Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"وريقة يناير" في روزنامة المصريين تسطع بالكآبة

في الذكرى الـ13 للثورة يتنازعهم الخوف والإحباط والظلال الاقتصادية الثقيلة باتت سمة كل احتفاء وازدراء

تفاءل الملايين بتطورات أحداث يناير لا سيما في اليوم الـ18 والأخير قبل أن يتعرض التفاؤل لهزات عنيفة (أ ف ب)

ملخص

كيف يتذكر المصريون ثورتهم بعد 13 عاماً على انطلاقها؟

ذكرى حزينة على رغم الأغاني والزينة. الوجوم يعتلي الوجوه، والأسئلة تعتري جلسات الأصدقاء في المقاهي ولقاءات الأغراب على محطات الباص. الحسابات كثيرة، لكن الأصعب من الكثرة تلك الأثقال الرهيبة التي لم تترك بيتاً إلا دخلته، أو جيباً إلا ثقبته، أو تفكيراً في مستقبل إلا دمرته. في هذا اليوم من كل عام على مدار الأعوام الـ13 الماضية، وبصورة واضحة لا تخطئه عين أو يتعداه شعور، لا صوت يعلو على صوت الحسرة واللوعة، مع إضافة مكون لوم النفس وجلد الذات هذا العام.

تحل هذا العام الذكرى الـ13 لأحداث يناير (كانون الثاني) 2011 في أجواء بالغة التوتر، ومشاعر خليط من الخوف والغضب، وتوقعات تسير من "متشائم" إلى "متشائم جداً".

بلا سابق إنذار

التشاؤم والتفاؤل سمة ثقافية لصيقة بكثر في مصر، يتفاءلون يوماً من دون سابق إنذار، وربما لا يأوون إلى الفراش ليلاً قبل أن يكون التفاؤل العظيم قد انقلب إلى تشاؤم رهيب. تفاءل الملايين بتطورات أحداث يناير، لا سيما في اليوم الـ18 والأخير من فعالياتها في ميدان التحرير حين ألقى نائب الرئيس ومدير الاستخبارات العامة عمر سليمان "بيان التنحي"، وذلك قبل أن يتعرض التفاؤل لهزات عنيفة تدفعه جهة التشاؤم تارة، والمخاوف تارة أخرى، وعدم اليقين كثيراً.

وكثيراً ما يعتمد المصريون على حدسهم الفطري في تقييم الأشياء. وفي الأيام الأولى لأحداث يناير 2011، مال حدسهم إلى الخوف والتشاؤم، ثم تحول إلى أمل وتفاؤل مع نهاية الفاعلية، وذلك في مستهل ما يزيد على عقد كانت سمته الرئيسة هبدات في الأحداث، وتقلبات في التوقعات، ومفاجآت واردة الخارج تارة ومحلية المنشأ تارة أخرى، وأخيراً حال من الإنهاك النفسي وعدم اليقين الاقتصادي والخوف مما هو قادم.

هل القادم أفضل؟

"القادم أفضل"، عبارة تتردد كثيراً على مدار عقود، وربما قرون. القادم أفضل بعد الحرب، القادم أفضل بفضل سياسة الانفتاح الاقتصادي، القادم أفضل عقب اجتياز عنق الزجاجة، القادم أفضل عقب تحقق السلام، القادم أفضل عقب دواء الإصلاح الاقتصادي المر، وظل هذا القادم الأخير سمة المرحلة حتى اليوم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اليوم، يحتفي أو يتحفظ أو يتذكر أو يسعد أو ينتحب المصريون بالذكرى الـ13 لأحداث يناير. على مدار السنوات الماضية، ظلت الذكرى تتلون بألوان أحداث وحوادث العام. فبين عام شد وجذب بين "المجلس العسكري" من جهة وتيارات الثورة المدنية أو المتلونة بألوان الدين، وآخر كانت سمته شداً وجذباً بين جماعات الإسلام السياسي والمصريين العاديين، وثالث منشغل بانتخابات رئاسية، ورابع غارق في صب غضب الإحباط الثوري على "دعاة الاستقرار"، وخامس كانت سمته تسديد فواتير إرهاب في سيناء وانتقام في بقية المحافظات وفتنة على أثير الـ"سوشيال ميديا"، وهلم جراً.

لكن ما جرى في السنوات القليلة الماضية، وتحديداً منذ التعويم الأول في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016 جعل الظلال الاقتصادية الثقيلة سمة كل احتفاء أو ازدراء بذكرى يناير، لكن ذكرى يناير هذا العام تتسم بالهدوء، عكس السنوات الصاخبة التي تلت الأحداث في 2011، وقت أن كان الحماس سائداً، والحراك فائراً، والخلافات الأيديولوجية حاكمة، وهكذا خفت الحماس، وتوارى الحراك، وهدأ الخلاف. حتى المحرك الرئيس لما جرى قبل 13 عاماً، وهو التجاوزات في جهاز الشرطة وإساءة معاملة المواطنين، والخروج على القانون من أجل "فرض القانون"، خفت وتوارى الحديث عنه، والشكوى منه تدريجاً، إلى أن اختفى تماماً هذا العام.

هذا العام، اختفت تماماً القوائم السوداء التي سنها أعداء الثورة لتتضمن روادها ومفجريها، والعكس فقد توارت محاسبات من قنص عين من، ومن فتح السجون، ومن حرق مراكز الشرطة، ومن اقتحم المحاكم والوزارات، ومن رفع رايات "داعش" السوداء، ومن قال "إسلامية إسلامية رغم أنف العلمانية"، ومن رد "مصر مدنية مش إخوانية".

أفول نجوم الثورة

وأفل نجم رموز الثورة. فلا أحد يسأل عن مآل أسماء شبابية بزغت في ميدان التحرير بفعل الهتاف وفضل التعرض للسجن والاعتقال. ولا أحد يراجع الجماعات التي سيطرت على الميدان، أو تلك التي تركته أو هجرته. حتى الترتيب الزمني للأحداث وما آلت إليه من مفاجآت لم يعد يعني أحداً بهدف المقارنة أو المراجعة. ووصل الأمر بالبعض إلى درجة تعمد عدم تذكرها، وإن خانه عقله وفعل فإنه يسارع إلى الاستغفار، ومنهم من يطلب التوبة.

يقولون إن شرط التوبة الندم على فعل المعصية، وإنه حتى تقبل يجب أن يشعر العاصي بحزن حقيقي على ما فعل، ويتمنى من صميم قلبه لو لم يفعلها.

 

 

وفعل الثورة لم يكن بالضرورة النزول إلى الميادين، ورفع الشعارات، وترديد الهتافات. فهناك من ثار بالعقل أو القلب أو كليهما، وعلى رغم أنه أضعف أنواع الثورات، فإن الشعور العام في مصر في مثل هذا الوقت قبل 13 عاماً كان ترحيباً بالثورة وتعميماً لمقولة "ليتني كنت معهم".

القلة التي بكت وحزنت وأبدت القلق على مصير البلاد ومآل العباد بعد خلع نظام الرئيس السابق الراحل محمد حسني مبارك لم تكن تجرؤ على المجاهرة بحقيقة مخاوفها، لكن في الذكرى الـ13، لم تكتفِ القلة بالمجاهرة فقط، بل اكتسبت أرضية وشعبية وصار لها صوت مسموع وأثر محسوس.

أحاسيس متضاربة تتجاذب المصريين اليوم. ومن بين الأصوات المجاهرة بالترحم على "أيام مبارك" من لا يترحم عليها عشقاً لها، أو حباً في الرئيس الأسبق الراحل، أو قناعة بسياساته وقراراته التي كانت في حينها بشهادة ملايين المصريين "سيئة" أو "قاصرة" أو "ظالمة" أو "مفيدة لفئات دون غيرها"، بل يترحم على ما اتضح أنه لم يكن بهذا السوء المتصور في حينها.

الدولار حينها والآن

حينها، وتحديداً في يناير عام 2011، سجل الدولار الأميركي 5.83 جنيه. واليوم، وصل سعر الدولار الرسمي (غير المتاح) 30.85 جنيه، وفي السوق الموازية الوحيدة المتاحة نحو 60 جنيهاً، وفي أقوال وعمليات أخرى نحو 75 جنيهاً.

الترحم على مبارك صار مرتبطاً بالترحم على الجنيه، لا لأن سياسات الأول الاقتصادية كانت رائعة أو مذهلة أو بديعة، ولا لأن القاعدة العريضة من المصريين كانت سعيدة أو هانئة أو ممتنة، ولكن لأن الأول كان أقوى بكثير، والأخيرة كانت في أوضاع معيشية أفضل، وإن أنكرت ذلك في حينها.

على منصات الـ"سوشيال ميديا" في الذكرى الـ13 لأحداث يناير 2011، يتداول مستخدمون أمثالاً شعبية وأقوالاً مأثورة على سبيل البكاء على لبن الاقتصاد المسكوب، وأحلام الأحوال المعيشية الأفضل التي بعثرتها عوامل خارجية متسارعة، وهلهلتها أسباب داخلية متواترة، وهو مما يتسبب في شد وجذب، ولكن على استحياء.

غرد أحدهم مشيراً بسخرية إلى تدهور الأوضاع المعيشية مقارنة بأيام مبارك حين خرجت الجموع مطالبة بـ"عيش وحرية وعدالة اجتماعية"، مذيلاً تغريدته بالمثل الشعبي "يا ناكر خيري بكره تشوف (ترى) زمني من زمن غيري"، وهو ما أغضب آخرين بين مفسر للتغريدة على أنها انتقاد لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومحلل لها على أنها تبييض لساحة ثلاثة عقود من حكم مبارك.

 

 

الفريق الأول رد بسرد إنجازات الرئيس السيسي، التي فاقت في أقل من 10 أعوام ما قدمه مبارك. أما الفريق الثاني فقد ركز غضبه على تجاهل أو نسيان أو التغاضي عما تسبب فيه مبارك – في رأيهم - من تجريف للبشر وتقصير في المشروعات القومية وتحسين للظروف المعيشية لملايين المصريين.

وعلى رغم أنه في هذا الوقت من كل عام على مدار ما يزيد على عقد يعاد تحريك مياه التراشق الراكدة على خلفية "هل كان مبارك صالحاً أم طالحاً؟"، فإن هذا العام شهد انضمام لاعبين مؤثرين جدد.

رئيس الوزراء مصطفى مدبولي – على غير عادته - عرج على سنوات حكم مبارك بطريقة غير مباشرة، وذلك أثناء حديثه عن المشروعات الكبرى التي تنجزها الدولة، وهي المشروعات التي باتت تثير قدراً متصاعداً من عدم الرضا، وذلك تحت وطأة الأوضاع الاقتصادية المتعثرة، والأحوال المعيشية المتدهورة، وتصاعد نبرة "فقه الأولويات".

قال مدبولي أثناء احتفالية أقيمت في العاصمة الإدارية الجديدة قبل أيام في مناسبة تسلم ثلاثة أبراج إدارية، "نحن لا نقوم بهذه المشروعات من أجلنا، ولكن لأحفادنا حتى يجدوا مكاناً سليماً يعيشون فيه"، وإنه "لو كان من قبلنا من 30 أو 40 سنة خططوا بشكل صحيح، كانت أجيالنا الجديدة وجدت أماكن في الأقل آمنة ومخططة ليعيشوا فيها".

هرعوا إلى الصفحة 

الطريف أن كثيرين ما إن اطلعوا على كلمات مدبولي، وإشارته المبطنة إلى تقصير نظام الرئيس الراحل في إنجاز المشروعات الكبرى، حتى هرعوا إلى صفحة نجله علاء مبارك، وانتظروا هناك لحين بدء الملاكمة الكلامية المؤكدة.

نجل الرئيس الأكبر معروف بنشاطه التغريدي وتفاعله السريع بالرد والتعليق على "ما يستحق" من موجات انتقادية لوالده تنشط عادة في موسم الثورة، وغيره من المناسبات الانتخابية والسياسية.

لم يترك علاء مبارك المترقبين ينتظرون طويلاً، وجاءت تغريدته لتؤتي ثماراً وارفة من التراشقات وموجات عارمة من التنابزات. كتب "معالي دولة رئيس الوزراء، بعد التحية والسلام، هناك مقولة من بلاد العم سام تقول إن لم تستطع إقناعهم، اربكهم. اللي قبلينا (من جاءوا قبلنا) كان في تخطيط، ولا (نو) تخطيط؟ (لا يوجد تخطيط)، رحم الله كل من سبقوا".

وأرفق التغريدة بمقطع فيديو مقسم إلى نصفين، الأول لما قاله مدبولي قبل أيام منتقداً "قلة تخطيط من سبقونا"، والثاني مذكراً الحضور قبل سنوات قليلة بوقت استدعي وزير الإسكان الراحل في عصري السادات ومبارك حسب الله الكفراوي من قبل أعضاء في مجلس الشعب، ليسألوا عن جدوى تدشين مدن جديدة مثل العاشر من رمضان والسادات وأكتوبر وبرج العرب. وقال مدبولي إن هذه المدن تستوعب حالياً نحو 10 ملايين مصري، إضافة إلى أن كل الصناعات في مصر موجودة فيها، ولولا هذه المدن لكان الـ10 ملايين يسكنون حالياً على الأرض الزراعية.

تغريدة علاء مبارك، وتصريح مدبولي تحولت في الذكرى الـ13 لأحداث يناير إلى الحلبة الرئيسة لما تبقى من شد وجذب حول ثورة يناير، وتقييم حكم مبارك، وإطلاق الاتهامات وتنظيم الدفاعات عن حكم الرئيس السيسي، إضافة لجولة "من دعم الثورة؟ ومن خانها؟ ومن صعد على أكتافها؟ ومن تظاهر بحبها ثم انقلب ضدها؟"، وهي الجولة التي ينسى أو يتناسى لاعبوها أن هناك ذاكرة وأرشيفاً وشهود عيان ما زالوا أحياء يرزقون يشهدون على مواقف الجميع من أحداث ميدان التحرير عام 2011.

الذاكرة والأرشيف

المحلل السياسي المصري مأمون فندي أعاد إحياء ذكرى يناير 2011 بالتذكير عبر تغريدة تقول "ونحن نقترب من ذكرى ثورة يناير 2011 مهم أن نحتفظ في الذاكرة بأرشيف كل من توسل إلى الثورة في 2011 ثم أصبح من أشد من ينتقدونها اليوم. من الناس التي أدت التحية للثورة على الهواء مباشرة إلى من حاولوا ركوب مشهدها الإعلامي والبكاء من ظلم مبارك أمام الشعب بهدف التطهر، وحتى من ادعى كونه خبيراً أو مفجراً للثورة إلى حكماء الوطن، وكيف تغيرت الناس وتلونت، هذا الأرشيف من الضروري حفظه".

 

 

حفظ الأرشيف ضروري بالفعل، لكن الضروري لا يعني القاعدة العريضة من المصريين كتحصيل حاصل. وتحصيل الحاصل في الذكرى الـ13 يشير إلى أن الإنهاك الاقتصادي والقلق الاجتماعي والمعيشي يهيمنان على "يوم الإجازة" أو عطلة نهاية الأسبوع الطويلة.

عناوين الصحف وفقرات الأخبار المبشرة بـ"ثلاثة أيام متواصلة إجازة" والمهللة لـ"عطلة نهاية أسبوع طويلة تصلح للسفر"، والمبشرة بتحصيل الحاصل حيث "إجازة 25 يناير بأجر كامل"، لم تنجح في إعادة إحياء الحراك الثوري أو دفع المناوشات والخلافات لما هو أبعد من مناوشات بسيطة حول حكم مبارك، وإشارات طفيفة إلى عام من حكم الإخوان، وتراشقات تمر مرور الكرام حول إذا ما كانت أحداث يناير ومنظومة "الربيع العربي" برمتها نتاج أنظمة قمعية وسياسات ديكتاتورية أم مصالح أجنبية ومؤامرات خارجية؟

حتى الشجار الذي بدأ سياسياً ملتهباً في عام 2011 ثم تحول عبر السنوات عقيماً بلا فائدة تذكر حول إذا ما كان 25 يناير من كل عام "عيد الثورة" أم "عيد الشرطة"، أصبح خلافاً أتلفه الإنهاك والقلق.

ومع كل موجة إنهاك وقلق لا يجد كثر ملجأ سوى إعلان التفاؤل أو إشهار التشاؤم، وهي لغة سياسية مصرية قديمة قدم السياسة. والطريف أن كلا الطرفين، الحكام والمحكومين، يتحدثون بها.

في الذكرى الـ13 لـ"ثورة" أو "انتفاضة" أو "أحداث" أو "هوجة" أو "نكسة" يناير، يجد المصريون أنفسهم متأرجحين بين رغبة في التفاؤل وهيمنة للتشاؤم، وكلاهما لا يرتكز على سبب منطقي مفهوم أو تفسير عملي معلوم.

التفاؤل والتشاؤم

لكن ربما تجدر الإشارة إلى ما كتبه المتخصص في مجال العلوم السياسية مصطفى كامل السيد عام 2016 متسائلاً ومتعجباً من حديث "التفاؤل والتشاؤم في السياسة المصرية"، فقد تساءل "لماذا تجد هذه المفردات اللغوية (التفاؤل والتشاؤم) استخداماً واسعاً في خطابنا السياسي؟ وتكاد تكون غائبة تماماً في خطاب الدول ذات النظام الديمقراطي؟ أليس التفاؤل والتشاؤم صفات لصيقة بالشخصية الإنسانية حتى ولو كان كثر يعتقدون أن رؤيتهم للعالم عقلانية وعلمية، وأنهم يؤسسون مواقفهم على أدلة ملموسة أو حجج منطقية؟".

 

 

ويقول السيد إن "التفاؤل والتشاؤم في الدول الديمقراطية أمران نسبيان. فالمتفائل هو الذي يرى أنه على رغم الصعوبات فإنه يمكن التغلب عليها أو التقليل منها باتباع سياسات معينة معروفة ومحددة. والمتشائم هو الذي يرى على العكس من ذلك أن هذه السياسات بعينها قد تفاقم من هذه المشكلات، ولكنه يرى أن هناك سياسات بديلة لو اتبعت فستؤدى إلى نتيجة مغايرة".

ويصل المتخصص في مجال العلوم السياسية إلى "عندنا" بقوله "أما عندنا فالمطلق هو الذي يسود فكرنا ومواقفنا، فالتفاؤل هو موقف مبدئي من قائد سياسي أو من حكومة أو حزب. والتشاؤم هو أيضاً موقف مبدئي من قائد سياسي أو حكومة أو حزب، وبالنسبة إلى البعض فالأمر يرتبط بتوجه فكري محدد، فالإسلام هو الحل، وفي رأى آخرين الديمقراطية هي الحل. والمتشائم هو الذي لا يرى حلاً لكل المشكلات في هذا أو ذاك".

ويصف السيد نفسه بأنه ليس متفائلاً على طول الخط، ولا متشائماً في كل الحالات، مفسراً أن التفاؤل والتشاؤم نسبيان، وذلك بحسب قدرة السياسات المقترحة على الوصول إلى الغايات المرجوة.

الغايات المرجوة

الغايات المرجوة في يناير 2024 تختلف عن تلك التي كانت مرجوة في يناير 2011. وعلى رغم ذلك، فإن من يعانون "نوستالجيا" الثورة يحبون إحياءها بإعادة تحميل أغنياتها على منصات الـ"سوشيال ميديا". وضمن ما يجري تحميله أغنيات مثل "نزلت وقلت أنا مش راجع وكتبت بدمي في كل شارع" لأحد مطربي الثورة أمير عيد.

وهنا تستنفر قرون الاستشعار الشعبي وتضخ الحياة موقتاً في هواية التنقيب والتفنيد، فيهرع آخرون لتحميل أغنية "حياة كريمة" التي غناها عيد لتوثيق إنجازات مبادرة "حياة كريمة" الرئاسية، وهدفها التخفيف عن كاهل المصريين الأكثر احتياجاً في الريف والمناطق العشوائية في الحضر عبر تحسين فرص الصحة والتعليم والسكن.

في البلد، يخفت الاحتفاء الثوري بما جرى قبل 13 عاماً، لكن على أثير الـ"سوشيال ميديا" يتوهج الصخب. إعادة تدوير وتنقيب وتحميل لمواد لأحداث يناير 2011 المرئية والمكتوبة والمرسومة، إضافة إلى كثير من تبادل الاتهامات الفشل وإدانات التعثر بين بقايا المهتمين بأحداث يناير 2011.

أما دعوات الإضراب ومناشدات التظاهر التي كانت سمة هذا الوقت من العام على الأثير العنكبوتي، فإنها اختفت هذه المرة، ربما للانشغال بأحداث الإقليم، أو فقدان الأمل، أو الرغبة أو كليهما في إعادة ضخ الحياة لأحداث لم يعد أهلها مهتمين بها.

المزيد من تحقيقات ومطولات