Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غارات جوية مكثفة على الخرطوم وهجوم وشيك على "بابنوسة"

تصعيد جوي ومواجهات في العاصمة السودانية وتفاقم الأوضاع بالفاشر

يتواصل في الخرطوم القصف المدفعي المتبادل والاشتباكات بين الجانبين (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

"الدعم السريع" تحاصر بابنوسة وتوالي وصول المقاتلين إلى الفاشر

عقب سيطرتها على حامية مدينة المجلد (تابعة لولاية غرب كردفان) قبل يومين، بعد انسحاب قوات الجيش منها إلى رئاسة قيادة الفرقة (22) مشاة داخل مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان، كشفت مصادر ولائية عن أن قوات "الدعم السريع" بدأت تكثيف تحركاتها وتعزيز مواقعها في محيط المدينة بغرض إحكام الحصار عليها تمهيداً لشن هجوم واسع وشيك على المدينة.

قصف ونزوح

وأكدت المصادر نفسها أن الجهود والمساعي التي تبذلها الإدارات الأهلية والقيادات المجتمعية ومنظمات المجتمع المدني في المنطقة لتفادي المواجهة المسلحة بين الطرفين داخل المدينة، لم تثمر عن أي نجاحات حتى اللحظة. وأوضحت أن الطيران الحربي شنّ سلسلة غارات لتشتيت تجمعات قوات "الدعم السريع" بأطراف شرق المدينة وضواحيها، ما أدى إلى عمليات نزوح واسعة بخاصة من أطراف المدينة، مع تزايد المخاوف من تفاقم الوضع الإنساني نتيجة الشح الكبير في المواد الأساسية كالدقيق والوقود.

ومنذ أيام تتابع قوات "الدعم السريع" تحركاتها في ولاية غرب كردفان المجاورة لإقليم دارفور بهدف السيطرة على المزيد من مقرات وحدات الجيش، بعد استيلائها على مقراتها في كل من نيالا وزالنجي والجنينة والضعين باستثناء الفرقة السادسة في مدينة الفاشر بشمال دارفور.

ضحايا مدنيين

وتعتبر مدينة بابنوسة عاصمة إحدى محليات ولاية غرب كردفان، من أكبر وأهم مدنها وهي ذات طابع تجاري- صناعي، ومن أهم المحطات الرئيسة لملتقى السكك الحديد التي تربط غرب السودان بشماله وشرقه وجنوب السودان، وتبعد عن الخرطوم حوالى 697 كيلومتراً وتضم عدداً من ورش الصيانة التابعة للسكة الحديد ومصنعاً للألبان والصمغ.

وأفاد شهود بسقوط عدد من الضحايا المدنيين نتيجة قصف جوي استهدف منطقة أبو زبد المجاورة، ردت عليه قوات "الدعم السريع" بإطلاق مضاداتها الأرضية ما تسبّب بمقتل شخصين على الأقل وجرح أكثر من 10 آخرين حالات بعضهم خطرة.

وأعلنت قوات "الدعم السريع" ترحيبها بانضمام أكثر من 3700 ممن سمتهم بشرفاء القوات المسلحة، بقيادة ثمانية من كبار ضباط الفرقة 22 للجيش – بابنوسة، ومن مناطق بليلة والتبون والستيب، إلى صفوف قواتها "استجابة لنداء قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي"). وجددت، في بيان، الدعوة لبقية قوات فرقة بابنوسة لمساندة خيارات الشعب المتطلع للحرية والسلام والعدالة وبناء الدولة السودانية على أسس جديدة تسودها قيم العدالة والمساواة بين الشعوب السودانية.

الفاشر تستعد

وفي شمال دارفور، يتوالى وصول أرتال من مقاتلي الحركات إلى محيط مدينة الفاشر، في الوقت الذي سيرت فيه قوات الفرقة السادسة - مشاة التابعة للجيش طابوراً عسكرياً طاف أنحاء المدينة في استعراض للقوة بمشاركة وحداتها القتالية المختلفة. وأكدت القيادات العسكرية بالفرقة استعدادها وجاهزيتها لخوض معركة حاسمة مع قوات "الدعم السريع" حال هجومها على المدينة. وتشهد المدينة المكتظة بالنازحين، وفق شهود، أوضاعاً إنسانية صعبة مع زيادة كبيرة في معدلات النزوح الداخلي إلى الأحياء الأكثر أماناً بعيداً من المواقع العسكرية، في ظل أزمة حادة في مياه الشرب وتوقف عدد من المستشفيات عن العمل وشح الحاجات الضرورية وغلاء أسعارها.

معارك الخرطوم

في الأثناء، يتواصل في الخرطوم القصف المدفعي المتبادل والاشتباكات بين الجانبين في ظل غارات جوية مكثفة وتحليق متواصل للطيران الحربي في أجواء العاصمة السودانية. واستهدفت المقاتلات الحربية أهدافاً ومواقع متعددة تابعة لقوات "الدعم السريع" داخل العاصمة الخرطوم وخارجها، ردت عليها الأخيرة بوابل من الصواريخ الأرضية المضادة للطيران في كل من شرق النيل وجنوب الحزام. وأفاد شهود بسماع أصوات انفجارات قوية ومتتابعة في مناطق بري وامتداد ناصر والرياض والجريف ومطار الخرطوم. واستهدفت الغارات أيضاً نقاط ارتكاز لـ "الدعم السريع" في مناطق المنشية وأركويت شرق العاصمة، وطريق جبل أولياء جنوب الخرطوم، وكل من كافوري وشرق النيل بمدينة الخرطوم بحري ومحيط الإذاعة والتلفزيون حيث شوهدت أعمدة الدخان الأسود تتصاعد وسط مدينة أم درمان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي مقابل كثافة الغارات الجوية، تراجعت بشكل نسبي العمليات البرية بينما ارتفعت وتيرة القصف المدفعي المتبادل بين الجانبين في مناطق شمال الخرطوم بحري وجنوب غربي مدينة أم درمان ومحيط سلاح المدرعات جنوب الخرطوم. وأوضحت مصادر عسكرية أن الجيش يواصل التقدم في محاور عدة داخل العاصمة، وأن الضربات الجوية دكت مواقع مهمة لقوات "الدعم السريع" في كل من مدينتي أم درمان وبحري و"تم تدمير مركبات قتالية مسلحة ومقتل قائد ميداني وعدد من جنوده"، وأشارت المصادر إلى تنفيذ قوات من العمل الخاص عملية نوعية كبيرة في محيط سلاح المدرعات تمكنت فيها من الاستيلاء على عدد من العربات القتالية.

وقالت قوات "الدعم السريع"، من جهتها، إن القوات الخاصة التابعة لها نفذت عملية نوعية واسعة النطاق في قاعدة وادي سيدنا العسكرية شمال أم درمان، تمكنت خلالها من تدمير طائرة حربية تابعة للجيش ومخزن ذخيرة وعدد من المركبات والمعدات العسكرية.

دعم مفاوضات جدة

سياسياً، أكد الواثق البرير الأمين العام لحزب الأمة القومي دعم منبر جدة التفاوضي لإنهاء الحرب والاتفاق على ترتيبات وقف العدائيات وإطلاق النار والشروع في تدابير انتقالية وعقد مؤتمر دستوري يضم جميع أصحاب المصلحة للتأسيس لعقد اجتماعي جديد ونظام حكم لا مركزي ومشروع اقتصادي تنموي ومعالجة تظلمات الماضي. وشدد البرير، في كلمة له بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لرحيل الإمام الصادق المهدي، على أن تكون وحدة وسيادة السودان إطاراً عاماً للخروج من الأزمة الراهنة وقيام دولة مدنية ديمقراطية ذات سيادة. ودعا الأمين العام لحزب الأمة القومي إلى عملية سياسية شاملة لا تستثني سوى المؤتمر الوطني وداعمي الحرب، تؤسس لدولة المواطنة المتساوية، وإجراء الإصلاح الأمني والعسكري لإنهاء ظاهرة تعدد الجيوش وخروجها من النشاط السياسي والاقتصادي، وتكوين جيش قومي مهني واحد يخضع للسلطة المدنية.

قمة "إيغاد" وجدة

في السياق، حذرت أستاذة العلاقات الدولية نادية عزالدين "من عدم الجدية التي لازمت طرفي التفاوض في تنفيذ مخرجات جدة الأولى والثانية، سواء "الدعم السريع" بعدم التزامها بمخرجات الاتفاق الأول بالانسحاب من منازل المواطنين والأعيان في المدينة، أو عدم وفاء الجيش بإجراءات بناء الثقة ضمن اتفاق جدة الإنساني الأخير، بخاصة ما يتعلق بإعادة القبض على الفارين من السجون ومنهم رموز النظام المباد (الفلول)، وكبح مؤججي الحرب". واستبعدت عز الدين أن تكون قمة منظمة "إيغاد" الطارئة بخصوص الوضع في السودان، المنتظر انعقادها في جيبوتي الأسبوع الأول من شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، آلية بديلة للتفاوض بقدر ما هي داعمة لمنبر جدة كمنبر فعال يحظى بقبول ودعم دولي وإقليمي.

ولفتت أستاذة العلاقات الدولية إلى تطابق رؤية منظمة "إيغاد" المتمثلة في وقف إطلاق النار وخروج قوات "الدعم السريع" من المرافق العامة ومنازل المواطنين، كلبنة أساسية لحل الأزمة وعودة الحياة إلى طبيعتها بالسودان، مع ما هو مطروح في منبر جدة، مشيرة إلى أن أي تقدم في المفاوضات نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في ظل المكاسب العسكرية الكبيرة التي حققتها "الدعم السريع" على الأرض في دارفور قد يثير مخاوف الجيش، وأشارت إلى أن تحركات رئيس المجلس السيادة السوداني الفريق الأول عبدالفتاح البرهان وزياراته الأخيرة لكل من كينيا وإثيوبيا وجيبوتي تؤكد وصوله إلى قناعة إنهاء الحرب عبر التفاوض.

صراع البعثة

في غضون ذلك، وبخطوة معاكسة لطلب الحكومة السودانية إنهاء تفويض البعثة الأممية المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي بالسودان "يونيتامس"، طالب عبدالله حمدوك رئيس الوزراء السابق ورئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بتجديد تفويض البعثة، وأشار حمدوك، في رسالة بعث بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، إلى أن البعثة، التي شكلت في 2020 بهدف دعم الانتقال الديمقراطي، أضحت الحاجة إليها اليوم أكثر إلحاحاً في ظل انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) الماضي والحرب الراهنة التي قضت على الأخضر واليابس في البلاد.

وبعثت الحكومة السودانية، الأسبوع الماضي، وفداً رسمياً إلى نيويورك لبحث استكمال تفاصيل إنهاء مهمة البعثة مع الأمين العام للأمم المتحدة والأطراف الأخرى المعنية بالموضوع. وخاطبت حكومة السودان في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري الأمين العام للأمم المتحدة رسمياً طالبة إنهاء مهمة البعثة التي سينقضي أجل تمديدها في الأسبوع الأول من ديسمبر المقبل.

مساعدات وعقوبات

على الصعيد الإنساني، وصلت إلى شمال دارفور أول شحنة إنسانية عبر الحدود، بتيسير من تشاد، إلى الفاشر بولاية شمال دارفور تحمل مستلزمات طبية وغذائية.

واتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" لحقوق الإنسان قوات "الدعم السريع" والميليشيات المتحالفة بقتل مئات المدنيين في غرب دارفور أوائل الشهر الجاري، إلى جانب قيامها بعمليات نهب واعتداءات واحتجاز غير قانوني بحق العشرات من إثنية "المساليت" في منطقة أردمتا بمدينة الجنينة. وطالبت المنظمة كلاً من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيغاد" بفرض عقوبات محددة الهدف على قادة "الدعم السريع" بخاصة عبدالرحيم دقلو وعبدالرحمن جمعة، أكبر قائدين لها كانا موجودين أثناء تلك الهجمات.

المزيد من متابعات