Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لا بداية التاريخ ولا نهاية الصراع

من الطبيعي أن تواجه "حماس" الاجتياح العسكري المعادي على أساس أنها في معركة "حياة أو موت"

من المؤسف أن حرب "حياة أو موت" لم تدفع الفصائل المتنازعة إلى استعادة الوحدة ضمن السلطة الوطنية ومنظمة التحرير (رويترز)

ملخص

الحرب في المدن محكومة بأن تصبح نوعاً من حرب العصابات، مهما تكن قوة الدبابات والطائرات والمدافع

كان مؤسس إسرائيل ديفيد بن غوريون يقول "العرب يستطيعون أن يتحملوا أكثر من هزيمة من دون أن يتهدد وجودهم، أما إسرائيل فإن هزيمة واحدة تعني نهايتها". الشق الأول من كلامه تأكد عملياً على مدى عقود من الحروب والهزائم التي تسمى "نكبات ونكسات"، وما بعدها. الشق الثاني لم يتمكن العرب من التوصل إلى تجربته عملياً، بصرف النظر عن الرغبة، وعلى رغم أحاديث "الانتصارات" منذ حرب 1973. ومن هنا كانت الدولة العبرية، ولا تزال، تخوض حروبها التوسعية ضد الشعب الفلسطيني والبلدان العربية، معتبرة إياها دائماً مسألة "حياة أو موت". فما قرأته في عملية "طوفان الأقصى" التي قامت بها "حماس"، وأحدثت زلزالاً كبيراً سياسياً وعسكرياً وأمنياً واجتماعياً، هو أن مسار النهاية بدأ، والآتي أعظم. وما وضعته كهدف مركزي لاجتياح غزة وممارسة أعلى مراحل التوحش ضد البشر والحجر هو "القضاء على (حماس)".

ومن الطبيعي أن تواجه "حماس" الاجتياح العسكري المعادي على أساس أنها في معركة "حياة أو موت". وهكذا تكتمل "التراجيديا الفلسطينية" في حرب على غزة تدعمها أميركا وأوروبا، ويفشل مجلس الأمن الدولي، وتعجز بقية الدول الكبيرة والصغيرة في العالم عن فرض وقف للنار أبعد من هدنة "إنسانية" من أجل تقديم المساعدات لشعب جرى تهجيره وتدمير منازله وقصف مستشفياته ومدارسه وقتل الآلاف من أطفاله ومنع الغذاء والماء والدواء والكهرباء والوقود عنه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


لكن الوقت السياسي بدأ يضيق على آلة القتل الإسرائيلية المتوحشة. حتى إدارة الرئيس جو بايدن التي دعمت حرب إسرائيل وقدمت لها كل شيء صارت محرجة، كما أن تراجع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين عن كلامه الأخير تحت ضغط نتنياهو، لا يبدل الواقع، وهو "أن الضغوط المتزايدة بدأت على إسرائيل، والنافذة الزمنية المفتوحة تراوح ما بين أسبوعين وثلاثة أسابيع حتى يكبر الضغط الدولي الثقيل". والظرف العسكري أيضاً بدأ يتغير بعدما صارت القوات الإسرائيلية في قلب مدينة غزة. فالحرب في المدن محكومة بأن تصبح نوعاً من حرب العصابات، مهما تكن قوة الدبابات والطائرات والمدافع. وفي حرب العصابات داخل شوارع غزة، فإن الوقت لمصلحة "حماس". الوقت السياسي والوقت العسكري. ومجرد بقاء "حماس" بصرف النظر عن الخسائر التي تلحقها بالجيش الغازي، هو هزيمة استراتيجية لإسرائيل. وأي هزيمة، ولو معنوية، هي زلزال آخر يضرب الدولة العبرية بعد زلزال "طوفان الأقصى".

ذلك أن الدبلوماسي الفرنسي موريس غوردو مونتاني الذي كان مستشار الرئيس الراحل جاك شيراك ليس الوحيد الذي أعاد تذكير الغرب الأميركي والأوروبي "بأن التاريخ لم يبدأ في السابع من أكتوبر، والمبادرات الإنسانية ليست سياسة". والمعادلة دقيقة في الحسابات الاستراتيجية: لا عملية "طوفان الأقصى" بداية تاريخ القضية الفلسطينية التي صار عمرها قرناً، ولا حرب غزة هي نهاية التاريخ العسكري في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، كما تتوهم حكومة نتنياهو. والبحث الدائر في عواصم عدة في المنطقة والعالم حول سيناريوهات ما بعد الحرب في غزة لا تزال افتراضية يتم رسمها في إطار مشهد غزة بعد "حماس". وهذا نوع من القفز فوق أمرين: أولهما أن "حماس" لن تختفي في غزة، ولا في الضفة الغربية، إن لم تفرض نفسها عسكرياً وسياسياً في حرب عصابات على أي سيناريو. وثانيهما أن القضية هي فلسطين قبل "حماس وفتح"، وبعدهما. ولا مهرب من حل شامل للشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
والمتظاهرون في عواصم العالم ومدنه يتضامنون مع فلسطين، لا مع أي فصيل. ومن المؤسف أن حرب "حياة أو موت" لم تدفع الفصائل المتنازعة إلى استعادة الوحدة ضمن السلطة الوطنية ومنظمة التحرير.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء