Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مرشحو الرئاسة الموريتانية... منافسة حقيقة أم جسر عبور؟

يرى منافسون أن نسبة التصويت المتدنية لهم خطوات على طريق مشروعهم السياسي ويذهب مراقبون إلى أن الطريق للديمقراطية يتطلب عقوداً

مع كل انتخابات رئاسية في موريتانيا يمنى مرشحون بنتائج متواضعة لا تتعدى 10 في المئة   (اندبندنت عربية)

ملخص

مرت موريتانيا بسبع انتخابات رئاسية منذ بداية التعددية السياسية مطلع تسعينيات القرن الماضي، وخلالها حصل مرشحون تكررت منافستهم خلالها على أقل من 10 في المئة، فهل مشاركتهم حقيقية أم شكلية لتمرير ولاية ثانية للرئيس المنتهية مهامه؟

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في موريتانيا المقررة في يونيو (حزيران) المقبل بدأ الشارع الموريتاني يترقب ظهور أسماء منافسة للرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني الذي تنتهي مهامه الرئاسية بعد أشهر وبدأ حزب الإنصاف الحاكم الاستعداد لتقديم مرشح آخر للرئاسة.

إلا أن هناك مرشحين دائمين في موريتانيا لم يتعدوا قط حاجز واحد في المئة خلال سبع انتخابات رئاسية هي مجموع عدد الاستحقاقات الرئاسية التي شهدها هذا البلد العربي منذ بداية التعددية السياسية مطلع تسعينيات القرن الماضي.

فرص المنافسة

يطرح أغلب الناخبين الموريتانيين سؤالاً مركزياً حول الغاية من تكرر ترشح بعض السياسيين الموريتانيين للانتخابات الرئاسية في بلد لم يسبق أن خسر فيه رئيس انتهت ولايته انتخابات لتجديد مهامه لفترة أخرى.

يقول المرشح السابق للانتخابات الرئاسية الأخيرة محمد الأمين المرتجي الوافي لـ"اندبندنت عربية"، التخوف من أن تكون المشاركة فرصة لتشريع انتخابات محسومة سلفاً كمثيلاتها في الوطن العربي والأفريقي لا يمكن أن يكون مطروحاً في حالتي، لأني مرشح سابق للرئاسيات وبالتالي ليست هذه هي المرة الأولى، وعليه فإن الترشح ليس إلا مواصلة لمشروع يمكن أن يأخذ بعض الوقت لبلورته، لكنه يتطلب المواصلة وعدم ترك الفراغ السياسي حتى لا يتلاشى المشروع الذى تم تأسيسه في المرحلة السابقة بغض النظر عن النتائج.

يضيف المرتجي أن مشاركته كانت ناجحة ومستقلة "لأننا تمكنا حينها من الحصول على ملف ترشح مكتمل المعايير من دون أي تزكيات من الحزب الحاكم حينها، وهو أمر عجز عنه بعض قادة المعارضة الكبار". كما أنه حصل على "تصويت نسبته 0.25 في المئة وهي نسب معقولة بينما حصلت بعض الأحزاب التقليدية على 2 في المئة حينها".

ويوضح المرشح الرئاسي السابق أن وراء تكرار نيته المنافسة يكمن في إيماني بحق الشعب في تقديم بدائل وخيارات سياسية له، وحق الشباب خصوصاً في الاهتمام بهم، ووضعهم في صلب التخطيط العمومي. ومن شاب مثلهم خبر الإدارة، وراكم تجربة مهمة في أحد أهم وأكثر القطاعات العمومية محورية.

حالة طبيعية

منذ أول انتخابات رئاسية تشهدها موريتانيا عام 1992 ظهر مرشحون توقع لهم المراقبون للمشهد السياسي الحصول على نسب متواضعة من حصيلة أصوات الناخبين، وبالفعل ظلت نتائج سياسيين من أمثال مولاي الحسن ولد الجيد رئيس الحزب الموريتاني للتجديد والوئام، وصالح ولد حننا وجميل منصور لا تتعدى نسبة الـ10 في المئة.

ويرى الباحث سيد محمد المهدي أنه من الطبيعي أن تتفاوت نسب المرشحين في النتائج لأن موارد الحملات الانتخابية والتعبئة للتصويت تختلف من مرشح لآخر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بينما يرى المختار الأمانة، الذي يرأس منظمة غير حكومية تشارك في مراقبة الانتخابات، أن الناخب الموريتاني يميل إلى التصويت لمن يعتقد أنه المرشح الأكثر حظاً؛ وهذا يصب دائماً في مصلحة مرشح السلطة سواء كان هذا المرشح يتقدم للانتخابات للمرة الأولى أو أنه يسعى للفوز بولاية ثانية.

نسب متدنية وتصويت عقابي

تتحول النتائج التي يتحصل عليها المرشحون المنافسون للرؤساء الموريتانيين الذين يسعون للمنافسة في الانتخابات الرئاسية إلى نتائج يصفها البعض بالعقابية لتناهيها في الصغر، بخاصة إذا كان هؤلاء المرشحون سبق لهم حكم البلد الذي شهد عدة انقلابات منذ استقلاله عن فرنسا مطلع ستينيات القرن الماضي.

وبالفعل حصد رؤساء سابقون لموريتانيا ترشحوا من جديد بعد سنوات من خروجهم من السلطة على نسب فاجأت المراقبين، كما حدث مع الرئيس الأسبق المصطفى محمد السالك ومحمد خونا هيداله اللذين نافسا الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع في انتخابات 1992 و2003، إذ حصل الأول على أقل من 3 في المئة؛ بينما نال الأخير 18 في المئة وهو ما دفعه حينها للطعن في هذه النتيجة التي قال محاميه عنها آنذاك إنه، جمع كل الأدلة على عمليات تزوير واحتيال كبيرين وقعا خلال الانتخابات.

غير أن الباحث في التاريخ السياسي الموريتاني المعاصر محمد إسحاق يعتبر هذه النتائج مجرد ترجمة لعلاقة الموريتاني بالسلطة، إذ إن الغالبية لا تثق إلا فيمن يملك أدوات الاستمرار في الحكم وهذا ما يفسر نجاح أي مرشح يتقدم إلى الانتخابات لتجديد ولايته الرئاسية في موريتانيا.

المرشحات الخاسر الأكبر

فتحت السياسية عائشة منت جدانه، الباب مبكراً لولوج المرأة الموريتانية للمشاركة السياسية في الانتخابات الرئاسية، وعلى رغم أنها حصلت على أقل من 5 في المئة خلال استحقاقات 2003 إلا أن خطوتها تلك دفعت زميلتها لاحقاً لاله مولاي إدريس للترشح في انتخابات الرئاسة عام 2014 ولم تتخط ذلك الحاجز.

ويرى المهدي، أن المرأة الموريتانية حققت الكثير في الانتخابات التشريعية والبلدية إلا أنها ما زالت بعيدة من الفوز بثقة مجتمع تهيمن على تفكيره الذهنية الذكورية وتمنعه علائق أنثربولوجية عن منح ثقته لسيدة لتدبير شؤون بلده.

وأعلنت سيدة أعمال موريتانية شابة نيتها الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة ويخشى المهدي أن يتكرر معها نفس السيناريو الذي حصل مع مثيلاتها في الانتخابات الرئاسية السابقة.

ويذهب الباحث السياسي عثمان المختار إلى أن وجود مرشحين مستقلين أو من أحزاب شبه مغمورة في سباق رئاسي أمر عادي في أعرق الديمقراطيات، حيث يعبر تعدد المرشحين عن طموح مشروع يسعى إليه السياسيون، ولا تعني النسب المتدنية التي يحصلون عليها أن مشاركتهم عبثية لأن السعي إلى خلق نموذج غير خارج من رحم السلطة يحتاج إلى عقود من الممارسة الفعلية للديمقراطية وهذا لا نزال بعيدين عن تحقيقه في موريتانيا.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير