Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تتعثر المؤسسات العراقية في الخروج من العاصمة؟

متخصصون يرون أن ضعف موازنة الدولة وغياب الإرادة السياسية سببا تأخر التنفيذ على رغم ما يحمله من عوائد اقتصادية واجتماعية

تعاني شوارع العاصمة العراقية بغداد الاختناق المروري  (اندبندنت عربية)

ملخص

 الحكومة العراقية اقترحت نقل مؤسساتها إلى مناطق خارج الحدود الإدارية للمدن في خطوة من شأنها أن تسهم في اقتصاد البلاد.

تغرق العاصمة العراقية بغداد في كثير من المباني والمؤسسات والإدارات الحكومية، إذ تتمركز معظمها في مركز المدينة التي تكتظ بملايين العراقيين، إلا أن هذا المشهد بات يقلق الحكومة والمواطنين من الموظفين والمراجعين، نظراً إلى ما يسببه من تكدس الحركة في مكان واحد من دون أخرى، وضرورة نقلها خارج المدن لتخفيف الازدحام والاكتظاظ السكاني في العاصمة التي شهدت هجرة كبيرة وتوسعاً عمرانياً غير مخطط له بعد عام 2003.

وفي مارس (آذار) الماضي أصدرت الحكومة العراقية سلسلة من القرارات والتوجيهات إلى الوزارات العراقية، شملت نقل موقعي مصفاة الدورة إلى جنوب العاصمة ومعرض بغداد الدولي إلى غرب بغداد اللذين يستقبلان يومياً عشرات آلاف الموظفين والمراجعين، إضافة إلى نقل أشهر سجون بغداد الأمنية وهو سجن الشعبة الخاصة (الاستخبارات العسكرية سابقاً) وبعض مؤسسات الدولة الأخرى إلى خارج منطقة الكاظمية.

تعثر التنفيذ

وفي محاولة لتحسين جودة الحياة في المدن العراقية وتخفيف الاختناقات المرورية المستمرة، اقترحت الحكومة نقل مؤسساتها إلى مناطق خارج الحدود الإدارية للمدن، لكن يبدو أن المشروع يواجه عقبات ومشكلات كبيرة، بحسب لجنة الخدمات النيابية التي كشفت عن أسباب تعثر تنفيذ مقترح الحكومة بنقل مؤسسات الدولة إلى خارج الحدود الإدارية للمدن.

وقال عضو اللجنة حيدر علي شيخان في تصريح صحافي إن هذا التوجه جاء لغرض فك الاختناقات المرورية داخل المدن، باعتبار هذه الدوائر تستقطب أعداداً كبيرة من الموظفين والمراجعين مما يتسبب في زحام مروري خانق.

وذكر أن هناك توجهاً حكومياً لتنظيم إدارة المدن وجعل مؤسسات الدولة ودوائرها في الأطراف، وما عرقل هذا التوجه هو حاجته إلى تخصيصات مالية كبيرة، وأن تنفيذ مثل هذه المشاريع بحاجة إلى أموال طائلة ووقت طويل ولا يمكن تنفيذه بين ليلة وضحاها.

خلق مدينة عمرانية جديدة

وفي هذا الشأن يشير الباحث الاقتصادي بسام رعد إلى أنه توالت على بغداد خلال العقدين الآخرين كثير من التغيرات الحضرية مع نمو سكاني مرتفع للمدينة، وهو ما أحدث تغييرات حضرية أثرت في تركيبتها وهيكلها العمراني ووصلت الحال إلى التوزيع والشكل الحالي الذي تجاوز حدود الطاقة الاستيعابية السكانية والخدمية.

ونوه الباحث الاقتصادي إلى أن المؤسسات الحكومية ودوائرها السائدة باتت تتركز في مناطق من دون غيرها، مما يسبب كثيراً من الازدحامات والإرباك في الحياة اليومية للمواطنين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم التوجيهات الحكومية بنقل بعض المؤسسات إلى أطراف بغداد فإن هناك تعثراً في تنفيذ هذه التوجيهات بسبب عدم توافر البديل المناسب وتقادم البنى التحتية والخدمية بأطراف العاصمة، وهو ما يدعو إلى إعداد مخططات استراتيجية من أجل خلق مدينة عمرانية جديدة تكون مدينة إدارية تخفف المركزية الحكومية في العمران القائم حالياً.

وطالب رعد بأن تكون المدينة الإدارية أشبه بالمدينة الذكية القائمة على التكنولوجيا المتقدمة، وتضم مراكز استثمارية ومراكز إدارية ومالية عامة، ويعتمد نجاح مخطط استراتيجي عمراني كهذا على توافر المخصصات المالية الكافية، إضافة إلى أعوام من العمل من أجل التنفيذ.

غياب الإرادة السياسية

وفي السياق يشير أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي إلى أن الأهمية الاقتصادية في نقل الحكومة مؤسساتها إلى خارج الحدود الإدارية للمدن تكمن في أنه سيخلص بغداد من الفوضى الحاصلة فيها حالياً نتيجة هجرة الملايين إليها بعد عام 2003 من محافظات مختلفة، وبروز نحو 1000 مجمع عشوائي داخل العاصمة يعيش فيها أكثر من 3 ملايين شخص. وأوضح أهمية قرار كهذا تتمثل في تفكيك الاختناقات المرورية التي تؤثر في الحركة التجارية والاقتصادية سلباً.

ووفق السعدي فإن نقل المؤسسات يسهم أيضاً في تحفيز التنمية الاقتصادية في المناطق الجديدة، مما يؤثر بدوره في الاستثمار وخلق فرص العمل، إضافة إلى توفير المساحات الحضرية حيث يؤدي نقل المؤسسات إلى إفساح المجال لمشاريع سكنية وتجارية جديدة داخل المدن.

ورأى أستاذ الاقتصاد الدولي أن الأهمية لا تقتصر فقط على الجانب الاقتصادي بل هناك أيضاً مزايا اجتماعية تتمثل في تحسين الحياة اليومية للمواطنين من خلال تخفيف الازدحام وتحسين البيئة الحضرية، وأيضاً توزيع الخدمات بصورة أفضل، إذ يسهم توزيع المؤسسات في تحسين توزيع الخدمات الحكومية بصورة أكثر عدالة، ناهيك عن تحفيز التنوع الثقافي للمجتمع.

 

 

وحول تعثر المشروع يرى السعدي أن الأزمة المالية ليست العائق الوحيد أمام تنفيذ المشروع، بل أيضاً أن عدم وجود إرادة سياسية قوية لإنجازه هو سبب ودافع رئيس يعطل تحويل المخطط إلى واقع على الأرض، لكون المشروع استراتيجياً يحمل كثيراً من الإيجابيات ويخلو من نقاط الضعف.

وشدد السعدي على إعادة تأكيد أهمية التوازن بين الفوائد الاقتصادية والاجتماعية وضرورة التخطيط الاستراتيجي لتحقيق هذا التوازن، ويجب أيضاً أن يتعامل القرار الحكومي مع التحديات المالية والزمنية بصورة فعالة لضمان نجاح المشروع وتحقيق الأهداف المرجوة، لذا أصبحت الآن ضرورة توسيع العاصمة بغداد وتوحيد إدارتها.

وفي سياق متصل وصف المواطن البغدادي محمد كميل نقل المؤسسات والإدارات والوزارات الحكومية إلى خارج المدن خطوة في الاتجاه الصحيح، وأوضح أن بغداد مقسمة إلى قسمين، إذ إن هناك مناطق مكتظة في السكان وكثرة الاختناقات المرورية، لا سيما في أوقات الدوام الرسمي التي تنتشر فيها الإدارات الحكومية والجامعات وغيرها من المؤسسات العملية، فيما الأخرى تشهد أيضاً ازدحاماً بعد نهاية الدوام الرسمي وأيام العطل الرسمية، إذ تنتشر في هذه المناطق المولات والمحال التجارية فضلاً عن المطاعم والمتنزهات حيث الإقبال الكبير من المواطنين عليها.

وأشار كميل إلى أن توجه الحكومة نحو بناء مدن سكنية خارج الحدود الإدارية للعاصمة بغداد والمحافظات مؤشر إيجابي لتخفيف الضغط على مركز المدينة التي أثقلته هجرة المواطنين من الريف إلى المدينة، وغياب التخطيط والتوسع العمراني بصورته الصحيحة، فضلاً عن الزيادة السكانية التي يشهدها العراق كل عام، إذ إن هذه الخطوة يجب أن تتبعها خطوة نقل المؤسسات الحكومية إلى خارج المدن والمضي بها وتنفيذها في أقرب وقت لأهميتها وانعكاساتها الإيجابية على حياة المواطنين، لا سيما في بغداد.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير