Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحذير سعودي من تزايد قتلى "غزة" جراء إعاقة عمل "أنروا"

عبدالله الربيعة المشرف على مركز الملك سلمان لـ"اندبندنت عربية": الرياض في انتظار الموافقة الأممية والإسرائيلية لتسيير قوافل إنسانية عبر معابر أخرى لإغاثة سكان القطاع

ملخص

المشرف العام على مركز الملك سلمان يحذر من كارثة إنسانية في غزة إذا لم تفتح المعابر لإدخال المساعدات

أعرب المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عن أسفه، من أنّ تجميد الأموال المخصصة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من شأنه "المساهمة" في زيادة أعداد القتلى المدنيين في غزة، وذلك في وقت علّقت دول عدة، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا واليابان، تمويلها للوكالة رداً على ادعاءات إسرائيلية بأن بعض موظفيها شاركوا في الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس الفلسطينية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقدمت السعودية بطلب إلى الأمم المتحدة للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى الأراضي الفلسطينية من معابر أخرى بخلاف معبر رفح الحدودي الذي يواجه الإغلاق شبه الدائم منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و"حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفق ما ذكر المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عبدالله الربيعة.

وكشف الربيعة في حوار مع "اندبندنت عربية" أن هناك تفاهمات مع سفارة السعودية لدى فلسطين لدخول المساعدات الإنسانية التي يقدمها المركز من معابر أخرى ثم وصولها إلى الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة ومدينة رفح، موضحاً أن القرار في انتظار الموافقة الأممية والسلطات الإسرائيلية، وبعدها تطلق الرياض قوافل مساعدات برية إلى القطاع مروراً بالأردن بعد التنسيق معها.

في غضون ذلك لفت الربيعة في تصريحات لاحقة لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أهمية تجنب "معاقبة الأبرياء، من ملايين الأشخاص الذين يعيشون في غزة، بسبب اتهامات موجهة إلى قلة من الناس"، مضيفاً "إذا كان لديك نحو مليوني شخص يعيشون في بقعة صغيرة ... ثم توقف تمويل الغذاء والأساسيات الصحية، فأنت في الأساس تدعوهم إلى العيش، بالفعل، في كارثة وتساهم أيضاً في موتهم".
وتحدث ربيعة، وهو أيضا مستشار بالديوان الملكي السعودي، بينما تترقب غزة هجوماً برياً إسرائيلياً في مدينة رفح المكتظّة بأكثر 1,3 مليون نازح فلسطيني، محذّراً من أن هذه العملية قد تؤدي إلى "فوضى" وربما "توقف كامل" لشاحنات المساعدات. 

وتابع "سنرى الآلاف من الناس يفقدون حياتهم. الآن يتحدث الناس عن خطر الأوبئة، وتهديد المجاعة، سمها ما شئت. لذلك لا نريد أن نرى أي مدني يموت بسبب أشياء يمكن تجنبها".

جسر إغاثي

إلى ذلك نوه المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة في حوراه مع "اندبندنت عربية" إلى أن المساعدات التي ستدخل عبر المعابر مخصصة لقطاع غزة فقط، مشيراً إلى أن الإقدام على هذه الخطوة جاء بعدما لمست الرياض صعوبة وصولها إلى القطاع في الوقت الحالي، إذ تصل إلى مصر إما من طريق هبوط الطائرات في مطار العريش أو السفن في ميناء بورسعيد ومنهما تنقل في شاحنات إلى معبر رفح البري.

وأشار الربيعة إلى أهمية التفريق بين المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة والتي يتم تقديمها للضفة العربية، لافتاً إلى أن سكان القطاع يعانون أزمة إنسانية تتمثل في القصف والحصار والنزوح، لذا تتفاعل السعودية مع الاحتياج الحقيقي للشعب الفلسطيني في القطاع من واقع مسؤوليتها الإنسانية، موضحاً أن بلاده تعمل بالتنسيق مع الأردن على تنفيذ برنامج مساعدات آخر خاص بسكان الضفة الغربية.

وعن سبب هذه الخطوة، سرد الربيعة تجربته في مرافقة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة قائلاً "كنت على أبواب معبر رفح ورأيت التحديات بنفسي، لأن عبور الحدود بين مصر وغزة لم يكن سهلاً في ظل المنع وعدم استقرار الوضع الأمني، وكان على المساعدات أن تغادر نحو 50 كيلومتراً لتصل إلى معبر آخر، لكن إسرائيل تتحكم فيه، وتتعرض قوافل المساعدات إلى التفتيش والتأخير الذي قد يصل إلى أيام، بخلاف تحديات الطقس وصعوبات الطرق والطعام وظروف التخزين، وفي النهاية لا يدخل سوى كميات محدودة".

وحذر مشرف مركز الملك سلمان من طول انتظار دخول المساعدات إلى القطاع، لا سيما أن غزة أمام احتياج إنساني كبير من غذاء البالغين وتغذية للأطفال والرعاية الصحية لآلاف الجرحى، وعبر عن حزنه بسبب الظروف الأمنية التي منعت العاملين في المركز من توزيع المساعدات وفق الحاجات، لافتاً إلى أن المركز لم يكتف بإرسال المساعدات بل نسق مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والهلال الأحمر الفلسطيني في شأن دخولها وتوزيعها.

 

السلة الذهبية

ويضمن مركز الملك سلمان معدات التخزين الخاصة بالمساعدات التي يقدمها، بل ويعطي الدول معايير للتخزين وفق الجودة والنوعية لا سيما في المساعدات الغذائية، حتى إنه في غزة سميت السلة الغذائية السعودية في الكرتون الأخضر بـ"السلة الذهبية" المميزة، بحسب الربيعة.

والحرب التي شنت على أهل غزة مؤلمة جداً خصوصاً للمدنيين الذين يواجهون تحديات النزوح وبرد الشتاء البرد، ووفاة قرابة 26 ألف قتيل معظمهم نساء وأطفال وجرح أكثر من 70 ألفاً، وكذلك أكثر من 8 آلاف فقدوا خلال الحرب، إضافة إلى المشاهد المؤلمة للأطفال الرضع، إذ إن الطفل إما على سرير المستشفى ومن دون علاج أو مغطى بالكفن، وفق ما قال الربيعة.

المساعدات بين السرقة والتهمة

سألت "اندبندنت عربية" الدكتور عبدالله الربيعة حول الادعاءات التي تنتشر بين الحين والآخر عن فساد أو تلف المساعدات الغذائية، فأجاب أن المساعدات بصورة عامة تواجه اتهامات، مؤكداً أن المركز لا يقبل ولا يشتري أي مساعدات تقل صلاحيتها عن سنة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول شبهات سرقة التبرعات التي تحدث بين الحين والآخر، علق الربيعة "في كل دولة فيها صراع يحصل ابتزاز، ولكن إذا تم ابتزاز أو سرقة 10 أو 15 في المئة من المساعدات، علينا ألا ننظر للجزء الفارغ من الكأس، ننظر أن 85 أو 90 في المئة من المساعدات وصلت للمحتاج فهناك من ضعاف النفوس من يسرق أو من تعطيه المساعدات ويبيعها ويأخذ نقودها، لكن إذا وصلت إلى 90 في المئة يكفيني نجاحاً أنني أوصلت للغالبية العظمى من المحتاجين بصرف النظر عن ضعاف النفوس، فلا أعاقب الجميع بسبب القليل".

 

10 دول فقط

وتناول مشرف مركز الملك سلمان جهود الإغاثة والأعمال الإنسانية على المستوى الدولي، قائلاً إن "السعودية ترأست مجموعة الدول المانحة لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة 2022، التي انتهت دورتها منذ أشهر قليلة، وعلى رغم أن أكبر هاجس لدى المجتمع الإنساني هو ندرة الموارد وقلة المتبرعين أو الداعمين الدوليين في وقت يقود العمل الإنساني الدولي نحو 10 دول فقط، فإنه في 2021 كانت السعودية الدولة الأولى عالمياً في تقديم المساعدات الإنمائية والثالثة في المساعدات الإنسانية".

مضيفا "للأسف هناك دول كثيرة اقتصادها جيد، ولكن للأسف لا نراها فاعلة في العمل الإنساني، وعندما جاءت التحديات الاقتصادية منها (كوفيد-19) والركود الاقتصادي الذي نراه اليوم وجدنا كذلك الموارد حتى من الدول الـ10 المانعة بدأت تقل، طبعاً هذه التحديات ضخمة جداً والمتضرر هي الدول الفقيرة والهشة والدول التي فيها صراعات ونزاعات".

وعن سؤاله عن الحل في ظل التضخم الاقتصادي وضعف الموارد وتزايد الصراعات والأزمات الإنسانية، أكد الربيعة "الحل الأول يجب أن تعمل الأمم المتحدة ومجلس الأمن بصورة فاعلة وقوية جداً على منع أو إيقاف هذه الصراعات ونزاعات لأنها تستهلك أموال الدول المتبرعة".

موضحاً "كلما كان هناك خلق لصراع كأننا نعاقب الدول الهشة والفقيرة، فالحل أولاً إيقاف الصراعات ومنع حدوث الصراعات، ثانياً يجب أن نزيد أثر هذه المساعدات إذا كان لديك في بيتك موازنة محددة يجب أن توجهها لأولوياتك، هذا هو ما يجب أن يكون، أن توجه الموارد من هذه الدول الـ10 للأولويات".

وشدد في جوابه "يجب أن نقلل الكلفة الإدارية في منظمات الأمم المتحدة، الكلفة اللوجيستية، قيمة الشراء، التجمعات الشرائية لتقليل الكلفة، هذه يجب أن تطبق على المستوى الدولي لنزيد أثر هذه المساعدات وإلا المتضرر سيزداد ضرراً، ومساعداتنا ستفيد جزءاً بسيطاً من المتضررين والغالبية تترك بكل أسف من دون فائدة".

وتابع الربيعة "خلال رئاسة السعودية مجموعة المانحين شاركت شركة (أرامكو) وكبار رجال الأعمال السعوديين والمؤسسات والقطاع الخاص بدور فاعل في المساعدات الإنسانية الدولية، ونفذت السعودية 365 حملة طبية تطوعية في أكثر من 33 دولة، وفي خلال ثلاث سنوات أصبحت أكبر دولة تنفذ برامج طبية تطوعية داخلية".

امتدت الجهود السعودية إلى مشكلة اللاجئين، وهو ما يوضحه مسؤول مركز الملك سلمان قائلاً إن بلاده "استقبلت أكثر من مليون شخص من مناطق الصراع، ورفضت تسميتهم لاجئين تكريماً لهم، بل أطلقت عليهم لقب (زوار) ودشنت منصة (الزائرين) لخدمتهم، ولم تضعهم في مخيمات أو ترميهم في الصحراء بل دمجتهم في المجتمع، مشيراً إلى أن من بينهم أكثر من 550 ألف يمني ونحو 265 ألف سوري، إضافة إلى ما يقارب 250 ألفاً من الروهينغا الفارين من ميانمار".

 

مبادرات ومساعدات دولية

لم تكتف الجهود السعودية بالتعامل مع اللاجئين بل وصلت أعمالها الإغاثية إلى مناطق الصراع، حسب قول الربيعة، إذ أطلقت برنامج نزع الألغام في اليمن باسم "مسام"، الذي تمكن من نزع قرابة 500 ألف لغم، وكذلك برنامج مواز لتأهيل الأطراف الصناعية وقدم المساعدة للمتضررين في أربعة مراكز، حتى إن بعض الدول طالبت ببرامج سعودية مماثلة، ومنها أذربيجان التي طلبت ذلك أخيراً.

من بين البرامج الإغاثية التي يعمل عليها المركز برنامج "كفاك" الذي يصفه الربيعة بأنه مبادرة إنسانية نوعية لإعادة تأهيل الأطفال المجندين الذين جندتهم الميليشيات الحوثية في اليمن بدءاً من سن سبع سنوات، إذ حرص المركز على أن يبني برنامجاً بمساعدة المنظمات الدولية لإعادة الأطفال المصابين بأي طريقة من هذه الميليشيات وتأهيلهم نفسياً واجتماعياً وتعليمياً وأسرياً حتى لا يصبحوا قنابل موقوتة وصناعاً للإرهاب في المستقبل، وأسفر ذلك عن تأهيل نحو 3 آلاف طفل.

وبعيداً من الأجندات السياسية قدمت السعودية مساعدات إنسانية في أوكرانيا بتوجيه من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منها 400 مليون دولار عبارة عن 300 مليون دولار مشتقات بترولية و100 مليون للحاجات المدنية، بخلاف جسر المساعدات الجوي، وفق الربيعة.

واستعرض المشرف على المركز جهود الملك سلمان بن عبدالعزيز في تدشين منصة التبرعات في أول منتدى إنساني سعودي في 2018 يطبق معايير الشفافية ويوثق المساعدات، لافتاً إلى أن أرقام المساعدات الإنسانية والإغاثية تحتاج إلى وثائق وأوراق ثبوتية حتى يتم توثيقها دولياً في منصات الأمم المتحدة ومنظمة الاقتصاد والتنمية الدولية وغيرها وهو ما حصل بالفعل، مشيراً إلى أن حجم المساعدات السعودية الموثق عالمياً خلال العقدين الماضيين بلغ نحو 127 مليار دولار استفادت منها أكثر من 160 دولة، ولم تفرق السعودية أثناء تقديمها بين لون أو جنس أو حدود أو جغرافيا.

 

حوكمة وشفافية

وعن أولويات مركز الملك سلمان للإغاثة أكد الربيعة أن المركز ذراع السعودية الإنسانية وجزء لا يتجزأ من منظومة العمل الإنساني الدولي، ولذلك يبني أولوياته وفق الاحتياج، لافتاً إلى أن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بما فيها المركز تنظر للاحتياج العالمي في بداية كل عام وتختار الدول الأكثر تضرراً.

ونفى المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة أن تكون رواتب منسوبي المركز من المساعدات أو التبرعات، إذ قال "ما يخص العاملين في المركز فهم يتلقون سواء رواتبهم أو مكافآتهم من دعم الدولة، فلذلك لا تؤخذ رسوم إدارية على الأموال التي تردنا من المتبرعين أو المتبرعات من السعودية، ومنصة أسهم أو منصة التبرعات الخاصة بالعمل الإنساني الخارجي هي منصة فريدة ومميزة، أولاً لديها حوكمة عالية جداً بما يضمن الشفافية سواء مع المتبرع أو مع الدولة".

وأكد الربيعة مأسسة المساعدات الحكومية والتبرعات من خلال القرارات الرسمية التي تشدد على ضرورة أن يكون العمل الإنساني السعودي سواء كان حكومياً أو أهلياً أو فردياً تحت مظلة مركز الملك سلمان، وهو ما أسهم في تطبيق أعلى معايير الحوكمة والشفافية والرقابة على استقبال وإنفاق الأموال.

وأكد أنه ليس هناك أي ازدواجية بين منصات جمع التبرعات السعودية، موضحاً أن "إحسان" منصة وطنية للعمل الخيري تجمع تبرعات رقمية موجهة للداخل، لكن منصة "ساهم" التابعة للمركز تعمل على جمع تبرعات موجهة الخارج، مؤكداً أن هناك تكاملاً بينهما في دعم العمل الإنساني محلياً ودولياً، ولافتاً إلى أن ثلثي التبرعات التي يحصل عليها المركز تأتي من الدولة والثلث من المتبرعين سواء الأشخاص أو القطاع الخاص، تأكيداً لدور المشاركة المجتمعية في تكامل المنظومة الإنسانية بالسعودية.

اقرأ المزيد

المزيد من حوارات