Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إثيوبيا تشعل القرن الأفريقي بمنفذ بحري في "صوماليلاند"

الطرفان يصفان الاتفاقية بـ"التاريخية" ومقديشو ترفض وتناشد المنظمات الدولية التدخل

الاتفاق سيمكن إثيوبيا من استئجار منفذ في البحر الأحمر من "صوماليلاند" كقاعدة عسكرية (أ ف ب)

ملخص

تطورات منطقة القرن الأفريقي في ظل مذكرة الشراكة الإثيوبية مع "صوماليلاند"... إليكم التفاصيل

أعلنت الحكومة الصومالية، أمس الثلاثاء، رفضها الاتفاق الموقع، أخيراً، في شأن مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وحكومة أرض الصومال "صوماليلاند"، التي تمهد تأمين أديس أبابا إلى منفذ تمتلكه الأخيرة على البحر الأحمر، فإلى أي مدى تقود خطوة "صوماليلاند" غير المعترف بها المنطقة في ظل تناقض المصالح الإثيوبية الصومالية؟

وأعلن مجلس الوزراء الصومالي في بيان نقلته صحيفة "الدستور" الصومالية، أمس، عن "بطلان توقيع مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وإدارة أرض الصومال في شأن استخدام أديس أبابا منفذ بحري على أرض (صوماليلاند)، مؤكداً أنه اتفاق غير مشروع، ولا أساس له من الصحة".

تأييد ضمني

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ورئيس أرض الصومال موسى بيهي عبدي، وقعا في أديس أبابا، أول من أمس الإثنين، مذكرة التفاهم التي وصفت بـ"التاريخية" لتمهيد تأمين وصول إثيوبيا إلى منفذ خاص على البحر الأحمر.

وجاء توقيع المذكرة بين إثيوبيا وأرض الصومال بمثابة تأكيد على تطور متناغم للعلاقة التي ظلت تحتفظ فيها أديس أبابا بعلاقات خاصة مع حكومة "صوماليلاند" منذ نشأتها في مايو (أيار) 1991، حيث اتسمت العلاقة بتأييد إثيوبي ضمني غير معلن، وغير ملتزمة قرار الأمم المتحدة الخاص بعدم الاعتراف الدولي بأرض الصومال، وذلك لأهداف ومصالح تنظر فيها إثيوبيا للموقع الجيواستراتيجي في ظل تقارب سياسي ظل متنامياً بين البلدين.

إطار شراكة

وضمن إطار شراكة عملي بدأ سير العلاقة بأول اتفاق مع "صوماليلاند" في 2018، علي استخدام ميناء بربرة الذي يقع على بعد 943 كيلومتراً من أديس أبابا، الذي ظلت تستخدمه إثيوبيا بموجب اتفاق تملكت فيه 19 في المئة مقابل 30 في المئة إلى "صوماليلاند".

وسبق لأديس أبابا إنشاء طريق رابط بين الحدود الإثيوبية إلى مدينة بربرة، وأعادت شركة ميناء دبي إصلاح وتحديث الميناء بنسبة مشاركة لها بلغت 51 في المئة ضمن الاتفاق الثلاثي.

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد صرح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأن "الحصول على منفذ بحري لبلاده بات مسألة حياة أو موت، وإنه حان الوقت لمناقشة الموضوع علناً من دون مواربة، وأن البحر الأحمر ونهر النيل هما ثنائيان يحددان مصير إثيوبيا، وأساس لتنميتها أو تدميرها".

وضمن مذكرة التفاهم الجديدة والمنتظر العمل بها مستقبلاً أفاد مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي في بيان له بأنها "تمهد الطريق لتحقيق تطلعات إثيوبيا في تأمين الوصول إلى البحر وتنويع وصولها إلى الموانئ البحرية، كما تعزز الشراكة الأمنية والاقتصادية والسياسية بين البلدين".

وأشار البيان إلى أن مذكرة التفاهم تفتح فصلاً جديداً من التعاون، ولها أهمية كبيرة للتكامل الإقليمي في القرن الأفريقي، كما أنها تمكن إثيوبيا من تعزيز دورها في الحفاظ على السلام والأمن الإقليميين".

 وتشير مصادر إلى أن الاتفاق سيمكن إثيوبيا من استئجار منفذ في البحر الأحمر من أرض الصومال لاستخدامه كقاعدة عسكرية أو لأغراض تجارية لمدة 50 عاماً.

وقال آبي أحمد في مراسم التوقيع مع رئيس "صوماليلاند" موسى بيهي عبدي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا "تم الاتفاق مع أشقائنا في أرض الصومال وتم التوقيع على مذكرة تفاهم اليوم".

من جانبه قال عبدي "إنه في إطار هذا الاتفاق ستكون إثيوبيا أيضاً أول دولة تعترف بأرض الصومال كدولة مستقلة في الوقت المناسب".

وأوضح مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإثيوبي رضوان حسين أن "الاتفاق المبدئي يمهد الطريق لإثيوبيا للتجارة البحرية في المنطقة بمنحها إمكانية الوصول إلى قاعدة عسكرية مستأجرة على البحر الأحمر، مشيراً إلى "أنه سيتم اختتام المفاوضات للتوصل إلى اتفاق رسمي خلال شهر".

اعتداء سافر

من جهتها وصفت الصومال مذكرة التفاهم بأنها "اعتداء سافر على السيادة الداخلية". وقال الناطق باسم الحكومة الصومالية فرحان محمد جمعالي، في بيان له عقب اجتماع طارئ لمجلس الوزراء، الثلاثاء، إن "الصومال يستنكر انتهاك إثيوبيا سيادة البلاد"، وذلك وفق وكالة الأنباء الصومالية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ودعا البيان الصومالي الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وكذلك الاتحاد الأوروبي والهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" والشركاء الدوليين، إلى اجتماع طارئ في شأن ما سماه التدخل السافر الذي تقوم به إثيوبيا ضد الصومال.

الحكومة الصومالية تعتبر "صوماليلاند" جزء لا يتجزأ من الوطن الصومالي، ولذلك جاء بيانها كرد فعل غاضب مما يفتح الباب لاحتمالات جديدة في مسار الأمن الإقليمي، فضلاً عن مسار العلاقات بين الدولتين.

  تفاهمات دولية

رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية ياسين أحمد قال إن "توقيع مذكرة التفاهم بين الحكومة الإثيوبية وحكومة أرض الصومال والتي تقضي بحصول إثيوبيا على 20 كيلومتراً كمنفذ بحري في على البحر الأحمر، وحصول (صوماليلاند) على نسب في (اثيو تيليكوم) تعتبر صفقة جدية، وتأتي في إطار ترتيبات وتفاهمات دولية وإقليمية بقيادة الولايات المتحدة والدول الغربية، وذلك لتعزيز المصالح المشتركة بين القوى الإقليمية والدولية التي تسعى لحماية أمن البحر الأحمر في ظل التنافس الدولي. 

وأضاف أحمد "من تتبعنا نمط السلوك لبعض الحراك السياسي والدبلوماسي الإقليمي والدولي في منطقة البحر الأحمر قبل طوفان الأقصى وبعده نجد تطورات سياسية عدة بدأت بدخول ست دول جديدة في عضوية مجموعة التكتل الاقتصادي (بريكس)، ثم تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في 13 أكتوبر الماضي بإيجاد منفذ بحري على البحر الأحمر، والتي أثارت جدلاً في دول القرن الأفريقي بين مؤيد ومعارض".

وتابع رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية "في 16 ديسمبر (كانون الأول) الماضي تم عرض عسكري مشترك لسلاح الجو الإثيوبي بمشاركة الإمارات في إحدى القواعد العسكرية الإثيوبية، وقبل أيام من نهاية عام 2023 أعلن عن مذكرة تفاهم بين جمهورية الصومال وحكومة أرض الصومال في جيبوتي لبدء عملية الحوار المشترك من أجل الوصول إلى قرار الوحدة بين البلدين"، لافتاً كذلك إلى الترتيبات لمفاوضات بين عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو "حميدتي" في جيبوتي لإنهاء الحرب في السودان بالتوصل إلى اتفاق سلام مما يشير إلى تطورات حقيقية تشهدها منطقة القرن الأفريقي، بحسب قوله.

وكخاتمة لتلك التطورات بادرت الولايات المتحدة الأميركية بإعلانها تشكيل تحالف دولي لحماية أمن البحر الأحمر، حيث يوضح أحمد أنه "في ظل كل هذه التطورات الدولية والإقليمية إلى جانب الحرب الروسية- الأوكرانية والحرب الإسرائيلية-الفلسطينية بدأت تتشكل تحالفات جديدة على أساس تقاطعات مصالح بين القوى الغربية والدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر جنوباً وشمالاً، وذلك لحماية المصالح المشتركة والتجارة الدولية التي تمر عبر البحر الأحمر من جهة".

وأكد رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية أن اتفاق التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال وجد ظروفاً متوائمة كونه اتفاقاً طبيعياً، مضيفاً "ضمن عالم متغير لا بد للدول الأفريقية عامة، والمطلة على البحر الأحمر أن يكون لها حضور حقيقي يتمثل في توافقات واتفاقات تؤمن المصالح المشتركة، ووفق هذه الروية ينظر لاتفاق إثيوبيا و(صوماليلاند) كونه ضرورة تمليها أسباب حقيقية، أما ما يتعلق بالخلافات فينبغي أن تعالج في ظل نظرة تكاملية، وتعاون لتعزيز المصالح المشتركة بين القوى الإقليمية".

ولا يتوقع أحمد "أن يكون لاتفاق مذكرة التفاهم المستحدثة بين دولة أرض الصومال وإثيوبيا ردود فعل مؤثرة في المدى المنظور، بل ربما تقود إلى تكامل وتوافق أوسع إذا أحسنت النوايا وقدمت مصالح الشعوب".

الشرعية القانونية

من جانبه يقول الباحث في الشؤون الدولية عادل عبدالعزيز، إن أي اتفاقات دولية سواء بين دول وأخرى أو دول ومنظمات تستند في الأساس إلى الشرعية القانونية التي تمكن الطرفين من توفير السند القانوني الذي يمكنهما أولاً من أن يكون التفاوض شرعياً، موضحاً أنه "في حالة أي نقص في الصفات الشرعية القانونية لا يتم الاتفاق".

وأشار عبدالعزيز إلى أنه في محتوى العلاقة الماثلة بين إثيوبيا وأرض الصومال يمكننا أن نلمس أن هناك نقصاً في أحد الطرفين، وكون "صوماليلاند" غير معترف بها من الأمم المتحدة وفق قرارها الدولي، فإذن لا يكتمل الوصف القانوني.

وأضاف عبدالعزيز "هناك بعد ربما يكون من المهم النظر إليه في الحالة الماثلة في مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال وهو البعد السياسي والمصالح التي تحرك الدول سواء لاتفاقات أو مواقف"، موضحاً أن "الصومال في رفضها المطلق لمذكرة التفاهم بين أديس أبابا وبربرة تنطلق من كون أرض الصومال جزءاً لا يتجزأ من الكيان الصومالي رغم استقلالها المعلن من طرف واحد، إلى جانب عدم الاعتراف، من ثم فنظرة القيادة الصومالية في مقديشو للاتفاق كونه تعدياً على سيادتها الجغرافية مما يجعلها توجه نداءها الاحتجاجي للجهات الدولية والإقليمية، ولا يستبعد أن تحتكم إلى الأمم المتحدة في ما تراه من تعد إثيوبي".

وأوضح باحث الشؤون الدولية أن "إثيوبيا تقودها الحاجة الحقيقية أن يكون لها وجود بحري خاص، ومن ثم فما تراه من توقيع لاتفاق مع حكومة (صوماليلاند) يصب في جملة مصالح قومية ينبغي على العالم وضع حساب لها في كل الأحوال".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير