Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قصف إسرائيلي "جائر" يطاول صيد "عادل" في غزة

الزوارق الحربية الإسرائيلية تدمر موانئ القطاع والقذائف تحرق 1500 قارب فيما يتم منع 4 آلاف صياد فلسطيني من الإبحار

العشرات يواصلون ممارسة الصيد بواسائل بدائية جداً بعد تدمير قواربهم (أ ف ب)

ملخص

سمك البحر طعام مغموس بالدم لسكان غزة... إليكم القصة

عندما كان الصياد حامد يتجهز للنزول إلى عرض بحر غزة، سمع صوت انفجار ضخم بالقرب من بيته الذي تطل شرفته على الشاطئ مباشرة، أسرع الرجل لتفقد المكان، وحينها شاهد قاربه يحترق وعمود الدخان الأسود الكثيف يتصاعد منه.

بيأس شديد حاول حامد لحاق ما تبقى من مركبه، وأخذ يطفئ الحريق الذي التهمه، لكنه لم ينجح في مهمته، ضرب الصياد كفاً بكف وتساءل "هذا قارب للصيد متوقف على شاطئ البحر، وهو لا يتحرك من مكانه، لماذا يقوم الجيش الإسرائيلي بتدميره؟".

بحسرة أخذ الصياد ينظر نحو قاربه الذي تفحم جراء قذيفة أطلقتها الزوارق الحربية الإسرائيلية من عرض البحر تجاه مجموعة مراكب كانت ترسو على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة، وتسببت في تدميرها جميعها.

طأطأ الصياد رأسه، وعاد إلى بيته يمشي متثاقلاً، وأخذ يشرح لأطفاله بطريقة يفهمها الصغار ما معناه أن "اليوم لن يستطيع النزول إلى البحر لصيد الأسماك وجلبها لهم ليأكلوها، وأن عليهم تحمل الجوع حتى يتدبر أمره".

حامد أب فقير بالأساس، وكان قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) يعتمد على حرفة الصيد كمصدر رزق له، إلا أنه بسبب القتال بين حركة "حماس" وإسرائيل توقف عن النزول للبحر لأكثر من شهر، ثم عاد إليه قبل بضعة أيام.

طعام القطاع

يقول حامد "لم أعد أعمل كصياد يجلب الأسماك ويضخها في السوق ويوفر من حرفته أموالاً، الآن أبحث في المياه عن عدد محدد من الأسماك عندما اصطادها أحملها إلى بيتي ليأكل أطفالي ويسدون جوعهم".

غريب جداً كلام حامد، لكنه في غزة منطقي للغاية، إذ يواجه أطفال الصياد الذي كان يوفر طعاماً لمئات الأسر، جوعاً حاداً وباتت بطونهم خاوية بعد أن نفدت السلع التموينية والغذائية من غزة جراء الحصار الذي فرضته تل أبيب مع بدء حربها على القطاع.

منذ أسبوع ينزل حامد بشكل يومي للبحر، ويعتلي قاربه ويبحر لمسافة ميل واحد (1.85 كيلومتر)، وبعض الأحيان يتشجع ويزيد المسافة نصف ميل آخر (0.9 كيلومتر)، فهو يمارس حرفته وسط خوف شديد من أن يتعرض لعيار ناري يطلقه عليه جنود البحرية الإسرائيلية ويحوله إلى ضحية.

يضيف حامد "قاربي مهترئ للغاية، ولم يعد قارباً وإنما حسكة صغيرة تعمل بواسطة مجداف، وليس محرك، وعلى رغم ذلك أبحر فيه لأوفر طعاماً لأطفالي، فلا يوجد معي مال أشتري لهم القليل من الطعام محدود الوجود مرتفع الثمن".

يخاطر الصياد بحياته لتفادي جوع أطفاله، ويتعرض كل يوم لمضايقات شديدة في عرض البحر يذكرها باختصار "يطلق علينا الجنود النار بشكل مستمر، ويمنعونا من الإبحار لمسافة تزيد على ميل (1.85 كيلومتر)، كما أنهم يقومون بتفتيشنا بشكل مستمر، إذ يطلبون منا بواسطة مكبرات صوت خلع ملابسنا".

معاناة حرفية

عمل حامد توقف كلياً بعد حرق قاربه الصغير، وأصبح أطفاله عرضة للجوع الشديد ولا يعرف الأب كيف يتصرف، فهو لا يملك صنارة ولا شباك يدوية، وكل ما تبقى له مجداف صغير يتحسر عندما ينظر إليه، ويتابع "لم يبق لنا أي شيء بعد الآن حتى نطعم به أطفالنا، لم يتركوا لنا أي سبيل للعيش كل شيء أكلته النيران".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الواقع، كما توقف حامد عن العمل، تعطل جميع الصيادين في غزة عن حرفتهم بسبب الحرب، ويقدر عددهم بحوالى أربعة آلاف صياد، لكن مهنتهم يستفيد منها نحو ربع مليون نسمة، ما بين عائلاتهم التي يعيلونها وبائعي السمك وفنيي صيانة القوارب.

نقيب الصيادين الفلسطينيين نزار عياش قال "بسبب انتشار الزوارق الحربية الإسرائيلية في عرض البحر وعلى مسافة قريبة من الشاطئ يخاف الصيادون من النزول إلى المياه، لأن جنود البحرية يطلقون النار على أي شخص تطأ قدماه المياه".

ويضيف عياش "هذا ليس السبب الوحيد، وإذا كانت العوامل تقتصر على إطلاق النار لوجدت أن جميع الصيادين يخاطرون بحياتهم وينزلون إلى البحر، لكن هناك دماراً كبيراً في مهنة الصيد سببته إسرائيل".

ويوضح عياش أن الجيش الإسرائيلي حرق نحو 1500 قارب صيد من أصل ألفين مركب، وجرى ذلك عن طريق قصفهم بالطائرات أو قذائف الزوارق، ولهذا لم يعد هناك أي وسيلة للصيادين تدفعهم إلى النزول للبحر.

وإلى جانب ذلك، دمرت القوات البرية الإسرائيلية جميع موانئ غزة الخمسة، ولم يعد في القطاع أي مكان ترسو فيه السفن، حيث يشير عياش إلى أن بعض الصيادين نقلوا سفنهم خارج المرافئ ووضعوها بالقرب من بيوتهم التي تطل أغلبها على الشاطئ.

صيد بدائي

ويشير نقيب الصيادين الفلسطينيين إلى أنه لا يمكن للصيادين العودة للعمل بعد انتهاء الحرب لأن الدمار الذي شمل قطاع الصيد سيمتد حتى 50 سنة مقبلة، لافتاً إلى أن الصيادين لا يقدرون على إصلاح مركب متضرر واحد، وأن السفن لا يمكن تصنيعها بغزة بسبب عدم وجود ورش صناعية مخصصة لذلك، وعدم توافر المعدات أيضاً.

صحيح أن إسرائيل دمرت جميع أشكال قطاع الصيد في غزة، إلا أن هذه الحرفة لم تندثر، ولا يزال هناك العشرات يواصلون ممارستها لكن أغلبهم بواسائل بدائية جداً، مثل شباك الصيد اليدوية أو بواسطة الصنارة.

منجد صياد نشيط ينزل كل يوم للبحر برفقة شباك صيد وصنارة أيضاً، ويعمل باجتهاد لمدة سبع ساعات يستطيع بواسطة أدواته البدائية أن يصيد نحو 210 كيلوغرامات من السمك يخصصها جميعها للبيع في السوق المحلية.

يقول منجد "الطعام في غزة محدود للغاية، وجود السمك في البحر أكبر نعمة لتوفير أكل للنازحين للجنوب والذين أصابتهم مجاعة حقيقة، ولولا الأسماك وقيمها الغذائية لوجدنا مجاعة أشرس في القطاع".

تبرر إسرائيل هجومها على قطاع الصيد بأنها تحاول حماية نفسها، حيث يقول المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري "تمنع ممارسة أنشطة في البحر لأن (حماس) قد تستخدم ذلك لشن هجمات نحو مدن بلادنا".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات