Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سبل العيش تضيق على السوريين مع وقف برنامج الأغذية

خفض التمويل أدى إلى تقليص المساعدة الإغاثية وعلى الأسر الأكثر عوزاً توقع الأسوأ

إنهاء المساعدات الغذائية في سوريا سيزيد من معاناة الأسر الفقيرة (اندبندنت عربية)

ملخص

قرار برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بوقف المساعدات يرسم مشهداً أسود في ذهن سوريين يعيشون تحت خط الفقر.

جاء قرار برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إنهاء مساعداته الغذائية العامة في أنحاء البلاد بدءاً من يناير (كانون الثاني) المقبل بسبب نقص التمويل، ليرسم مشهداً أسود في ذهن سوريين تتقطع بهم السبل للوصول إلى الغذاء.

ويعزو برنامج الأغذية هذا القرار الصادم بالنسبة إلى عائلات سورية تعيش تحت خط الفقر إلى عوامل تتركز على التحديات الاقتصادية العالمية والحاجات الإنسانية غير المسبوقة، فضلاً عن التشديد المالي من جانب الجهات المانحة الرئيسة لبرنامج الأغذية العالمي، مما أدى إلى عدم قدرة هذه الجهات على تقديم المستوى نفسه من الدعم لسوريا.

سبل عيش

ويشمل هذا القرار وفق حديث مسؤول في مكتب البرنامج بسوريا إلى "اندبندنت عربية" جميع المستفيدين من السلال الغذائية العينية والقسائم الإلكترونية وتوزيع الخبز في إطار برنامج المساعدة الغذائية العامة في جميع أنحاء البلاد.

وأضاف أن "برنامج الأغذية سيواصل برامجه الأخرى كبرنامج الوقاية التغذوية والوجبات المدرسية وأعمال دعم سبل العيش والتعافي المبكر لنظم الغذاء المحلية، كما سيواصل دعم الأسر المتضررة من حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية".

ويعكف البرنامج ذاته على مواصلة مساعدة الأطفال دون سن الخامسة والأمهات الحوامل والمرضعات من خلال برامج التغذية، والأطفال في المدارس ومراكز التعليم بتقديم الوجبات المدرسية، وكذلك الأسر الزراعية المدرجة في برنامج سبل العيش، مع تدخله في دعم النظم الغذائية المحلية مثل إعادة تأهيل أنظمة الري والمخابز.

ويرزح معظم السكان تحت خط الفقر أي قرابة 90 في المئة وفق الأمم المتحدة، فيعاني ما يزيد على 12 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي (أكثر من نصف السكان) وسط أزمات اقتصادية ومعيشية وانخفاض القدرة الشرائية، إضافة إلى تضخم أنهك السوريين.

وثمة ارتفاع غير مسبوق ومجحف في أسعار المواد الغذائية جعل شريحة واسعة تعيش ضنك العيش، لا سيما مع تدني الأجور والرواتب والهبوط السريع لقيمة العملة، إذ وصل سعر الدولار الواحد إلى 14 ألف ليرة، بينما معدل الأجر الشهري للموظف يبلغ 20 دولاراً ولا يكفي أسرة ليوم واحد، علاوة عن تسبب الزلزال الكارثي في فبراير (شباط) الماضي في مضاعفة معاناة الناس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأرهق صعود أسعار السلع، لا سيما الغذاء، كاهل السوريين، إذ زادت بنسبة 800 في المئة بين أعوام 2019 و2022 في حين قفز التضخم إلى نسب أعلى من ذلك العام الحالي مع ما تشهده البلاد من رفع لأسعار المحروقات ومن ثم أثمان المواد المشغلة للإنتاج الزراعي، فيما خرج البروتين الحيواني من حسابات المائدة السورية، فكيلوغرام واحد من اللحوم الحمراء وصل إلى 140 ألف ليرة أي ما يعادل 10 دولارات، أما الدجاج فبلغ ما يزيد على خمسة دولارات.

وقالت منظمة "يونيسف" إنه خلال العام الحالي وقبل الزلازل المميتة التي ضربت سوريا في السادس من فبراير الماضي، كان أكثر من 3.75 مليون طفل في جميع أنحاء البلاد بحاجة ماسة إلى مساعدات غذائية، فيما كان نحو 7 ملايين طفل بحاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة.

يأتي ذلك بينما قدم المؤتمر الدولي السابع في شأن دعم مستقبل سوريا والمنطقة في بروكسل مساعدات إضافية هذا العام بقيمة 10.3 مليار دولار للسوريين المتضررين من الجوع والفقر والحرب، وطلبت الأمم المتحدة مساعدة الشعب السوري بنحو 11.1 مليار دولار.

التقليص المخيف

وسبق القرار الأخير لبرنامج الأغذية بتعليق المساعدات إجراء تقليص لكمية ونوعية الدعم وتوجيهه لأكثر الأسر عوزاً في شهر يوليو (تموز) الماضي، وأفصحت حينها مسؤولة التواصل في برنامج الأغذية العالمي بمكتب سوريا لينا القصاب لـ"اندبندنتنت عربية" عن قلق يساور البرنامج حيال مصير الأشخاص الذين استبعدوا من المساعدات وكونهم سيغرقون أكثر في الفقر والجوع ويجبرون على الاعتماد بصورة متزايدة على استراتيجيات التأقلم الضارة مثل إرسال الأطفال إلى العمل أو الزواج المبكر، أو الغرق في الديون.

وأضافت "هذه الخفوضات تشكل خطراً كبيراً على السكان بالنظر إلى معدلات سوء التغذية الآخذة في الارتفاع أصلاً بأكثر من 50 في المئة من الأسر السورية غير قادرة على تلبية حاجاتها اليومية من السعرات الحرارية، وأولئك حين تتوقف المساعدات الغذائية عنهم ربما تنتج لديهم مضاعفات صحية دائمة ناجمة عن سوء التغذية المزمن مثل التقزم".

سوء التغذية

وبحلول عام 2022 وصلت معدلات التقزم وسوء التغذية لدى الأمهات والأطفال إلى مستويات غير مسبوقة، إذ بلغت معدلاته بين الأطفال نحو 28 في المئة، كما سجل معدل سوء التغذية بين الأمهات في البلاد 25 في المئة، بحسب القصاب.

وقالت "وفق تقييمات برنامج الأغذية العالمي، حتى الأسر التي تتلقى مساعدات غذائية كانت تضطر إلى اتخاذ تدابير ضارة للتعامل مع انخفاض المدخول الغذائي"، مشيرة إلى أن أكثر من نصف العينة التي أجريت الدراسة عليها لجأوا إلى الديون أو خفضوا عدد الوجبات بينما 15 في المئة أخرجوا الأطفال من المدرسة وأرسلوهم إلى العمل، أما النساء فكنّ الأكثر تضرراً.

وحذرت منظمة "يونيسيف" من مضاعفات مشكلة سوء التغذية، ووفق تقديراتها فإن أكثر من 609900 طفل دون سن الخامسة يعانون التقزم الناجم عن سوء التغذية، مما يسبب أضراراً بدنية وعقلية للأطفال لا يمكن التعافي منها، ويؤثر في قدرتهم على التعلم وإنتاجيتهم في مرحلة البلوغ.

ويرى الطبيب المتخصص في مجال التغذية عبدالسلام ضويحي في حديثه إلينا أهمية بالغة لدعم الأم خلال فترة الحمل لتأثير ذلك في صحة الطفل، مبيناً وجود ما يزيد على 700 ألف طفل في المخيمات.

وأضاف "تحتاج الحامل إلى برنامج غذائي متوازن وغني بالفيتامينات، وسوء التغذية في هذه الفترة يؤدي إلى مشكلات صحية لدى الجنين قد تؤثر في نمو الهيكل العظمي وحجمه، إضافة إلى تشوهات خطرة ومضاعفات كبيرة، ومنها ما يحدث في الشمال السوري حيث يمكن رصد حالات انتشار القزامة عند الأطفال التي وصلت نسبتها إلى أكثر من الثلث".

المزيد من متابعات