Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مدير "أوبك للتنمية": نولي اهتماماً بالتحديات المتشابكة لأمن الغذاء

عبدالحميد الخليفة في حوار مع "اندبندنت عربية" يؤكد أهمية الشراكات وتظافر الجهود لمواجهة تغير المناخ

الخليفة: تخصيص 40 في المئة من التمويل الجديد لاستثمارات متعلقة بالمناخ بحلول 2030 مقابل 33‎ في المئة العام الماضي (صندوق أوبك للتنمية)

قال مدير عام صندوق "أوبك للتنمية الدولية" الدكتور عبدالحميد الخليفة، إن هناك أكثر من 700 مليون شخص حول العالم يعيشون من دون كهرباء، معظمهم في أفريقيا، فيما يظل أمن الطاقة حول العالم مصدر قلق رئيساً مع تزايد الطلب.

وفي حوار خاص مع "اندبندنت عربية"، أوضح الخليفة أن "صندوق أوبك للتنمية الدولية" اتخذ عدداً من الخطوات المهمة لتمكين البلدان الشريكة من الوصول إلى الطاقة وتوليدها من مصادر متجددة، إذ يعمل على زيادة مشاركته في مصادر الطاقة المتجددة التي تمثل حالياً ثلث التزامات الصندوق البالغة 3.3 مليار دولار لقطاع الطاقة.

وتابع "في عام 2023 وحده، وقع الصندوق على قروض عديدة لدعم محطة للطاقة الشمسية الكهروضوئية في النيجر، ومحطة لتوليد الطاقة بنظام الدورة المركبة تعمل بالغاز في بنغلاديش، ومحطة لطاقة الرياح في أذربيجان".

العمل المناخي... ضرورة ملحة 

وأكد الخليفة، الضرورة الملحة للعمل المناخي في ظل التداعيات المتزايدة لتغير المناخ على جميع القطاعات، لذلك، يسعى الصندوق لتحقيق هدف التنمية المستدامة رقم 7: "طاقة نظيفة وبأسعار معقولة"، لافتاً إلى أنه يتعين على الحكومات وبنوك التنمية المتعددة الأطراف ووكالات التنمية، والمجتمع المدني، التصرف بشكل حاسم وحكيم لضمان تحول عادل ومنصف في الطاقة".

وذكر أن الصندوق يقوم بتمويل التجارة، ومثال على ذلك تسهيله تمويل التجارة بقيمة 40 مليون دولار لمدغشقر بهدف استيراد المنتجات النفطية.

تأسيس الصندوق

وذكر الخليفة أنه تم تأسيس "صندوق أوبك" عام 1976 بهدف تقديم الدعم المالي لمختلف البلدان النامية في مساعيها نحو إحراز التقدم الاجتماعي والاقتصادي. وفي ظل ما يشهده العالم من تقلبات على شتى الصعد، تكمن أهمية الصندوق في امتلاكه القدرة والمرونة الكافيتين لمعالجة تحديات التنمية طويلة الأجل وكذلك الاستجابة لحالات الطوارئ قصيرة المدى، إذ كان خلال السنوات الأخيرة من السباقين في إيجاد الحلول اللازمة للتعامل مع الأزمات الدولية المتزايدة. 

وتابع "مثلاً في غضون أسابيع من تفشي جائحة كوفيد-19، قام الصندوق بتعبئة حزمة دعم مالي بقيمة مليار دولار تم استخدامها بالكامل بحلول نهاية 2021. وقد ارتكزت مشاريع الصندوق على دعم الإغاثة الطبية، وبناء المرونة في قطاع الصحة، وكذلك على تقليص الخلل الاقتصادي الذي تسببت به الجائحة".

وكشف مدير عام "صندوق أوبك للتنمية الدولية"، عن أن صندوق "أوبك" اعتمد خطة عمل غذائية بمليار دولار في يونيو (حزيران) 2022، وذلك استجابة للاضطرابات الشديدة في سلسلة التوريد وارتفاع أسعار المواد الغذائية في أعقاب الحرب في أوكرانيا، تضمنت الخطة أيضاً تقديم قرض بقيمة 100 مليون دولار إلى الأردن لتمويل الواردات وتمويل بناء صوامع لتخزين الحبوب. 

العمل المناخي

وأضاف الخليفة، أن "إحدى أبرز أولويات الصندوق الاستراتيجية على المدى البعيد هي خطة العمل المناخي التي تم اعتمادها في سبتمبر (أيلول) 2022، التي يلتزم بموجبها بتخصيص 40 في المئة من إجمالي التمويل الجديد لاستثمارات متعلقة بالمناخ بحلول 2030، مع الإشارة إلى أننا بلغنا نسبة 33 في المئة بنهاية عام 2022.. كذلك يتم العمل على وضع استراتيجيات لتعزيز العمل المناخي عبر محفظة الصندوق الاستثمارية".

وفي هذا الصدد، قدم صندوق "أوبك للتنمية الدولية" قرضاً بقيمة 120 مليون دولار لحكومة بنما لدعم سياستها الوطنية للمناخ، وآخر بـ20 مليون دولار لجزر سيشيل لدعم الإصلاحات المتعلقة بالمناخ في تنمية الأراضي ومصائد الأسماك، فضلاً عن قرض بقيمة 50 مليون يورو لأرمينيا في 2018 من أجل تعزيز قدرتها على الصمود في وجه تغير المناخ والتخفيف من آثاره، بما في ذلك تعزيز كفاءة استخدام الطاقة، بحسب "الخليفة".

الإغاثات الطارئة

وفي ما يتعلق بالإغاثات الطارئة للصندوق، أشار الخليفة إلى فقد ألمت موجة مأسوية وغير مسبوقة من الكوارث الطبيعية بعدد من الدول، من باكستان وتركيا إلى ليبيا والمغرب، مما استدعى تضافر الجهود لتقديم للإغاثة العاجلة، الذي سارعنا لتحقيقه بالتعاون مع شركائنا المعهودين، أبرزهم الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

فرص هائلة في أفريقيا

وقال الخليفة: "نرى فرصاً هائلة لتحقيق مكاسب التنمية في أفريقيا -القارة الشابة- مع عوائد تنموية عالية محتملة عند الاستثمار في الاقتصادين الرقمي والأخضر، وزيادة التجارة القارية، وتمكين النساء والشباب في أفريقيا ودعم القطاع الخاص".

وأضاف أن الصندوق قام بتمويل القطاعين العام والخاص بقيمة 13.3 مليار دولار في 48 دولة أفريقية حتى الآن، وذلك في مجالات تنموية متعددة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح الخليفة الذي أعيد تعيينه لولاية ثانية مدتها خمس سنوات مديراً عاماً لصندوق الـ"أوبك" في يونيو (حزيران) الماضي، " أن الإمكانات هائلة، غير أن الحاجات لا تقل حجماً وأهمية، إذ تشير الإحصاءات إلى معاناة نحو 20 في المئة من سكان أفريقيا من انعدام الأمن الغذائي، في حين يفتقر نحو 54 في المئة إلى خدمات الصرف الصحي الأساسية. ومع العلم أن أفريقيا تمثل خمس سكان العالم، إلا أن القارة تجتذب ثلاثة في المئة فقط من التمويل العالمي في مجال الطاقة.

وأشار الخليفة، إلى أنه رغم أن أفريقيا لا تنتج سوى أربعة في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة عالمياً، فإنها تعاني بشكل غير متناسب من آثار تغير المناخ. ويساورنا القلق من اضطرار البلدان الأقل استعدادا لاتخاذ إجراءات في شأن المناخ إلى تحمل الجزء الأكبر من العبء. 

مضاعفة الجهود

وأضاف أن مهمة بهذا الحجم تتطلب مضاعفة الجهود من جميع مؤسسات تمويل التنمية والتعاون في ما بينها. وتجدر الإشارة هنا إلى التعهد الأخير الذي قامت به مجموعة التنسيق العربية بمبلغ 50 مليار دولار في قمة الرياض في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو بمثابة خطوة مهمة في هذا الاتجاه. وتزامناً مع انعقاد مؤتمر الأطراف "COP28"، مطالبا بضرورة تقديم مزيد نظراً إلى حاجة أفريقيا لـ3.7 تريليون دولار لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مقارنة بناتج محلي إجمالي قدره 3.4 تريليون دولار للقارة بأكملها.

الطاقة المستدامة 

وقال الخليفة، إن الاستثمار في الطاقة النظيفة وصل إلى مستوى التعادل مع الهيدروكربونات، ليصل إلى 1.1 تريليون دولار لكل منهما في عام 2022. لكن الانتقال إلى صافي الصفر (تصفير الانبعاثات الكربونية) بحلول 2050 سيشكل تحدياً عالمياً مما يستوجب زيادة الاستثمار السنوي في الطاقة النظيفة إلى ما بين 3.5 و5 تريليونات دولار، وفقاً لتقديرات الخبراء.

الطاقة المتجددة

وقال "على مر السنين، قمنا بالفعل بزيادة مشاركتنا في مصادر الطاقة المتجددة، التي تشكل ثلث محفظة الطاقة لدينا، فقد قمنا بتمويل محطة (كوم أمبو) للطاقة الشمسية بقدرة 200 ميغاواط في مصر، والمصممة لتوليد الكهرباء لنحو 130 ألف أسرة وتقليل انبعاثات الكربون بمقدار 280 ألف طن سنوياً".

ويفتقر نحو 2.3 مليار شخص إلى حلول الطهي النظيف في العالم، معظمهم في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ويتسبب تلوث الهواء الداخلي الناتج من استخدام أنواع الوقود التقليدية في الطهي في وفاة الملايين كل عام.

وذكر الخليفة، أن صندوق "أوبك" أطلق مشروعاً تجريبياً في مدغشقر، مدعوماً بقرض بقيمة 35 مليون دولار، ويجري الإعداد لمزيد في كينيا، وملاوي، ورواندا، وتنزانيا، وأوغندا، وذلك بالشراكة مع منظمة الطاقة المستدامة للجميع (SE4ALL) ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO)، وهبات مالية من السعودية.

الشراكات ضرورية لتقديم الدعم 

وبحسب الخليفة، تعتبر الشراكات ضرورية لتقديم الدعم بفعالية وكفاءة. ويتمتع صندوق "أوبك" بعقود من الخبرة في مجال التمويل المشترك مع المنظمات الشريكة والقطاع العام ومستثمري القطاع الخاص. على سبيل المثال، تم تمويل مشروع كوم أمبو بالاشتراك مع مجموعة من المؤسسات، بما في ذلك بنك التنمية الأفريقي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وصندوق المناخ الأخضر.

وأفاد الخليفة، بأن صندوق "أوبك" يقوم أيضاً بالمساهمة في حشد التمويل من المنظمات الشريكة كما ظهر في العام الماضي من خلال حزمة العمل التمويلي للمناخ البالغة 24 مليار دولار والتي أعلنتها مجموعة التنسيق العربية في "COP27"، حيث تم تخصيص 10 مليارات دولار لتحول الطاقة، بما في ذلك الطهي النظيف.

ويرى أن حاجات التنمية هائلة في حين أن المصادر المالية محدودة، لذا يجب أن تكون الاستجابة أكثر فاعلية وكفاءة، مضيفاً: "كل دولار يتم التعهد به يجب أن ينفق بكفاءة... هو هدفنا لعملياتنا الخاصة. وفي الوقت نفسه نعلم أنه يمكننا أن نذهب إلى أبعد من ذلك في مجالات محددة. مثال على ذلك مركز تمويل المناخ والابتكار في مجال الطاقة لدينا، الذي يهدف إلى جمع أربعة دولارات من الشركاء مقابل كل دولار نسهم به".

"ولتحقيق هذه الأهداف، من الضروري حشد القطاع الخاص. ونحن في حاجة إلى تطوير منتجات جديدة مثل تسهيلات إزالة أو تقاسم المخاطر، والتسهيلات لزيادة التمويلات التنموية الميسرة، والتمويل المختلط والضمانات. ونحن نؤيد النهج الذي يصبح فيه التمويل من القطاعين العام والخاص متكاملاً"، وفق ما ذكره الخليفة.

سوق الطاقة مصدر قلق

وقال الخليفة، إن سوق الطاقة العالمية تتغير، ولكن أمن الطاقة يظل مصدر قلق رئيساً، إذ يتزايد الطلب على الكهرباء بسرعة وباتت تحل مصادر الطاقة المتجددة مكان بعض المصادر التقليدية لتوليد الكهرباء.

ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، شكلت مصادر الطاقة المتجددة غير الحيوية ما يقارب 30 في المئة من توليد الكهرباء في العام الماضي. وقال الخليفة: "لقد شجعتنا هذه الزيادة السريعة في الطاقة الخضراء ونرى تقدماً كبيراً أيضاً في الجدوى التجارية لمصادر الطاقة المتجددة".

وتوقع مدير عام صندوق "أوبك للتنمية الدولية"، أن يؤدي التقدم التكنولوجي والتمويل التنموي الميسر إلى دعم نمو مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة بشكل أكبر، منوهاً بأهمية العمل بشكل وثيق مع  الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، وفي يونيو (حزيران) 2023 انضم الصندوق إلى منصة تمويل تسريع تحول الطاقة "إيتاف" (ETAF)، وهي مبادرة عالمية تسعى لحشد الأموال للاستثمار في الطاقة المتجددة. ويخطط صندوق "أوبك" لدعم المنصة بتمويل يصل إلى 250 مليون دولار حتى عام 2030 لحلول الطاقة المتجددة في البلدان الشريكة.

وتابع الخليفة: "نراقب من كثب أنشطة الدول الأعضاء مثل السعودية والإمارات في مجال الطاقة المتجددة، حيث نلحظ ظهور قوى دولية مثل شركتي مصدر وأكوا باور.. وفي الوقت نفسه نحن ملتزمون بمكافحة فقر الطاقة وبتمكين وتأمين الوصول إلى الطاقة". 

وأكد الخليفة، أن صندوق "أوبك" يدرك أن العالم في حاجة إلى الطاقة المستدامة وإلى إيجاد تقنيات جديدة تجعل مصادر الطاقة التقليدية صديقة للبيئة، وذلك لتحقيق الهدف السابع من أهداف أجندة التنمية المستدامة واتفاق باريس .

المزيد من حوارات