خمس سنوات على الحرب الدائرة في اليمن بين قوات الحكومة الشرعية مسنودة بالتحالف العربي الداعم لها بقيادة السعودية من جهة، ومسلحي جماعة الحوثي المتهم بتلقي دعم من إيران، من جهة أخرى، راح ضحيتها عشرات الآلاف، وألحقت دمارا بالبنى التحتية والفوقية وتسببت في أكبر أزمة إنسانية في العالم بحسب توصيف أصدرته الأمم المتحدة.
العامل الخارجي وارتداداته
ومع اتساع رقعة الأزمة، بات جليا أن الحرب لا تنوي وضع أوزارها التي أنهكت كاهل الشعب اليمني الفقير اساسا، وتتضح ملامح امتداداتها نحو الاقليم والمنطقة.
وعلاوة على المأساة الإنسانية التي ألحقتها باليمنيين، إلا أن الحرب قد ألقت بظلالها على الإقليم والمنطقة بشكل جلي ومباشر خصوصا وقد أضحت القضية اليمنية قضية إقليمية ودولية بامتياز، لعب العامل الخارجي فيها دوراً رئيساً ومحركاً فعليا لأحداثها التي خلقت ارتدادات على الفاعلين الدوليين وهو ما يضعف فرص السلام التي لم تفلح كل الجهود للدولية لإحداث اختراق جوهري في جدار الأزمة، خصوصا واليمن تقع تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة.
ومنذ مارس( آذار) 2015، تقوده المملكة العربية السعودية، تحالفا عسكريا لمساندات القوات الحكومية في مواجهة الحوثيين، غير أن خمس سنوات من الحرب، عززت من قدرات الحوثي الذين بدا كمن يكتسب مناعة ضد القوات التي جاءت لانتزاع سيطرته على السلطة في شمال اليمن ومنها العاصمة صنعاء، فيما باتت الحكومة الشرعية أكثر ضعفا وشتاتا وعجزا في القدرة على الامساك بزموم الأمور على الأرض بعكس الطرف الحوثي.
وتسبب القتال الدائر في البلاد، على امتداد نحو 30 جبهة قتالية، إلى مقتل نحو 70 ألف شخص، منذ مطلع العام 2016، بينهم مدنيون، بحسب تقديرات جاءت على لسان، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، خلال إحاطة له أمام مجلس الأمن في 17 يونيو (حزيران) 2019.
الازمة اليمنية تتعدى الجغرافيا
ومع ما تثيره الأزمة اليمنية من تساؤلات حول طبيعة وأهداف الحرب، وواقعها الذي يزداد تشعبا واتساعا، وكيفية الخروج من نتائجها المعقدة، والسيناريوهات المحتملة، أنتجت الحرب واقعا غير مألوف في السابق بجملة من الارتدادات التي تعدت الجغرافيا اليمنية لتصل إلى المحيط الإقليمي والمنطقة نتيجة، كما يرى مراقبون، لاطالة أمد الصراع وتدويل القضية اليمنية والتدخل الخارجي الحاد والمباشر فيها، مع تكاثر الأجندات والملفات التي زادت من تعقيداتها يوما إثر آخر.
دور يهديد المنطقة
تقول الباحثة الجيو سياسية، سيلين جريزي، إنها تستبعد أن يظهر الغرب بشكل واضح في الحرب اليمنية لمحاولة إنقاذ البلد الفقير.
وفي احدى مداخلاتها التلفزيونية، ترجع جريزي السبب "لكون الحرب ستظل عربية إيرانية".
وتضيف "الدور الحوثي الإيراني في اليمن يهدد المنطقة، واليوم هناك حرب بين قوتين، قوة السعودية وحلفائها وقوة إيران التي لديها هدف أيديولوجي في المنطقة".
العبرة في التاريخ
يقول الباحث السياسي اليمني، ثابت الأحمدي، إن الأحداث الجارية اليوم في اليمن تستدعي من القوى الفاعلة اقليميا الحذر واستدراك مكامن الخطر.
ويضيف ل"اندبندنت عربية"، "لأحداث اليمن ارتدادات كبيرة على المحيط الاقليمي والمنطقة تمت بناءا على مخططات دولية وإقليمية باتت مكشوفة وواضحة".
ولمواجهة هذه التحديات يرى الأحمدي أن ذلك "يتطلب دورا سعوديا، على وجه الخصوص، بانتهاج خطط استراتيجية فاعلة لمواجهة وافشال هذا المخططات وحماية أمنها ووجودها وهو الأمر الذي لن يتم إلا بحماية أمن الدولة اليمنية الواحدة، وهذا لا يلغي الدور الكبير لباقي دول الجزيرة العربية والمنطقة".
ويضيف "منذ القدم، وأحداث الجزيرة العربية متكررة وتكاد تكون نسخة واحدة، فابرهة الحبشي ابتدأ غزوه من جنوب غرب البحر الأحمر، وانتهى به المقام في بلاد الحجاز، لهدم كعبة قريش آنذاك، وقبل أن تصل جيوش محمد علي باشا الدرعية في نجد كانت عتبتها الأولى جنوب غرب البحر الأحمر، ومؤخرا يتمركز الإيرانيون على الضفة الغربية للبحر الأحمر في سواحل ارتيريا ولكن أعينهم على مكة والمدينة".
ويتابع "جيوسياسية الجزيرة العربية واحدة، وهو ما يستدعي على الدول الكبيرة أن تمتد عيناها الى خارج حدودها السياسية، ذلك أن الحدود القومية الجيوسياسية لأي بلد لا تتوقف عند الحدود السياسية لها"..
وعلى ضوء ما يجري يضيف الاحمدي "لن يسلم من شرر ايران أي مجتمع، خاصة وبين ايران والغرب تفاهمات سرية وصفقات مشبوهة تبدو بعض معالمها واضحة على الأقل من خلال العراق".