Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"وحدة الساحات" على حساب الدول

لكل بلد همومه واهتماماته المحلية والخارجية

جنود إسرائيليون يقومون بدوريات بالقرب من الحدود مع لبنان (أ ف ب)

ملخص

وحدة الساحات" ضمن "محور المقاومة" بقيادة إيران وحدة فصائل لا وحدة بلدان

لا شيء يوحي، حتى الآن، أن الفتح الجزئي للساحات في لبنان وسوريا والعراق واليمن تحت عنوان "نصرة حماس" أحدث تأثيراً معبراً في الضغط الإسرائيلي الهمجي على غزة. والظاهر أن ما يفعله الحوثيون في البحر الأحمر كان قليل التأثير على إسرائيل وكثير التأثير على الملاحة الدولية، بحيث بدت الصين أكبر المتضررين. وليس غريباً أن نجد حماسة في المنطقة لربط الأحداث السائلة في البحر المتوسط والبحر الأحمر وشمال العراق وشرق سوريا، ورؤيتها في إطار واحد. لكن الغريب هو تصوير ما يحدث بأنه يربط كل دول المنطقة به، ولا مجال أمام أي بلد لتحييد نفسه عن الأحداث الدراماتيكية. وهذا ليس صحيحاً. فالدول في المنطقة تؤثر وتتأثر بالأحداث. لكن معظمها ليس مرتبطاً بمسارها إلى حد التوقف عن السياسة حتى يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود في حرب غزة وجبهات "المساندة".

ولكل بلد من هذه البلدان همومه واهتماماته المحلية والخارجية، الاستراتيجية والعملية. وهو يكمل شغله، مع الاهتمام بالأحداث والسعي لوقفها. البلد الوحيد المرتبط كلياً بحرب غزة وملحقاتها على طريقة "مكره لا بطل" هو لبنان الذي بلا رئيس ولا حكومة صاحبة صلاحيات فاعلة، ولا مخرج من هاويته المالية والاقتصادية. بقية المرتبطين "على القطعة" كما يقال. العراق كامل السلطة. الحوثيون يكملون مشروعهم في اليمن. سوريا موزعة بين خمسة جيوش ومعفاة من فتح الجبهة في الجولان ولا تستطيع الرد حتى على الغارات الجوية الإسرائيلية التي تقصف بعض مراكزها مع القواعد الإيرانية، وأحدثها غارة في حي "المزة" في دمشق على مبنى قُتل فيه قائد الاستخبارات في "فيلق القدس" ونائبه وأربعة مستشارين عسكريين من الحرس الثوري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما "وحدة الساحات" ضمن "محور المقاومة" بقيادة إيران، فإنها وحدة فصائل لا وحدة بلدان. فصائل مذهبية مسلحة وممولة من طهران. لا "حزب الله" دولة، وإن كان يتحكم بالسلطة في لبنان. لا "الحشد الشعبي" في العراق دولة وإن كان ملحقاً رسمياً بالدولة والقائد العام للقوات العراقية المسلحة، رئيس الوزراء. ولا الحوثيون دولة في اليمن بل هم انقلابيون على الثورة اليمنية والشرعية، ويتحكمون بجزء من البلد ولا سيما العاصمة صنعاء وميناء الحديدة الذي منع التحالف الدولي الثوار من استعادته لأنه يؤمن 75 في المئة من المستوردات للحوثيين الذين يسمون أنفسهم "أنصار الله". وفي الصف الإيراني نفسه مع الحوثيين "حزب الله" في لبنان، و"كتائب حزب الله" في العراق، و"جند الله" في سوريا وسواهم. والله سبحانه وتعالى خالق السماء والأرض ليس في حاجة إلى "أنصار" لأن كل الخليقة من عباده وعبيده. ولسنا في بدايات الأديان والرسالات السماوية حين تحولت الخلافات على تفسير العقائد داخل كل دين وبين الأديان إلى صراعات عنيفة وحتى إلى حروب. وليس لجوء بنيامين نتنياهو واليمين الديني المتطرف إلى استخدام الخرافات الدينية في الحرب على غزة، واندفاع دونالد ترمب وأتباعه في تديين السياسة، وتنامي تيارات الإسلام السياسي وبينها "القاعدة" و"داعش" في ممارسة الإرهاب باسم الدين وتكفير المؤمنين من مذاهبهم لكونهم على الطريق القويم والاعتدال، واشتداد التطرف في الهند سوى عودة إلى ما تجاوزته البشرية من عقود طويلة. سئل البروفسور في "هارفارد" إدوارد ويلسون الملقب بـ "أبو السوسيوبيولوجي": هل ستكون الكائنات البشرية قادرة على حل الأزمات التي تواجهها؟ فأجاب: "نعم، إذا كنا نزهاء وأذكياء، لكن المشكلة الحقيقية للإنسانية أنه لدينا انفعالات العصر الحجري ومؤسسات القرون الوسطى وتكنولوجيا شبه إلهية". ونحن في صراع بين من يريد أن يكرس فينا انفعالات العصر الحجري ومن يسعى لكي ينقلنا إلى مؤسسات حديثة في دول وطنية.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل