Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دونالد ترمب يستعد لحرب تجارية في فترة ولايته الثانية

دعا المرشح الرئاسي إلى فرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المئة على جميع الواردات تزيد على الصين

فرض ترمب تعريفات جمركية تصل إلى 25 في المئة على واردات بـ300 مليار دولار في فترة ولايته (أ ف ب)

قلب دونالد ترمب السياسة التجارية الأميركية خلال فترة ولايته الأولى، بعد أن شن حرباً جمركية على الصين، قبل أن ينسحب من الاتفاقات التجارية مع الحلفاء المقربين من أوروبا إلى اليابان.

إلى ذلك يستعد المرشح الرئاسي لمزيد من المواجهة إذا استعاد السيطرة على البيت الأبيض، إذ أشار إلى نفسه باسم "رجل التعريفات" الذي يخزن ترسانة من التدابير الحمائية استعداداً لولاية ثانية محتملة بعدما كانت ولايته الأولى مليئة في المقام الأول برسوم جديدة على الواردات من الصين وأماكن أخرى.

وفي وثائق الحملة الانتخابية والمقابلات الإعلامية، طرح ترمب إمكان فرض تعريفة بنسبة 10 في المئة على جميع السلع المستوردة ومطابقة التعريفات الجمركية على الشركاء التجاريين بمعدلات أعلى قائلاً "العين بالعين" و"تعريفة مقابل تعريفة"، إذ يريد إلغاء العلاقات التجارية الطبيعية مع الصين، وهي خطوة من شأنها أن تزيد تلقائياً إلى الرسوم على كل شيء من السلع والألعاب والطائرات إلى المواد الصناعية.

في غضون ذلك قال المسؤول التجاري السابق في إدارتي ترمب والرئيس جو بايدن الذي يعمل الآن في شركة استشارات الأخطار السياسية بالمجموعة الأوروبية الآسيوي ديفيد بولينغ، إلى صحيفة "وول ستريت جورنال"، إنه "بالنسبة إلى ترمب، التجارة هي البداية والنهاية، والسياسة التجارية هي السياسة الخارجية، لذا يجب أن نتوقع شيئاً ما في اليوم الأول لإدارته الجديدة".

وعلى رغم أن هدفه الرئيس لا يزال بكين، إلا أن ترمب ألمح إلى مواجهة الدول الأوروبية في شأن الضرائب على البرمجيات والاشتراكات عبر الإنترنت والخدمات الرقمية الأخرى، معلناً أن اتفاق التعاون الاقتصادي الناشئ للرئيس بايدن مع 13 دولة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ستكون "ميتة مع وصوله إلى السلطة مرة أخرى".

وفي حال نفذ ترمب تهديدته، فإن سياساته هذه ستهز اقتصاد الولايات المتحدة وتهدد علاقاتها الدولية، وفقاً لمحللي التجارة.

أيضاً من شأن التعريفات الجمركية الجديدة أن تؤجج التوترات مع الصين وتزعج الحلفاء مما قد يقود إلى رد فعل انتقامي، وعلى رغم أن بعض الصناعات الأميركية ستحظى بالحماية من المنافسة الأجنبية، فإن صناعات أخرى ستواجه كلف أعلى للمواد المستوردة، ومن المرجح أيضاً أن يرتفع التضخم من جديد، على رغم أنه الذي كان هادئاً في ظل فترة رئاسة ترمب قبل أن يرتفع في السنوات الأخيرة.

ترمب وحربه التجارية مع الصين

كرئيس للولايات المتحدة تسبب ترمب في عرقلة عقود من السياسة التجارية الأميركية التي ربطت الأسواق العالمية معاً، وعلى رغم أنها خفضت الأسعار للمستهلكين الأميركيين، ولكنها شهدت أيضاً انهيار مجموعة من الصناعات في ظل المنافسة.

وفي أول يوم له في منصبه، كرئيس للبلاد انسحب ترمب من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ التاريخية وأنهى لاحقاً المناقشات حول اتفاق التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، قائلاً إن "هذه الصفقات أدت إلى فقدان الوظائف".

وكان محور جهوده منصباً على الصين، التي اتهمها بتنفيذ ممارسات تجارية غير عادلة، مما أدى إلى زيادة العجز التجاري الأميركي وفرض تعريفات جمركية تصل إلى 25 في المئة على واردات بقيمة تزيد على 300 مليار دولار، في المقابل ردت بكين بفرض رسوم جمركية وإجراءات أخرى.

وعلى رغم توصل الجانبين إلى اتفاق تجاري أولي، إلا أن الصين تخلفت في نهاية المطاف عن التزامها بشراء مزيد من السلع الأميركية.

أما في واشنطن، فقلب ترمب الجدل الدائر حول التجارة، وخصوصاً بين الجمهوريين ودعمهم طويل الأمد للأسواق الحرة، إذ كانت سياسة ترمب التجارية تحوم حول إدارة بايدن التي أبقت بدورها على جميع تعريفات ترمب تقريباً، إذ يحاول حزب بايدن الديمقراطي التمسك بالنقابات العمالية وجذب الناخبين من الطبقة العاملة، وفي محاولة لتجنب انتقادات الجمهوريين الأكثر تشدداً بأنه متساهل مع بكين، وقاوم بايدن الدعوات إلى خفض بعض الرسوم الجمركية لتخفيف التضخم.

لايتهايزر و"لا تجارة حرة"

وبالنسبة إلى برنامج حملته الانتخابية، يلجأ ترمب إلى الشخص نفسه الذي نفذ أجندته خلال فترة ولايته الأولى وهو روبرت لايتهايزر، إذ قال مساعدو ترمب إن لايتهايزر المحامي التجاري المخضرم في مجال صناعة الصلب الذي شغل منصب الممثل التجاري لترمب في الولايات المتحدة، هو من بين دائرة صغيرة من المستشارين الذين من المرجح أن يعودوا في الإدارة الثانية.

وعندما سئل عما إذا كان سيتولى دوراً في ولاية ترمب الثانية، اعترض لايتهايزر على السؤال، لكنه قال إن العجز التجاري ارتفع منذ ترك ترمب منصبه (نحو تريليون دولار في عام 2022) متوقعاً أن يعالج ترمب ذلك في فترة ولاية ثانية.

وأضاف لايتهايزر في مقابلة "أعتقد أنك ستراه نشطاً جداً في هذا المجال"، بينما قال عن إدارة بايدن "إنهم لا يريدون أن يكونوا صارمين مع الصين كما نريد".

وفي كتابه "لا تجارة حرة"، الذي نشر في يونيو (حزيران) الماضي، وصف لايتهايزر الصين بأنها "عدو فتاك"، إذ يطلب حرمان الصين دوماً من التعريفات الجمركية المنخفضة المضمونة بموجب العلاقات التجارية الطبيعية وفرض رسوم الكربون على المنتجات المستوردة من الصين وغيرها من الملوثين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إلى ذلك يلوح ترمب باستمرار استخدام المادة 301 من قانون التجارة الأميركي، وهي السلطة التي استخدمها لفرض الرسوم الجمركية في حربه التجارية مع الصين.

في الجانب آخر حثت بكين، التي أبقت على عديد من حواجز السوق، الولايات المتحدة على التخلي عن السياسات الحمائية، إذ قال المتحدث باسم السفارة الصينية ليو بينغيو "لا يوجد فائز في الحرب التجارية أو حرب الرسوم الجمركية".

في الوقت نفسه يعرب مسؤولون أجانب ومديرون تنفيذيون آخرون سراً عن إحباطهم إزاء احتمال حدوث مزيد من المواجهات التجارية، إذ وصف المدير العام للتجارة في المفوضية الأوروبية روبرت شليغلميلش، في إحدى فعاليات "ريسيرتش سينتر" الشهر الماضي، تعريفات ترمب الجمركية على البضائع الصينية والصلب الأوروبي بأنها "غير قانونية"، قائلاً إن ترمب ترك "رأس مال سلبي" في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وأميركا.

تعريفة ترمب العالمية بنسبة 10 في المئة

ولم تنجح تعريفات ترمب رقم 301 في خفض العجز التجاري الأميركي مع الصين، الذي بلغ 382 مليار دولار العام الماضي، لكنها ساعدت في إعادة ترتيب التجارة، إذ سعى المستوردون الأميركيون إلى مصادر بديلة، وحول المصنعون الصينيون بعض الإنتاج إلى دول مثل فيتنام والمكسيك، لكن كلف بعض الواردات مثل الملابس والأثاث شهدت ارتفاعاً مما أضر بالمستهلكين، وفقاً للجنة التجارة الدولية الأميركية، وهي وكالة اتحادية.

في حين قال أشخاص مطلعون على الأمر إن مراجعة إدارة بايدن لرسوم ترمب 301 استمرت مع عدم تمكن مساعدي بايدن من الاتفاق على كيفية تعديل معدلات الرسوم الجمركية، وأشاروا إلى أنه يجري الآن النظر في رفع الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية صينية الصنع من بين سلع أخرى.

وقالت الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي في خطاب ألقته هذا الشهر إن "التعريفات الجمركية جزء من العلاقة بين الولايات المتحدة والصين بسبب عدم تكافؤ الفرص".

ومن بين كل مقترحاته، اجتذبت تعريفة ترمب العالمية بنسبة 10 في المئة، على رغم افتقارها إلى التفاصيل، القدر الأعظم من الاهتمام من جانب جماعات الضغط التجارية والمسؤولين الأجانب.

بينما قال ترمب في مقابلة مع مستشاره الاقتصادي في فترته الأولى لاري كودلو، على قناة "فوكس بيزنس" في أغسطس (آب) الماضي، "عندما تأتي الشركات وتتخلص من منتجاتها في الولايات المتحدة، ينبغي لها أن تدفع تلقائياً"، مستدركاً "دعنا نقول ضريبة بنسبة 10 في المئة".

وقال زميل السياسة التجارية في مجلس العلاقات الخارجية إينو ماناك، إنه "إذا أعيد انتخاب ترمب فمن غير المرجح أن يفعل كل ما يقوله في شأن التجارة"، مضيفاً "التعريفة العالمية البالغة 10 في المئة ستكون تضخمية ومن غير المرجح أن تفرض في جميع المجالات"، قائلاً "سيخفف لايتهايزر ذلك".

وفي حربها التجارية مع الصين، أعفت إدارة ترمب المنتجات الإلكترونية الاستهلاكية الشهيرة بما في ذلك أجهزة "آيفون" من الرسوم.

وتقدر مؤسسة الضرائب، وهي منظمة بحثية غير حزبية مؤيدة للأعمال، أن التعريفة الجمركية بنسبة 10 في المئة ستزيد العبء الضريبي على المستهلكين والشركات الأميركية بمقدار 300 مليار دولار، وتقلص الاقتصاد الأميركي بنسبة 0.5 في المئة وتقضي على أكثر من نصف مليون وظيفة. ويقول منتدى العمل الأميركي، وهو مجموعة مناصرة محافظة، إن التعريفة الجمركية، إلى جانب الرسوم الانتقامية المحتملة، ستخفض ما يقرب من ثلث في المئة من معدل نمو الاقتصاد.