Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إثيوبيا أكثر اضطرابا في 2024 بحسب "الأزمات الدولية"

تقرير المجموعة يتوقع تجدد الحرب مع تيغراي وإريتريا وتمدد المجاعة والحكومة ترد: يفتقر إلى الموضوعية

نظرة خاطفة من خيمة في مخيم "جويا" للنازحين داخلياً بمنطقة عفار في إثيوبيا (أ ف ب)

ملخص

ماذا يحمل عام 2024 من أخطار بالنسبة إلى إثيوبيا؟

قالت مجموعة الأزمات الدولية، في توقعاتها السنوية للمناطق المعرضة لتصاعد الصراع في العالم، إن إثيوبيا تعد إحدى المناطق الحرجة المرشحة لإثارة للقلق عام 2024.

وكشفت المنظمة، ومقرها بروكسل، في تقريرها الذي حمل عنوان "10 صراعات يجب مراقبتها في عام 2024"، عن أن "10 دول في العالم بحاجة ماسة إلى التدخل الدبلوماسي الفوري" لمنع الاضطرابات.

تأجيج الشعور بالخيانة

وأشار التقرير إلى أنه على رغم أن اتفاق بريتوريا للسلام الموقع بين الحكومة المركزية في إثيوبيا وجبهة تحرير تيغراي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 مثل إنجازاً ملحوظاً، لكن ثمة مؤشرات لتجدد الاضطرابات تظل قائمة، بخاصة في أقاليم أمهرة وأروميا وتيغراي.

وأكد التقرير أن ثمة "تأجيجاً لشعور الخيانة" في ظل مشاعر الظلم في ما يتعلق بالقضايا الإقليمية، والتساهل المتصور من شعب تيغراي أضحى يميز المشهد السياسي هناك.

ووفقاً للمنظمة ذاتها، فإن استقرار إقليم أمهرة معرض للخطر بسبب رفض السكان قبول الممثلين المعينين من الحكومة المركزية في أديس أبابا، مما أدى إلى فراغ في الحكم في مناطق معينة.

وفي حين تشهد منطقة أوروميا صراعاً دامياً وجه رئيس الوزراء آبي أحمد بقمع التمرد القومي المستمر، وعلى رغم الجهود المبذولة في مفاوضات السلام التي جرت في تنزانيا بين ممثلي جبهة تحرير أورميا وممثلي الدولة المركزية، فإن التوصل إلى تسوية نهائية لا يزال بعيد المنال.

وأشار التقرير إلى أن التردد الأوسع بين السلطات المحلية في الأقاليم الثلاثة في التخلي عن السيادة للحكومة الفيدرالية ضاعف من صعوبة الموقف الذي أثار الانتفاضات في تلك الأقاليم الأكثر نفوذاً في البلاد، من حيث هيمنة نخبها على مراكز صناعة القرار تاريخاً وحاضراً.

وأفادت المنظمة بأن الصعوبات الاقتصادية تسهم في تفاقم الأزمة، إذ يدفع الاقتصاد المتعثر مزيداً من الشباب نحو المشاركة في الاضطرابات، مما عزز من المخاوف الدبلوماسية والأمنية بسبب توتر العلاقات مع إريتريا، بسبب عدم موافقة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي على اتفاق بريتوريا للسلام، والوجود المستمر للقوات الإريترية داخل إثيوبيا.

كما صعد تأكيد رئيس الوزراء آبي أحمد على حق أسلاف إثيوبيا في ساحل البحر الأحمر الخلاف الإقليمي إلى الذروة، مع مخاوف من اشتباك عسكري محتمل مع إريتريا.

وحذرت مجموعة الأزمات الدولية من أنه على رغم غياب النوايا العسكرية الفورية، فإن انعدام الثقة العميق والاستعداد العسكري لدى الجانبين يزيد من احتمال نشوب صراع عرضي ستكون له عواقب وخيمة.

مخاوف الانفجار 

بدوره قدر المتخصص في الشأن الإثيوبي هيلي ماريارم برهي، أن الوضع في إقليم تيغراي (شمال إثيوبيا) ينبئ باحتمالات الانفجار في أية لحظة، بخاصة أن الحكومة الإقليمية لم تعد مسيطرة بشكل كامل على سير السياسة والأمن في الإقليم. 

وأشار إلى أن اتفاق السلام في بريتوريا لم يتعزز بتدابير بناء الثقة بين الحكومة المركزية وشعب الإقليم من جهة، وبين الإدارة الموقتة - غير المنتخبة - في تيغراي والقوى السياسية الأخرى.

ويضيف "طريقة تعيين الإدارة الموقتة، بخلاف التزامات الاتفاق التي تنص على ضرورة تشكيل حكومة وفاق تضم جميع الأطياف السياسية، لم ينفذ حتى الآن، إذ اعتمد على منسوبي الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وبعض التكنوقراط لشغل الحقائب الوزارية، في حين غابت الأحزاب المعارضة عن التمثيل".

ويؤكد المتخصص التيغراوي أن الصراعات الداخلية في جبهة تحرير تيغراي، بين مؤيد لتوجهات الحكومة الموقتة التي يقودها جيتاشوا ردا، والجناح المعارض لها داخل تكويناتها الداخلية، طفت في الفترة الأخيرة مما يرجح وجود صراع داخلي قد ينفجر في أية لحظة، بخاصة مع الاتهامات التي يوجهها هذا الجناح ضد رئيس الحكومة الموقتة بموالاة الحكومة المركزية. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف أن هناك أزمة متصاعدة داخل "قوات الدفاع التيغراوية"، الذين سرح عناصرها من الجيش من دون أن يحصلوا على تعويضات مناسبة كما لم يدمجوا في الخدمة المدنية بعد، مما دفعهم مراراً إلى تنظيم وقفات احتجاجية ضد الحكومة الموقتة، ويحظى هذا التحرك بدعم الأحزاب السياسية التيغراوية، فضلاً عن بعض المحسوبين على الجناح المعارض داخل الجبهة، مما قد يعزز حال استمرار الأزمة نوعاً من التنسيق والتحالف بين الجهات الثلاث ضد الحكومة الحالية العاجزة عن الاستجابة لتلك المطالب نتيجة قلة الإمكانات المادية، ومماطلة الحكومة المركزية في أديس أبابا في الالتزام بالإفراج عن الموازنة المخصصة للإقليم.

من جهة أخرى ينوه المتخصص إلى وجود تقارير دولية ومحلية تشير إلى تمدد المجاعة في الإقليم الذي خرج للتو من حرب ضروس، إذ حذر رئيس الحكومة الموقتة في خطابه بمناسبة العام الميلادي الجديد، من أن خطر المجاعة يمثل أكبر التحديات التي تواجهها حكومته، مشبهاً إياه بالأوضاع التي سادت في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، إذ شهدت إثيوبيا إحدى أكبر المآسي الإنسانية نتيجة المجاعة.

ويقدر برهي في أفادته لـ"اندبندنت عربية"، بأن الأمر لا يقتصر على المخاوف الداخلية، إذ إن شبح تجدد الحرب مع إريتريا أضحى يمثل تحدياً جديداً، بخاصة أن تيغراي هي الإقليم المحاذي للأراضي الإريترية، مشيراً إلى أن المخاوف تعززت أخيراً على خلفية سعي الحكومة المركزية الإثيوبية إلى الحصول على منفذ بحري في السواحل الإريترية، مما قاد العلاقات الإريترية - الإثيوبية من التحالف القوي إلى الحرب الصامتة.

ويرجح المتخصص التيغراوي أن يدفع الوضع الحالي برئيس إريتريا إلى التحالف مع قوى إثيوبية متمردة ودعمها مادياً وعسكرياً لاستنزاف مقدرات خصمه الجديد في أديس أبابا، مذكراً أن إقليم تيغراي ظل يدفع فواتير الخلافات بين أديس أبابا وأسمرة منذ منتصف ستينيات القرن الماضي.

 حروب داخلية وخارجية 

من جانبه رأى السياسي الإثيوبي جيداون بيهون أن أخطار استمرار الصراعات المسلحة في إثيوبيا لا تزال قائمة بشكل أكبر من أي وقت مضى، فهناك مؤشرات مقلقة تجتاح البلاد حول إمكان تجدد حروب خارجية بجانب الأزمات الداخلية أيضاً، مشيراً إلى توسع "حشد القوات على الحدود مع إريتريا"، بجانب الأزمة المستجدة مع الصومال، على خلفية توقيع مذكرة التفاهم بين أديس أبابا وحكومة أرض الصومال. 

ويقدر بيهون أن سياسات آبي أحمد تنزع نحو الحل العسكري في حسم الصراعات الداخلية، وفي الوقت ذاته تتحرك الأجهزة الدبلوماسية في أنشطة تعكر صفو علاقات البلاد مع الدول المجاورة. 

ويؤكد أن إقليم أمهرة يشهد حرباً مفتوحة منذ عام بين الجيش النظامي وقوات "الفانو" القومية، كما أن الحركات المسلحة في أروميا تخوض حروباً طاحنة مع الجيش النظامي، مما يعزز من جدية التحذيرات التي أطلقها تقرير منظمة الأزمات الدولية، بجانب التقارير المحلية. 

ونوه إلى أن البلاد بحاجة إلى عقد سياسي جديد، كالدعوة إلى هيئة تأسيسية وطنية تشارك فيها جميع الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني لتجاوز هذه الأخطار المحدقة، مؤكداً أن رئيس الوزراء الحائز على جائزة "نوبل" للسلام أضحى يمثل أحد رموز الحروب، في وقت انشغل المجتمع الدولي بمعالجة صراعات أكثر حضوراً في قوائم الدول الكبرى، كالأزمة الروسية - الأوكرانية والحرب في غزة.

معلومات مضخمة 

بدورها ترى النائبة من حزب "الازدهار" الحاكم مسيرت هايلو أن تقارير المنظمات الدولية عن إثيوبيا تفتقد قاعدة بيانات دقيقة، بخاصة في ظل غياب تمثيل حقيقي لها داخل البلاد، فهي تعتمد على معلومات ومقاربات المعارضة السياسية الإثيوبية، وعلى أشخاص مقيمين بالخارج. 

وتضيف أن الصراع في تيغراي انتهى بمجرد توقيع اتفاق السلام في جنوب أفريقيا منذ أكثر من عام، وليس ثمة احتمال لتجدده في ظل الظرف الحالي، مشيرة إلى أن حكومتها بذلت جهوداً كبيرة وقدمت تنازلات قاسية من أجل الوصول إلى الاتفاق مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي على رغم تمردها على سلطة الدولة.

وتضيف أن ثمة جولتي تفاوض خاضتها الدولة مع المتمردين الأورومو، وعلى رغم عدم تحقيق تقدم كبير نحو السلام، فإن الالتزامات ما زالت قائمة في الأقل من سلطة أديس أبابا.

وترى هايلو أنه "على رغم حق الدولة في الدفاع عن مواطنيها، وحقها في احتكار العنف، فإنها طالما انصاعت إلى دعوات الحوار، إدراكاً لأخطار الحرب وويلاتها"، مضيفة أن تقرير منظمة الأزمات الدولية يفتقد إلى الموضوعية، فضلاً عن تضخيمه لبعض الصراعات الداخلية. 

ودعت هايلو المنظمات المعنية بالأمن والسلام، إلى ضرورة تعزيز مسؤولياتها من خلال استقاء المعلومات من الجهات الرسمية، عوض الاعتماد على جهات تفتقد الصدقية. 

المزيد من تقارير