Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا: حالات انتحار متزايدة بين مساجين يقضون عقوبات سجن "لا محدود"

حصري: اللورد ديفيد بلانكيت طالب بـ "إعطاء أمل للسجناء الذين يقضون أحكاماً غير محددة المدة بالسجن من أجل الحماية العامة" في ظل ارتفاع عدد الوفيات بين أفراد هذه المجموعة

هيئة مراقبة السجون تجري تحقيقات في سلسلة من حالات الانتحار داخل السجون (غيتي)

ملخص

علمت "اندبندنت" أن سبعة سجناء عالقين في سجون المملكة المتحدة بموجب أحكام إلى أجل غير مسمى أقدموا على الانتحار منذ أن رفضت الحكومة البريطانية إعادة محاكمتهم

علمت "اندبندنت" أن سبعة سجناء عالقين في سجون المملكة المتحدة بموجب أحكام "إلى أجل غير مسمى" أقدموا على الانتحار منذ أن رفضت الحكومة البريطانية إعادة محاكمتهم.

وقد أطلقت هيئة تتولى مراقبة السجون تحقيقات في سلسلة من حالات الوفاة التي أقدم عليها السجناء وسط زيادة مقلقة في مثل هذه الحوادث بين أفراد يقضون عقوبة "السجن من أجل الحماية العامة" Imprisonment for Public Protection (IPP)، في وقت حذر ناشطون من أن الشعور باليأس المرتبط بهذه الأحكام المثيرة للجدل يتسبب بعواقب مأسوية.

ويأتي ذلك بعدما رفض الوزير السابق للعدل دومينيك راب توصيات مشتركة قدمتها مختلف الأحزاب البريطانية لإعادة تقييم الأحكام الصادرة بحق الأفراد الذين يقضون مثل هذه العقوبة، وهي شكل من أشكال الحكم غير محدد المدة يصدر فيها قرار بحق الجناة يقضي بتنفيذهم حداً أدنى من عقوبة السجن وليس الحد الأقصى، على رغم وصفها بأنها "أكبر وصمة عار في سجل نظامنا القضائي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وألغيت العقوبة عام 2012 إلا أن ذلك لم يُطبق بأثر رجعي مما أدى إلى ترك نحو 3 آلاف سجين عالقين في الزنزانات مع احتمال ضئيل للإفراج عنهم، وأمضى نحو 700 فرد منهم أكثر من 10 أعوام أطول من الحد الأدنى للعقوبة.

يشار إلى أن "حزب العمال الجديد" استحدث هذه الأحكام عام 2005 كجزء من تشريع جديد في حينه لإثبات صرامة الحزب في التعامل مع الجريمة، وكان يعاقب الشخص بعقوبة "السجن من أجل الحماية العامة" بعدما إدانته سابقاً بارتكاب جريمة تعتبر على أنها تشكل خطراً على الناس، وإقدامه بعدها على ارتكاب جريمة أخرى من بين 153 جريمة مدرجة تشمل جرائم عنيفة وغير عنيفة.

وبعد استكمال الحد الأدنى من المدة يتعين على السجناء التقدم بطلب إطلاق سراح أمام "مجلس الإفراج المشروط" Parole Board، واستيفاء شروط ومعايير صارمة تتضمن عدم المعاناة من مشكلات في الصحة العقلية لإثبات أنهم لم يعودوا يشكلون خطراً على السلامة العامة.

العضو في "مجلس اللوردات" ديفيد بلانكيت الذي أقر بأنه نادم على تطبيق هذه الإجراءات عندما كان وزيراً للداخلية، قال لـ "اندبندنت" إنه يجب أن يكون هناك تغييرٌ في النظام "يعطي الأمل" للسجناء، ورأى أنه "كلما طال أمد بقائهم في المؤسسات العقابية كلما تدهورت صحتهم العقلية، ومن البديهي أننا بحاجة إلى تزويدهم بهذا الأمل".

ومن الأمثلة المروعة على محكومين يقبعون في السجون نتيجة الحكم الجائر ما يلي:

• واين بيل الذي سجن لمدة عامين على الأقل لسرقة دراجة عام 2007، لا يزال بعد أكثر من 16 عاماً قابعاً في السجن، وتتخوف عائلته من ألا يُصار إلى إطلاق سراحه.

• توماس وايت سجن لمدة عامين في الأقل بتهمة سرقة هاتف محمول عام 2012، لكن لا يزال خلف القضبان بعد أكثر من 11 عاماً ولم يفرج عنه مطلقاً.

• آرون غراهام الذي لكم رجلاً في شجار حُكم عليه عام 2005 بعقوبة "السجن من أجل الحماية العامة" مدة لا تقل عن عامين و124 يوماً، لكنه أمضى نحو 20 عاماً في السجن، بما فيها الوقت الذي قضاه في الحبس الاحتياطي.

رئيس اللجنة القضائية التي دعت الحكومة إلى إعادة النظر في الأحكام الصادرة بحق جميع الأفراد الذين يمضون عقوبة "السجن من أجل الحماية العامة" السير بوب نيل وصف الوفيات الأخيرة التي حدثت بأنها "مأسوية ومثيرة للقلق"، معتبراً أنه كان "من الممكن" إنقاذ بعض تلك الأرواح لو قبلت الحكومة توصية تقدم بها في هذا الإطار.

دونا موني التي توفي شقيقها منتحراً عام 2015 بينما كان يمضي عقوبة "السجن من أجل الحماية العامة" بتهمة سرقة سيارة، رأت أن رفض الحكومة تسبب "من دون شك" بخسارة أرواح، لأن السجناء "استسلموا تماماً تاركين أسرهم المكلومة تواجه العواقب".

السيدة موني، وهي ناشطة في "المجموعة المتحدة لإصلاح عقوبة ’السجن من أجل الحماية العامة‘" United Group for Reform of IPP (Ungripp) وتقوم في الوقت الراهن بدعم عائلتين من العائلات السبع الثكلى"، قالت لـ "اندبندنت"، "نحن ضحايا هذه العقوبة ولم نرتكب جريمة على الإطلاق".

يشار إلى أنه بحلول الشهر المقبل يكون قد مر 11 عاماً على قرار إلغاء الأحكام الصادرة بموجب عقوبة "السجن من أجل الحماية العامة" في المملكة المتحدة، بعدما تبين لـ "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" European Court of Human Rights (ECHR) أنها "لم تكن عادلة في الأساس".

وكانت أحكام "عقوبة السجن من أجل الحماية العامة" لدرء الخطر عن الناس من مجرمين لا تستحق جرائمهم عقوبة السجن مدى الحياة، لكن جرى الإفراط في استخدامها على نطاق واسع وكثيراً ما فرضت على جرائم بسيطة قبل أن يُصار إلى إلغائها عام 2012.

وتظهر أحدث البيانات أن 2921 سجيناً من المحكومين بمثل هذه العقوبة لا يزالون رهن الاحتجاز حتى نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، ومن بين هؤلاء 1269 شخصاً لم يفرج عنهم على الإطلاق، فيما جرى استحضار 1652 فرداً مجدداً إلى السجن بعدما ألقي القبض عليهم بموجب شروط إفراج صارمة مدتها 10 أعوام.

وفي تقرير أصدرته العام الماضي لجنة العدل البرلمانية المختارة التي تضم نواباً من مختلف الأحزاب البريطانية، قال أعضاؤها إن أحكام "السجن من أجل الحماية العامة" كانت "معيبة بصورة لا يمكن إصلاحها"، وترتبط بمستويات مرتفعة من إيذاء النفس بين السجناء.

وفي حين أن الحكومة قبلت كلياً أو جزئياً ثماني توصيات من تلك التي تقدمت بها اللجنة، إلا أنها رفضت ثلاثاً منها بما فيها التوصية الرئيسة بأن يخضع السجناء المحاصرون بموجب العقوبة التي انتهت صلاحيتها لعملية إعادة محاكمة.

وأصر الوزير راب في رفضه تلك التوصيات في التاسع من فبراير (شباط) الماضي على أن إعادة الحكم ستتسبب في نشوء خطر غير مقبول في حال أطلق سراح السجناء، لكن السير بوب وصف القرار بأنه "كان فرصة ضائعة لتصحيح خطأ".

وعلمت "اندبندنت" أن أحد السجناء توفي في سجن "سوالسايد" HMP Swaleside بعد مدة تزيد بقليل على أسبوعين من قرار الرفض، فيما قضى شخصان آخران في الشهر التالي في كولدينغلي وبريستول.

وتُوفي شخص رابع في سجن "ستوكين" HMP Stocken في شهر مايو (أيار) الماضي، بينما توفي خامس في بريستول في يوليو (تموز) الماضي.

ويحقق "أمين المظالم المعني بالسجون وفترات المراقبة" Prisons and Probation Ombudsman (PPO) [الذي يعمل بصورة مستقلة عن وزارة العدل] في حادثتين أخريين أقدم خلالهما شخصان على وضع حد لحياتهما في سجني "دوفغايت" HMP Dovegate و"هامبر" HMP Humber الشهر الماضي.

ووصفت إحدى أفراد أسر المتوفين الوضع بأنه "أكبر ظلم شهدته البلاد منذ كارثة هيلزبورو" [حادثة دموية وقعت عام 1989 وتسبب خلالها تدافع مشجعي كرة القدم بمصرع 97 شخصاً وإصابة المئات، وألقي باللوم فيه على أخطاء الشرطة].

وأضافت كلارا وايت التي قضى شقيقها توماس أكثر من 11 عاماً في السجن بتهمة سرقة هاتف أنه أصيب بالفصام أثناء وجوده هناك، وتبين من تقييم الطب النفسي أن تدهور صحته العقلية يعود لليأس الذي أصابه نتيجة الحكم الصادر ضده بموجب عقوبة "السجن من أجل الحماية العامة".

كما تدهورت صحة واين بيل العقلية بصورة ملحوظة منذ سجنه عام 2007 بتهمة سرقة دراجة، وكان حينها في الـ 17 من العمر، وأمضى أعواماً عدة في مستشفى يقع تحت حراسة مشددة بعد أن وجد في حال جمود و"هزال شديد" في زنزانته قبل إعادته في نهاية المطاف للسجن، وأعربت شقيقته آلانا عن قلق الأسرة قائلة "نحن ببساطة نتوقع أن نتلقى تلك المكالمة لإبلاغنا بوفاة واين، لقد حطمه الأمر تماماً".

آرون غراهام شقيق تشيري نيكول قبع كذلك في السجن على مدى عقدين من الزمن، بما في ذلك فترة الحبس الاحتياطي بعدما حكم عليه بعقوبة "السجن من أجل الحماية العامة" نتيجة التسبب بأذى جسدي خطر تمثل بكسر عظم وجنة رجل قام بالاشتباك معه، وقالت تشيري لـ "اندبندنت"، "لقد سلبه [الحكم] حياته وفرصة تكوين أسرة وممارسة مهنة وجرده من كل ما لديه".

السيدة موني التي أمضى شقيقها ستة أعوام في السجن عندما توفي، على رغم قضائه مدة الحد الأدنى للعقوبة وهي أربعة أعوام، طالبت وزير العدل البريطاني أليكس تشوك بالتدخل، وقالت "ليس لدي أدنى شك في أن [إعادة المحاكمة] كانت ستنقذ أرواحاً عدة، وإلى حين حدوث تغيير مهم أعتقد أن هذا الوضع المأسوي سيستمر، إنه فعلاً لأمر مروع أن تترك الحكومة أفراداً يواجهون عواقب وخيمة تؤدي إلى خسائر في الأرواح".

وزعمت أن معالجة قضية عقوبة "السجن من أجل الحماية العامة" يمكن أن تخفف الضغط على نظام السجون من خلال "إفراغ ثلاثة سجون من نزلائها"، وسط أزمة القدرة الاستيعابية التي تواجهها المؤسسات العقابية في البلاد.

وسلطت الضوء على "خطورة الوضع الذي سيستمر على هذا النحو إلى أن يحدث تغيير ما" قائلة إن "هؤلاء الأفراد يستحقون الحصول على بصيص من الأمل، وعملية إعادة المحاكمة هي النهج الأكثر أماناً وإنصافاً لمعالجة التحديات التي تفرضها هذه الأحكام، وهي لا تعني فتح الأبواب لهم والسماح لهم بالخروج بصورة عشوائية".

أمين المظالم المعني بالسجون وفترات المراقبة أدريان آشر نبه إلى "الارتفاع المقلق" في عدد الوفيات بالانتحار التي أقدم عليه محكومون بعقوبة "السجن من أجل الحماية العامة" خلال سبتمبر الماضي، وشهد عام 2022 انتحار تسعة أشخاص كانوا يقضون أحكاماً بموجب تلك العقوبة، وهو أعلى رقم سنوي مسجل. ومع حدوث سبع وفيات في العام الحالي وخلال فترة الأشهر الثمانية منذ فبراير الماضي، يتخوف ناشطون من أن يكون العدد الإجمالي أعلى من ذلك هذا العام.

وقال السيد آشر إن الأحكام يجب اعتبارها مصدر خطر بالنسبة إلى السجناء، مشيراً إلى أنه من بين 19 حالة انتحار أقدم عليها محكومون بعقوبة "السجن من أجل الحماية العامة" منذ عام 2019، كان خمسة سجناء فقط يخضعون للمراقبة من جانب فرق متخصصة للأشخاص المعرضين لخطر الانتحار وإيذاء النفس.

وفي تعليق على حالات الوفاة الأخيرة قال السيد آشر لـ "اندبندنت"، "لا نزال نشهد حالات انتحار يقدم عليها سجناء يقضون عقوبة ’السجن من أجل الحماية العامة‘ هذا العام، وأعتقد أنه يجب بذل مزيد من الجهود لضمان عدم استمرار هذه المستويات المرتفعة من الوفيات التي يتسبب بها السجناء لأنفسهم".

وناشد اللورد بلانكيت الوزير تشوك خلال اجتماع عقدته أخيراً لجنة مؤلفة من نواب من مختلف الأحزاب في "مجلس اللوردات" أن "يُصار إلى تصحيح خطأ كنت أقدمتُ عليه".

وأوضح السيد تشوك خلال الاجتماع أنه يفكر في تقليص فترة العقوبة البالغة 10 أعوام إلى خمسة أعوام، لكنه أعرب عن تحفظه على إطلاق السجناء الذين قد يواصلون ارتكاب "جرائم مروعة".

وقال اللورد بلانكيت لـ "اندبندنت" إنه كان يساعد العائلات التي وضع أحباؤها تحت المراقبة خوفاً من أن يقدموا على الانتحار بموجب هذا الحكم، لكنه اعترف بأنه متشائم في شأن ما إذا كانت الحكومة ستوافق على التعديل الذي اقترحه السير بوب على "مشروع قانون الضحايا والسجناء" Victims and Prisoners Bill.

وحذر نائب مدير مؤسسة "إصلاح السجون" الخيرية Prison Reform Trust مارك داي من أن "الإحباط واليأس" المرتبطين بعقوبة "السجن من أجل الحماية العامة" يمكن أن تكون لهما "عواقب مأسوية"، مضيفاً أن "الحكومة تتحمل مسؤولية معالجة الظلم المستمر الذي يواجهه السجناء وأحباؤهم بموجب هذه العقوبة، ويتعين على وزير العدل أليكس تشوك أن يتقدم بمقترحات عملية من شأنها أن تسهم في وضع حد لهذه العقوبة بصورة نهائية".

الرئيسة التنفيذية لـ "رابطة هوارد للإصلاح الجنائي" Howard League for Penal Reform أندريا كومبر اعتبرت أن "كل حالة انتحار يقدم عليها شخص يقضي عقوبة ’السجن من أجل الحماية العامة‘ تشكل إدانة مخزية لنظامنا القضائي، وتؤكد هذه الأرقام ضرورة أن تتصرف الحكومة بصورة حاسمة لإنهاء معاناة المسجونين وعائلاتهم".

وفي تعليق على ما تقدم قال متحدث باسم وزارة العدل البريطانية إن الوزارة "تدرس بعناية" ما يمكن القيام به لمعالجة محنة المحكومين بعقوبة "السجن من أجل الحماية العامة"، مضيفاً "لقد ألغينا أحكام هذه العقوبة عام 2012، وسبق أن قمنا بخفض عدد السجناء المحكومين بموجبها الذين لم يطلق سراحهم بنحو 75 في المئة، كما أننا نساعد الأفراد الذين لا يزالون رهن الاحتجاز في تقريب موعد إطلاق سراحهم من السجن من خلال تعزيز الوصول إلى برامج إعادة التأهيل ودعم الصحة العقلية".

وختم بالقول إنه "على رغم أن حماية السلامة العامة تظل دائماً أولوية بالنسبة إلينا، إلا أننا ننظر في التدابير الإضافية التي يمكن اتخاذها".

إذا كنت تواجه ضائقة أو صعوبة في التأقلم يمكنك التواصل والتحدث بثقة مع جمعية "ساماريتانز" Samaritans من خلال الاتصال على الرقم: 116 123 (في المملكة المتحدة وجمهورية إيرلندا)، أو إرسال بريد إلكتروني إلى [email protected]، أو زيارة موقعها الإلكتروني لتحديد أقرب فرع للحصول على المساعدة، وإذا كنت مقيماً في الولايات المتحدة الأميركية وتحتاج أنت أو أي شخص تعرفه لمساعدة في مجال الصحة العقلية الآن فاتصل بـ "الخط الوطني للمساعدة على منع الانتحار"National Suicide Prevention Helpline على الرقم 1-800-273-TALK (8255).

هذا خط ساخن مجاني وسري للأزمات ومتاح للجميع على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، أما إذا كنت في بلد آخر فيمكنك زيارة الموقع الإلكتروني www.befrienders.org للعثور على خط مساعدة قريب منك.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير