Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا نعرف عن "فيلق روسيا الأفريقي" في ليبيا؟

خطط موسكو تثير مخاوف توسع التدخلات الأجنبية بالبلاد وتقلق المعسكر الغربي بقيادة واشنطن

مقاتلون من مجموعة فاغنر المسلحة الروسية   (رويترز)

ملخص

تسعى روسيا إلى تشكيل "الفيلق الأفريقي" العسكري في خمس دول أفريقية على أن تكون ليبيا قاعدة رئيسة لإدارة عملياته

في خطوة تؤكد عزم روسيا مواصلة التمدد في أفريقيا وضرب المصالح الغربية فيها، خصوصاً الأميركية والفرنسية، أعلنت موسكو رسمياً بدء توسيع وجودها العسكري في القارة السمراء، بتشكيل قوة مسلحة ضخمة العتاد والعدة لتنفيذ مهام عسكرية لم تحددها حتى الآن، ستكون بمثابة تحوير وتطوير لقوة "فاغنر" العسكرية السابقة، في الشكل والحجم وطبيعة المهام.

هذا التشكيل العسكري الروسي الكبير الذي اختارت له موسكو اسم "الفيلق الأفريقي"، سيكون موزعاً على خمس دول أفريقية، على أن تكون قاعدته المركزية في ليبيا، بحسب تسريبات نشرتها وسائل إعلام أوروبية، قبل أن تؤكدها صحف مقربة من الكرملين، ومصادر بوزارة الدفاع الروسية.

الخطة والطموح الروسيان لزيادة الانتشار العسكري في أفريقيا أثارا حساسية كبيرة في واشنطن وعواصم أوروبية حليفة لها، وقلقاً من الأهداف الروسية من تشكيل هذا الفيلق العسكري، وتأثيره في النفوذ الغربي بدول القارة والاستقرار فيها، خصوصاً بعد موجة الانقلابات العام الماضي، الذي تتهم إدارة الرئيس فلاديمير بوتين بلعب دور كبير في إشعال فتيلها.

تنسيق في بنغازي

قصة هذا الفيلق العسكري الروسي بدأت تظهر في تسريبات صحافية عقب زيارة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك إيفكوروف إلى مدينة بنغازي الليبية للقاء قائد الجيش المشير خليفة حفتر، وقيل وقت الزيارة التي تمت في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، أن الهدف منها إنشاء هيئة عسكرية روسية في القارة الأفريقية انطلاقاً من ليبيا.

وأكدت هذه التقارير أن وزارة الدفاع الروسية بدأت فعلياً في العمل على مواجهة النفوذ الغربي وتعزيز موقف موسكو في أفريقيا، لذلك تسعى إلى تشكيل هذا "الفيلق الأفريقي - الروسي" الذي يتعين عليه إجراء عمليات عسكرية واسعة النطاق في القارة لدعم البلدان التي تسعى إلى "تحرير نفسها أخيراً من الاعتماد الاستعماري الجديد، وتطهير الوجود الغربي".

واشنطن تحذر

هذه الزيارة وما تسرب من أنباء عنها تسببا في قلق كبير بالولايات المتحدة، ولم تمض سوى أيام قليلة حتى نشرت وزارة الخارجية في إدارة الرئيس جو بايدن بياناً أكد صحة التسريبات المتطايرة، وحذر حفتر من مساعدة موسكو على تمديد نفوذها العسكري في أفريقيا.

الخارجية الأميركية قالت في ذلك البيان، إنه "لا ينبغي لحفتر أن يعتمد على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إنشاء فيلق عسكري روسي في أفريقيا".
وأضافت على لسان متحدثها نيد برايس، أن "مرتزقة شركة (فاغنر) شبه العسكرية الروسية يمثلون عنصراً ضاراً في ليبيا، فهم ينهبون البلدان التي يوجدون فيها، ويعرضون الأمن العام للخطر ويتسببون في عدم احترام حقوق الإنسان".  
وصرح برايس بأن "سلطات موسكو تعمل مع ليبيا على إنشاء فيلق عسكري روسي في أفريقيا، وذلك بعد زيارة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك إيفكوروف إلى ليبيا بدعوة من خليفة حفتر، وسيتعين على هذا الفيلق الأفريقي الروسي إجراء عمليات عسكرية واسعة النطاق في القارة لمواجهة النفوذ الغربي".

نبش الحقائق          

منح بيان الخارجية الأميركية الأنباء المتداولة عن تشكيل فيلق عسكري روسي مزيداً من الاهتمام والصدقية، وبدأت وسائل الإعلام والمراكز البحثية الكبرى، خصوصاً بالولايات المتحدة، في نبش التفاصيل المتعلقة بهذا المخطط الروسي الخطر، ونشر معهد دراسات الحرب الأميركي معلومات جديدة أكدت أن مشروع موسكو العسكري في أفريقيا تجاوز مرحلة التنسيق والدراسة، ودخل رسمياً حيز التنفيذ.

المعلومات التي تحصل عليها المركز ونشرها في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أفادت بأن وزارة الدفاع الروسية بدأت التجنيد العام للفيلق الأفريقي بهدف دمج عمليات مجموعة "فاغنر" في أفريقيا بعد محاولات فاشلة مزعومة لوزارة الدفاع لتجنيد أفراد سابقين منها بصورة مباشرة.         

موسكو تخرق الصمت

بعد تكتم وتعتيم دام لشهرين خرقت صحيفة "فيدوموستي" الروسية الصمت في موسكو. وأكدت صحة الأنباء المتداولة عن تشكيل الفيلق العسكري الروسي في أفريقيا، وكشفت عن كثير من التفاصيل المهمة عن دوره ومراكز نشاطه وعدته وعتاده.

الصحيفة الروسية قالت إن "الفيلق سيشكل في خمس دول أفريقية بينها ليبيا"، ونقلت عن مصدرين قريبين من وزارة الدفاع قولهما، إن "وحدات الفيلق الأفريقي تخطط للانتشار في بوركينا فاسو وليبيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر". كما أشارت "فيدوموستي" إلى أن "الفيلق المذكور سيكون تابعاً بصورة مباشرة لوزارة الدفاع، وأن من سيشرف عليه نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف الذي تعددت زياراته إلى المنطقة خلال النصف الثاني من عام 2023".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضحت أن "الفيلق الأفريقي سيشكل من عسكريين نظاميين ومن مسلحي (فاغنر) السابقين ومجموعات أمنية خاصة تابعة لشركات روسية تعمل في أفريقيا".

وتابعت الصحيفة الروسية أن "الفيلق العسكري الروسي في أفريقيا سيسعى إلى مواجهة النفوذ الغربي في القارة السمراء، وأن الخطوة جادة بين حفتر وموسكو، ومهمة يفكيروف الرئيسة هي التنفيذ العملي للاتفاقات الروسية – الليبية التي توصل إليها في إطار مؤتمر موسكو الدولي الـ11 الذي انعقد في روسيا خلال أغسطس (آب) الماضي".

ورجحت صحيفة "فيدوموستي" الروسية اكتمال تكوين الفيلق بحلول الصيف، مع خضوعه لإشراف الجنرال يونس بك يفكيروف نائب وزير الدفاع الروسي، الذي تكررت زيارته الفترات الماضية إلى مدينة بنغازي، ويبدو أن تشكيل هذه الوحدات كان ضمن أولويات زياراته.

كما أكدت تقارير إعلامية أن الوحدات العسكرية الجديدة نواتها مجموعة فاغنر مع دمج مزيد من العناصر بمهام وتدريبات مختلفة وقد تصل أعداد قواته إلى نحو 45 ألف مقاتل، موزعين على فرق عدة في خمس دول أفريقية هي ليبيا وبوركينا فاسو ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر، ويجري التنسيق مع السلطات في الشرق الليبي كي تكون ليبيا مقراً محتملاً لها.   
وبحسب هذه التقارير بدأت عمليات الانتداب والتجنيد في ديسمبر (كانون الأول) 2023 بعديد من الدول الأفريقية وفي روسيا، ونشرت إعلانات التجنيد منذ الأيام الـ10 الأولى من الشهر نفسه في القنوات العسكرية على تطبيق "تيليغرام".

قلق في ليبيا

في ليبيا، تسببت هذه الأنباء عن تشكيل ذراع عسكرية روسية في أفريقيا، تكون قاعدته الرئيسة بشرق البلاد، في مخاوف كبيرة من تأثير هذا المشروع الخطر في البلاد سياسياً وعسكرياً، خصوصاً فيما يتعلق بعودة التدخلات الخارجية والوجود العسكري الأجنبي وتحول الساحة الليبية من جديد إلى ملعب خلفي لتصفية الحسابات بين القوى الدولية المتنافسة على النفوذ في أفريقيا والشرق الأوسط.

ويرجح محللون أن يكون هذا المشروع، لو تم، عاملاً مؤثراً في إفشال جهود إخراج القوى العسكرية الأجنبية من ليبيا الذي تقوده الأمم المتحدة، بل ربما يعزز هذا الحضور، بتدخل أطراف جديدة وكبيرة لم يكن لها حضور عسكري رسمي في ليبيا، مثل الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا.

ويمتد التأثير المحتمل لهذا المشروع في حالة اكتماله على علاقات ليبيا الإقليمية، مع وجود قلق رسمي من دول عدة مجاورة من النشاط الروسي فيما يعرف بـ"حزام الساحل والصحراء" الأفريقي، خصوصاً الجزائر، التي أبدت تحفظاً صريحاً على الدور الذي تلعبه موسكو في مالي ودعم المجموعات الانقلابية فيها خلال العام الماضي.  

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير