Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أطبخ لغزة" مبادرة لتسليط الضوء على المجاعة في القطاع

يمثل سكان غزة 80 في المئة من جميع الأشخاص في العالم الذين يواجهون خطر المجاعة أو الجوع الكارثي

ملخص

أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أن 750 ألف شخص في قطاع غزة يواجهون جوعاً كارثياً

هرباً من شعورها بالعجز الذي يزداد يوماً بعد يوم منذ بدء الحرب، تلجأ سرين رزق (35 سنة) إلى مطبخها لتعد طبق طعام فلسطينياً، تداوي أثناء أعداده ونشر تفاصيله عبر صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي، إحساسها بالذنب أمام مشاهد طوابير الجياع من الأطفال والنساء في قطاع غزة، الذين ظهروا على شاشات التلفاز وهم يلملمون بواقي الطعام الملتصق بالطناجر والأواني. عجز رزق عن الفعل والحركة والتأثير في مجريات الأحداث، دفعها إلى تطويع ما تبدع فيه كوسيلةٍ للتضامن مع الفلسطينيين، ولم يعد "المفتول"، و"المقلوبة"، و"القدرة"، وصولاً إلى "الرمانية"، و"السماقية"، و"المسخن" مجرد أطباق طعام تراثية من المطبخ الفلسطيني التقليدي، بل أسلوباً جديداً للحديث حول ما يجري في قطاع غزة، في ظل الحديث عن خطر الجوع الكارثي الذي يفتك بالفلسطينيين هناك.

وسبّبت الحرب دماراً هائلاً في قطاع غزة فخرجت معظم المستشفيات عن الخدمة وفرّ 1.9 مليون شخص من منازلهم وقراهم ومدنهم، وفق الأمم المتحدة. ويواجه 25 في المئة من السكان مستويات كارثية من الجوع ويكافحون للعثور على الغذاء ومياه الشرب، كما أن حدوث المجاعة أصبح وشيكاً. وبحسب تقرير صدر هذا الأسبوع عن برنامج أممي يرصد مستويات الجوع في العالم، فإنه في الأسابيع الستة المقبلة، قد يجد جميع سكان القطاع، البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، أنفسهم في الوضع نفسه. ويمثل سكان غزة 80 في المئة من جميع الأشخاص في العالم الذين يواجهون خطر المجاعة أو الجوع الكارثي، في ظل استمرار القصف والحصار من جانب إسرائيل.


أطبخ لغزة

لإبقاء غزة في دائرة الضوء ونشر الوعي الأجنبي حول ما يتعرض له سكان القطاع، أطلقت جمعية "الهلال الأحمر الفلسطيني" بالتعاون مع الطاهي الفلسطيني محمد اسبتية، المعروف بـ "أبو جوليا"، حملة "أطبخ لغزة" التي تهدف لجمع تبرعات مالية لكبح خطر المجاعة والكارثة الإنسانية التي تحدق في 2.3 مليون فلسطيني في غزة وتدعو إلى رفع الضغط الدولي من أجل وقف إطلاق النار. ووفقاً لمقطع فيديو نشره اسبتية عبر حسابه على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، فإن كل ما عليك فعله من أجل إنجاح الحملة، هو إعداد طبق طعام فلسطيني، ومشاركته مع الآخرين واطلاعهم على مجريات الأحداث في قطاع غزة وتشجيعهم على التبرع بثمن الوجبة لجمعية "الهلال الأحمر الفلسطيني"، التي ستقوم بدورها بجمع التبرعات وتوفير المستلزمات الصحية والإغاثية الضرورية والمطلوبة لسكان القطاع والنازحين في مراكز الإيواء.

ولأن الطهي يعتبر أحد الأدوات المهمة في الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ عقود، وله ارتباطات وثيقة بالهوية والتراث عند الشعوب، يقود الطاهي الأميركي من أصول فلسطينية، مارسيل أفرام، مبادرة "تضامن" التي تنظمها منظمة "الضيافة من أجل الإنسانية"، تدين قتل المدنيين وتدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وتطالب بإنهاء الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل، والمشاركة في المقاطعة الثقافية لتل أبيب. واحتجاجاً على استمرار الهجمات العنيفة على قطاع غزة، لم تتوقف المبادرة عند نشر الوعي حول ضرورة وقف الحرب وحماية المدنيين، بل نجحت في حشد تأييد نحو ألف طاهٍ وصاحب مطاعم وشخصية بارزة في صناعة الأغذية في أميركا الشمالية وجمع تواقيعهم في عريضة تدعو إلى مقاطعة المطبخ الإسرائيلي، تحت عنوان "من أجل كسر جدار الصمت بشأن الإبادة الجماعية في غزة". إلى جانب ذلك، دعت العريضة، إلى مقاطعة شركات الأغذية الإسرائيلية وفعاليات الطهي التي تروّج لإسرائيل، كوسيلة للضغط لوقف إطلاق النار.


الطعام كسلاح

وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، قال الموقعون على العريضة إن "إسرائيل تستولي على المطبخ الفلسطيني وتحاول محوه من عالم الطهي، تماماً كما تحاول محو الشعب الفلسطيني". وطالب مؤيدو المبادرة من طهاة وناشطين، مجتمع الأغذية والمشروبات حول العالم بضرورة اتخاذ موقف ضد التطهير العرقي الحاصل في غزة عبر الاتصال بممثليهم في الكونغرس الأميركي للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار وإنهاء التمويل الأميركي غير المشروط لإسرائيل. وطالبت العريضة بضرورة الاستثمار في الأحداث والمشاريع التي تعزز العدالة للفلسطينيين، سواء بالاتصال بمنظمة محلية لتعلم كيفية دعم أو تضخيم الأصوات الفلسطينية ودعمهم لمشاركة طعامهم وثقافتهم بشروطهم الخاصة. ووفقاً لصحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن شخصيات بارزة في مجال الطهي تدعم المبادرة، مثل مراسلة الطعام البارزة في مجلة "نيويوركر" هيلين روزنز، والطاهي المشهور الحائز على جوائز ومؤلف كتب الطبخ واسعة الانتشار، سامين نصرت، والطاهية الأميركية- الإسرائيلية أورا وايز، ومضيف سلسلة "نتفليكس" الوثائقية عن الطعام High on the Hog ستيفن ساترفيلد، وريم قسيس التي تعتبر "وجه المطبخ الفلسطيني" في أميركا. وانضم إلى جانبهم طهاة المطبخ في فندق "وايثي" الشهير في بروكلين، والطهاة والخبازون في سلسلة المخابز المشهورة في أسواق المزارعين في نيويورك "شي وولف بيكري".
صاحب المبادرة أفرام، أكد على قوة نفوذ المستهلك في رفع مستوى الوعي، موجهاً الاتهام لإسرائيل باستخدام الطعام كسلاح لمحو الهوية الفلسطينية، فيما أعربت ليا رونين، من دار النشر Artisan Books عن قلقها بشأن التأثير في مجتمع الطهو. من جانبها، قالت الطاهية الأميركية- الإسرائيلية أورا وايز "نحن لا نتحدث عن مجرد خلافات تافهة حول ملكية الأطباق، بل نتحدث عن سيطرة شعب على شعب آخر". وأضافت "نشأت وأنا أتناول هذه الأطعمة وأصنعها وأحبها، وما زلت أفعل ذلك. لكنني ملتزمة جداً بالاستعانة بمصادر من المنتجين الفلسطينيين والتأكد من أن التجهيز الفلسطيني لهذه الأطعمة هو أمر أساسي". واختتمت كلامها قائلةً "أنا أهتم بهذه الأرض وأحبها. ولهذا السبب بالضبط سأقاتل بشدة ضد الطريقة التي تدمر بها دولة إسرائيل هذه الأرض، وكل ما أحبه وأقدره فيها". وفيما امتد الجدل حول المبادرة وأهميتها إلى التطرق لمعارك بشأن أطباق مثل الحمص والفلافل وغيرها، استعرض مطعم "ليتل إيغ" Little Egg في بروكلين، دور المطبخ الفلسطيني وأهميته، مسلطاً الضوء على دور الطعام كعلامة هوية قوية، والذي من خلاله تمكن أفرام من عرض أطباق شعبية فلسطينية روى من خلالها قصة النكبة في عام 1948 التي تعرض لها أجداده.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تضامن بالجوع

لم تقتصر الممارسات الاحتجاجية الرامية إلى توصيل رسالة إلى العالم تتضمن رفض الانتهاكات الإنسانية في غزة، وحشد الدعم الشعبي والإعلامي والسياسي من أجل وقف إطلاق النار والتأثير على صناع القرار عند الطهاة والمؤثرين والشخصيات البارزة في عالم الطعام، إذ أطلقت مجموعة من الصحافيين والمثقفين الفلسطينيين والعرب حول العالم، مبادرة "جوع من أجل فلسطين" Strike for Palestine، قرروا من خلالها الدخول في إضرابٍ عن الطعام احتجاجاً على الحرب التي تشنها اسرائيل على غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مطالبين بوقف الحرب فوراً. وسلطت المبادرة الضوء على أهمية اتساع الإضراب عن الطعام بين الفلسطينيين والعرب والمقيمين في مدنٍ عربية وأوروبية، حتى تحقيق أهدافها. وأشار بيان للحملة، الذي نُشر على صفحة "جوع من أجل فلسطين" Strike for Palestine، إلى أن "معنى الإضراب هنا هو الامتناع عن تناول الطعام وتجويع النفس كشكلٍ من أشكال الاحتجاج السلمي والضغط من أجل إحداث أثر، لكن هذا الإجراء لا يتضمن الامتناع عن تناول السوائل". وأضاف "يأتي هذا الإجراء كتعبيرٍ عن الإحساس بالظلم واستثمار لهشاشتنا كقوة للمقاومة والاحتجاج السلمي ضد الانتهاكات الإنسانية التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة". ويرى منظمو الإضراب أن تحركهم الاحتجاجي "وسيلة لتوجيه خطاب للمجتمع الدولي والتفاوض معه بشأن تلبية مطالب إنسانية بوقف الحرب والظلم، والصمت، والإقصاء، والإهمال"، داعياً جميع المتضامنين مع سكان غزة والأحرار حول العالم إلى الانضمام إلى الحملة احتجاجاً على الانتهاكات الإنسانية من خلال المطالبة السلمية بوقف الحرب وتحقيق العدالة الإنسانية للفلسطينيين في غزة.


أزمة إنسانية

مع تصاعد الأصوات العالمية المؤيدة للفلسطينين والضغط الدولي على إسرائيل لوقف إطلاق النار لإنقاذ الفلسطينيين في غزة من مجاعة غير مسبوقة، أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الثلاثاء، أن 750 ألف شخص في قطاع غزة يواجهون جوعاً كارثياً، ودعت إلى زيادة المساعدات بشكل كبير مع تزايد خطر المجاعة. من جهته، حذر برنامج الغذاء العالمي من خطر تشكل جيوب مجاعة في مناطق بالقطاع لا يزال قائماً. وقالت المتحدثة باسم البرنامج الأممي في الشرق الأوسط، عبير عطيفة إن المساعدات انقطعت بالكامل عن مئات الآلاف من السكان المحاصرين في شمال قطاع غزة. ووفقاً لمراقبين، فإن الأزمة الإنسانية المأساوية غير المسبوقة في المحافظات الشمالية وصلت بأن يطحن فلسطينيون علف الحيوانات المصنوع من حبوب الذرة أو الشعير ليصنعوا منه خبزاً للأكل. وهو ما أكده المدير العام لمكتب الإعلام الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة، الذي قال إن "أكثر من 400 ألف فلسطيني في محافظة شمال القطاع يعيشون مجاعة حقيقية"، وطالب الجانب المصري بالإسراع في دخول المساعدات الإنسانية وفتح معبر رفح.
ووفق البرنامج الأممي، فإن الأغذية التي دخلت غزة لا تلبي سوى 7 في المئة فقط من الحد الأدنى اليومي من الحاجات الغذائية للسكان، وأن الأمل الوحيد لإنقاذ سكان القطاع هو "فتح ممر آمن آخر لوصول المساعدات الإنسانية من أجل جلب الغذاء الضروري للحياة إلى غزة". وقالت المديرة التنفيذية للبرنامج سيندي ماكين في بيان، إن المدنيين في غزة يواجهون "احتمالاً مباشراً للموت جوعاً مع اقتراب الشتاء، وتكدس النازحين في ملاجئ غير آمنة ومكتظة". وأضافت أن "إمدادات الغذاء والمياه معدومة في قطاع غزة والمساعدات التي تدخل القطاع عبر الحدود تمثل جزءاً بسيطاً مما هو مطلوب".
ويأتي ذلك في وقت قالت منظمة "أوكسفام" للعمل الإغاثي إن "إسرائيل تستخدم المجاعة سلاحاً في الحرب على قطاع غزة" وإن السكان هناك يتعرضون "لعقاب جماعي".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير