Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القصف الأميركي- البريطاني... رسائل حرب يتبادلها الحوثي والغرب

الغارة الجوية الأخيرة تبدد آمال السلام في اليمن وتفتح صفحة جديدة لحقبة من الصراع مع أطراف دولية خارجية

عضو المجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثيين، محمد علي الحوثي متحدثاً بعد الضربات الأميركية البريطانية، في صنعاء، الجمعة 12 يناير الحالي (رويترز)

ملخص

هل ثمة رسالة أرادت الولايات المتحدة إيصالها للحوثيين بالغارة الجوية الأخيرة؟

تفتح اليمن حساباً جديداً في عداد الحرب الذي كانت ابتعدت عنه خلال السنة الماضية بالاقتراب من التهدئة والتوافق على خريطة طريق نحو السلام المستدام قبل أن تتسبب الميليشيات الحوثية مجدداً في إشعال فتيل النار في البلد المعذب بالصراع.

التطورات الملتهبة في البلاد ممثلة بالهجمات الأميركية- البريطانية التي استهدفت فجر اليوم الجمعة ميليشيات الحوثي كإجراء ردع عقب عمليات اختطافها وقصفها السفن العابرة في مياه البحر الأحمر، فتحت أبواب التكهنات حول السيناريوهات المتوقعة لصورة المشهد والمآل المقلق الذي ينتظر اليمن والمنطقة في أعقاب جملة الأحداث غير المسبوقة.

ماذا وراء الضربة؟

وما بين الوعيد الحوثي بالرد المزلزل الذي لم يأت حتى الآن، بحسب مسؤول أميركي عسكري متبوع ببيان لـ "حماس" تحمل فيه "أميركا وبريطانيا مسؤولية عواقب قصفهما لليمن"، تبدو الصورة ملتبسة قاتمة إزاء تطورات الأوضاع وجدوى الضربة في "شل القدرات" الحوثية التي تؤكد المعلومات أنها لم تتأثر بشكل نوعي وعميق.

كما يجول التساؤل عن مدى نجاح المغزى من العملية العسكرية التي جرت بشكل خاطف من بعيد وكأن ثمة رسالة تود أميركا والدول المشاركة معها إيصالها للجماعة المدعومة من إيران التي تنتهج خيار تصعيدي ينطلق من مبدأ الميليشيات "لا شيء نخسره" أكد حديث الناطق باسم الحوثيين في تصريح تلفزيوني نفي وجود "أضرار حقيقية للضربات التي شنت".

في المعادلة اليمنية

ويرى رئيس مركز صنعاء للدراسات ماجد المذحجي، أن الضربات الأميركية- البريطانية لن تشكل تقويضاً لقدرة الحوثيين على تشكيل خطر في البحر الأحمر، ويستدرك "لكنها رسالة محسوبة للردع، سيتناسب مستوى أي ضربات لاحقة مع الرد الحوثي في حال حدث، أي سيرتفع نطاق ومستوى الضربات تبعاً للاستجابة الحوثية، وهي استجابة مضمونة كما يبدو".

بقراءة مستقبلية يتوقع أن عملية فجر اليوم الجمعة "تعني وضع قدم واشنطن ولندن في المعادلة اليمنية مباشرة، وهذا بالتأكيد سيغير المسار اليمني بطريقة غير محسوبة في الفترة المقبلة"، وفق ما ذكر رئيس مركز صنعاء للدراسات.

ويتطرق المذحجي خلال تغريدته التي نشرها على موقع "إكس" إلى الجهود الإقليمية والدولية التي دفعت أخيراً طرفي الصراع في اليمن، الحكومة الشرعية والحوثيين، إلى الاقتراب من توقيع خريطة سلام على طريق الحل السلمي، إذ إن "السلام الذي كانت اليمن موعودة به في الأشهر القليلة الماضية، ها هو يغيب خلف الأفق بينما تفتح هذه البلاد المنهكة صفحة جديدة في كتاب الحرب ولكن على نطاق غير مسبوق هذه المرة".

وأيدت كل من فرنسا والدنمارك وألمانيا الضربات الأميركية- البريطانية على أهداف لجماعة الحوثي في اليمن، في حين عبرت الصين والسعودية عن قلقهما إزاء التطورات، فيما انتقدت روسيا الهجمات ودعت إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي.

وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا شنتا غارة جوية فجر اليوم الجمعة، بدعوى ردع هجمات الحوثيين على سفن تجارية في البحر الأحمر.

تحجيم متوقع

في المقابل، يتوقع مراقبون نجاح الضربة في وقف مغامرات الحوثي التي ينظر لها قطاع واسع في اليمن والإقليم والعالم بأنها تأتي في إطار المزايدات و"البروباغندا" الحوثية التي تهدف للتغرير على العوام وبالتالي هي رسالة غربية بأن عدم امتثال الحوثي لكف يده عن قصف القطع البحرية في المياه الدولية العابرة في البحر الأحمر ستدفع لانتهاج عمليات أوسع ضده في حال ما واصل مغامراته التي يتوقع أن تضاعف المأساة الإنسانية في البلاد.

ولهذا يعتقد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أن "الضربات التي نفذناها ستقلل من قدرة الحوثيين على شن هجمات جديدة".

‏الطريق نحو الشرعية

مراقبون ذهبوا إلى أن الجدوى الحقيقية لشل القدرات الحوثية تكمن في دعم الشرعية اليمنية لتحرير الحديدة (رئة الحوثيين الاقتصادية والعسكرية) وتحرير العاصمة صنعاء وبقية المناطق التي تسيطر عليها الجماعة الراديكالية.

وإضافة لدعم الشرعية نحو استعادة محافظة الحديدة ومينائها الاستراتيجي، يرى الإعلامي اليمني، أحمد المسيبلي، أنه من الأجدى بالمجتمع الدولي تصنيف الميليشيات الحوثية جماعة إرهابية ونزع سلاحها وتعزيز مركز الدولة اليمنية في كامل الأراضي وإيقاف التدخل الإيراني السافر في اليمن.

المزيد من التهديد

إلى ذلك، تتوالى ردود الفعل الدولية بين التحفظ والتأييد والاعتراض، في حين اتسمت ردود قادة الميليشيات المدعومة من إيران بالوعيد والتهديد بإشعال البحر الأحمر والمنطقة.

وعلى وقع الغارات الجوية التي جاءت من الجو والبوارج البحرية واستهدفت مواقع الميليشيات في عدة مدن يمنية من بينها صعدة معقل الجماعة والعاصمة صنعاء (شمال) والحديدة (غرب)، توعدت ميليشيات الحوثي بالرد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، محمد علي الحوثي، اليوم الجمعة، إن الضربات الأميركية- البريطانية على اليمن "همجية إرهابية"، ووصفها بأنها "عدوان متعمد وغير مبرر ويعكس نفسية متوحشة"، وفقاً لوكالة "رويترز"، وأضاف أن الرد سيكون من خلال البيان الذي سينشر لاحقاً.

من ناحيته، قال عضو المكتب السياسي للحوثيين محمد البخيتي إن "أميركا وبريطانيا حرمتا نفسيهما من عبور البحر الأحمر وباب المندب"، وأضاف أن "اليمن سيرد على هذه الهجمات ولا بد أن يكون هناك ثأر، ولدينا خيارات موجعة ضد مصالحهما في المنطقة".

وجاءت تصريحات قادة الميليشيات بعد ساعات من تصريح مماثل للناطق باسمهم، محمد عبدالسلام، الذي قال على حسابه بمنصة "إكس" إنه "لا مبرر للعدوان الأميركي- البريطاني على اليمن"، وتوعد بأن "استهداف السفن الإسرائيلية سيستمر"، مضيفاً "الاستهداف كان وسيبقى يطاول السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة".

وقبل ساعات من هذه الضربات، أكد زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي أن الرد على أي هجوم أميركي "لن يكون فقط بمستوى العملية التي نفذت أخيراً".

وقال في خطاب بثه التلفزيون أمس الخميس إن "أي اعتداء أميركي لن يكون أبداً من دون رد، ولن يكون فقط بمستوى العملية التي نفذت أخيراً بأكثر من 24 طائرة مسيرة وبعدة صواريخ، بل أكبر من ذلك".

بين التنفيذ والإحجام

في قراءة لمستقبل مغامراتها وجدوى وعيدها الدائم، يقول المحلل السياسي عبدالناصر المودع إن ميليشيات الحوثي باتت في موقف صعب.

ويضيف المودع "في حال استوعب الحوثي الرسالة وتوقف عن الرد والتصعيد واكتفى بالخطب والمهرجانات، فإنه سيكشف نفسه بأنه ظاهرة صوتية وسيخسر الصورة التي كان يبنيها لنفسه وبالتحديد خارج اليمن"، مستطرداً أنه ‏في حال "قام بالتصعيد فإنه يجازف بردود عسكرية قد تؤدي إلى إضعافه بشكل كبير".

‏وتابع المحلل السياسي خلال منشور على منصة "إكس" "من الغباء على الحوثي أن يصدق كذبته بأنه قد انتصر على 17 دولة، فهو لم ينتصر على ربع دولة"، لافتاً إلى أن "الحرب مع دولة عظمى لا يشبه الحرب مع دول صغيرة، لأن القوة ليست لها حدود، ولا يوجد طرف قادر على منعها من تحقيق أهدافها".

مستقبل بلا أمن

من وجهة النظر الإيرانية للعملية التي استهدفت حلفائها في اليمن، فإن نتائجها "لن تؤدي إلى أي نتيجة أخرى غير تغذية انعدام الأمن والاستقرار في المنطقة"، إذ دانت إيران تلك الضربات ووصفتها بأنها "انتهاك واضح" لسيادة البلاد والقانون الدولي، وفقاً لبيان صادر عن المتحدث باسم وزارة الخارجية، ناصر كنعاني، اليوم الجمعة.

في الرؤيا الروسية فإن العملية "ستؤدي إلى تصعيد التوترات في الشرق الأوسط، وتظهر تجاهلاً تاماً للقانون الدولي"، وللوقوف على هذه التطورات، دعت موسكو إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، يوم الجمعة، لبحث القضية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات