ملخص
على الرئيس بايدن ألا يفرط بأصوات الناخبين العاملين على يمين حزبه لأن أصوات الطلاب المحتجين لن تسمح له بالفوز في الأحوال كافة
بينما كان هيوبرت همفري يستعد لصعود منصة المدرج الدولي في شيكاغو في الساعة 10 مساء. في الـ29 من أغسطس (آب) 1968، لإلقاء خطاب قبول ترشيح الحزب الديمقراطي لمنصب الرئيس، قطعت شبكات التلفزيون بثها للمؤتمر لتتابع رجال الحرس الوطني في سيارات الجيب المدرعة وهم يطلقون الغاز المسيل للدموع ويلوحون بهراواتهم على المتظاهرين احتجاجاً على حرب فيتنام في المدينة.
كان المؤتمر الديمقراطي كارثة لـ همفري، وعلى الأمة التي تركها أكثر استقطاباً من أي وقت مضى. وكان المستفيد الوحيد هو المرشح الجمهوري ريتشارد نيكسون.
في مقالة له في "وول ستريت جورنال"، يرى جيمس تراوب أن الديمقراطيين سيعيدون تجربة تلك الدراما، مع الرئيس بايدن في دور همفري، وتكرر مشهد المتظاهرين المناهضين للحرب (في غزة هذه المرة) والمؤتمر الديمقراطي المزمع عقده في شيكاغو.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى تراوب أن همفري، بصفته نائب رئيس ليندون جونسون، كان عاجزاً عن إنهاء حرب فيتنام، في حين أن الرئيس بايدن لديه وسائل ضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة أو في الأقل الحد من العنف. ولكن إذا فشل، فسيكون لدى الديمقراطيين سبب وجيه للقلق في شأن تكرر ما حدث عام 1968 ولسؤال أنفسهم عما يمكنهم فعله للتخفيف من الأسوأ.
وكانت العبرة الشائعة من أحداث عام 1968، أن همفري خسر أمام نيكسون لأنه لم يجد الشجاعة اللازمة للتوقف عن دعم جونسون للحرب التي عارضها غالبية الأميركيين. وعلى حد قول تراوب "في الأسابيع التي سبقت المؤتمر، طلب مستشارو همفري المحافظون منه أن يلتزم بخط الرئيس في شأن فيتنام وأن يتعامل بشدة مع الاحتجاجات في الشوارع. رفض همفري القيام بذلك، ليس فقط لأنه كان ليكون أمراً ساخراً، ولكن لأنه لن يحل معضلته: فبينما كان بحاجة إلى الاحتفاظ بالأصوات إلى يمينه، لم يكن بإمكانه تحمل خسارة الطاقة والمثالية إلى يساره. عرف همفري أنه من دون الناشطين والحشد المناهض للحرب سيكون مجرد مرشح حزب الاتحادات العمالية الكبيرة وزعماء الحزب".
ويشبه تراوب الحالة هذه بالمعضلة التي يعيشها الآن ليبرالي معتدل آخر في عصر التطرف، أي الرئيس بايدن. ويقول "يخسر بايدن الدعم أيضاً من جناحي حزبه، لكنه أكثر عرضة لخسارة أصوات الناخبين غير الحاصلين على تعليم جامعي على يمين الحزب. وهو أيضاً متهم بالتسبب في حرب لا تحظى بشعبية، ومع ذلك، مثل همفري، فهو متردد في إجراء قطيعة حادة سواء كمسألة اقتناع شخصي أو كحسابات سياسية، لأن كثيراً من الأميركيين الذين ليسوا شباباً وغير ليبراليين يدعمون في الواقع الحرب. لكن الحزب الديمقراطي من دون جناحه التقدمي ليس أصغر حجماً فحسب، بل إنه أكثر ضعفاً مما يشعر به الآن".
ويرى تراوب أن طريق بايدن ضيق ووعر للغاية، لافتاً إلى أنه "حتى لو هدأت الحرب في الشرق الأوسط بحلول هذا الصيف، فمن المرجح أن يخرج التقدميون الشباب، الذين احتشدوا بالفعل حول قضايا العرق والجريمة والخطاب في الحرم الجامعي، إلى الشوارع، وسيكون هدفهم هو الرئيس، وليس منافسه الجمهوري. سيستغل دونالد ترمب أي تشنجات كدليل إضافي على أن أميركا في ظل الحكم الديمقراطي تذوب في الفوضى".
وفي الواقع، إذا تجمع آلاف من المتظاهرين في شيكاغو، فسيتعين على فريق بايدن أن يعاملهم باحترام من دون السماح لهم بتصدر المشهد. لكن من الأفضل لبايدن نفسه أن يقوم بلفتة شخصية، سواء من خلال الاجتماع مع الناشطين أم من خلال توفير وقت في المؤتمر لمنتقدي سياسته الخارجية.
وختاماً، يرى تراوب أن الدرس المستفاد من عام 1968 هو أنه في حين أن الحراك الحاشد هو على اليسار، فإن الأصوات المطلوبة هي على اليمين. لقد حقق بايدن أصوات تأييد غير عادية منذ عام 2020 بين خريجي الجامعات، ولكن ليس هناك ما يكفي منهم لجعله رئيساً في عام 2024. ويجب عليه أن يوقف الخسائر التي يتكبدها بين الناخبين من الطبقة العاملة، بما في ذلك السود ومن الأصول اللاتينية، الذين ينفرون من جزء كبير من الأجندة التقدمية - أو في الأقل ما يعتبرونه الأجندة التقدمية – في شأن الشرطة والهجرة والجنس والبيئة. وهذا يعني تجاهل المستشارين الذين يطلبون منه أن ينحو يساراً.