Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العنف المسلح يلقي بظلاله على الانتخابات الباكستانية

تواجه أجهزة الأمن معضلة كبرى وسط تحالف الجماعات والتنظيمات الإرهابية وتردي الوضع الاقتصادي

مدير انتخابات بلوشستان يدرب الموظفين على إدارة الانتخابات العامة (أ ف ب)

ملخص

تتسارع وتيرة أعمال العنف في باكستان مع اقتراب موعد الانتخابات العامة إذ تتزايد الهجمات الإرهابية في مناطق مختلفة لا سيما التي تشارك حدودها مع أفغانستان... فما السبب؟

تتسارع وتيرة أعمال العنف في باكستان مع اقتراب موعد الانتخابات العامة وتتزايد الهجمات الإرهابية في مناطق مختلفة لا سيما في إقليمي خيبربختونخوا وبلوشستان اللذين يشاركان حدودهما مع أفغانستان.

مدينة ديرة غازي خان الواقعة قرب المناطق الحدودية كانت آخر أهداف العمليات الإرهابية، إذ لقي 23 عسكرياً باكستانياً حتفهم في محاولة اقتحام ثكنة عسكرية واستهدافها بهجوم انتحاري من قبل فصيل تابع لحركة "طالبان باكستان".

هذه الهجمات تأتي ضمن سلسلة أعمال عنف متزايدة شهدتها باكستان خلال هذا العام، الذي يعد من بين أكثر الأعوام دموية لقوات الأمن الباكستانية التي تواجه الجماعات الإرهابية، إذ باتت تستهدف بشكل يومي تقريباً.

تشير الأرقام إلى أن 386 عسكرياً من بين أكثر من 1100 قتيل راحوا ضحية الأعمال الإرهابية خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، مما يعني زيادة بنسبة 19 في المئة مقارنة بعدد الضحايا في الفترة المماثلة من العام الماضي والأكثر على مدى الأعوام الثمانية الماضية.

تشكل هذه الأرقام تهديداً للانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها بعد ثمانية أسابيع تقريباً في الثامن من فبراير (شباط) 2024، لا سيما في إقليمي خيبربختونخوا وبلوشستان اللذين شهدا زيادة واضحة في العمليات الإرهابية والهجمات المسلحة ووقعت فيهما 92 في المئة من إجمالي الوفيات خلال هذا العام، مما جعل وزير الداخلية الموقت السابق سارفراز بوغتي يحذر من أخطار هجمات المسلحين على التجمعات الانتخابية في كلتا المقاطعتين.

وعلى رغم أن حركة "طالبان" باكستان كانت متورطة في معظم هذه الهجمات فإن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو تزايد حضور وأنشطة "داعش" في خراسان، إذ تزيد موجة الهجمات الأخيرة التي نفذها التنظيم من التحديات الأمنية التي تواجه باكستان، وتظهر الهجمات الأخيرة على المنشآت الأمنية أنه مشغول بزيادة قدرته على تنفيذ عمليات واسعة النطاق في مواقع تخضع لحراسة مشددة.

في المقابل، هاجم مسلحون من حركة "طالبان باكستان" الشهر الماضي قاعدة جوية في مدينة ميانوالي وسط باكستان، مما أدى بحسب البيان الرسمي إلى وقوع أضرار في ثلاث طائرات حربية وناقلة نفط فيما قتل تسعة إرهابيين على أيدي قوات الأمن الباكستانية، وهذا الهجوم يظهر أن الهجمات الإرهابية ليست مقتصرة على الأقاليم الحدودية بل اتسعت لتشمل المناطق الحساسة ذات الأهمية الأمنية في بنجاب أيضاً.

أفغانستان وتهديد باكستان

تزايدت التحديات الأمنية التي تواجه باكستان بعد أن رفضت حكومة "طالبان" في أفغانستان اتخاذ إجراء ضد ملاذات الحركة الباكستانية على أراضيها، مما أدى إلى تزايد الهجمات عبر الحدود في المناطق الحدودية بشكل ملحوظ لا سيما حوادث العنف التي يرتكبها المسلحون هذا العام، إذ تكبدت قوات الأمن الباكستانية نتيجة لهذه الهجمات خسائر فادحة، فيما توحي وتيرة العمليات وشدتها بأن الجماعات المسلحة أعلنت الحرب على باكستان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إضافة إلى ذلك، الأمر الأكثر إثارة للقلق لإسلام آباد هو أن حركة "طالبان" الأفغانية تدعم أيضاً الحركة الباكستانية في بعض الهجمات داخل باكستان، وفي وقت سابق من هذا العام كانت هناك أدلة على تورطهم في هجوم على نقطة تفتيش لقوات الأمن في منطقة زوب في بلوشستان الذي يعد أحد أكثر الهجمات دموية في السنوات الأخيرة.

وبسبب هذا الهجوم ومزاعم أخرى، قررت باكستان ترحيل اللاجئين الأفغان غير المسجلين من البلاد، وغادر منذ ذلك الحين أكثر من 400 ألف أفغاني لكن لا يزال هناك مليون لاجئ غير شرعي في باكستان.

وفي حين أن مثل هذه الإجراءات الأحادية قد تؤثر في علاقات باكستان مع أفغانستان، إلا أنه لا يوجد دليل على أنها ساعدت على الحد من العنف على أيدي المسلحين بل كانت هناك زيادة ملحوظة في التشدد في البلاد.

دور "داعش" وزيادة التعقيدات

العام الحالي كان من بين الأكثر دموية، وسجلت فيه أكبر عدد من الوفيات في قوات الأمن خلال الأعوام الثمانية الماضية، كما يعتقد أن "داعش" الذي يعرف بهذا النوع من أعمال العنف كان متورطاً في بعض الهجمات، إحداها كانت في يوليو (تموز) الماضي التي راح ضحيتها 54 شخصاً وتبنى التنظيم الهجوم على مسيرة سياسية لجمعية علماء إسلام في مدينة باجور الحدودية التي تعتبر معقل حركة "طالبان باكستان" وتنظيم "داعش" منذ وقت طويل.

من جانب آخر، هناك أيضاً تقارير عن تحالفات استراتيجية بين بعض الجماعات الانفصالية البلوشية وتنظيم "داعش خراسان" من جهة، وتحالف بعض فصائل حركة "طالبان باكستان" والتنظيم من جهة أخرى، وهذه التحالفات بين مختلف الجماعات المسلحة تجعل الوضع أكثر تعقيداً وصعوبة بالنسبة إلى الأجهزة الأمنية الباكستانية.

ويثير الوضع الراهن تساؤلات حول استراتيجية إسلام آباد لمكافحة الإرهاب التي يبدو أنها تواجه معضلة مع استمرار ونمو أنشطة المسلحين بمختلف أنواعهم، إذ تظهر موجة العنف الأخيرة عجز الأجهزة الأمنية الباكستانية عن التعامل مع التهديد المتزايد الذي يشكله المسلحون، الذين يستفيدون أيضاً من الوضع الاقتصادي المتردي وتزايد عدم الاستقرار السياسي وعدم اليقين في البلاد.

هناك حاجة ملحة إلى استراتيجية فعالة ومستدامة لمكافحة الإرهاب قادرة على القضاء على العناصر المسلحة التي تشكل تهديداً لأمن البلاد والعملية الانتخابية، إذ كشفت الموجة الأخيرة من الأعمال القتالية مرة أخرى عن عدم وجود سياسة متماسكة في هذا الصدد.

نقلاً عن اندبندنت أوردو

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير