Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران والانتخابات: النظام أولا (8)

معارضة البيت الواحد تكمل سيناريو المحافظين لضمانات الولاء للمرشد الأعلى

المرشد الإيراني علي خامنئي يدلي بصوته في انتخابات سابقة (أ ف ب)

ملخص

 يسابق النظام الإيراني الزمن لهندسة انتخابات الربيع عبر مجموعة من الإجراءات لتنظيف صفوف التيار المحافظ.

أنهت مؤسسات النظام الإيراني وأجهزته مهمتها في التمهيد للمرحلة الجديدة من الانتخابات البرلمانية، بعد أن وضعت المحددات والشروط لمن يحق له المشاركة فيها، ومجموعة الشروط يمكن تلخصيها في مجموعة نقاط هي:

 تصفية الأسماء المرشحة على مرحلتين، الأولى من قبل وزارة الداخلية والثانية النهائية من قبل مجلس صيانة الدستور.

 منح مجلس صيانة الدستور إسقاط أهلية وإنهاء نيابة أي من النواب إذا خرج عن الطاعة حتى بعد انتخابه وبدء ممارسة مهمته النيابية.

 اعتماد مبدأ اختيار المرشحين الأكثر إطاعة وطواعية للنظام المرشد والدولة العميقة.

 عدم السماح أو إعطاء الفرصة لأي من الأصوات الخارجة عن إرادة النظام بالوصول أو خرق الانتخابات.

 استبعاد كل النواب خلال الدورة الحالية (2019) الذي شكلوا حالاً اعتراضية أو وجهوا انتقادات لحكومة إبراهيم رئيسي.

وهذه الإجراءات والمحددات الاستباقية التي وضعتها منظومة السلطة جاءت لتنظيف صفوفهم في التيار المحافظ، وقطع الطريق على أية مفاجآت محتملة، إلا أن الحاجة لا تزال قائمة لدى هذه المنظومة لإضفاء حال من الصراع الديمقراطي على العملية الانتخابية، بخاصة بعد أن عملت على استبعاد كل الأطراف الأخرى من إصلاحيين ومعتدلين ومدنيين من التفكير بالمشاركة، وليس فقط في استخدام أدواتها القانونية والدستورية لأقصائهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحتى لا تكون انتخابات تزكية من داخل البيت الواحد يمكن القول إن النظام ومنظومة السلطة اخترعا ما يمكن تسميتها "صراعات سياسية بين توجهين، ليسا مختلفين في الانتماء الأيديولوجي بل يأتيان من الاتجاه الواحد والبيت الواحد"، فخلال الأشهر الماضية وحتى موعد الانتخابات مطلع مارس (آذار) المقبل، احتدم وسيحتدم الجدل والصراع والحملات الانتخابية وحتى الدعاية السلبية بين جناحين من التيار المحافظ، هما "الجناح التقليدي" الذي انضوى تحت مسمى "جبهة تحالف القوى المحافظة" الذي يترأسه غلام علي حداد عادل، وجناح "جماعة ثابتون" الذي يترأسه حالياً صادق محصولي، وزير داخلية أول حكومة لمحمود أحمدي نجاد، ويضم في صفوفه كل المحافظين الجدد مثل سعيد جليلي ومساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية وكبير المفاوضين في الملف النووي علي باقري كني.

اختراع أو اختلاق هذه التعددية المدروسة من داخل البيت الواحد يكشف حجم الإرباك والتحدي الذي يعيشه النظام والسلطة في الحفاظ على الشكل الديمقراطي للانتخابات، علاوة على أن التحدي الأساس الذي ستواجهه الانتخابات هو العزوف الشعبي الكبير والواسع عن المشاركة، وبالتالي فإنها ومن أجل التعويض عن تراجع المشاركة التي ستكون محصورة بالشرائح الموالية والمستفيدة من النظام وأجهزته ولها مصالح مع الطبقة الحاكمة، فإن كل الجهود التي تبذلها منظومة السلطة في هذه المرحلة هي صناعة مشاركة واسعة من داخل هذه الشرائح، إذ تسمح لها بالحديث عن الحجم الكبير من التأييد الذي لا يزال يتمتع به بين الشعب الإيراني.

ومن خلال الأداء الذي بدأ يتضح عبر الآلية التي اعتمدتها وزارة الداخلية في التعامل مع طلبات المرشحين، وما هو متوقع من مجلس صيانة الدستور باستكمال عملية الاستبعاد لمن يقع في دائرة الشك وغير موثوق بولائه للنظام، حتى وإن كان من داخل التيار المحافظ، فإنه لا شك في أن النظام وأجهزته لا يبديان حرصاً للعمل على توفير الأرضية التي تساعد في حصول مشاركة شعبية واسعة، فهما لم يتخذا أية خطوة توحي بوجود مثل هذه الرغبة، فالنظام ومن خلال قراءة نتائج الانتخابات السابقة خلال العقود الثلاثة الأخيرة يرى أن أية مشاركة شعبية واسعة لن تكون لمصلحته ومصلحة مشروعه، وأن هذه التجارب أثبتت أنه في كل انتخابات شهدت إقبالاً شعبياً على صناديق الاقتراع جاءت لغير مصلحة مرشحيه وصبت في مصلحة الطرف المعارض، وبالتالي فهو حريص على عدم حصول مثل هذه المشاركة الواسعة، حتى وإن كان الكلام الرسمي الصادر عن المرشد وجميع مسؤولي النظام والأجهزة بضرورة المشاركة الحماسية، وقد يكون المقصود من هذا الخطاب هو الشرائح الموالية وليس المعارضة.

وبغض النظر عمن سيشارك في هذه الانتخابات من عدمها فإن عاملاً أكثر فاعلية سيكون مؤثراً في هذه المشاركة، بالمستوى نفسه وإن لم يكن أكثر، وهو العامل الاقتصادي وما خلفته سياسات النظام والدولة الاقتصادية من تفاقم الأزمات التي طاولت جميع الإيرانيين، وبالتالي فهي أزمة لم تلحق بالشرائح المعارضة، بل لحقت آثارها بالمؤيدين للنظام أيضاً، وقد تكون دافعاً لهؤلاء إلى عدم إبداء الرغبة في المشاركة.

من ناحية أخرى، وفي ظل غياب التعددية السياسية الممثلة للتنوع في المجتمع الإيراني عن هذه الانتخابات، ظهرت الحاجة لدى منظومة السلطة وأجهزتها إلى خلق أجواء تنافسية وهندسة معركة انتخابية وبرامج سياسية وانتخابية من داخل البيت المحافظ، مما يعني أن النظام أدرك عمق الأزمة التي تعانيها العملية الانتخابية وآثارها السلبية على مشروعية التمثيل.

وعوداً على بدء فقد سعى النظام الإسلامي إلى اختراع معركة انتخابية بين جناحي التيار المحافظ، "الثابتون" كتشكيل فكري وسياسي صلب وبأهداف أكثر راديكالية، في مقابل تحالف "المحافظين" التقليديين المتشكل من أحزاب وتوجهات مختلفة ومتخالفة، إلا أن كلاهما يعمل تحت سقف مصلحة النظام والحكومة الإسلامية، وملتزم بتوجيهات المرشد الأعلى لتحقيق الأهداف العليا ومصالح النظام الإسلامي السياسية والأيديولوجية، وكل ذلك يعيد للواجهة تجربة الثنائية الحزبية التي سعى وحاول الشاه السابق محمد رضا بهلوي اختراعها في الحياة السياسية الحزبية، والتي استخدمها لإضفاء صورة ديمقراطية على الانتخابات التي كان يتولى هندستها وهندسة نتائجها قبل إجرائها.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل