Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"دعم المحروقات" كرة لهب ليبية يتقاذفها برلمان وحكومتان

بين مكافحة التهريب وتفاقم أزمات المعيشة يتبنى الدبيبة قراراً في طرابلس بإلغائها وحماد ببنغازي يطلب إرجاءها ومجلس النواب يقترح تعديلها

تواجه ليبيا أزمة في المحروقات التي وصلت قيمة الدعم فيها إلى 50 في المئة (أ ف ب)

ملخص

يقترح القرار الجديد المزمع إصداره زيادة سعر المحروقات من 100 إلى 300 في المئة إذ أكدت حكومة الوحدة أنه اتخذ ولا رجعة عنه... إليكم الأسباب والتداعيات

تشبثت حكومة الوحدة الليبية في طرابلس بخطتها لرفع الدعم عن المحروقات مديرة ظهرها لكل المعارضين في الشارع والوسط السياسي، وأصدرت بشكل رسمي قرارها الخاص بهذا المشروع، الذي يقترح زيادة كبيرة جداً في أسعار الوقود يخشى أن ترهق كاهل الفئات المحدودة والمتوسطة الدخل وتفاقم أزماتها المعيشية.

التبعات الاقتصادية المتوقعة بعد تنفيذ هذا القرار تسببت في غضب كبير في الشارع الليبي والمؤسسات السياسية المعارضة لحكومة الدبيبة، وصلت حد الدعوى للتظاهر لثني الحكومة عن المضي قدماً في مشروعها لرفع الدعم عن المحروقات، بينما بررته هي بمكافحة التهريب الذي تشجعه الأسعار الزهيدة للوقود في ليبيا.

قرار لا رجعة فيه

هذا الجدل الكبير، بدأ بإعلان رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة اتخاذ قرار رسمي يرفع الدعم الحكومي عن المحروقات، على رغم الاعتراضات الكبيرة عليه.

وأرجع الدبيبة، في اجتماع مع لجنة المحروقات، أول من أمس الأربعاء، أسباب اتخاذ القرار إلى "التقارير الواردة من المنظمات الدولية ومصرف ليبيا المركزي والدواوين الرقابية المحلية".

وخلص إلى أن "قرار رفع الدعم عن المحروقات اتخذ ولا رجعة فيه، بعد أن وصلت قيمة الدعم إلى 50 في المئة من دخل البلاد".

مضاعفة الأسعار

نسبة الزيادة التي يفرضها القرار لم تكشف عنها الحكومة لكنها لن تخرج عن ثلاثة احتمالات كانت وزارة الاقتصاد قد تقدمت بها في وقت سابق، أولها يقر زيادة الأسعار بنسبة 100 في المئة ليصبح سعر البنزين 0.30 درهم ليبي (0.06 دولار) بدلاً من 0.15 درهم (0.03 دولار).

أما المقترح الثاني، فينص على زيادة سعر البنزين إلى 0.45 درهم (0.09 دولارتقريباً)، والديزل 0.30 درهم (0.06 دولار) لتوفير ملياري دينار (416 مليون دولار)، بينما حدد المقترح الثالث سعر البنزين بـ0.60 درهم (نحو 0.12 دولار) والديزل 0.45 درهم (0.09 دولار تقريباً)، لتوفير أربعة مليارات دينار (832 مليون دولار).

ووصلت فاتورة دعم الوقود السنوية في ليبيا إلى 12 مليار دولار، نتيجة زيادة إنتاج الكهرباء، بحسب المؤسسة الوطنية للنفط، التي اقترح رئيسها فرحات بن قدارة العام الماضي، تشكيل لجنة لتحديد احتياجات ليبيا من الوقود بشكل دقيق للكهرباء والأغراض الأخرى.

وكشف بن قدارة استخدام ما يزيد على ثمانية مليارات دولار سنوياً كوقود للمحطات الكهربائية، وأربعة مليارات دولار على توفير الوقود لأغراض أخرى مختلفة.

سر إصرار الدبيبة

من جانبه، برر الناطق باسم حكومة الوحدة، محمد حمودة، إصرار رئيس وزرائها عبدالحميد الدبيبة، على استبدال سياسة دعم المحروقات الحالية بـ"إسهامها في زيادة التهريب وتعذر حصول المواطنين على الوقود في عدة مناطق ليبية".

حمودة اعتبر أيضاً في تصريحه الذي أدلى به، أمس الخميس، أن "السياسة الجديدة تستهدف دعم المواطن مباشرة ومنع التهريب"، مؤكداً أن "الموضوع قيد الدراسة منذ أشهر، وظهرت الآن ملامح البدائل مع تحديد الأثر الاقتصادي على الاقتصاد الكلي وأسعار السلع".

وكشف المتحدث أنه "ستجرى استطلاعات رأي شعبية واسعة فور الانتهاء من الدراسات وقبل اتخاذ القرار النهائي، وأن اللجنة المعنية بدراسة هذا الملف تضم ممثلين عن عدة قطاعات ذات الاختصاص مثل شركة البريقة الحكومية لتسويق النفط والشركة العامة للكهرباء ومصرف ليبيا المركزي ووزارتي المالية والاقتصاد وديوان المحاسبة".

الناطق باسم الحكومة، أشار إلى أن "تنامي ظاهرة التهريب يرجع إلى التفاوت الكبير بين سعر الوقود المدعوم والسعر العالمي، وهذا يحفز هذه الظاهرة على جميع الصعد، والحلول المؤقتة لهذه المشكلة تظل مقيدة ومحدودة".

أما عن البدائل التي ستدعم المواطنين في حالة زيادة أسعار الوقود، فقال حمودة "وجدنا أن الحل الأمثل أن تخضع المحروقات لأسعار السوق مثل أي سلعة أخرى، مع دعم المواطنين والفئات الهشة ببرامج حماية اجتماعية وبشكل مباشر لتلافي وقوع أضرار لهم".

امتناع حكومة الشرق

من جانبها، أعلنت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، أمس الخميس، رفضها قرار حكومة الدبيبة رفع الدعم عن المحروقات، محذرة إياها من "تبعات هذا القرار".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت الحكومة في بيان رسمي، إنها "ستعمل على المضي قدماً في تنفيذ الأحكام القضائية ذات الصلة بتعيين حراس قضائيين على أموال النفط الليبي"، معتبرة أن "مثل هذه القرارات لا تصدر إلا عن طريق السلطة التشريعية المنتخبة".

كما اتهم البيان حكومة الدبيبة بـ"إهدار المليارات من الدولارات من دون أن تشيد مرفقاً حيوياً واحداً يجعل ليبيا تستغني عن استيراد المحروقات".

الحكومة التي تتخذ من بنغازي مقراً لها، أبدت استغرابها من "اختيار هذا التوقيت لإعلان هذا القرار من قبل الحكومة استمرت التي تسببت بعجز غير مسبوق في الموازنة بحسب كل التقارير المحاسبية والرقابية، على أبواب شهر رمضان، الذي يتطلب توفير كثير من الاحتياجات الأساسية التي تستدعي التركيز والحرص على توفيرها وتخفيف العبء على المواطن وليس إصدار قرارات تفاقم معاناته".

تناقض ردود البرلمان

ردود الفعل الصادرة من البرلمان على قرار وقف دعم المحروقات الذي اتخذته حكومة الوحدة في طرابلس، جاءت متفاوتة من اللجان المتخصصة بشؤون الطاقة ومراقبة مؤسساتها، بين مواقف متشددة ورافضة ومواقف تطالب بدراسة الموضوع لأهميته الاقتصادية قبل الرد عليه.

رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس النواب الليبي عيسى العريبي، رأى أن إصدار حكومة الدبيبة لقرار مثل هذا مخالفاً في حد ذاته للتشريعات الليبية. وقال إن "رفع الدعم عن المحروقات تقرره الميزانية العامة التي يقرها مجلس النواب".

وتابع العريبي أن "مجلس النواب لم يتلق أي مقترح من الحكومة الليبية المكلفة رئاسة أسامة حماد، المعترف بها من قبله، وهو لا يعترف بأي إجراء أو قرار تقوم بها حكومة منتهية الولاية"، مبيناً أنه "يترتب على رفع الدعم تعديل السياسات المالية العامة والميزانية التي يقرها مجلس النواب".

وبين رئيس لجنة الطاقة أن "رفع الدعم عن المحروقات من دون دراسة عميقة سيؤثر على المواطن البسيط بخاصة في أمور النقل بشكل عام، بالتالي سيسهم في ارتفاع الأسعار، وإذا قدمت الحكومة المعترف بها مقترحاً في هذا الشأن، فإن مجلس النواب سيعدل في الميزانية بحيث يراعي ذوي الدخل المحدود لأن لنا تجربة في رفع الدعم عن السلع التموينية من دون دفع البديل المالي للمواطن، مما زاد في أعبائه المالية".

البحث والدراسة

في المقابل، أبدى رئيس لجنة متابعة أداء المؤسسة الوطنية للنفط بمجلس النواب يوسف العقوري، انفتاح لجنته على دراسة المشروع قبل إعطاء الرأي النهائي بخصوصه. وقال إن "اللجنة تتابع تطورات قضية رفع الدعم عن المحروقات، والاستماع لوجهات النظر المختلفة في شأن ذلك بالنظر للآثار الكبيرة المحتملة لهذا الأمر على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والأمني، وبخاصة مستوى معيشة المواطن الليبي الذي يواجه صعوبات كبيرة بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد".

وأكد العقوري أهمية "معالجة قضية دعم المحروقات وبخاصة في ضوء تزايد المخصصات المالية لبند الدعم من الموازنة العامة للدولة"، مشدداً على أن "اتخاذ القرار الصحيح يكون وفقاً لدراسات علمية شاملة ودقيقة تأخذ في الاعتبار جميع المتغيرات الاقتصادية ذات العلاقة، وإجراء دراسة اقتصادية معمقة حول الآثار المحتملة لرفع الدعم والخيارات الممكنة ونتائج كل خيار، وكذلك الأوضاع السياسية وفرص تنفيذ الحكومة لتعهداتها".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي