Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محكمة كولورادو تمنح ترمب ما يريده تحديدا

الحكم الذي قضت به المحكمة بأن الرئيس الأميركي السابق غير مؤهل وفق الدستور لشغل منصب الرئيس من جديد، قد لا يروق لترمب، لكن سيلعب دور الضحية

لا أحد يعرف حقيقة ما الذي يدور في رأس ترمب (أ ب)

ملخص

سيحول ترمب القرار القضائي ضده في كولورادو إلى وقود لحشد أنصاره وخلق مزيد من الفوضى التي يعتاش عليها

فجأة، يبدو أننا تحولنا من التساؤل "إن كان ترمب قادراً على الفوز [بالانتخابات]؟" وبدأنا نطرح السؤال عما إذا كان "ترمب سيتمكن من الترشح" والعالم المتأزم يتابع فيما ترسانة الولايات المتحدة الأميركية من الديمقراطية ومدنها التي تشع أملاً للعالم، تتقوقع أكثر في تخبطها الداخلي من جديد.

إن القرار الذي أصدرته المحكمة العليا في ولاية كولورادو بأن ترمب هو غير أهل بحسب الدستور لشغل منصب الرئاسة من جديد، ولذلك فلا بد من أن يشطب اسمه من على بطاقات التصويت في الانتخابات التمهيدية، هو خطوة جريئة وبالغة الأهمية. إنه قرار جدلي قانونياً حول اعتبار ترمب متمرداً بموجب أحكام التعديل الـ14 للدستور.

التعديل الدستوري الذي اعتمد بعد الحرب الأهلية الأميركية واستهدف بشكل واضح أي طموح لدى الانفصاليين، وينص على: "منع أي شخص شارك في تمرد أو انتفاضة من أن يكون نائباً أو عضواً في مجلس الشيوخ أو عضواً في الهيئات الناخبة للرئيس، ونائب الرئيس، أو العمل في منصب رسمي سواء مدني أم عسكري" ويختم التعديل "لكن من صلاحية الكونغرس ومن خلال تصويت بأغلبية الثلثين في كل من مجلسي النواب والشيوخ، أن يزيل هذا العائق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الكونغرس الأميركي بالتأكيد لن يقوم بإزالة ذلك العائق، لكن المحكمة العليا، ومن خلال ثلاثة قضاة كان ترمب قد عينهم من أصل مجموع قضاتها التسعة، قد تقوم بذلك ربما.

وإذا أخذنا في الاعتبار أنه حتى اللحظة، لم يدن ترمب بتهمة التمرد في ما يتعلق بأحداث السادس من يناير (كانون الثاني)، فإن قضاة المحكمة العليا قد يقومون بنقض القرار الذي اتخذته كولورادو على ذلك الأساس أو لأسباب أخرى.

في الوقت الحالي، وإذا  نجا الحكم الذي أصدرته المحكمة في كولورادو، فإن من شأن ذلك أن يجعل أكثر صعوبة (إن لم نقل استحالة) على ترمب أن يصبح رئيساً من جديد بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستجري في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لكن ليس من شأن ذلك أن يقف عثرة أمامه.

لفترة من شأن ذلك أن يفقده من زخمه وربما بعض الأصوات الانتخابية مع انطلاق عمليات الانتخابات التمهيدية، فإن ترمب متقدم بدرجة كبيرة على مرشحي الحزب الجمهوري الآخرين، مما يجعل تأثير ولاية كولورادو وحدها قليل الأهمية في الواقع.  

وصحيح أنه قد يخسر عندما نصل إلى موسم الانتخابات أي فرصة بفوز بولاية كولورادو وأصواتها الـ10 المتواضعة في المجمع الانتخابي، وهي أصوات قد تكون مهمة للغاية في سباق متقارب، ولكن الخطر الأكبر يكمن في أن تقوم ولايات أخرى في الحذو مثال كولورادو، وهو ما من شأنه أن يجعل خوضه الانتخابات عملية عديمة الجدوى. إن ترمب متجه وبشكل واضح نحو استئناف القرار، وهو ما يشكل خطراً لأن المحكمة العليا قد تقوم في النهاية بمنعه عملياً من الترشح للانتخابات، أو شغل منصب الرئيس، أو الاثنين معاً.

لكن، وبالنسبة إلى ترمب، تبقى القضية رابحة كيفما انتهت إليه الأمور. فهذه هي الخصوصيات النادرة التي تميز هذا السياسي المتمرد، فأي تطور كان، في الإمكان تحويره ليصب في صالحه تقريباً، وإذا لم يحدث ذلك فإنه سيكون عذراً مفيداً لفشله في الفوز بترشيح الحزب.

على الرغم من أن التوقيت يصادف في زمن يتوق فيه الوطن الأميركي، وحتى العالم، إلى السلام والاستقرار، فإن القوة الأعظم على هذا الكوكب، أي أميركا، يمكنها مرة جديدة أن تغرق في جحيم "ترمبي".

كيف؟ حسناً، إذا ألغي الحكم الذي أصدرته محكمة كولورادو، فإنه سيتمكن حينها من ادعاء تحقيق الثأر، وخوض الانتخابات. وإذا  قامت المحكمة العليا عملياً بمنعه من الترشح للانتخابات، في حينه سيتوفر لديه ولقاعدة جماهيره أكثر من عذر مقبول لعدم الفوز وسيعتبرون ذلك مجدداً "مؤامرة كبيرة" تهدد إرادة الشعب.

سيكون الأمر بشعاً وبشكل مثير للسخرية، قد ينتج عنه محاولة جديدة للتمرد. ويمكنكم أن تتساءلوا عن وجه حق، كيف سينظر كل من الكرملين، وبكين، وملالي إيران و"حماس" إلى قيام النظام السياسي الأميركي بتسميم نفسه، وشل حركته بهذا الشكل مجدداً.

كنا قد تعلمنا درساً خلال العقد الماضي من الزمن تقريباً، وهو أنه لا أحد يعرف حقيقة ما الذي يدور في رأس ترمب- وربما هو نفسه لا يعرف أيضاً. ويمكن لذلك أن يتغير من أسبوع لآخر، ومن لحظة إلى أخرى، إذ يبدو أن هناك تقارير موثقة جيداً، بأنه لم يكن يتوقع كما لم يكن راغباً تحديداً بالفوز على هيلاري كلينتون عام 2016، وكان يهدف فقط إلى استخدام حملته الانتخابية في تعزيز مكانته الشخصية، وأعماله التجارية وكي يرضي غروره.

من المؤكد أنه كان متمرداً عام 2020، وربما علم أنه خسر الانتخابات، ولكنه ربما قام بإقناع نفسه، كما يمكن لبعض الناس أن يفعلوا، بأن العكس صحيح. وهو لديه القدرة في ذهنه على أن يقول الشيء ونقيضه في أي وقت، وأن يعتبر الأمرين مشروعين وحقيقيين – وهي خاصية نادرة لكن مفيدة للمحامين المترافعين والسياسيين. وترمب لديه ميل عام للجوء إلى الخيال عندما تكون وقائع الأمور بغيضة بالنسبة إليه.

في كلام آخر، وعلى الرغم من من الجهد الذي يبذل في حملته الانتخابية، فإنه يمكن أن يكون بصدد خوض السباق حالياً، فقط من أجل تأجيل البت بالقضايا القانونية عديدة التي يواجهها. وهو ربما سيود أن يفوز في الانتخابات لتلك الغاية، وأكثر من أي سبب آخر ولكن أي عذر جاهز لتبرير الفشل هو أمر مرحب به دائماً.

إن قرار المحكمة في ولاية كولورادو قد لا يكون مرضياً بالنسبة إليه، ولكن سيمكنه أن يلعب دور الضحية، وأن يعمل على استخدام القرار الذي اتخذ ضده كسلاح للتأثير في قاعدة مؤيديه- ـوأن يستخدمه مرة جديدة وبطريقة مختلفة، لزيادة اللغط في شأن التفاصيل القانونية المعقدة التي يجد نفسه عالقا فيها. إن الفوضى تناسبه تماماً.

في كل الأحوال، من جدير الملاحظة أن أفضل شيء -بالنسبة إلى أميركا والعالم- هو إذا بدأ ترمب في التراجع لمصلحة مرشح آخر ذي ثقة، ومرشح سيمكنه أن ينتزع ترشيح الحزب الجمهوري منه: إنها نيكي هايلي. إن من شأن ذلك أن ينهي كابوس ترمب أخيراً. وإذا استبعدنا المتطرفين المؤيدين لترمب، فإن الحزب الجمهوري يعلم، ولكنه يخاف الاعتراف، بأن ترمب هو شخص بالبرهان القاطع خاسر، ويبقى المرشح الجمهوري الوحيد الذي سيمكن لبايدن أن يهزمه في نوفمبر المقبل.

عاجلاً أم آجلاً، ذلك الاعتبار لا بد من أن يبدأ في تغيير بعض الآراء. قد يبدو الأمر أشبه بالمستحيل حالياً، لكن الأشهر القليلة المقبلة قد تكشف عن كونها بالغة الأهمية -إن لم نقل ثورية- بالنسبة للحزب الجمهوري.. ولن يكون ذلك مقتصراً على ولاية كولورادو وحدها.

© The Independent

المزيد من آراء