Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

7 ملفات اقتصادية "شائكة" في مصر تنتظر جراحة عاجلة

التعويم وأسعار صرف الدولار يتصدران القائمة وسط فجوة تمويل وتضخم مرتفع والتزامات خارجية كبيرة

مصر أمام التزامات خارجية ضخمة تصل إلى 42.3 مليار دولار مستحقة في 2024 (اندبندنت عربية)

بعد إعلان فوز الرئيس المصري الحالي عبدالفتاح السيسي بولاية جديدة، تجدد الحديث عن الملفات الاقتصادية الشائكة التي تحتاج إلى إجراءات عاجلة، فيما ذهب بعض المحللين إلى ضرورة إجراء تعديل وزاري، شدد آخرون على أن هناك سبعة ملفات اقتصادية شائكة يتصدرها شح الدولار وأسعار الصرف.

إلى ذلك تسبب شح الدولار في ارتفاع أسعار الصرف بنسب قياسية خصوصاً بعد خفض البنك المركزي المصري قيمة الجنيه في مارس (آذار) من العام الماضي، إذ تبع ذلك موجة من ارتفاعات قياسية في أسعار جميع السلع والخدمات، إضافة إلى ذلك، يعد ملف الديون والالتزامات الخارجية من أبرز الملفات التي في حاجة إلى حلول عاجلة، خصوصاً أن المستحقات الخارجية على مصر تتجاوز نحو 42 مليار دولار خلال عام 2024.

وعلى رغم اتجاه الحكومة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية سواء عبر برنامج الطروحات وتنفيذ وثيقة ملكية الدولة، لكن السوق في حاجة إلى مزيد من الحوافز والتسهيلات والرقابة، وفق ما أكده المتخصص في الشأن الاقتصادي الدكتور هاني توفيق، إذ شدد في حديثه لـ"اندبندنت عربية" إلى حاجة الاقتصاد المصري إلى إعادة هيكلة، خصوصاً ما يتعلق بمحفزات وجذب الاستثمار الأجنبي.

وقال إنه لا يمكن الحديث عن أي تعويم للجنيه المصري (خفض قيمة العملة المحلية) في الوقت الحالي، مشيراً إلى أنه لا يمكن فصل التعويم أو تحرير سوق الصرف من دون القيام بإصلاحات هيكلية كاملة تتضمن تخارج الدولة وانسحاب الحكومة من منافسة القطاع الخاص، يضاف إلى ذلك ضرورة مد آجال الديون الخارجية والداخلية وإزالة معوقات الاستثمار وتجاوز الروتين والبيروقراطية، مستدركاً "لكن لا يمكن في الوقت الحالي وفي ظل هذه الظروف أن نتحدث عن أي تعويم سواء كامل أو مدار".

ضرورة التحول إلى نظام صرف أكثر مرونة

وفيما لا يدور أي حديث على المستوى الرسمي في شأن التعويم المرتقب للجنيه المصري، لكن شهدت السوق الموازية حالاً من النشاط، وكان سعر صرف الدولار قد تراجع في السوق الموازية إلى مستوى 46 جنيهاً، قبل أن يعاود الارتفاع مرة أخرى لمستوى أعلى من 50 جنيهاً في التعاملات الأخيرة.

وفي مذكرة بحثية حديثة، توقعت مؤسسة "موديز" خفضاً جديداً لقيمة الجنيه المصري مع اتجاه الحكومة إلى تطبيق نظام مرن لسعر الصرف بأسلوب تدرجي، وهو ما سيؤدي إلى بقاء متوسط التضخم فوق 24 في المئة خلال العام المقبل وأسعار فائدة مرتفعة.

وذكر محللو المؤسسة الدولية أن "مشكلات مصر الاقتصادية ناجمة عن تحديات هيكلية مستمرة منذ فترة طويلة مثل انعدام الأمن الغذائي والزيادة السكانية الكبيرة والاختلالات المالية والخارجية"، مشيرة إلى أن العجز في كل من الموازنة وميزان المعاملات الجارية تسبباً في تنامي الدين العام والخارجي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم استقرار أسعار صرف الدولار في السوق الرسمية في مصر، إلا أن "موديز" رجحت أن يسجل سعر صرف الدولار مستوى 45 جنيهاً خلال الربع الأول من 2024.

في غضون ذلك تشير تقديرات بنك "إتش أس بي سي"، إلى خفض سعر صرف الجنيه المصري إلى مستوى بين 40 و45 جنيهاً للدولار خلال الربع الأول من 2024، في مقابل توقعاته السابقة التي كانت تتراوح بين 35 إلى 40 جنيهاً، مشيراً إلى أن سعر صرف الجنيه في مصر مستقر منذ أشهر في التعاملات الرسمية عند 30.9 جنيه لكل دولار، بعد خفض قيمة العملة ثلاث مرات منذ مارس 2022، في حين أن سعره في السوق السوداء سجل مستوى 50 جنيهاً للدولار.

وأكد التقرير أن تعديل سعر صرف الجنيه المصري يأتي كجزء من التحول نحو نظام صرف أكثر مرونة، ويسهل إنجاز المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح المدعوم من صندوق النقد الدولي.

فجوة تمويل وتضخم مرتفع والتزامات خارجية ضخمة

على صعيد التضخم وقبل أيام، أظهرت بيانات البنك المركزي المصري تراجع معدل التضخم الأساسي الذي يستثني الوقود وبعض المواد الغذائية المتقبلة، إلى 35.9 في المئة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من 38.1 في المئة خلال أكتوبر (تشرين الأول)، بينما كان متوسط توقعات ستة من المحللين الذين استطلعت آراءهم يرجح تباطؤ المعدل إلى 37.2 في المئة.

وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أعلن أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 34.6 في المئة في نوفمبر الماضي مقارنة مع 35.8 في المئة في أكتوبر2023، وتراجع معدل التضخم مدعوماً بتباطؤ زيادة أسعار المواد الغذائية.

وفي ما يتعلق بفجوة التمويل، رجح بنك "غولدمان ساكس" أن تواجه مصر فجوة تمويل متراكمة من النقد الأجنبي تبلغ نحو 11 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة بنهاية العام المالي 2027-2028، لكن قبل أيام كشف معهد التمويل الدولي عن أن مصر أمام فجوة تمويلية بقيمة 7 مليارات دولار قبل منتصف العام المقبل.

على صعيد الديون الخارجية التي تجاوزت نحو 165 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام الحالي، تشير البيانات الرسمية إلى أن الحكومة المصرية تواجه سداد التزامات وأقساط ديون خارجية تقدر بنحو 42.3 مليار دولار خلال العام المقبل.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن وزير المالية المصري محمد معيط أن بلاده تمكنت من سداد نحو 25.5 مليار دولار فوائد وأقساط ديون في النصف الأول من العام الحالي، موضحاً أن بلاده سددت بصورة إجمالية 52 مليار دولار من أقساط وفوائد التمويلات المستحقة عليها، خلال العامين الماليين 2021/2022 و2022/2023، مضيفاً أنهما "أكثر عامين مر فيهما العالم بتحديات اقتصادية"، مشيراً إلى أن هذه القيم المسددة تأتي فضلاً عن 22 إلى 23 مليار دولار من الاستثمارات قصيرة الأجل التي خرجت من مصر خلال الأعوام الماضية.

في تلك الأثناء تشير البيانات الواردة في تقرير حديث للبنك المركزي المصري، إلى أن التوقعات ترجح وجود التزامات خارجية تقدر بنحو 42.3 مليار دولار خلال العام 2024، إذ سيتعين على مصر سداد نحو 32.8 مليار دولار بما يعادل نحو 20 في المئة من إجمالي الديون الخارجية للبلاد، ديون متوسطة وطويلة الأجل مستحقة خلال 2024.

ويمثل هذا زيادة قدرها 3.6 مليار دولار عن تقديرات البنك في سبتمبر الماضي، وهو ما يرفع إجمالي الديون المتوسطة والطويلة الأجل المستحقة على البلاد إلى 29.2 مليار دولار العام المقبل.

أيضاً، سيتعين على مصر سداد نحو 9.5 مليار دولار أخرى من أقساط الديون والفوائد قصيرة الأجل خلال النصف الأول من 2024، إذ من المقرر سداد الجزء الأكبر من تلك الديون خلال شهري فبراير (شباط) ومارس من العام المقبل، فيما سجل الدين الخارجي لمصر نحو 164.7 مليار دولار بنهاية العام المالي الماضي، بانخفاض عن 165.4 مليار دولار في مارس الماضي، لكنه لا يزال أعلى بنحو 9 مليارات دولار من الرقم المسجل بنهاية العام المالي 2022/2021.

استراتيجية لتقليص حجم الواردات المصرية

من جانبه يرى المتخصص في الشأن الاقتصادي نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية أشرف غراب، أن من الملفات الاقتصادية المطروحة على أجندة الرئيس من أجل بناء الجمهورية الجديدة هو استكمال المشاريع القومية التنموية العملاقة منها المشاريع الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والسلع الاستراتيجية لتقليل حجم الواردات، ومنها المشاريع الصناعية لتعظيم الصناعة الوطنية واستكمال تعميق المنتج المحلي وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية للدولة وفقاً لوثيقة سياسة ملكية الدولة ليصل نسبة مشاركته إلى 65 في المئة، إضافة إلى زيادة دعم وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر التي تمثل نهضة اقتصادات الدول الكبرى كالصين وغيرهاوالتي تسهم في زيادة نسبة وحجم الصادرات وتقليل حجم الواردات وعلاج عجز الميزان التجاري.

وأضاف أن "من الملفات المهمة خفض معدل التضخم الذي بدأ في التراجع خلال الشهرين الماضيين، إضافة إلى تفعيل جهاز الرقابة على الأسواق لضبط الأسعار، إضافة إلى تحسين وضع العملة المحلية وحمايتها من التعويم، ومعالجة نقص العملة الصعبة لأن أزمة الدولار تعد التحدي الأول أمام أية حكومة لأن العملة الصعبة هي الأساس في استيراد مستلزمات وخامات الإنتاج والإفراج عن البضائع بالموانئ".

وأكد أن التقارير تشير إلى أن هناك أكثر من 10 مليارات دولار ستضخ في مصر خلال الفترة المقبلة، من خلال برنامج الطروحات الحكومية وصندوق النقد الدولي، إضافة إلى بدء دخول مصر كعضو رسمي في تجمع "بريكس"، الذي يقلل من الضغط على العملة الصعبة في تنفيذ المعاملات التجارية بين مصر ودول التجمع بالعملات المحلية وليس بالدولار.

ومن الملفات المهمة أيضاً قال غراب إنها ضرورة الاستفادة من موقع مصر الجغرافي والاستراتيجي وما بها من مناطق اقتصادية كالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وذلك لجذب الاستثمارات الأجنبية لتوفير السيولة الدولارية وتخفيف الضغط على العملة المحلية، متوقعاً زيادة الاستثمارات الأجنبية والخليجية في مصر خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى زيادة نسبة وعدد المشاريع كثيفة العمالة للقضاء على البطالة وزيادة معدلات التشغيل، إضافة إلى دعم القطاع السياحي وزيادة معدل النمو الاقتصادي، إضافة إلى سداد التزامات مصر الخارجية خلال السنوات المقبلة.

وتابع غراب "من المهم زيادة الشراكة بين مصر ودول القارة السمراء لتحقيق التكامل الاقتصادي الأفريقي وتعزيز التعاون الأفريقي وزيادة معدل التبادل التجاري بين مصر ودول القارة، وإقامة مشاريع تنموية مشتركة، وتعزيز البنية التحتية بما يخدم التعاون بين دول حوض النيل كافة، إضافة إلى استكمال النجاحات في مجال أمن الطاقة من أجل تحويل مصر لمركز إقليمي للطاقة، والاستفادة من موقع مصر الجغرافي وقناة السويس".