Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا بعد انتهاء الهدنة في غزة؟

تقول الولايات المتحدة إنها لن تؤيد تحركاً إسرائيلياً نحو جنوب القطاع في غياب خطة لحماية المدنيين

بحسب تقديرات منظمات الإغاثة، لا يزال 200 إلى 300 ألف مدني موجودين في شمال قطاع غزة (أ ب)

مع بدء سريان وقف إطلاق النار في غزة اليوم الجمعة والذي سيستمر لمدة أربعة أيام، سيجري إطلاق سراح 50 رهينة إسرائيلية في مقابل السماح بإدخال مساعدات إنسانية يحتاجها القطاع بشكل عاجل وكذلك سيتوقف بشكل موقت قصف منطقة مكتظة يقطنها أكثر من مليوني مدني.

لكن ماذا سيحصل بعد انتهاء الهدنة؟

باختصار، سوف تستمر الحرب وقد تكون أعنف مما سبق. تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بلا مواربة عن الموضوع يوم الأربعاء خلال خطاب مباشر تناول صفقة تبادل الأسرى. وقال "إن الحرب مستمرة وسوف نستمر حتى تحقيق النصر الكامل".

فيما أعرب رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني من جهته عن أمله في أن يُفضي الاتفاق في نهاية المطاف إلى "مفاوضات جدية" بشأن حل النزاع لكن الجيش الإسرائيلي أوضح بشكل لا لبس فيه أنه لا يعتبر الاتفاق مقدمة لمزيد من المحادثات. حتى أن المتحدث الدولي باسم الجيش الإسرائيلي، المقدم ريتشارد هيشت، قال إن إسرائيل لا تسمي ما يحدث وقفاً لإطلاق النار حيث قال: " في قاموسنا، هذا ليس وقفاً لإطلاق النار وإنما هدنة عملياتية موقتة".

أما سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، فقال "فور انتهاء الهدنة، سوف نسعى من جديد لتحقيق أهدافنا بمنتهى القوة". وأحد أهم هذه الأهداف "القضاء على كافة القدرات الإرهابية التي تملكها حماس".

لن يكون تحقيق هذه المهمة أمراً سهلاً. فقد أوضحت إسرائيل مراراً بأنها لن ترضى بأقل من تدمير "حماس" بشكل كامل. قد يستغرق ذلك أشهراً أو سنوات. 

موتي كريستال، المفاوض المختص في الأزمات الذي شارك في عمليات تبادل سابقة والعضو السابق في الحكومة الإسرائيلية قال لـ "اندبندنت" إنه لا رغبة داخل إسرائيل بإنهاء الحرب في أي وقت قريب.

وأضاف: "لقد تغير شيء ما بفعل ما حدث في الـ السابع من أكتوبر (تشرين الأول). غير هول الصدمة الوطنية شيئاً في النفسية الإسرائيلية، وفي العقلية العسكرية. ما عدنا نخشى الحروب الطويلة، لا الشعب ولا الجيش".

ينص الاتفاق بين إسرائيل و"حماس" على إمكانية تمديد وقف إطلاق النار بمعدل يوم لكل 10 رهائن يُطلق سراحهم. وهو ما يفتح باب الاحتمالات أمام عدم استئناف القتال فوراً، لكن عند استئنافه، من الأرجح أن يسير وفق اتجاهين.

 

في الوقت الراهن، تسيطر القوات الإسرائيلية على ساحل غزة وتوغلت حتى منتصف القطاع فطوقت الشمال فعلياً. بحسب تقديرات منظمات الإغاثة، لا يزال 200 إلى 300 ألف مدني موجودين في شمال قطاع غزة. استهدف القصف الإسرائيلي في هذا الجانب أماكن العبادة والمستشفيات والمدارس والأحياء السكنية مبرراً هذه الضربات بزعمه أن مقاتلي "حماس" يستخدمونها.

قالت وزارة الصحة في غزة يوم الثلاثاء إن القوات الإسرائيلية طوقت المستشفى الإندونيسي، وهو منشأة تضم عيادات خارجية وقسماً للعمليات الجراحية فيه 110 أسرّة، وهي من آخر مستشفيات الشمال التي لا تزال في الخدمة.

وشرح مدير المستشفيات في وزارة الصحة في غزة، منير البرش، لصحيفة "واشنطن بوست" بأن " المستشفى الإندونيسي الآن في أسوأ حالاته وهو مُحاصر من الجهات الأربع ويُمنع دخول المواد الغذائية والأدوية إليه"، مضيفاً أن مجمع المستشفى قُصف يوم الإثنين فقُتل 12 نازحاً وجُرح أربعة أفراد من الطاقم الطبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تزعم إسرائيل بأن الجزء الأكبر من البنية التحتية لـ"حماس" موجود في الشمال. ومن المرجح، حال انتهاء وقف إطلاق النار، أن تواصل إسرائيل قصفها لهذه المنطقة.

لكن وعلى رغم استمرار توغلها في مدينة غزة شمالاً، أشارت إسرائيل إلى احتمال توجيه انتباهها قريباً إلى الجنوب، المنطقة التي تعتقد أن عدداً كبيراً من قادة "حماس" الرئيسيين قد فروا إليها، وهو المكان الذي هرب إليه الجزء الأكبر من 1.7 مليون نازح بحسب التقديرات. لجأ عشرات آلاف النازحين من الشمال إلى هذه المنطقة حيث تأويهم المدارس والخيم، وهم يواجهون نقصاً في الطعام والمياه.

سلاح الجو الإسرائيلي كان قد بدأ بالفعل برمي مناشير فوق مدينة خان يونس الجنوبية الأسبوع الماضي يحذر فيها السكان بضرورة إخلاء المنطقة استباقاً للهجوم عليها.

وجاء في المناشير التي خصت أحياء خزاعة وعبسان وبني سهيلا والقرارة: "حفاظاً على سلامتكم، عليكم إخلاء أماكن سكنكم فوراً والتوجه إلى الملاجئ المعروفة". وأضافت المناشير "أي شخص يقترب من الإرهابيين أو منشآتهم يعرض حياته للخطر، وكل منزل يستخدمه الإرهابيون سوف يُستهدف".

بعد أيام قليلة، قُتل 28 فلسطينياً على الأقل في قصف جوي إسرائيلي على حيين سكنيين في المدينة.

يتوقع البعض استئناف حملة القصف بوتيرة أعنف بعد الهدنة. فبحسب دبلوماسي من الشرق الأوسط نقلت عنه صحيفة "واشنطن بوست" قوله إن حملة القصف سوف "تكون أكثر عدوانيةً" على الأرجح، وبأن الجنوب سيُستهدف بشكل أقوى بكثير بسبب الاعتقاد السائد بين المسؤولين الإسرائيليين بأن عناصر "حماس" قد هربوا إلى الجنوب. أثارت هذه التحذيرات قلق مجموعات الإغاثة.

وقالت كاثرين راسل، رئيسة منظمة الأمم المتحدة للطفولة، يونيسف، إن التصعيد العسكري جنوب غزة "سوف يزيد الوضع الإنساني هناك سوءاً أضعافاً مضاعفة"، مضيفة بأنه "يجب تفادي" الهجمات على الجنوب. 

ومن اللافت أن احتمال شن هجوم على الجنوب قد أثار انتقادات من الولايات المتحدة، أقرب حلفاء إسرائيل. حتى الآن، قدمت إدارة بايدن دعمها الكامل للعملية العسكرية الإسرائيلية، لكن عدة مسؤولين أميركيين حذروا من العواقب الوخيمة التي تترتب على توجيه الهجوم جنوباً.

ويوم الثلاثاء، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي: "لا ندعم هذا النوع من العمليات في غياب خطة شاملة ومدروسة يضعها الإسرائيليون تأخذ في الاعتبار كيف سيتمكنون من حماية السكان المدنيين الذين زادت أعدادهم بشكل ضخم بعد إجلائهم من الشمال".

وأضاف: "يتعين على الإسرائيليين بشكل أكبر أن يحرصوا قبل بدء العمليات في الجنوب على احتساب طرق حماية المدنيين الذين انتقلوا إلى الجنوب نزولاً عند طلبهم".

لكن من غير المرجح أن تكبح كلمات التحذير جماح القوات الإسرائيلية. فقد وصفت الحكومة الإسرائيلية عمليتها في غزة باعتبارها معركة ضد "أعداء الحضارة نفسها".

وفي المقابل، تقول منظمات الإغاثة إن هدنة أربعة أيام غير كافية من أجل التصدي للأزمة الإنسانية الشديدة التي يواجهها 2.3 مليون نسمة في غزة الآن والتي من شبه المؤكد أنها سوف تزداد سوءاً في الأسابيع والأشهر المقبلة.

ومن جهته، صرح الأمين العلم للمجلس النرويجي للاجئين، يان إيغلاند، بأن أربعة أيام "وقت غير كاف لتلبية الحاجات الضخمة بعد ستة أسابيع من القتال وإراقة الدماء والدمار".

وأضاف: "الشتاء على الأبواب، وإعادة اندلاع هذا الصراع سيكون بمثابة كارثة. أوت ملاجئ صغيرة أعداداً كبيرة من الأشخاص، في ظل توافر كميات ضئيلة من الطعام والماء وأخطار صحية متزايدة. أصيب الأطفال بصدمة فيما يواجه كثيرون من بينهم مستقبلاً من دون آباء وأمهات وإخوة وأخوات. وهم بحاجة إلى المساعدة فوراً وعلى المدى البعيد. لا يمكن تحقيق ذلك سوى من خلال وقف إطلاق النار المستدام".

ووصفت رشيدة طليب، النائب الفلسطينية الأميركية الوحيدة في الكونغرس، هذه الهدنة بأنها "غير كافية".

وقالت "عندما ينتهي مفعول هذا الاتفاق قصير الأمد، سوف يتواصل قصف الأبرياء من المدنيين. نحتاج إلى وقف دائم لإطلاق النار ينقذ الأرواح ويعيد الرهائن والمحتجزين بشكل تعسفي إلى ديارهم ويضع حداً لهذا العنف المرعب".

© The Independent

المزيد من متابعات