Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تواجه تونس أزمة نقص السلع في شهر رمضان؟

محللون يعتبرون أن الإنتاج الزراعي في البلاد لا يزال صعباً وحرجاً في ظل التغيرات المناخية والمواطنون يواجهون التضخم بقدرة شرائية مهترة

معدل سعر شنطة رمضان يتجاوز 16 دولاراً في اليوم (اندبندنت عربية)

لم يعد يفصل الأمة الإسلامية عن حلول شهر رمضان سوى خمسة أسابيع فحسب، وهو ما يعني بدء استعدادات الحكومات اقتصادياً ومالياً، إذ إن حجم الإنفاق والاستهلاك والإقبال على شراء السلع في الشهر المبارك يكون عند الذروة مقارنة ببقية أشهر العام.

في تونس يشكل شهر رمضان حدثاً اقتصادياً وتجارياً مهماً، ولذلك تؤمن الحكومة التونسية الأسواق بمزيد من السلع الاستراتيجية والزراعية، إذ إن نسبة الاستهلاك ترتفع بنحو 20 في المئة في الأقل.

ولكن بمرور الأعوام تتغير الاستعدادات التي صارت ترتكز في جانب كبير منها على التغيرات والتقلبات المناخية المؤثرة بدرجة كبير في وتيرة الإنتاج الزراعي في دول عالمية عدة ومنها تونس.

وبالتوازي مع أزمة تقلبات المناخ وتراجع الإنتاج الزراعي، تواجه الحكومة التونسية تحدياً آخر في يتمثل في ارتفاع أسعار السلع والمنتجات بمختلف أنواعها في ظل بقاء نسب التضخم في مستويات مرتفعة، إذ سجلت مؤشرات التضخم ارتفاعاً عند 7.8 في المئة في يناير (كانون الثاني) الماضي، وطاولت معدلات التضخم أسعار المواد الغذائية التي لا تزال مرتفعة قد تتجاوز 14 في المئة وسط صعود مطالب النقابات بتعديل أجور الموظفين والعمال.

تنامي الممارسات الاحتكارية

وكشفت وثيقة حكومية رسمية عن استعدادات الدولة لضخ السلع والمنتجات الزراعية خلال شهر رمضان المقبل، اطلعت عليها "اندبندنت عربية"، أذ أظهرت الوثيقة أن شهر رمضان المقبل يتزامن مع فترة تقاطع الفصول (فترة ما بين موسمين) مما يشير إلى إمكان حدوث اضطراب في الإنتاج الزراعي.

وقدرت الوثيقة الرسمية الإنتاج المتوقع من محصول البطاطا في شهر رمضان بنحو 20 ألف طن، إضافة إلى 5 الآف طن من المخزون التعديلي، ليصل الإجمالي إلى 25 ألف طن، في مقابل حجم استهلاك متوقع يتراوح ما بين 25 ألف طن وحتى 30 ألف طن، بينما ستضخ كميات من محصول الطماطم والفلفل، التي قد تشهد ارتفاعاً في أسعار البيع نظراً إلى ارتفاع كلفة إنتاج الزراعات المحمية (البيوت المكيفة).

عرض محدود من الغلال

وفي شأن الغلال توقعت الوثيقة أن يكون حجم المعروض من الغلال محدوداً، مرجعة ذلك إلى فترة تقاطع الفصول، إذ سيقتصر حجم المعروض في شهر رمضان على منتجات الحوامض والفراولة والكميات المخزنة من التمور والتفاح.

وفي إطار تنويع العرض من الغلال والضغط على أسعارها خلال شهر رمضان يدرس الديوان التونسي للتجارة استيراد كميات من الموز ذات المنشأ المصري للاستفادة من الحوافز الجمركية التي يتحلى بها  المنتج في إطار اتفاق السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا "كوميسا"، وتقدر كلفة الكيلو غرام الواحد من الموز بنحو 4.5 دينار (1.4 دولار)، في حين يباع الموز حالياً بـ12 دينارات (4 دولارات)، واقترحت وزارة التجارة التونسية تكليف ديوان التجارة باستيراد كميات من الموز وبيعها مباشرة بالمساحات التجارية مع تحديد أسعار البيع.

لا أزمة في البيض واللحوم البيضاء

في المقابل تظهر البيانات المتوفرة أنه الحكومة لن تواجه أزمة في توفير سلع أخرى مثل البيض واللحوم البيضاء (لحوم الدواجن ولحوم الديك الرومي)، إذ سيكون الضخ بصورة طبيعية في رمضان المقبل في تونس، وقدرت ضخ نحو 157 مليون بيضة مع توفر مخزون تعديلي في حدود 23 مليون بيضة، وبالنسبة إلى لحوم الدواجن فمن المنتظر ضخ نحو 12 ألف طن في السوق بصفة منتظم، في حين ستزود السوق بنحو 6459 طناً من لحوم الديك الرومي خلال شهر مارس (آذار)، و6848 طناً خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل.

اللحوم الحمراء

في غضون ذلك يشهد قطاع اللحوم الحمراء في تونس نقصاً هيكلياً على مستوى الإنتاج، مما أدى إلى ارتفاع أسعار البيع، إذ سجلت معدلات كبيرة، خصوصاً لحم الضأن، إذ وصل سعر كيلو غرام إلى 45 ديناراً للحم الضأن خصوصاً (14.5 دولار).

 ولحل تلك الأزمة تعتزم شركة اللحوم (حكومية) استيراد نحو 1500 طن من اللحوم البقري المبردة إضافة إلى 500 طن من لحم ضأن في العام الحالي.

الحليب

بعد أزمة إنتاج واضطراب في التوزيع في الأشهر الماضية، ضخت الحكومة التونسية كميات كافية من الحليب، في ظل تحسن مستويات الإنتاج تزامناً مع الدخول في فترة ذروة الإنتاج، وتتوقع الوثيقة الحكومية استمرار الضخ المنتظم في شهر رمضان المقبل.

مشهد فلاحي صعب

من جهته أقر عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (منظمة فلاحية وطنية) شكري الرزقي، أن المشهد الفلاحي العام في تونس لا يزال صعباً وحرجاً في ظل التغيرات المناخية التي بتراجع تساقط مياه الأمطار، مما أثر في إنتاج الخضر والغلال.

وأوضح الرزقي في تصريحات إلى "اندبندنت عربية"، أن مناطق عدة من المناطق السقوية (تعتمد على مياه السدود) في البلاد مغلقة، بعدما كانت تنتج الخضر بقرار من وزارة الفلاحة تحت غطاء الحفاظ على مياه الشرب، داعياً السلطات التونسية إلى إعادة فتح المناطق السقوية بصفة ظرفية (موقتة) لتأمين الإنتاج الزراعي، خصوصاً في أصناف محددة من الخضر التي يزيد استهلاكها في شهر رمضان وخلال فصل الصيف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بينما عارض عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، مقترح استيراد الموز من خارج البلاد، مشدداً على ضرورة الحافظ على العملة الأجنبية وعدم إهدارها في نوع من الغلال ليس حيوياً، لافتاً في الوقت ذاته إلى أزمة غلق عديد من مخازن تبريد الغلال التي كانت تسهم في تعديل السوق بكميات مهمة من الغلال وطرحها بمناسبة شهر رمضان لتعديل العرض والضغط على الأسعار هبوطاً.

وطالب أيضاً بأهمية تنظيم مسالك التوزيع وإحكام مراقبتها حتى تصل السلع إلى الأسواق المنظمة بأسعار معقولة، حتى لا تتداول خارج الأطر المنظمة وتباع بأسعار مرتفعة في وقت لاحق.

أسعار مرتفعة

من جانبه قال رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي، إن "أسعار الخضر والغلال في شهر رمضان ستكون مرتفعة"، مرجعاً ذلك فترة تقاطع المواسم الفلاحية، خصوصاً في الغلال، إذ سيقتصر العرض فحسب على إنتاج الحوامض والفراولة مع التفاح والتمور المخزنة.

وتوقع الرياحي في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن يصل سعر شنطة السلع (قفة رمضان) في اليوم أكثر من 50 ديناراً (16 دولاراً) في ظل تراجع القدرة الشرائية والأجور الزهيدة للعمال.

وخلص أنه في ظل هذا الوضع لا يمكن تقديم نصائح للمستهلك الذي صار واعياً بوضعية الأسعار في البلاد، قائلاً "هو يعرف جيداً كيف يجاري وتيرة الحياة الصعبة".