Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نازحون سودانيون ينقلون ثقافة أزيائهم ومطبخهم إلى المجتمع المصري

استطاعوا الانخراط في سوق العمل بفضل تسهيلات قدمتها القاهرة

استطاع نازحون سودانيون الانخراط في سوق العمل بفضل تسهيلات مصرية  (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

ثقافة المطبخ السوداني نقلها النازحون وأدرجت في سوق العمل المصرية

أجبرت الحرب العبثية التي طال أمدها بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان) ملايين السودانيين على النزوح نحو الدول المجاورة لإيجاد ملاذ آمن للعيش والتغلب على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية القاسية التي فرضتها الحرب مما جعل المواطنين بلا عمل.

وفي مصر التي شهدت تدفقاً كثيفاً للفارين من هول الصراع الدائر استطاع نازحون سودانيون الانخراط في سوق العمل بفضل تسهيلات مصرية، إذ وجدوا فرصة جديدة تنتشلهم مما يتخبطون به من أزمات.

واقتحمت سودانيات سوق العمل المصرية بقوة، وأصبحت لهن متاجر لبيع الثياب والحقائب والملبوسات والأكسسوارات والعطور السودانية المختلفة، فضلاً عن نقل ثقافة المطبخ السوداني وكل الأطعمة الشعبية السودانية إلى المجتمع المصري.

الحرب والآمال

قالت السودانية مي عمر صاحبة متجر للثياب السودانية "قضت الحرب على كل آمال وطموحات الشعب السوداني، لذلك كان لا بد من النزوح، وبعد التفكير بعمق، قررنا السفر إلى مصر على رغم أننا نعلم جيداً أن هناك مشكلات ستواجهنا، وتوجهنا من الخرطوم نحو وادي حلفا، شمال البلاد، وكانت الإجراءات في غاية السهولة، إذ لم نجد صعوبة في الدخول إلى مصر، واستقرت بنا الحال هناك، وبدأت ملامح أزمة اقتصادية تلاحقنا، ولم تكن الحال كما توقعنا في ظل ارتفاع الأسعار، بخاصة أن جميع أفراد أسرتي موظفون في الدولة ومحدودو الدخل، ومن ثم كان لا بد من التفكير في إيجاد دخل يمكننا من الإيفاء بمتطلبات الحياة اليومية". وأضافت "استطعنا بمعاونة بعض الأقرباء في دول أخرى دخول سوق العمل المصرية، وأنشأنا متجراً لبيع الثياب وكل ما يلزم المرأة السودانية، وكانت فكرة ممتازة من والدتي التي رأت أن السيدة السودانية، مهما تغير وضعها، لا تستطيع أن تتخلى عن عادة لبس الثوب، لذلك وجدت الفكرة القبول والنجاح من السيدات اللاتي استقرت بهن الحال في مصر، إلى جانب عرض كل مستلزمات المرأة من عطور على اختلاف أنواعها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابعت مي "أضرت الحرب بأوضاع كثر من السودانيين، وكان لا بد من التكيف مع الواقع الجديد، وما لاحظته أن معظمهم انخرط في سوق العمل المصرية في أعمال مختلفة، فهناك سيدات يدرن مقاهي كبرى، وأخريات عملن في محال للحوم السودانية وحققن شهرة وسمعة كبيرتين، وأثبتن نجاحهن في سوق العمل، وهناك كثر من حملة الشهادات العليا من الأطباء والمهندسين وطلاب جامعات اتجهوا إلى العمل كل في مجاله لتوفير نفقات الحياة والقضاء على العطالة".

تأمين نفقات

كما انتشرت مخابز تصنع الخبز السوداني بشكل واسع في الشارع المصري، ويعمل فيها شبان جامعيون لم يحالفهم الحظ بالالتحاق في وظائف تناسب مؤهلاتهم.

 

ويقول محمد عبدالله "لديَّ مجموعة من الأصدقاء ضاقت بهم سبل المعيشة، ومن أجل إعالة أسرهم أقاموا مخابز لصناعة الخبز السوداني والمصري". وتابع عبدالله "في الواقع تمكن معظم الأسر النازحة من إيجاد حلول لأزماتها المادية بدخولها سوق العمل الحر، فهناك من يعمل بائعاً في المتاجر، وهناك من فضل العمل في مهنة التوصيل (دليفري) في المطاعم المصرية والسودانية، وآخرون كعمال نظافة".

 

ثقافة سودانية

ثقافة المطبخ السوداني نقلها النازحون وأدرجت في سوق العمل المصرية. وتشير فاطمة آدم التي كان لديها مطعم في السوق الشعبية بأم درمان إلى أنها فقدت متجرها، ودمر وحرق من قبل قوات "الدعم السريع"، والآن نقلت تجربتها إلى مصر بافتتاح مطعم للأكلات الشعبية السودانية، وأصبح المطبخ السوداني حاضراً بكل تفاصيله الشعبية، بخاصة رقائق "الكسرة" التي تصنع من الذرة والقراص، فضلاً عن الأطعمة التي تصنع من البامية المجففة بعد طحنها. وأشارت إلى أنها ليست من حملة الشهادات، لكنها استطاعت استغلال مواهبها لإيجاد دخل إضافي يعين زوجها.

إصرار وعزيمة

المتخصص في الشأن الاقتصادي عبدالوهاب جمعة أوضح أنه "في ظل تداعيات الحرب وتدمير المنشآت وهرب نحو 10 ملايين نسمة من سكان الخرطوم والتمركز بالدول المجاورة، وبخاصة مصر، وجد هؤلاء النازحون أنفسهم أمام معاناة بالغة، لكن إصرارهم على دخول سوق العمل المصرية جعلهم يتجاوزون هذه المحن، إذ إن نجاحهم ناتج من خبرتهم المتراكمة خلال فترة عملهم قبل الحرب، فضلاً عن أن الخرطوم تمثل مركز رئيس للنشاط الصناعي".

أضاف جمعة "هذه الظروف القاهرة عمقت من مسؤولية الشباب من أجل توفير متطلبات الأسرة، من ثم أصبح جميع أفراد المجتمع منتجين، ومما ساعد على ذلك أن مصر من الدول المنتجة واقتصادها مستقر، لذلك لم يجدوا عناءً في إيجاد فرص عمل. انخرط هؤلاء بسرعة في سوق العمل المصرية لساعات متأخرة من الليل، عكس ما كانت عليه الحال في السودان قبل الحرب، مما أدى إلى تغير نمط حياتهم اقتصادياً واجتماعياً مما تسبب في نقلة مجتمعية تحسب لهم".

وتابع المتخصص الاقتصادي "الآن نشهد حركة تجارية للنازحين، وهذا دليل على الحرب، وإن طال أمدها، لن تهزم المواطنين، ودليل على تمسكهم بالحياة بروح عملية لا تعرف اليأس".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير