Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينجح الدرهم المغربي في التخلي عن الدولار واليورو؟

اتسمت العملة المحلية بالصمود أمام التحديات التي شهدها الاقتصاد سواء خلال أزمة كورونا أو جراء تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية

يتريث المغرب حالياً في تسريع وتيرة تحرير سعر صرف الدرهم جراء المسار المالي العالمي (وكالة الأنباء المغربية)

ملخص

أعلن البنك المركزي أن المرور إلى المرحلة الثانية من تحرير سعر صرف الدرهم المغربي يتطلب اختيار الوقت الملائم لاتخاذ هذا القرار

يسعى المغرب إلى فك ارتباط عملته الرسمية الدرهم بكل من الدولار واليورو في السنوات القليلة المقبلة، من دون تحديد موعد زمني لهذه العملية، وذلك عبر مواصلة الإلغاء التدريجي لنظام الصرف الثابت، واعتماد تحرير صرف سعر الدرهم.

وترتبط سلة العملة المغربية بـ40 في المئة من الدولار الأميركي، و60 في المئة من عملة اليورو، فيما أفادت آخر معطيات البنك المركزي المغربي بأن سعر صرف الدرهم ارتفع بنسبة 1.34 في المئة مقابل اليورو، و2.31 في المئة مقابل الدولار الأميركي خلال الفترة بين 21 و27 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

مسار تحرير صرف الدرهم

يكمل المغرب في 15 يناير (كانون الثاني) لعام 2024 السنة السادسة من مسار الإلغاء التدريجي الذي شرع فيه بخصوص نظام الصرف الثابت، واعتماد تحرير صرف الدرهم بنسبة خمسة في المئة صعوداً ونزولاً، وذلك في أفق فك ارتباط العملة المغربية بالدولار واليورو.

ويرى مراقبون أن عملية تحرير صرف سعر الدرهم التي أطلقها بنك المغرب (البنك المركزي) قبل ستة أعوام تسير بخطى موثوقة، خصوصاً أن العملية أخذت مساراً تدريجاً، بدل عملية "التعويم الكلي" التي رفضها خبراء بدعوى أنها "مغامرة مالية واقتصادية قد تدخل البلاد في المجهول".

وكان البنك المركزي المغربي حاسماً في هذا الملف بأن "أمسك العصا من الوسط"، من خلال اعتماد تحرير صرف الدرهم لكن تدريجاً عبر سنوات ومراحل، ونأى بنفسه عن تجارب بلدان أخرى لم تنجح خطط تعويم عملاتها الرسمية.

والي بنك المغرب عبداللطيف الجواهري، سبق أن طمأن المشككين والمنتقدين لعملية تحرير صرف الدرهم، بتأكيد أنها عملية طوعية ومتحكم فيها من طرف البنك المركزي، وليست مفروضة من المؤسسات النقدية الدولية، وأنها تجري عبر مراحل لمدة سنوات.

ويتريث المغرب حالياً في تسريع وتيرة تحرير سعر صرف الدرهم، جراء السياقات الاقتصادية والمالية عالمياً، وأيضاً بسبب تخوف الشركات المغربية الصغيرة والمتوسطة من هذه الخطوة، علاوة على عامل ارتفاع التضخم في البلاد، إذ سجل 6.1 في المئة نهاية عام 2023، بينما بلغ 6.6 في المئة نهاية 2022.

وترجح التوقعات الجديدة للبنك المركزي أن ينخفض التضخم بصورة لافتة بنسبة 2.4 في المئة عامي 2024 و2025، وهو ما قد يشجع المغرب، وفق متخصصين، بعد أن تنقشع الشكوك الاقتصادية، على الانخراط في المرحلة المقبلة من "التعويم الجزئي" للدرهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فك الارتباط صعب

في هذا الصدد، يستبعد المحلل الاقتصادي إدريس الفينة، أن يفك المغرب ارتباط عملته الدرهم بالدولار واليورو، قائلاً إن سياسة سعر الصرف التي يعتمدها البنك المركزي منذ سنوات ترتكز على قاعدة أساسية، هي مخزون العملات الصعبة، وبخاصة اليورو والدولار، باعتبار أن التجارة الخارجية للمغرب تتعامل بهاتين العملتين الدوليتين.

وأبرز الفينة أن "استقلالية عملة المغرب عن الدولار واليورو تعتبر أمراً صعباً، لأن المسار الذي نهجه المغرب إلى حدود اليوم أعطى ثماره، ومنحه نوعاً من التحكم في سعر صرف الدرهم لا زيادة ولا نقصاناً".

ولفت المتخصص الاقتصادي ذاته إلى أن قيمة عملة الدرهم تبدو مستقرة بفضل سياسة البنك المركزي الذي نهج التدرج في منحى التحرير، ولم يخض التعويم الكامل، وذلك بخلاف دول أخرى اعتمدت خيارات مغايرة أفضت إلى عواقب اقتصادية وخيمة.

وشدد الفينة على أن سياسة المغرب في صرف الدرهم تتصف بالعقلانية، وأنها سياسة مرجحة بعملتين قويتين عالمياً، هما الدولار واليورو، من ثم قد لا يستغني المغرب عن هذه القاعدة في الوقت الراهن والأمد القريب.

ولم يفت الفينة الإشارة إلى أن الحديث عن ارتباط عملية حساب الدرهم بالدولار واليورو، لا يعني بأي حال من الأحوال أن هناك ارتباطاً عضوياً بل هي طريقة احتساب فقط"، مردفاً أن "كل الدول بما فيها الصين تعتمد طرقاً معينة قريبة من الطريقة التي ينهجها المغرب، وتضطر إلى اعتماد صيغ رياضية مشابهة تيح لها معرفة مستوى وقيمة عملتها مقارنة مع العملتين المهيمنتين في العالم لتاريخ اليوم".

تفادي بعض السيناريوهات

والي البنك المركزي المغربي اعتبر في تصريحات له أن المرور إلى المرحلة الثانية من تحرير سعر صرف الدرهم يتطلب اختيار الوقت الملائم لاتخاذ هذا القرار، لكونه مرتبطاً بالسياقات الوطنية والدولية المحيطة والمؤثرة، من ثم قد يفضي هذا الإصلاح الكبير إلى فك الارتباط بعملتي الدولار واليورو.

وبخلاف رأي الفينة، اعتبر الباحث الاقتصادي محمد مجدولين أن "فك ارتباط الدرهم بالدولار واليورو ممكن جداً، وهو الأفق المنظور لهدف الإصلاح الرئيس لعملة الدرهم، بالمرور إلى المرحلة الثانية من تحرير عملة الدرهم، وليس تعويم الدرهم كما يقول البعض".

وزاد الباحث ذاته بأن السلطات المالية والاقتصادية المغربية كانت ذكية بما يكفي لتتفادى السيناريو دول محيطة عمدت إلى التعويم الكامل لعملتها مما أفضى إلى انهيار هذه العملة لعدم قدرتها على الصمود أمام التقلبات المحلية والدولية، وما لحقها من انغماس في مديونية كبيرة من الخارج.

وأكمل مجدولين بأن الدرهم المغربي اتسم بالصمود والمرونة أمام التحديات والتقلبات التي شهدها الاقتصاد المغربي سواء خلال أزمة جائحة كورونا، أو جراء تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية أو في خضم ارتفاع التضخم والأسعار، وغيرها من العوامل المؤثرة.

وتابع المتحدث بأن هذا الصمود يعطي إشارات إيجابية إلى أن الاقتصاد المغربي معافى وقوي، من ثم يمكن تطبيق المرحلة الثانية من تحرير صرف الدرهم، وبعدها الفك المرتقب للارتباط بين الدرهم وعملتي الدولار واليورو.

ولفت إلى أن فك الارتباط أمر يتعين أن يحاط بشروط مالية تضمن لهذه العملة البقاء قوية في سوق العملات، وتضمن أيضاً سلامة الموازنات المالية الكبرى، وهو أمر يعطي للاقتصاد قوة أكبر، وقدرة أكثر على التطور، ويحسن مؤشرات النمو".

اقرأ المزيد