Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جيوش الساحل الأفريقي تستعين بالمسيرات في معركتها مع الجماعات المسلحة

يستغل الإرهابيون والانفصاليون طبيعة التضاريس في تلك المنطقة للاختباء من الرادارات العسكرية

أثبتت المسيرات قدرات هائلة على أراضي المعارك (أ ب)

ملخص

يرى مراقبون أنه يمكن للمسيرات تحقيق بعض النتائج الميدانية على صعيد المراقبة والاستطلاع والاستهداف عبر شل القدرات وأماكن القيادة والسيطرة ضد المتشددين أو المتمردين

لجأت دول الساحل الأفريقي الغارقة في فوضى أمنية وسياسية وسط انقلابات عسكرية مثيرة إلى الطائرات المسيرة التي أثبتت قدرات هائلة في أراضٍ شهدت معارك على غرار سوريا وليبيا وناغورنو قره باغ وأوكرانيا. وأماطت مالي اللثام عن تسلمها 6 طائرات مسيرة من نوع "بيرقدار" التركية في خطوة تعكس تقارباً كبيراً بين باماكو وأنقرة من جهة، ومن جهة أخرى مساعي المجلس العسكري المنبثق من انقلاب لتعزيز ترسانته العسكرية في مواجهة التهديدات التي تشكلها الجماعات المسلحة، سواء الإرهابية أو المتمردون الطوارق الذين ينادون بالانفصال.
وباتت تركيا التي جربت "بيرقدار" في أجواء سوريا وليبيا، الوجهة المفضلة لبعض دول الساحل، حيث سبق واقتنت النيجر طائرات مسيرة من أنقرة بهدف تقليم أظافر الجماعات الإرهابية التي تمددت منذ سنوات في منطقة الساحل الأفريقي.


الحاجة إلى جيوش مالي والنيجر

وفي مراسم رسمية أقيمت في مطار باماكو قال رئيس المجلس العسكري في مالي أسيمي غويتا إن "السلطات العليا في مالي تحركت نحو اقتناء معدات رئيسة بما في ذلك طائرات من دون طيار من طراز (بيرقدار تي بي 2)". ولفت غويتا إلى أن "مسيرات (بيرقدار تي بي 2) التركية الصنع تتيح مراقبة الأراضي الوطنية وكشف الأهداف المشبوهة وتعقبها وضربها بدقة جراحية إذا لزم الأمر".
ويرى مراقبون أن لجوء مالي المتزايد نحو الطائرات المسيرة يعود إلى طبيعة التضاريس في هذا البلد، وهي تضاريس يستغلها الإرهابيون والانفصاليون على حد سواء للاختباء من رادارات الجيش وحلفائه الروس.
وقال الباحث المالي حسين آغ عيسى إن "استخدام الطائرات التركية أثبت فاعليته في الحرب بين مالي والجماعات الانفصالية في شمال البلاد، وتمت السيطرة على بلدتي كيدال وأنفيف بفضل هذه المسيرات".

وتابع آغ عيسى "لذلك يعتمد الجيش المالي على هذه الطائرات لأنه يدرك تماماً عدم جاهزيته لمواجهة المجموعات المسلحة على الأرض، لأن المناخ وتضاريس المناطق الصحراوية تحتاج إلى معرفة كاملة، وهو أمر غير متوفر للجيش المالي وحلفائه الروس". وشدد على أن "النيجر أيضاً لديها بالفعل ما بين 3 و5 طائرات من دون طيار من طراز (بيرقدار)، والتي تم دفع ثمنها منذ تسلمها قبل أشهر".
ولم تفلح الجهود التي دفعت بها دول الساحل الأفريقي رفقة حلفائها الغربيين السابقين في تحجيم نفوذ الجماعات الإرهابية والانفصاليين.
وتنشط تنظيمات عدة مثل "جبهة نصرة الإسلام والمسلمين" المتشددة والمرتبطة بتنظيم "القاعدة" الإرهابي في مالي، وتشن حصاراً مطبقاً على بعض المدن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


عوامل بنيوية معقدة

ومنذ الانقلاب العسكري الذي شهدته، والذي أنهى حضور فرنسا فيها، باتت مالي تدور في فلك النفوذ الروسي، لكن في الآونة الأخيرة بدأت تقارباً لافتاً مع تركيا التي تضع نصب عينيها ترسيخ نفوذها في غرب أفريقيا.
وحذر الباحث السوداني المتخصص في الشؤون الأفريقية عباس محمد صالح عباس من أن "هناك عوامل بنيوية معقدة في البيئة الأفريقية تجعل من الصعب الرهان على المسيرات في تحقيق نتائج آنية أو بعيدة المدى بالنظر إلى تكيف المجموعات المسلحة وتجدد حركات التمرد وهشاشة أجهزة الدول بصورة عامة والطبيعة الدولية أو العابرة للحدود لظاهرة الإرهاب، فضلاً عن تفاوت حجم الدول والمشكلات التي تعانيها". وأردف عباس أن "المتشددين أيضاً أصبح بإمكانهم منذ سنوات الوصول إلى هذه المسيرات، واستخدام هذه التقنيات المتطورة سيكون على حساب الجيوش النظامية واستراتيجياتها وقدراتها الدفاعية، بخاصة مع صعوبة دمج نظام المسيرات ضمن هياكلها العملياتية"، لكن الباحث شدد في المقابل على أن "المسيرات التركية اكتسبت في الآونة الأخيرة سمعة جيدة وسط حكومات الدول الأفريقية التي تواجهها تحديات أمنية جديدة مثل ظاهرة الإرهاب في ظل توجه المجموعات المتشددة لفرض بعض صور الحوكمة، من ثم السيطرة على الأرض واستخدام أساليب قتالية تتفوق فيها على الجيوش النظامية تقوم على المرونة في الحركة ونصب المكامن وغير ذلك من التكتيكات القتالية".

ورأى عباس أنه "يمكن للمسيرات تحقيق بعض النتائج العسكرية الميدانية على صعيد المراقبة والاستطلاع والاستهداف عبر شل القدرات وأماكن القيادة والسيطرة ضد المتشددين أو المتمردين في بلدان التي تواجه هذين التحديين المزدوجين مما يضعف استجابتها العسكرية".


المعادلة تغيرت

وتثير شهية دول الساحل المفتوحة على الطائرات المسيرة تساؤلات حول ما إذا كانت هذه التكنولوجيا التي باتت تجوب السماوات في مختلف مناطق العالم قادرة على تغيير المعادلة على الأرض بين الجماعات المسلحة والجيوش النظامية. ويجيب الباحث المالي في الشؤون الأفريقية حمدي جوارا بأن "المعادلة تغيرت بالفعل وللأفضل بالنسبة إلى جيوش المنطقة. وفي مالي تغيرت منذ 3 سنوات في خضم إصرار نظام غويتا على التسلح". وأكد جوارا أنه "لا شك أن هذه الطائرات الجديدة من الجيل الثاني من (بيرقدار) ستؤدي إلى تغير المعادلة نحو الأفضل بالنسبة إلى مالي، خصوصاً أنها تواصل تقدمها في الشمال بعد تحرير كيدال وتيساليت وأغلهوك، وهي مدن شمالية لم تصل إليها الدولة منذ 10 سنوات".
وتوقع الباحث المالي أن تحذو النيجر وبوركينا فاسو حذو بلاده، مضيفاً "بل يمكن أن تذهب هذه الدول إلى ما هو أبعد، حيث إن هناك تنسيقاً بين هذه الدول في إطار تعاونها ثلاثياً بتحالف ليبتاكو غورما أو تحالف دول الساحل الجديد".
ويواجه لجوء مالي وبوركينافاسو إلى روسيا من أجل التعاون في مواجهة المتمردين والمتشددين رفضاً غربياً، لكن لم تنجح القوى الغربية، وفي مقدمها فرنسا في كبح هذا التقارب.
ورأى جوارا أن "التحدي في المنطقة هو تحدٍّ أمني وعسكري أساساً، ولذا لن تكتفي مالي بالتعاون مع تركيا فقط في هذا المجال، وإنما ستواصل تنويع مصادر التسلح، والذي لم يكن له أن يحصل لو لم يكن هذا التغيير الذي تم منذ ثلاث سنوات".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير