Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا دار بين عرفات ورابين في مفاوضات غزة – أريحا؟ (1 - 3)

اتفقا على إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين ومنطقة المستوطنات في غزة لكن السيطرة على الحدود مع مصر والأردن وأريحا وترتيباتها الأمنية ظلتا قضيتين عالقتين

الرئيس الأميركي بيل كلينتون يراقب بينما يتصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات (أ ف ب)

ملخص

عام 1994 كانت هناك 3 جولات من المفاوضات قد جرت بين الإسرائيليين ومنظمة التحرير الفلسطينية، فماذا دار بين عرفات ورابين؟

ظهر مصطلح "الدولة اليهودية" للمرة الأولى في نص قرار تقسيم فلسطين عام 1947 قبل أن يعلن رسمياً تأسيس دولة إسرائيل في الـ14 من مايو (أيار) 1948 وطناً للشعب اليهودي، إذ أصبح المصطلح ذات مفهوم سياسي يستخدم لوصف دولة إسرائيل.

وتتحدث بعض وثائق الأرشيف الوطني البريطاني المفرج عنها حديثاً عن مخاوف السلطات الإسرائيلية عام 1993 من تغيير مفهوم "الدولة اليهودية" بالنسبة إلى الإسرائيليين، وهو السبب الذي دفع الغالبية في إسرائيل إلى فكرة الانسحاب من غزة والضفة الغربية، لأنهم لم يتمكنوا من السيطرة هناك أولاً، ولأن السكان العرب في تلك المناطق مع مرور الوقت سيغيرون مفهوم الدولة اليهودية لدى الإسرائيليين ثانياً.

وفي يومي الثالث والرابع من ديسمبر (كانون الأول) عام 1993 عقد مؤتمر غير رسمي لرؤساء البعثات الغربية في تل أبيب دعماً لعملية السلام في الشرق الأوسط. ويستعرض التقرير الدبلوماسي للبعثة البريطانية المشاركة في هذا المؤتمر، أبرز النقاط المدرجة على برنامجه، منها "ضرورة حث إسرائيل على أن تكون سخية في مساعدة الكيان الفلسطيني الجديد، وذلك من أجل مصالحها الأمنية". كما حددت البعثة البريطانية في هذا المؤتمر الإجراءات السياسية والاقتصادية والتجارية، التي اتخذتها المملكة المتحدة لدعم عملية السلام في الشرق الأوسط.

الكيان الفلسطيني الضعيف لن يوفر لإسرائيل الأمن الدائم

يشير التقرير الدبلوماسي إلى أن عملية السلام كانت متعثرة بسبب تعنت الحكومة الإسرائيلية وتملصها من بعض مواد الاتفاق المبرم بينها ومنظمة التحرير الفلسطينية، وأن هناك سعياً إقليمياً ودولياً للعودة للمفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، ووضع عملية السلام على المسار الصحيح وتفعيلها.

يوضح التقرير "على رغم تراجع الدعم الإسرائيلي لاتفاق منظمة التحرير الفلسطينية، فإنه ظل هناك حجر أساس صلب داعم، إذ أرادت الغالبية في إسرائيل الخروج من غزة والضفة الغربية، لأنهم لم يتمكنوا من النجاح هناك، ولأن السكان العرب في تلك المناطق سيغيرون مع مرور الوقت مفهوم إسرائيل بالنسبة إلى الإسرائيليين. إن مشكلات عرب إسرائيل والانقسام العلماني - الديني ستبقى في إسرائيل نفسها، وسيكون من الصعب إدارتها بما يكفي. ولم يحظ المستوطنون بكثير من الدعم في البلاد. وستكون الحكومة الإسرائيلية صارمة معهم إذا بدأوا يشكلون تهديداً خطراً. وإن منظمة التحرير الفلسطينية متفائلة بصورة معقولة، لكن الدرجة التي يستطيع بها عرفات كبح جماح المتطرفين كانت تعتمد على مقدار ما يحصل عليه من رابين".

 

ويلفت التقرير إلى أنه "سيكون هناك اتفاق انسحاب من غزة وأريحا، لكن في محادثات باريس حول القضايا الاقتصادية لن يكون من مصلحة إسرائيل الأمنية على المدى الطويل الدفع باتجاه عقد صفقة صعبة للغاية. كانت هناك أهمية نفسية في التزام الموعد النهائي للانسحاب من غزة - أريحا في الـ13 من ديسمبر 1993، فإذا تأخر الموعد النهائي فإن عديداً من الفلسطينيين سيكونون متشككين في شأن المواعيد النهائية المستقبلية حول القضايا الأصعب".

وفي شأن عرفات والفلسطينيين وبينهما إسرائيل يكشف التقرير أن "إسرائيل في حاجة إلى الاستثمار في عرفات إذا أرادت أن يظل قوياً. ويمكن لإسرائيل أن تتقدم بالجولات التفاوضية، لكنها تحتاج الآن إلى كسب قلوب وعقول الفلسطينيين. إن الكيان الفلسطيني الضعيف لن يوفر لإسرائيل الأمن الدائم".

الانسحاب الإسرائيلي من غزة وقضية المعتقلين

كان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قد التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في القاهرة في الـ12 من ديسمبر 1993، لكنهما لم يحرزا تقدماً يذكر في القضايا الصعبة المتبقية. واتفقا على الاجتماع مرة أخرى في غضون 10 أيام، مؤكدين استمرار المفاوضات في شأن القضايا الاقتصادية والإدارة المدنية، دون الإشارة إلى كيفية تضييق الفجوة الكبيرة في شأن القضايا الأمنية.

وبحلول عام 1994 كانت هناك ثلاث جولات من المفاوضات قد جرت بين الإسرائيليين ومنظمة التحرير الفلسطينية. هذه الجولات التفاوضية كانت تدور حول تنفيذ إعلان المبادئ الموقع في الـ13 من سبتمبر (أيلول) 1993، وأهمها كان الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة - أريحا.

 

وعما دار بين عرفات ورابين، وما كان يجب أن يقرر يقول التقرير البريطاني "ينبغي استكمال مفاوضات الانسحاب الإسرائيلي من غزة - أريحا، بموجب شروط إعلان المبادئ، بحلول الـ13 من ديسمبر. وقد أحرز الجانبان تقدماً كبيراً في الاتفاق على إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين (تحتجز إسرائيل نحو 10 آلاف سجين). لقد اتفقوا على منطقة المستوطنات في غزة التي سيحتفظ الإسرائيليون بالمسؤولية عنها. وجرى الاتفاق على السيطرة على الطرق في غزة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم الاتفاق على إطلاق سراح السجناء واستكمال مفاوضات غزة – أريحا، فإنه ظلت هناك قضيتان عالقتان، هما "السيطرة على الحدود مع مصر والأردن، وحدود أريحا والترتيبات الأمنية فيها. وينظر على نطاق واسع إلى الإسرائيليين على أنهم يمتنعون عن حل المشكلة الثانية، التي ربما لا يكون من الصعب حلها، حتى يتمكنوا من السيطرة على الحدود. وقد يجري عقد لقاء بين رابين وعرفات في نهاية هذا الأسبوع بهدف حل هذه النقاط. وبافتراض التوصل إلى اتفاق في الـ13 من ديسمبر أو قريباً منه، يأمل عرفات أن ينتقل إلى أريحا في فبراير (شباط) 1994".

مصادر غربية تتهم إسرائيل بعرقلة عودة اللاجئين الفلسطينيين

زار وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية وارن كريستوفر في الفترة من الثالث إلى الـ10 من ديسمبر 1993 منطقة الشرق الأوسط لتحريك عملية السلام واستئناف المفاوضات بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.

بدا كريستوفر متفائلاً بنجاح زيارته، في حين كانت مصادر غربية تعتقد أن إسرائيل لم تحرز تقدماً كافياً فيما يتعلق بملف المهجرين الفلسطينيين، "قال كريستوفر إنه خلال زيارته الأخيرة للشرق الأوسط، رحبت جميع الأطراف المعنية بالالتزام الأميركي المتجدد. وأكدت من جديد التزامها عملية السلام. وقد قال كثر إنهم يشعرون إن هناك الآن فرصة تاريخية وفريدة من نوعها لصنع السلام".

وفيما يتعلق بالسلام وموقف الزعماء العرب فقد أثاروا "مشكلات اللاجئين، لكنهم، بمن في ذلك الفلسطينيون، أرادوا تركيز نقاشهم على كيفية تنشيط المفاوضات. وكان الجميع حريصين للغاية على عدم وضع الشروط، لكن على إبقاء الباب مفتوحاً أمام استئناف المفاوضات".

 

وشرح كريستوفر ما فعلته الولايات المتحدة فيما يتعلق باللاجئين، وأن إسرائيل وافقت على عملية من شأنها إعادة جميع اللاجئين إلى إسرائيل أو إلى الضفة قبل نهاية العام. ولم يكن يعتزم طرح أية أفكار إضافية مع رابين، لكنه قرر القيام بذلك بعد أن سمع بوضوح أن العرب والفلسطينيين "يبحثون عن أساس ما للعودة للمحادثات. وكان قد أثار عدداً من الأفكار مع الفلسطينيين تتعلق بالتحركات أو التصريحات الإسرائيلية". كما أعلن كريستوفر أن كلينتون والأسد اتفقا على الاجتماع في جنيف في الـ16 من يناير (كانون الثاني) 1994. وافق السوريون بصورة منفصلة على المساعدة في تحديد مكان الجنود الإسرائيليين المفقودين في أثناء القتال (MIAS) والسماح لهجرة اليهود السوريين إلى إسرائيل.

ويقيم التقرير زيارة وزير الخارجية الأميركي بأن "وارن كريستوفر حقق إنجازاً كبيراً خلال زيارته المنطقة في الفترة من الثالث إلى الـ10 من ديسمبر 1993. واتفقت الأطراف على الاجتماع في واشنطن في يناير بهدف استئناف المحادثات الثنائية الرسمية في أواخر يناير أو أوائل فبراير".

تعثر عملية السلام ومواقف الدول الغربية

لكن، كيف رأى الغرب جولة وزير خارجية أميركا وارن كريستوفر في منطقة الشرق الأوسط، وانعكاساتها على عملية السلام. في بريطانيا، وصفت لندن الزيارة بالناجحة، منتقدة في الوقت نفسه التعلل الإسرائيلي، وبرودة استقبال الحكومة الإسرائيلية لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الخاص في حق العودة للاجئين الفلسطينيين، "يجب علينا أيضاً أن نقول للإسرائيليين، كما فعل الاتحاد الأوروبي أخيراً، إن عليهم أيضاً أن يظهروا استعدادهم، إن ردهم على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في شأن اللاجئين لا يزال غير كافٍ. وكان على الإسرائيليين أن يظهروا أن لديهم بعض الفهم لصعوبات الحياة في ظل الاحتلال. خلال العام الماضي، كان الدور الأوروبي ضعيفاً، لأننا لم نرغب في تعقيد المبادرة الأميركية. لقد شاركنا الحاجة إلى مواصلة البحث عن السلام".

أما فرنسا فرحب وزير خارجيتها رولاند دوماس بتصريحات كريستوفر، معرباً عن سروره لاستئناف عملية السلام على أساس جديد، وكذلك أشاد وزير خارجية ألمانيا كلاوس كينكل بالمبادرة الأميركية، "يجب على جميع الأطراف المعنية أن تتحمل مسؤولياتها. لقد أوضح وجهات نظره لرابين وليفي".

 

وفي إيطاليا، أكد وزير الخارجية إيميليو كولومبو أن إسرائيل يجب أن تطور علاقاتها مع الفلسطينيين. كما أشار وزير خارجية إسبانيا خافيير سولانا إلى أن قضية اللاجئين لا تزال تنطوي على خطر تأزم الوضع، مؤكداً أنه "يتعين على إسرائيل أن تذهب أبعد من ذلك. إن عملية السلام لن تتقدم إلا بدعم أميركي فعال". وفي بروكسل أعلن وزير خارجية بلجيكا ويلي كلايس إن إسرائيل "لم تتحرك بعد بما فيه الكفاية بخصوص قضية اللاجئين".

وعلى رغم حماس الدول الأوروبية وبريطانيا وممارسة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية وحثها على التعاون في موضوع عودة اللاجئين الفلسطينيين كان للعرب رأي آخر، وهو ما ذكره التقرير حين استعرض لقاء وزير خارجية سوريا فاروق الشرع بنظيره الأميركي وارن كريستوفر.

ويشير التقرير إلى أن "الشرع أخبر وارن كريستوفر أنه إذا منحت فرصة العودة لجميع اللاجئين، فإن أكثر من نصفهم سيقررون عدم العودة، إذ يظنون أنهم سيواجهون وضعاً أسوأ في الأراضي المحتلة (إسرائيل) من الوضع الذي يعيشونه".

المزيد من وثائق