Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الطيور المهاجرة ضحية الصيد الجائر في غزة

يعرضون أنواعاً نادرة من العصافير في السوق الشعبية من أجل بيعها للهواة

يحظر القانون الفلسطيني صيد الطيور وبيعها (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

سلطة جودة البيئة تحظره لإخلاله بالتوازن البيئي لكنها عاجزة عن تطبيق القرار

بمجرد أن يرن منبه هاتفه عند الرابعة فجراً، يقفز الشاب ثائر من فراشه لا يتملل ولا يتقاعس، ويبدأ في الاستعداد لرحلة مثيرة. إنه الوقت المناسب لصيد الطيور النادرة والمهاجرة، وحبسها داخل أقفاص لبيعها في أسواق غزة الشعبية بثمن بخس.

يجهز الشاب معدات عمله ويحضر مصائده المصنوعة من الشبك ذات الثقوب الصغيرة وبندقيته الهوائية، ويجمع أكبر قدر من ذخائره التي هي عبارة عن حبات خرز، ويتفقد مظروف ديدان الأرض التي جمعها لاستخدامها كطعم للعصافير، ويتأكد من أنه وضع فخ صيد العصافير المصنوع من أسلاك الحديد.

رحلة الصيد المثيرة

قبل أن يشق ضوء الفجر طريقه يغادر ثائر منزله إلى الأراضي الزراعية القريبة من الحدود الشرقية مع إسرائيل، ويحرص على أن يصل المكان باكراً قبل أن تشقشق العصافير وتغادر أعشاشها.

وفور وصوله يبدأ ثائر بنصب الكمائن في كل بقعة، إذ يسدل المصائد ويضع عليها الديدان كطعم، ويقف هو تحت شجرة كبيرة فيها عشرات الأعشاش ينتظر العصافير حتى تطير.

وما إن ترفرف الطيور أجنحتها حتى يصوب ثائر بندقية ضغط الهواء نحوها، التي يكون حشاها بحبة خرز، لكنه قد يخفق الإصابة فيعيد وضع حبات الخرز، إلا أنه في المرة الثانية يدرس سرعة طيران العصفور وقوة الرياح قبل عملية التصويب، وفوراً يطلق عياره نحو طائر الدرة الذي يسقط أمامه بعد أن أصابه في جناحه، لكنه لم يتوقف ويطلق خرزة أخرى نحو طائر المينا ويصيبه.

يقفز ثائر من الفرح "تصويبة ناجحة، يبدو أنني سأعود ومعي كثير من الطيور، لن أتردد في بيعها بالسوق الشعبية، سأحصل على مبلغ لا بأس به من المال"، يقول الشاب الذي يبدو فخوراً بخبرته ودرايته بأصول الصيد ومواعيده، والأوقات التي قد تنبئ الصياد بقدوم الطيور المهاجرة.

بعد أن وضع ثائر العصافير التي اصطاد، راح يتفقد مصيدة الشباك والفخ، ويحبس ما التقطته في الأقفاص، وكان في حوزته نحو 80 طائراً متنوعاً، ذهب بها إلى السوق الشعبية وسط غزة.

في السوق

هناك عرض ثائر طيوره إلى جانب عشرات الصيادين الذين جلبوا معهم أنواعاً نادرة من العصافير المهاجرة أو المستوطنة، ووقعت لسوء حظها فريسة بنادق الصيادين من أجل بيعها للهواة.

أخيراً في غزة اصطاد الصيادون 200 طائر دويري، وقاموا ببيعها في الأسواق الشعبية دفعة واحدة لأحد مطاعم غزة الذي حولها إلى طعام للزبائن من دون مساءلة أو من دون تفكير بالخطر البيئي لهذا الفعل، وهذا ما أثار غضب الناشطين في حماية البيئة.

ما يقوم به صيادو العصافير يعد ظاهرة تتجاوز قرار سلطة جودة البيئة، الذي حظر صيد الطيور المهاجرة أو المستوطنة بخاصة المهددة بالانقراض. واعتبر ذلك النشاط يهدد التنوع الحيوي ويسبب الإخلال بتوازن النظام البيئي.

وأيضاً مخالف لقانون البيئة الفلسطيني الذي يحظر صيد أو قتل أو إمساك الطيور والحيوانات البرية والبحرية والأسماك المحددة باللائحة التنفيذية، ويحظر حيازة هذه الطيور والحيوانات أو نقلها أو التجول بها أو بيعها أو عرضها للبيع حية أو ميتة، كما يحظر إتلاف أوكارها أو بيضها.

سرقة خفية

يقول أستاذ العلوم البيئية في إحدى جامعات غزة عبدالفتاح عبدربه، إن "ما يحدث يعد صيداً جائراً بلا قيود ولا أخلاقيات، ويمارس من دون أي اعتبار للبيئة، ويمارسه الصيادون كالسرقة الخفية التي لا يستطيع أحد محاسبة الفاعل في ظل عدم تفعيل القوانين التي هي عبارة عن نصوص أسيرة أوراق".

ويضيف "لاحظنا اكتظاظ أسواق غزة بكل أنواع الطيور، وهذا أدى إلى تقلص عددها بشكل كبير، وبات طائر الدرة والشنار والمنيا والحسون والفر من الأنواع المهددة بالانقراض"، لافتاً إلى أنه يعيش في غزة 250 نوعاً من الطيور يصطاد معظمها بلا رقابة أو حدود، الأمر الذي يهدد توازن البيئة وجمالها.

وبحسب عبدربه فإن "غزة بسبب الصيد الجائر وبيع الطيور بطريقة عشوائية ومن دون رقابة، باتت تفقد سمة من سماتها بسبب مصالح فردية متشابكة يعزوها بعض منهم إلى الفقر وقلة ذات اليد، وهو ليس مبرراً لتدمير البيئة"، مؤكداً أن فرض العقوبات على التجاوزات أمر مهم من أجل وضع حد لذلك.

الجهات الرسمية: لا يمكن منع الصيادين

من جانب سلطة البيئة يقول مدير دائرة المختبر والمقاييس عطية البرش، إنهم يرفضون ما يحدث في غزة من صيد جائر وبيع لكميات هائلة من الطيور في الأسواق الشعبية، إضافة إلى صيد طيور لا تؤكل كالغراب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف "بشكل عام كل الطيور لها أهمية بيئية كبيرة وتكافح الآفات والأمراض والحشرات الضارة، وعملية صيدها تتسبب في الإخلال بتوازن النظام البيئي، لذلك أصدرنا قراراً بحظر أنشطة الصيد".

وعلى رغم قرار الحظر إلا أن أنشطة الصيد ما زالت مستمرة ولا يوجد دور فعلي لجهات الاختصاص الحكومية في منع ذلك، وعليه يؤكد البرش أن سلطة البيئة لا يمكنها منع الصيادين والسيطرة عليهم منفردة، لأن الأمر أكبر من حدود سلطتها، مشيراً إلى أن البيئة مسؤولية جماعية لا بد من تكاتف جهود الجميع لحمايتها من الهلاك.

المزيد من منوعات