ملخص
توقيت ومدى التخفيضات قد يؤثران في حالة سوق العمل والتضخم وثقة المستهلك في يوم الانتخابات
بالنسبة إلى رئيس "الاحتياط الفيدرالي" جيروم باول، فإن تحديد موعد خفض أسعار الفائدة أمر صعب بما فيه الكفاية، فالتضخم مرشح للارتفاع من جديد، ومعدلات البطالة مرشحة هي الأخرى للصعود إلى مستويات أعلى، لكن هذا العام سيكون التحدي صعب ومضاعف، لأن قرار باول برفع أو خفض الفائدة يأتي في عام الانتخابات الأميركية، مما يضع "المركزي الأميركي" ورئيسة تحت المجهر، ويظهر مدى استقلالية قرارات "الفيدرالي" عن السياسة.
جادل حلفاء الرئيس السابق دونالد ترمب المرشح الجمهوري الأوفر حظاً بالفعل بأن البنك المركزي يسعى إلى مساعدة الرئيس جو بايدن من خلال الإشارة إلى أن التخفيضات قادمة.
وفي الوقت نفسه يشعر بعض الديمقراطيين داخل وخارج الجناح الغربي بالقلق، من تعرض فرص إعادة انتخاب الرئيس الحالي للخطر من قبل البنك المركزي، الذي يبقي أسعار الفائدة مرتفعة للغاية لفترة طويلة، بعد أن أخطأ بنك الاحتياط الفيدرالي والإدارة في الحكم على التضخم.
وفي رسالة الثلاثاء الماضي، حث السيناتور شيرود براون (ديمقراطي من ولاية أوهايو)، وهو رئيس اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ، والذي يستعد لإعادة انتخابه هذا الخريف، باول على خفض أسعار الفائدة قريباً في محاولة لجعل الإسكان في متناول الجميع، وكتب "السياسة النقدية التقييدية لم تعد الأداة المناسبة لمكافحة التضخم".
"القيام بعملنا"
في حين يصر مسؤولو بنك الاحتياط الفيدرالي على أن السياسة لن تؤثر في قراراتهم، قال باول في مؤتمر صحافي الأربعاء الماضي، "سيكون هذا العام ذا أهمية كبيرة بالنسبة إلى مجلس الاحتياط الفيدرالي والسياسة النقدية، ونحن جميعاً منشغلون جداً ونركز على القيام بعملنا". وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما طرح موضوع السياسات المتعلقة بعام الانتخابات في مؤتمر صحافي، قال باول، "في اللحظة التي نبدأ فيها بالتفكير في هذه الأمور، لا يمكننا أن نفعل ذلك"، لكن هذا لم يمنع المحللين الخارجيين من الاعتقاد أن الانتخابات قد تؤثر في الأقل على توقيت الخفض، وربما يكون لدى اللاعبين السياسيين مصلحة في التأثير، ولو لتذكير بنك الاحتياط الفيدرالي، وبعضهم بعضاً، بأنه تحت المراقبة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي حين أن تصرفات بنك الاحتياط الفيدرالي من الممكن دائماً أن تغير النتائج الاقتصادية، من ثم السياسية، فإن الإمكانات تتزايد هذا العام بسبب المسار غير المعتاد الذي اتبعه التضخم وأسعار الفائدة، فعندما ارتفع التضخم للمرة الأولى في عام 2021، بعد وقت قصير من تولي بايدن منصبه، اعتقد بنك الاحتياط الفيدرالي أن التضخم سينحسر قريباً، من ثم كان بطيئاً في رفع أسعار الفائدة من نحو الصفر. وعندما تحرك أخيراً، فعل ذلك بصورة كبيرة، فرفع أسعار الفائدة بأسرع وتيرة في أربعة عقود من الزمن إلى أعلى مستوى لها في 23 عاماً.
والآن، انعكس الوضع مرة أخرى، إذ تباطأ التضخم بصورة ملحوظة خلال الأشهر الستة الماضية، وهو "تطور إيجابي للغاية"، بحسب ما اعترف باول. وأضاف، "من المرجح أن يستمر التضخم في الانخفاض".
التأثير في الاقتصاد بيوم الانتخابات
في حين أبقى بنك الاحتياط الفيدرالي سعر الفائدة القياسي على الأموال الفيدرالية ثابتاً الأربعاء الماضي، في نطاق يراوح ما بين 5.25 في المئة و5.5 في المئة، فمن المؤكد تقريباً أنه سيخفضه قبل فترة طويلة جداً فقط لمنع أسعار الفائدة المعدلة أو الحقيقية من الارتفاع.
وبينما توقيت ومدى التخفيضات قد يؤثران في حالة سوق العمل والتضخم وثقة المستهلك في يوم الانتخابات، يقول كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "بوتوماك ريفر كابيتال"، مارك سبيندل لـ"وول ستريت جورنال"، "السياسة ستكون سامة بشكل لا يصدق، فبغض النظر عما يفعله باول، فإن ترمب سيهاجمه. إذا خفض بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة، فسيقول إنهم يفعلون ذلك لمساعدة بايدن".
استقلالية "الاحتياط الفيدرالي"
في بداية من تسعينيات القرن الـ20، تجنب الرؤساء الشكوى علناً من بنك الاحتياط الفيدرالي، وخلص مستشارو الرئيس بيل كلينتون إلى أن تأكيد استقلال بنك الاحتياط الفيدرالي عن السلطة التنفيذية من شأنه أن يعود بالنفع على الاقتصاد، من ثم الإدارة، لكن ترمب كسر هذا التقليد، وقام بتعيين باول، وهو جمهوري، ومع زعزعة حرب ترمب التجارية للأسواق، وبخ رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي بصورة ثابتة، ودعا إلى خفض أسعار الفائدة.
وقاد باول زملاءه إلى خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات في عام 2019، مما يعكس معظم الزيادات التي قام بها في عام 2018، بعد أن خلص المسؤولون إلى أن التضخم لم يكن تهديداً كبيراً، كما كانوا يخشون.
وتجنب بايدن في الغالب مناقشة سياسة بنك الاحتياط الفيدرالي، وعاد إلى تقليد ما قبل ترمب، وكما هو الحال مع معظم الرؤساء، فإن تأثيره الأساس على بنك الاحتياط الفيدرالي كان من خلال التعيينات، وإضافة إلى إعادة تعيين باول، عين بايدن عديداً من أعضاء مجلس إدارة بنك الاحتياط الفيدرالي.
ليس من غير المعتاد أن يغير بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة في سنوات الانتخابات، إذ بدأ البنك المركزي في رفع أسعار الفائدة من مستويات منخفضة تاريخياً في عام 2004، عندما كان الرئيس جورج دبليو بوش يسعى إلى إعادة انتخابه، وأطلق حملة تحفيز لشراء السندات، بينما كان الرئيس باراك أوباما في سعيه لإعادة انتخابه في عام 2012، وفي عام 2020، خفض أسعار الفائدة واستأنف شراء السندات عندما اندلعت جائحة "كوفيد–19"، في حين يعارض عديد من المسؤولين السابقين في بنك الاحتياط الفيدرالي بشدة الاقتراح القائل، بأن السياسة ستؤثر في متى أو مدى سرعة قيام البنك المركزي بتخفيض أسعار الفائدة هذا العام. وقالت إستر جورج، التي شغلت منصب رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في كانساس سيتي من عام 2011 إلى عام 2023، "أستطيع أن أقول لك بشكل مباشر، إن ذلك لا يؤثر في المناقشات... أتوقع تحقيق هبوط سلس وخفض للتضخم".
وقال مارك سبيندل، الذي شارك في كتابة تاريخ علاقة بنك الاحتياط الفيدرالي مع الكونغرس والبيت الأبيض، "إن باول هو الرئيس الأكثر ذكاءً من الناحية السياسية الذي ترأس الاحتياط الفيدرالي ". وأضاف سبيندل "إن ذلك قد يؤدي استباقاً إلى تبديد الاتهامات بأن بنك الاحتياط الفيدرالي لا يسترشد بالبيانات في تقييم قراراته السياسية".