Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لا يكفي تمويل الشرق الأوسط في التصدي للتغير المناخي؟

أشارت دراسة حديثة إلى أن حصة المنطقة هي الأقل عالمياً وأنها تحتاج لسد الفجوة إلى زيادتها 20 ضعفاً

آثار الجفاف تتضح جلية في التربة في مناطق عدة من اليمن (رويترز)

ملخص

تعاني بعض دول الشرق الأوسط صراعات سياسية أسهمت في عدم وجود مؤسسات وأنظمة مناسبة للتصدي لقضايا المناخ وتغيراته

عند الحديث عن التغيرات المناخية وانعكاساتها على دول العالم فلا يمكن التفريق بين منطقة وأخرى على كوكب الأرض، إذ إن التهديدات تطاول الجميع، ولكن هناك مناطق تعد الأكثر تضرراً بالتغيرات المناخية وأخطار الاحتباس الحراري واحتمال زيادة درجات الحرارة في مناطق معينة.
ومن بين تلك المناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اللتان تعدان ضمن الأكثر تضرراً جراء التغيرات المناخية وبصورة مباشرة خلال الأعوام الماضية.
كما أن للتغيرات المناخية في المنطقة أخطاراً جسيمة على أمن الغذاء والمياه والطاقة في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهي تؤدي إلى تفاقم التحديات الاجتماعية والاقتصادية القائمة وقد تنتج منها تحديات جديدة.
وأشارت تقارير برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن الكلفة الاقتصادية لمعالجة آثار تغير المناخ في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتراوح بين 0.4 و1.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وقد يرتفع هذا الرقم ليبلغ 14 في المئة إذا لم تُنفذ تدابير التخفيف والتكيف بصورة فعالة.
وعلى رغم أن كثيراً من البحوث والدراسات أشارت إلى تهديدات محتملة عدة لمنطقة الشرق الأوسط جراء أخطار المناخ والاحتباس الحراري، إلا أن حصتها من التمويل المناخي تعد الأقل بين جميع مناطق العالم إذ لا تتعدى الـ 24.4 مليار دولار، بحسب تقرير حديث صادر عن مركز "ثنك" للأبحاث والاستشارات التابع للمجموعة السعودية للأبحاث والنشر.

20 ضعفاً

وأشار التقرير الصادر تحت عنوان "سد الفجوة: تحدي التمويل المناخي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" إلى ضرورة زيادة حجم التمويل إلى 20 ضعفاً لدول تلك المنطقة البالغ عددها 19، من أجل تحقيق أهداف المساهمات المحددة وطنياً للفترة بين عامي 2030  و 2040.
ولفت أن تسعة بلدان من المجموعة الخاضعة للتحليل عبر تحديد حاجاتها من التمويل المناخي في المنطقة، بحسب خطة المساهمات المحددة وطنياً والتابعة للأمم المتحدة، وهي مصر وتونس والمغرب والأردن والإمارات والعراق وجيبوتي وفلسطين والسودان، قُدِّر بنحو 495 مليار دولار، وهو رقم يتجاوز بكثير ما هو مخصص لكل دول المنطقة.
وأوضح التقرير أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حصلت على الموافقة في ما يخص التمويل المناخي للفترة ما بين عام 1992 وشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وذلك من خلال تخصيص حوالى 2.7 مليار دولار لإنجاز مشاريع في بلدان المنطقة، من إجمال مبلغ التمويل المناخي والبيئي الذي أتاحته صناديق المناخ الثلاثة الكبرى، أي ما يعادل 6.6 في المئة فقط من التمويل العالمي. ولفت التقرير إلى أن التمويل الإضافي الذي أسهم في المبلغ التراكمي الإجمالي البالغ 24.4 مليار دولار لدول المنطقة اُستمد من تدفقات واردة لها بقيمة 21.7 مليار دولار في شكل تمويل مشترك من بنوك التنمية الثنائية والمتعددة الأطراف ومن الحكومات والقطاع الخاص.

تحديات ضخمة

وفي السياق ذاته نوه التقرير أن دول المنطقة تواجه تحديات ضخمة في ما يخص المشكلات المترتبة على ظواهر التغير المناخي، ولا سيما وأنها لم تبادر إلى اتخاذ تدابير التكيف مع تغيرات المناخ والتخفيف من آثارها، ولا تمتلك سجلاً راسخاً من أنشطة التمويل المناخي التي تتطلب في الغالب وجود الخبرة التقنية والموارد المالية، إضافة إلى الاستقرار السياسي.
ولكن تلك الدول والمتأثرة بالنزاعات السياسية تكافح من أجل استيفاء معايير الأهلية للحصول على التمويل المناخي الدولي، وأكد التقرير أن الصراع المستمر وعدم الاستقرار السياسي في عدد من دول الشرق الأوسط يعوقها عن إنشاء مؤسسات وأنظمة مناسبة للتصدي لقضايا المناخ وتغيراته، مما يدفع بتلك القضايا إلى مرتبة دنيا في قائمة أولويات بعض دول المنطقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار التقرير إلى وجود إشكال آخر يسهم في عدم حصول منطقة الشرق الأوسط على التمويل المناخي الكافي، والذي يتلخص في تباطؤ مشاركتها في اتفاق الأمم المتحدة الإطاري في شأن تغير المناخ والعمليات ذات الصلة، وكذلك عدم وجود الوثائق الرئيسة المتعلقة بالمناخ التي يتطلبها الاتفاق ذاته، مما يزيد تعقيد وضع المنطقة.
كما أن هناك معضلة مناخية تتمثل في أن البلدان التي تسعى إلى الحصول على مزيد من التمويل تحتاج إلى سجل حافل من طلبات التمويل من الصناديق الدولية للمناخ وتأمينه وتنفيذه، لكنها لا تفلح في بناء هذا السجل بسهولة، ولا سيما إن كانت دولاً هشة أو متأثرة بالصراعات السياسية، على رغم كونها أكثر الدول حاجة إلى هذا التمويل.
وعلى النقيض من ذلك فقد لفت التقرير إلى زيادة احتمال أن تحصل البلدان التي تتمتع بسجل حافل مع الصناديق الدولية على التمويل، إذ تنجح هذه البلدان في ذلك بفعل براعتها في وضع خطط الاستثمار وصياغة مقترحات التمويل والتواصل مع الوكالات ذات الصلة واستيفاء مؤشرات الأداء الرئيسة.
وأكد التقرير الحاجة الملحة إلى إعادة تقييم معايير منح التمويل بهدف إعطاء الأولوية للحالات الطارئة، إذ إن عملية تأمين تمويل المناخ لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تستغرق ما بين أربعة وخمسة أعوام للانتقال من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ، ليست مجدية أو فعالة.

كما يجد التقرير أن الحلول والأخطار المحددة ضمن طلب التمويل غالباً ما تكون متغيرة أو تم تجاوزها بحلول وقت تسلم التمويل، وإلى جانب هذا التأخير في تسلم التمويل تحظى الدول المتقدمة في ملف المناخ بأفضلية بسبب سجلاتها الواضحة وخبرتها، بينما تُهمش البلدان التي في أمسّ الحاجة وذات تجارب قليلة.
يذكر أن التمويل المناخي مصطلح يطلق على كل من الموارد المالية المخصصة لمعالجة تغير المناخ على الصعيد العالمي والتدفقات المالية إلى البلدان النامية لمساعدتها في التصدي لتغير المناخ، وهو التمويل الذي توجهه الكيانات الوطنية والإقليمية والدولية من أجل مشاريع وبرامج التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، وتشمل آليات الدعم الخاصة بالمناخ والمعونة المالية لأنشطة التخفيف والتكيف من أجل تحفيز وتمكين الانتقال إلى نمو وتنمية منخفضي الكربون، مع قدرة على التكيف مع تغير المناخ من خلال بناء القدرات والبحث والتطوير والتنمية الاقتصادية.

واستُخدم هذا المصطلح بالمعنى الضيق للإشارة إلى عمليات نقل الموارد العامة من البلدان المتقدمة إلى النامية في ضوء التزامات الأمم المتحدة المتعلقة بالاتفاق المناخي الخاص بتوفير موارد مالية جديدة وإضافية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات