحلول نهاية عام 2027.

حيوانات أليفة أكثر

وتشير الإحصاءات الرسمية في البلاد إلى ارتفاع وتيرة اقتناء الحيوانات الأليفة خلال سنوات الجائحة، إذ سعت الأسر إلى مرافقة القطط والكلاب خلال العزلة المنزلية، وبحلول نهاية عام 2022، ارتفعت المبيعات السنوية لأطعمة الكلاب والقطط إلى 127 مليون دولار، وفقاً لمعهد الإحصاء التركي، واستمرت المبيعات منذ ذلك الوقت في التوسع على رغم الرياح الاقتصادية المعاكسة.

وتقدر الجمعية البيطرية التركية، عدد الكلاب المستأنسة في البلاد بنحو ستة ملايين كلب، و1.5 مليون من القطط الأليفة، ويمتلك نحو خمسة في المئة من الأسر التركية حالياً كلباً فيما لدى 14 في المئة من الأسر قطة واحدة في الأقل، وتقدر عدد الكلاب والقطط الضالة في الشوارع وحدها بـ10 ملايين، مما يزيد التكهنات بنمو ملكية الحيوانات الأليفة، ومبيعات الأغذية الخاصة مستقبلاً في البلاد.

واعتباراً من يناير (كانون الثاني) 2022، طلب من أصحاب الحيوانات الأليفة تقديم طلب إلى مديريات الزراعة بالمقاطعات التركية، لتسجيل كلابهم وقططهم في قاعدة البيانات الوطنية باستخدام الرقائق الدقيقة المشفرة بـ"الباركود"، إذ يعد شرط التسجيل جزءاً من مساعي أنقرة المستمرة لمواءمة قواعدها مع لوائح الاتحاد الأوروبي، كما هو مطلوب بموجب اتفاق الاتحاد الجمركي بين تركيا والكتلة الأوروبية.

تحول أخير في تركيا

لكن تقديرات لوزارة الزراعة الأميركية، تشير إلى تحول أخير في تغذية تلك الحيوانات، إذ صار أصحابها يستخدمون تدريجاً مزيداً من بقايا المائدة، نظراً إلى تدني مستويات دخل الأسر، في حين تطعم ما يقارب 35 في المئة من القطط، و20 في المئة فقط من الكلاب الأليفة في تركيا بأطعمة تجارية.

وتباع الأغذية الخاصة عبر محال البقالة ومتاجر الحيوانات الأليفة ومن خلال الإنترنت والعيادات البيطرية، وفي السنوات الأخيرة، تزايدت حصة المبيعات عبر الإنترنت بينما انخفضت حصة المبيعات في متاجر البقالة التي اتجهت في ما يبدو نحو السلع الأساس.

قبل العام الأخير، وتحديداً في السنوات ما بين 2019 و2022، كان اتجاه "النظام الغذائي لأغذية الحيوانات الأليفة الخام" آخذ في الانتشار بين بعض أصحاب الحيوانات الأليفة الأكثر ثراءً، وتجرى فيه عملية تصنيع الطعام من خلال معالجة الأطعمة المختلفة، مثل اللحوم والخضراوات والفواكه، ويباع طازجاً أو مجمداً، وعلى رغم الاضطرابات الاقتصادية، تضاعف إنتاج أغذية الحيوانات الأليفة المحلي من أقل من 90 ألف طن في عام 2019 إلى ما يقارب 200 ألف طن بحلول عام 2021، وفي عام 2022، ارتفع الإنتاج إلى أعلى من 225 ألف طن، ويعزى ذلك إلى الاتجاه المتزايد لامتلاك الحيوانات الأليفة أثناء الوباء.

نقص مدخلات الإنتاج

وأدركت عديد من الشركات المحلية والعالمية، فرصة النمو في سوق أغذية الحيوانات الأليفة التركية، واستثمرت في المرافق المحلية لتصنيع وتوزيع الأغذية في السنوات الأخيرة، بالاعتماد على المكونات المستوردة اللازمة للصناعة، نظراً إلى نقص المدخلات المحلية، إذ يستخدم مصنعو أغذية الحيوانات الأليفة المحليون مجموعة متنوعة من المكونات المشتقة من الدجاج والأسماك والأغنام والأبقار، بما في ذلك مخلفات اللحوم (مثل العظام والأوتار والجلد) ومخلفاتها.

ويستخدم البروتين النباتي على نطاق واسع في إنتاج أغذية الحيوانات الأليفة في تركيا، في حين أن المنتجات الثانوية للحبوب تعد مكوناً شائع الاستخدام، مثل دقيق الرز ودقيق الذرة ونخالة الرز والقمح، وبدأ المصنعون في استخدام الخضراوات في الصناعة، مع إضافة فيتامينات ومعادن مختلفة بناء على عمر الحيوان وحالته الصحية.

لكن في 2023، تراجع الطلب الأسري على أغذية الحيوانات الأليفة بسبب ارتفاع الأسعار، إذ تباطأ إلى حد ما بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة داخل البلاد، فعلى سبيل المثال، منذ عام 2021، ارتفع سعر كيس 15 كيلوغراماً من الأغذية المستوردة الممتازة 69 دولاراً، والأغذية المصنوعة محلياً 30 دولاراً، بنسبة 90 في المئة، و60 في المئة على التوالي، وهو ما صعب على عديد من الأسر تلبية الحاجات الغذائية لحيواناتهم الأليفة.

أسباب كثيرة

وتقف الضغوط التضخمية ونقص المواد الخام، وراء الارتفاع الكبير في أسعار أغذية الحيوانات الأليفة التي تباع في السوق التركية، إضافة إلى ارتفاع أسعار المدخلات (مثل الكهرباء، والنقل، والعمالة)، وخفض قيمة الليرة التركية مقابل الدولار، علاوة على ضريبة القيمة المضافة المفروضة بنسبة 18 في المئة على أغذية الكلاب والقطط، باعتبارها سلعاً فاخرة، على رغم الالتماس الذي قدمته جمعيات الحيوانات ومستوردو أغذية الحيوانات للحكومة لخفض الضريبة إلى ثمانية في المئة، قبل أن يقابل بالرفض.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبلغ معدل التضخم السنوي في يناير الماضي، 64.86 في المئة، بحسب تقديرات البنك المركزي التركي الذي يستهدف الهبوط بالتضخم إلى مستوى 36 في المئة بحلول نهاية العام الحالي، فيما تباع الـ30.60 ليرة تركية بدولار واحد، بعد خسارة العملة المحلية ما يزيد على 558 في المئة منذ عام 2018، منها 37 في المئة العام الماضي وحده.

إضافة إلى موردي الاتحاد الأوروبي، تقوم الولايات المتحدة أيضاً بشحن أغذية الحيوانات الأليفة إلى تركيا، وإن كانت بكميات صغيرة نسبياً، ففي عام 2022، بلغ إجمالي صادرات الأغذية الأميركية إلى تركيا 88 طناً، بقيمة تبلغ نحو 490 ألف دولار.

وفي حين زادت واردات أغذية الحيوانات الأليفة، زادت أحجام التصدير بالمثل، إذ يتطلع المصنعون الأتراك إلى تنويع محفظة أعمالهم، وإمكانية الوصول إلى هوامش ربح أعلى في الخارج، وأدى عدم اليقين الذي يكتنف الاقتصاد التركي إلى هذا التنويع، ويجرى تصدير ما يقارب ربع الأغذية المنتجة في البلاد، وفي عام 2022، وصلت الصادرات إلى مستوى قياسي بلغ 62 ألف طن (89 مليون دولار)، بزيادة 57 في المئة عن العام السابق، وكانت أهم وجهات التصدير هي ماليزيا وإسرائيل والعراق والولايات المتحدة. وبالمقارنة، وكدليل على النمو المستمر في هذا القطاع، كانت صادرات تركيا من أغذية الحيوانات الأليفة أقل من ثلاثة آلاف طن في عام 2016.

على الأرجح، ستظل مبيعات الأغذية الخاصة بالحيوانات الأليفة في تركيا حبيسة الليرة والتضخم ونمو الأجور، فلا يتوقع للسوق بحسب التقارير، أن تواصل نموها من دون تحسن الطلب المرهون بتعافي العوامل الثلاث، وسط مساع حكومية بإحداث انفراجة على هذه الصعد.

المزيد من منوعات