الماريجوانا والقنب المهجَّن والهايدرو والأكستازي والكبتاجون، أسماءٌ باتت تتكرر كثيراً في وسائل الإعلام الفلسطينية وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، وهي أنواع مخدرات ضُبطت مرات عدة بالأراضي الفلسطينية، إمَّا في مشاتل مجهزة بشكل حديث وبآخر المعدات وتقنيات الريّ، وقد تكون هذه المشاتل في كهوف أو آبار مياه، وإمَّا في منازل مواطنين، مسكونةً كانت أم مهجورة.
قبل أسبوع تحرَّكت قوةٌ من الشرطة للقبض على أشخاصٍ بتهمة الاعتداء على آخرين، لكن العمليَّة انتهت بضبط أكثر من 31 كيلوغراماً من المخدرات في منزل أحدهم الذي بناه على شكل حظيرة أغنام للتمويه، وضُبط ما يقارب 93 ألف دولار، والقبض على 3 مشتبه بهم في هذه القضية، من بينهم سيدةٌ.
تجارة المخدرات سجَّلت ازدياداً
هذه ليست المرة الأولى التي تُضبط فيها كميَّة من المخدرات، فمنذ بداية العام الحالي سجَّلت الشرطة 910 قضايا، قبضت فيها على 1067 شخصاً متهمين إمَّا بتعاطي المخدرات، وإمَّا بزراعتها وبيعها، وإمَّا المساهمة في تصنيعها، وشكَّلت النساء 1% منهم، كما أوضح المتحدّث باسم الشرطة الفلسطينية العقيد لؤي أرزيقات إلى "اندبندنت عربية".
وتابع أرزيقات، "حتى الآن تُظهر الضبطيات انخفاضاً عن تلك المسجَّلة في الفترة ذاتها خلال العام الماضي، فحينها كان هناك 2132 قضية ضبط مخدرات، 17 في المئة منها كانت في ضواحي القدس، شكَّلت زيادةً بنسبة 31 في المئة على القضايا التي سُجّلت عام 2017، وقُبِض آنذاك على 2567 شخصاً".
السجن وغرامات عالية
مرَّت المنظومة القانونية فيما يتعلق بالقانون العقابي لمتعاطي المخدرات أو المتاجرين بها بمراحل عدة، فقبل عام 2015 كانت توجد مجموعة تشريعات مثل قانون رقم 19 لعام 1962، وقانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936، اللذَين عُمِلَ بهما في المحافظات الجنوبية، وقانون العقاقير الخطرة لعام 1955 في المحافظات الشماليَّة، إضافة إلى الأمر العسكري رقم 558 بشأن المخدرات، الصادر عن الحاكم العسكري وقانون العقوبات الأردني رقم 16 الصادر عام 1960، الذي يحكم على متعاطي المخدرات بالسجن ثلاثة أشهر، ثم يتحوَّل الحكم إلى عقوبة ماليَّة، يقدرها القاضي بسقف 16 ديناراً أردنياً (22.5 دولار تقريباً) عن كل ليلة يقضيها المتهم بالسجن، أمَّا فيما يتعلق بتاجر المخدرات فيعاقب بالحبس 5 سنوات.
وأصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، منذ 4 سنوات، قانوناً يحمل الرقم 18 للعام 2015 بشأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، أتبعه بتعديل في عام 2018 ضمن قانون رقم 26، إذ أدخل تغييرات على العقوبات التي تُفرض على المتهم، لتصل في بعض الأحيان إلى دفع مبالغ مالية باهظة والسجن المؤبد، فعلى سبيل المثال، يُعاقب بالسجن المؤبد مدةً لا تقل عن 15 سنة، وبغرامة لا تقل عن 15 ألف دينار أردني (21156 دولار أميركي)، مَنْ تعامل بأي نوعٍ من المخدرات بغرض الاتجار بها سواء بالإنتاج أو البيع أو النقل أو الشراء أو غير ذلك.
العلاج إجباري
أمَّا بالنسبة إلى مَنْ يتعاطى المخدرات أو يتعامل معها بأي شكلٍ من الأشكال بغرض التعاطي فقط لا الاتجار، فإن عقوبة السجن مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على سنتين، وغرامة مالية تتراوح ما بين ألفي دينار أردني وخمسة آلاف دينار أردني (بين 2820 و7050 دولار أميركي) في انتظاره، إضافة إلى بدء برنامج علاجي بأحد مراكز التأهيل والعلاج.
وأوضح المحامي معتصم حمودة أن "العقوبات الجزائية هذه تسقط عن المتعاطين إذا تقدَّم الشخص من تلقاء نفسه أو بواسطة قريب إليه إلى مركز للعلاج أو أحد المراكز الأمنية، أو إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي يتعاطى فيها أي نوع مخدر، ففي هذه الحالات عليه أن يبدأ برنامجاً علاجياً، وإذا تكرر الأمر فإنه يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة مالية تتراوح ما بين ألفي دينار أردني وخمسة آلاف دينار أردني"، لكنه أشار إلى أن عدد المراكز العلاجية "ما زال قليلاً في فلسطين نظراً إلى حداثة القانون".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
السوق إسرائيلية
الكميات الكبيرة التي تُزرع أو تُضبط لا تكون وجهة الاتجار بها غالباً داخل المحافظات الفلسطينية بل الأراضي الإسرائيلية.
قال العقيد أرزيقات إنها "غالباً ما تُزرَع في مناطق تُصنَف (ج)، وهي فلسطينية، لكن لا سيطرة للشرطة عليها أو قرب جدار الفصل والمناطق الحدودية، وفي معظم الأحيان يكون الملّاك أو الشركاء في المستنبتات إمَّا إسرائيليي الجنسية وإمَّا فلسطينيين يعيشون بإسرائيل، ما يعني أنه لا يمكن اعتقالهم وتطبيق القانون عليهم، ليس في قضايا المخدرات فحسب، بل بكل الأمور الجنائية وغيرها.
ماذا لو كانت قانونية؟
يوجد مَنْ يدعو إلى تشريع المخدرات قانونية في فلسطين، بحجة أنها إذا أصبحت قانونية فسينخفض سعرها، ولن تُقبل عليها الناس سرّاً، لكن الفكرة لم ترقَ إلى الكثيرين، معتبرين أن جعلها قانونيَّة يعني أنها ستكون في متناول الجميع من دون رادعٍ وعقوبة، وبالتالي سيزيد التعامل معها بغرض تجربتها وللهروب من الواقع والضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها الشعب الفلسطيني، خصوصاً فئة الشباب، ما سيسهم في مزيدٍ من التدمير المجتمعي.
في المقابل، يوجد مَنْ استشهد ببعض الدول التي لا يعاقب فيها القانون على تعاطي المخدرات ليوضح أن "لا علاقة للأمر بانتشارها من عدمه".