Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تيغراي في طريقها إلى مجاعة "منكرة" فيدرالياً و"منسية" دولياً

حكومة الإقليم تؤكد وفاة 400 شخص بسبب نقص الغذاء وتنشد تدخلاً طارئاً وأديس أبابا تنفي وجود أزمة

يواجه حالياً أكثر من مليوني شخص في 32 منطقة إثيوبية نقصاً حاداً في الغذاء (أ ف ب)

ملخص

طوارئ في إقليم تيغراي بسبب المجاعة وأديس أبابا تنكر الخطر وتؤكد أنها تتعامل مع أزمة جفاف... إليكم التفاصيل

أعلنت الحكومة الموقتة في إقليم تيغراي رفع حال التأهب القصوى لمواجهة تمدد خطر المجاعة في الإقليم، كاشفة عن معلومات موثقة بوفاة أكثر من 400 شخص من بينهم 25 طفلاً خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وذلك بسبب المجاعة في أربع مناطق داخل الإقليم، مشيرة أن ما يقارب نصف هذه الوفيات بسبب انعدام تام للغذاء، بينما توفي الجزء الآخر نتيجة سوء التغذية.

وأدى انقطاع الأمطار إلى تعثر الموسم الزراعي مما ضاعف من مآسي السكان الذين يعانون بالأصل من الآثار الناجمة عن الحرب الوحشية والحصار خلال الأعوام الثلاثة الماضية في إثيوبيا.

وبحسب المعلومات التي كشفت عنها حكومة الإقليم فإن الجفاف الشديد أثر في ما لا يقل عن 132 ألف هكتار (1320 كيلومتراً مربعاً) من الأراضي الزراعية في مناطق الجنوب والجنوب الشرقي لتيغراي، مما يعرض للخطر محصولاً مهماً للعام المقبل.

ويواجه حالياً أكثر من مليوني شخص في 32 منطقة نقصاً حاداً في الغذاء، مما دفع السلطات الإقليمية إلى إنشاء "لجنة الاستجابة لحالات الطوارئ" للتعامل مع الأزمة الإنسانية التي تلوح في الأفق.

وأعلنت حكومة تيغراي بقيادة جيتاشوا رضا حال الطوارئ القصوى لمواجهة خطر الموت جوعاً في الإقليم، داعية الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا والمجتمع الدولي إلى ضرورة إنقاذ حياة التيغراويين الذين يواجهون مجاعة نتيجة الحرب الطاحنة.

تأكيد وإنكار

من جهته أصدر مكتب الاتصال الحكومي الإثيوبي في العاصمة أديس أبابا بياناً فند فيه المعلومات الواردة من حكومة إقليم تيغراي، ووصف التصريحات الصادرة من إدارة الإقليم بأنها مسيسة، وتعتمد على معلومات مضخمة بصورة كبيرة بما ينافي الواقع المعاش هناك.

وفي حين اعترف المكتب الحكومي بوجود أزمة غذائية في أقاليم إثيوبية عدة، أشار إلى أنه على مدى الأعوام الأربعة الماضية تعرضت البلاد لموجة كبيرة من الجفاف الناجم عن قلة هطول الأمطار، والذي يرجع أساساً إلى الظروف السلبية الناتجة من "ثنائية القطب في المحيط الهندي" وظاهرة "النينيا"، إلا أنه نفى وجود ما يستدعي إعلان حال الطوارئ في الإقليم الشمالي، مؤكداً أن "ثمة تسيساً واضحاً لهذه الأزمة" من قبل جهات لم يذكرها. 

من جهته قال مفوض لجنة إدارة أخطار الكوارث التابعة للحكومة الفيدرالية شيفيراو تيكليماريام إن "المعلومات التي تفيد بأن الجفاف تحول إلى مجاعة لا أساس لها من الصحة، وتتداولها جهات ذات دوافع خفية"، ووجه تحذيراً مباشراً لأولئك "الذين يشيرون إلى الأزمة باعتبارها مجاعة"، متوعداً إياهم بـ "المتابعة القضائية".

وذكر تيكليماريام أن حكومته استجابت إلى دواع أزمة نقص الغذاء من خلال تخصيص 15.2 مليار بر إثيوبي (2.60 مليون دولار) بمساهمة الحكومة ومنظمات المساعدة الشريكة، وأنها في طريقها للتوزيع على المناطق المتضررة من الجفاف، منها ثمانية مواقع في أمهرة وثلاث مناطق في عفار ومثلها في إقليم تيغراي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بدورها ردت الحكومة الموقتة لإقليم تيغراي على بيان مكتب الاتصال الحكومي، ودانت ما ورد فيه بخصوص ظروف المجاعة الشديدة الناجمة عن الجفاف في الإقليم، واعتبرت أن "هناك تجاهلاً لتداعيات الأزمة الإنسانية في المناطق المنكوبة، داعية الحكومة الفيدرالية إلى ضرورة إيلاء أهمية خاصة لهذه الكارثة المحدقة بحياة التيغراويين بدلاً من إنكارها".

وقال البيان إن "الاستجابة ومستوى القلق الذي أبدته سلطات الحكومة الفيدرالية لا يضاهي التدهور السريع في انعدام الأمن الغذائي الحاد الذي يحدث على الأرض في الإقليم".

تقارير دولية

من جهة أخرى أشار تقرير صادر عن شبكة أنظمة الإنذار الباكر بالمجاعة (FEWS NET)، وهي شبكة عالمية للإنذار الباكر في شأن انعدام الأمن الغذائي "أن عدداً كبيراً من الإثيوبيين الذين لا يزالون نازحين ومعوزين بسبب تداعيات الحرب يواجهون الآن صعوبة بالغة في الوصول إلى الغذاء في تيغراي".

وتوقعت الشبكة أن المجاعة تلوح في الأفق في مناطق إثيوبية عدة، وصنفت الأجزاء المتضررة من الجفاف في إقليم تيغراي والجنوب والجنوب الشرقي في منطقتي الصومال وأوروميا، وكذلك منطقة أمهرة الشمالية الشرقية ضمن "حال الطوارئ" (المرحلة الرابعة من التصنيف الدولي للبراءات)، مع وجود خطر محدق لتحقيق نتائج أكثر خطورة، "ونتيجة لذلك فإن ثمة ضرورة لإعلان الطوارئ إذ إن هناك احتمالات مقلقة لحدوث نتائج أكثر خطورة إذا لم يتحقق الغذاء والدخل المتوقع من الإنتاج الحيواني"، بحسب الشبكة.

وأوصت الشبكة بضرورة تحرك المجتمع الدولي، وبخاصة المنظمات الناشطة في مجال الغذاء والإغاثة، لتدارك تداعيات هذا الخطر المحدق بحياة حوالى مليوني إثيوبي.

الفساد والسياسة

بدوره قدر المتخصص في الشأن الإثيوبي مكونن تللا "أن الأزمة لا تتعلق بقلة هطول الأمطار وتعثر الموسم الزراعي وحسب، بل هناك أبعاداً أخرى أهمها التلاعب بالمساعدات الإنسانية وتوزيعها لغير وجهتها"، مشيراً إلى أن غالبية المنظمات الدولية جمدت أنشطتها في إقليم تيغراي منذ أكثر من عام، بما فيها الوكالة الأميركية الدولية للتنمية (USAID) نتيجة الفساد الإداري في الإقليم وبيع المواد الإغاثية في الأسواق. 

ولفت تللا إلى أنه على رغم عودة بعض المنظمات مجدداً لممارسة نشاطها في الإقليم بعد اتخاذ تدابير وتعهدات بإيصال المساعدات للمحتاجين، إلا أن دائرة الفساد لا تزال فاعلة.

وأضاف المتخصص في الشأن الإثيوبي أن سبباً آخراً للأزمة يتعلق بالجانب السياسي، إذ أصبحت أزمة الغذاء والمساعدات الإنسانية في قلب صراعات السياسية في أديس أبابا ومقلي، مدللاً على ذلك بالتصريحات المتبادلة بين حكومة تيغراي ومكتب الاتصال الحكومي في أديس أبابا، إذ تبادل الطرفان الاتهامات بتسيس الأزمة الإنسانية. 

وأكد تللا أن تيغراي وأمهرة وعفار أقاليم منكوبة بسبب الجفاف وقلة الغذاء، وأن على الحكومة المركزية وحكومات الأقاليم تأجيل صراعاتهم السياسية من أجل إنقاذ سكان هذه المناطق من الموت المحقق جوعاً. 

ويرى تللا أن التحدي الأكبر يتعلق بإقناع الجهات الإغاثية الدولية لإعلان حملة "من أجل إثيوبيا" كما حدث منتصف ثمانينيات القرن الماضي، إذ إن تعاظم الصراعات في العالم كما هو الحال في أوكرانيا وغزة وغيرها من المناطق سرق الاهتمام الدولي أكثر من الالتفات لإثيوبيا، لافتاً كذلك إلى أن تاريخ تعاطي المنظمات الدولية مع السلطات المحلية الإثيوبية لا يشجع المانحين الدوليين، وبخاصة مع التقارير الموثقة عن التلاعب بالمواد الإغاثية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير