Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانتخابات النزيهة حلم باكستاني بعيد المنال

هناك تصور شائع بأن جميع الاستحقاقات منذ 1970 كانت مزورة وهذه طرق التلاعب بالنتائج

تم تعديل قوانين الانتخابات في باكستان على نطاق واسع لدرء الممارسات الانتخابية الخاطئة (أ ف ب) 

ملخص

لماذا يعتقد الباكستانيون أن الانتخابات جميعها تأتي مزورة؟

يقترب موعد إجراء الانتخابات العامة في باكستان ولا تزال نزاهتها موضع شكوك وأسئلة لدى المراقبين، لا سيما في سياق تاريخ الانتخابات الشائك في الدولة، إذ تعتبر نتائج أغلب الانتخابات التي أجريت خلال الأعوام الماضية "غير مرضية".

وتتفاوت درجات التزوير والتلاعب وتختلف أساليبها من انتخابات إلى أخرى. إذ سجلت شبكة الانتخابات الحرة والنزيهة في تقريرها عن الانتخابات العامة 2008 ملاحظة مثيرة، وهي أن عدد الأصوات في 61 دائرة انتخابية من بين الـ246 التي أشرفت عليها الشبكة فاقت عدد الناخبين، وبلغت نسبة التصويت في بعض الدوائر 112 في المئة بينما كانت النسبة الإجمالية للتصويت في الدولة 44 في المئة.

ويقول الصحافي افتخار أحمد الذي يراقب الانتخابات منذ عام 1970، إن الجماعات الإسلامية كانت المستفيد الأكبر من انتخابات 2008، إذ فازت بأكبر عدد من المقاعد في تاريخها.

وتشير هذه الأرقام بوضوح إلى وجود تزوير أو سوء إدارة للعملية الانتخابية، وهذه إحدى طرق كثيرة يتم من خلالها التلاعب بالنتائج الانتخابية.

وقال تشودري رشيد، المنسق الوطني لشبكة الانتخابات الحرة والنزيهة (FAFN)، وهي منظمة غير ربحية مكرسة لتعزيز الديمقراطية من خلال مراقبة العمليات الانتخابية والبرلمانية في باكستان، إن القوانين المتعلقة بالانتخابات في باكستان تم تعديلها على نطاق واسع بعد انتخابات 2018 لغرض حماية مصالح المرشحين من الممارسات الانتخابية الخاطئة. 

هل جميعها مزور؟

يعتبر استخدام الأساليب الاحتيالية للإدلاء بالأصوات أو أي عمل آخر غير مشروع يهدف إلى تفضيل مرشح واحد لضمان فوزه وما يترتب على ذلك من هزيمة الحزب المنافس "تزويراً انتخابياً". ووفقاً لتشودري رشيد من شبكة "فافن"، فإن "محاولة تغيير قرار الناخبين باستخدام القوة أو وسائل أخرى تسمى تزويراً أيضاً في اللغة السياسية".

هناك تصور شائع في باكستان بأن الأنشطة غير المشروعة والمخالفات لا تقتصر على دائرة انتخابية واحدة أو انتخابات واحدة. ويقال عموماً إن كل انتخابات أجريت في باكستان منذ عام 1970 لم تستوف مطلقاً معايير الحرية والشفافية والنزاهة المنصوص عليها في قوانين البلاد، بل يتم انتهاك حق الشعب في التصويت في كل الانتخابات. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتقد برويز شوكت، الصحافي الذي غطى عديداً من الانتخابات في إسلام أباد وروالبندي لأكثر من ثلاثة عقود، أن "كل الانتخابات في باكستان مزورة". 

ويقول الصحافي شفقت منير، أن التزوير لا يحدث في كل دئرة انتخابية يوم الاقتراع بل يتم اختيار دوائر انتخابية معينة من جميع أنحاء الدولة.

ويرى شفقت أن تغيير نتائج 35 إلى 40 دائرة انتخابية يكفي لتغيير النتائج الإجمالية، وعادة ما يتم اختيار هذه الدوائر من أقاليم مختلفة.

ويمكن ذكر انتخابات عام في هذا السياق، إذ اتهم التحالف الديمقراطي الباكستاني، وهو ائتلاف من الأحزاب السياسية المهزومة، بتزوير مقاعد برلمانية عدة ونشروا ورقة بيضاء لتعزيز اتهاماتهم، لكن المؤسسة الأميركية "المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية" التي أشرفت على الانتخابات، قالت في تقريرها إنه لا توجد أسباب واضحة لإبطال النتائج الإجمالية، وأن نتائج معظم الدوائر الانتخابية تعكس إرادة الناخبين في الملاحظة الأولية، لكن التقرير أشار إلى وجود مخالفات جسيمة في نحو 15 في المئة من الدوائر الانتخابية للبرلمان.

في وقف التلاعب

سكرتير لجنة الانتخابات السابق كنور دلشاد تحدث عن مزاعم التزوير ودور اللجنة في وقف مثل هذه العمليات الاحتيالية. بالقول إن لجنة الانتخابات الباكستانية ليس لها أي دور في العمل الميداني لإجراء الانتخابات، إذ تتم في الميدان من قبل موظفي الإدارة المحلية والقضاء ومؤسسات حكومية أخرى.

وأشار دلشاد إلى اعترافات الموظفين في أحد الانتخابات السابقة بقبول الرشى والرضوخ لضغوط من جهات معينة. مؤكداً أن المشكلة تتعلق بعدم قبول الأحزاب هزيمتهم في الانتخابات وليس بالتزوير. حيث "دأبت الأحزاب السياسية على عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، وكلما جاءت النتائج ضد حزب سياسي معين فإنه يتهم الآخر بالتزوير. والحقيقة أنه لم يكن هناك أي تزوير منهجي أو واسع النطاق خلال الانتخابات في باكستان باستثناء حوادث بسيطة، لكن عدم قبول النتائج أصبح نهج الجماعات السياسية".

واستدل دلشاد بانتخابات عام 2013 التي اتهمت فيها المعارضة الحكومة بالتزوير لكن لجنة قضائية شكلت باتفاق بين الحكومة والمعارضة قضت بعدم وجود أدلة كافية للتزوير في الانتخابات بعد النظر في الاتهامات.

طرق التزوير

ذكر عالم السياسة البريطاني نيك تشيزمان ونظيره البريطاني بريان كلاس في كتاب "كيفية تزوير الانتخابات" الذي نشراه عام 2018، أساليب تزوير الانتخابات قرصنة الانتخابات، وتشمل الحصول على نتائج مرغوبة من خلال الوصول غير المصرح به، وشراء الأصوات بما في ذلك حشو صناديق الاقتراع، والاحتيال. ويضع الكتاب الهند من ناحية الديمقراطية الانتخابية في فئة "حرة"، وباكستان في فئة "حرة جزئياً". 

ووفقاً للمتخصصين فإن "تزوير الانتخابات" في باكستان لا يحدث فقط في يوم الاقتراع بل إن هذه العملية تبدأ في وقت مبكر جداً ويمكن أن تستمر حتى بعد الاقتراع. كما يمكن تقسيم تزوير الانتخابات في باكستان إلى تزوير ما قبل يوم الاقتراع، وتزوير هذا اليوم، وتزوير ما بعده. ويقول الصحافي والمحلل البارز مظهر عباس إن أساليب التلاعب بالانتخابات نادراً ما تتخذ يوم الاقتراع نفسه، حيث يتم الانتهاء من "إدارة" الانتخابات قبل يوم التصويت. 

ونتناول هنا الأساليب والمراحل المختلفة لتزوير الانتخابات بشكل منفصل.

ما قبل الاقتراع

هناك أساليب إدارية وسياسية وقانونية وإعلامية عدة يتم من خلالها التأثير في آراء الناخبين وتمهيد الطريق أمام منافس معين من دون غيره. والتعداد السكاني يعتبر من أهم هذه الأساليب إذ يتم توزيع المقاعد البرلمانية والإقليمية بناء على أرقام التعداد السكاني. ويرى بعض المحللين أن عملية التزوير في باكستان تبدأ من التعداد السكاني، إذ لا تتم العملية بالشفافية المطلوبة وعادة ما تعترض الجماعات السياسية عليها.

وتأتي بعد التعداد السكاني مرحلة تشكيل الدوائر الانتخابية، وهي أيضاً لا تخلو من الجدل والتعقيدات، إذ يتم توزيع الدوائر أحياناً بطريقة معينة لمصلحة منافس ضد آخر، وذلك من خلال تشكيل الدوائر بحسب شعبية جماعة معينة حتى يسهل عليها الفوز فيها.

إضافة إلى ذلك، يتم تشكيل أحزاب سياسية جديدة قبيل الانتخابات لغرض الإضرار بجماعة ذات شعبية كبيرة، كما يجري الضغط على شخصيات سياسية للانضمام إلى جماعات سياسية معينة. وقد حدث ذلك قبل انتخابات عام 2018 حين تم تشكيل حزب سياسي جديد في بلوشستان وآخر في بنجاب بغرض تقليل نفوذ حزب "الرابطة الإسلامية" كما يقول المتخصصون.

من الناحية الإعلامية، يتم تصوير حزب سياسي معين على أنه المرجح للفوز، وأنه مختلف عن بقية الأحزاب، وذلك للتأثير على الناخبين. فالأحزاب السياسية تستخدم أساليب التسويق والعلاقات العامة لترغيب الناخبين، لكن يحدث بعض الأحيان أن مؤسسات الدولة القوية تجبر الإعلاميين على إبراز شخصية أو حزب سياسي معين.

إضافة إلى هذه الأساليب التقليدية، يتم اتخاذ الإجراءات الإدارية والقضائية لمنع بعض المرشحين كما يحدث الآن مع مرشحي حزب "الإنصاف"، إذ تم سلب أوراق الترشيح منهم بالقوة حتى لا يتمكنوا من إكمال الإجراءات الرسمية، بالتالي لن يستطيعوا الترشح للانتخابات. وتعتبر الأعمال التطويرية أيضاً من قبل مرشح قبيل الانتخابات إحدى الطرق غير المشروعة للتأثير على الناخبين.

في يوم الاقتراع

يخرج مئات الآلاف من الناس يوم الاقتراع للإدلاء بأصواتهم فيما يحاول المرشحون كسب أكبر عدد من الأصوات لمصلحتهم في ذلك اليوم. وتتعدى هذه المحاولات أحياناً قواعد اللعبة لتشمل طرقاً غير مشروعة لجلب الناخبين عبر شراء الأصوات مقابل المال أو الفوائد الأخرى، والاستيلاء على مراكز الاقتراع لوقف الناخبين الداعمين للمرشح المنافس أو إدلاء أصوات مزورة، إضافة إلى ذلك يمكن تغيير أوقات الاقتراع أو التلاعب بعملية الفرز، ويشمل ذلك رفض بعض الأصوات وقبول أصوات أخرى.

ما بعد الاقتراع

تستمر عمليات التزوير إلى ما بعد التصويت، إذ يتم تغييب صناديق الاقتراع لحين التلاعب بالأصوات، كما يتم تغيير النتائج الانتخابية أيضاً بعد التصويت.

وهذه الظواهر جميعها تشير إلى حقيقة واحدة هي أن إجراء انتخابات حرة ونزيهة في باكستان يشكل تحدياً كبيراً للأحزاب السياسية وجميع الأطراف المتعلقة، لا سيما أن المؤسسة العسكرية عادة تلقي بظلالها على العملية الانتخابية لتضمن فوز الحزب المفضل لديها.

نقلاً عن "اندبندنت أوردو"

المزيد من تقارير