ملخص
تقرير بريطاني يكشف عن مشكلات جهاز خفر السواحل التي أدت عام 2021 إلى غرق 27 مهاجراً في القنال الإنجليزي
توصل تقرير صادر عن فرع "التحقيقات في الحوادث البحرية البريطانية" Marine Accident Investigation Branch إلى أن قلة الخبرة وضعف الإمكانات لدى جهاز خفر السواحل في المملكة المتحدة و"قلة المعلومات" من السلطات الفرنسية أسهمت في إرسال مركب الإنقاذ البحري باتجاه المركب الصغير الخطأ، وأدى كل ذلك إلى أسوأ كارثة بحرية في القنال الإنجليزي منذ أكثر من 30 عاماً.
إثر حادثة الغرق في الـ24 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 تأكدت وفاة 27 شخصاً في الأقل، مع اعتبار أربعة أشخاص آخرين ضمن عداد المفقودين، وهو مصير لاقوه بعد انتظارهم لأكثر من 12 ساعة وصول فرق الإنقاذ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان من بين القتلى امرأة حامل وثلاثة مراهقين. وقال فرع التحقيقات في الحوادث البحرية البريطانية في تقريره الذي طال انتظاره بعد عامين من التحقيقات، إن حادثة الغرق الكبيرة كانت أسبابها كالتالي:
قلة الإمكانات البشرية، إذ لم يكن هناك إلا ثلاثة عناصر يستجيبون لنداءات الاستغاثة في تلك الليلة، بينهم عنصر كان لا يزال يخضع للتدريب.
حال الإرباك التي سادت بسبب كثرة نداءات الاستغاثة التي أطلقتها في الأقل أربعة زوارق، مما تسبب بتلقي معلومات متضاربة.
التحديات التي واجهها فريق الإنقاذ في تحديد موقع الزورق وتمييزه عن زوارق أخرى، وحقيقة أن مركباً للبحث والإنقاذ توجه إلى الموقع الخاطئ للحادثة.
ضعف التنسيق مع فرق البحث والإنقاذ الفرنسية التي قدمت "معلومات محدودة" لدعم القيام بعملية إنقاذ فاعلة.
حال المنقذين الذين "أعيق عملهم بسبب ضعف الرؤية" في غياب أي عمليات رصد جوية [مساعدة] أو القدرة على اكتشاف الأشخاص في مياه البحر.
المحققون وجدوا أيضاً أن جهاز خفر السواحل في المملكة المتحدة كان يقوم بالاستجابة لثلاثة نداءات استغاثة من زوارق أخرى للاجئين في الوقت نفسه ليلة الحادثة.
عندما وصل زورق البحرية "فاليانت" HM Valiant التابع لقوات حرس الحدود إلى موقع الحادثة بعد تلقيه الأوامر من جهاز خفر السواحل، نقل لمركز القيادة أن "أياً من الزوارق لا يبدو أنه يعاني خطر الغرق" وافترضوا خطأً "أن أول زورق عثروا عليه هو القارب المنكوب".
وقال فرع التحقيقات إن ذلك الخطأ لربما وقع لأن نداءات استغاثة سابقة من مهاجرين "تبين أنها مبالغ فيها بصورة كاذبة" وأن من شأن هذه "العادة المتكررة" ربما، أنها تسببت بدفع جهاز خفر السواحل وقوات حرس الحدود الذين يتعاملون مع نداءات الاستغاثة إلى اعتباره أيضاً حادثة أخرى "يضخم حجمها".
ويدفع ذلك إلى الاعتقاد بأن المسهلين أو المهربين، يقومون بصورة روتينية بتقديم النصيحة للاجئين للقيام بإرسال نداءات استغاثة "كاذبة".
وعلى رغم أن أحوال الطقس في تلك الليلة كانت توحي بحصول عدد مرتفع من عمليات العبور، فشل جهاز خفر السواحل في توفير ما يتناسب من الإمكانات لفريق المناوبة الليلية، من خلال تخصيص ثلاثة عناصر فقط في دوام تلك الليلة - واحد ذو خبرة وعنصران متدربان - عند وقوع الحادثة، وهو أقل من المستوى المتوقع. واحد من الذين كانوا يقومون بالاستجابة لنداءات الاستغاثة، كان مجرد متدرب.
وفي مقابلة خاصة مع "اندبندنت" العام الماضي، قال عضو في جهاز خفر السواحل في المملكة المتحدة إن الفريق، في الأيام التي سبقت حادثة الغرق، كان يعمل بما يفوق قدراته ويفتقر إلى الإمكانات اللازمة.
وقال "عادة ما كنا نعمل مدة 20 ساعة في اليوم أحياناً، وهذه فترة طويلة حقاً من دون فرصة لأخذ قسط من الراحة. الجميع كانوا متعبين ومحبطين أيضاً. كان يمكن رؤية الموظفين يختلفون ويزجرون بعضهم بعضاً. يتحتم علينا اتخاذ القرارات السريعة، ونعم، بالطبع ستقع الأخطاء لا محالة، عندما تقوم بعملك تحت ذلك النوع من الضغط".
وأسهم ضعف التنسيق والتواصل مع السلطات الفرنسية أيضاً في وقوع الضحايا بحسب ما استنتجه المحققون. سجل الاتصالات الذي حصل عليه فريق المحامين من السلطات الفرنسية العام الماضي، كشف عن تقاذف متكرر للمسؤولية بين السلطات الفرنسية والبريطانية. في مرة واحدة في الأقل، قام جهاز خفر السواحل في المملكة المتحدة بالطلب من المهاجرين عدم الاتصال من جديد، فيما طلب من آخرين أن ينهوا الاتصال، ويتواصلوا مع جهاز خفر السواحل الفرنسي لأنهم لم يكونوا في المياه الإقليمية البريطانية.
وقال فرع التحقيقات في تقريره إنه كان يملك "معلومات ضئيلة" من السلطات الفرنسية، وإنه لم يُمنح أي قدرة على الوصول إلى أي معلومات حول إجراءات اتخذها جهاز خفر السواحل الفرنسي في [محطته في] "غرينيه" Gris-Nez في تلك الليلة. وكذلك لم يسمح للفرع بمراجعة المركب أو المعدات المتعلقة بالحادثة.
مصطفى مينا الذي ما زال نجله زانيار ضمن عداد المفقودين في الحادثة، قال لـ"اندبندنت" إن ألم عدم معرفة ما جرى "لا يمكن وصفه"، مضيفاً أن ذلك كثيراً ما كان "الكابوس الأسوأ الذي يلاحق أي عائلة". مصطفى مينا إضافة إلى زانا محمد الذي اعتُبر أخوه توانا أيضاً في عداد المفقودين تلك الليلة، يطالبان بإجراء تحقيق عام قانوني وكامل في ظروف ما جرى.
وقال السيد محمد "نعتقد بأن على فرع التحقيقات أن يتحلى بالشجاعة ويحدد ’الأشخاص الذين أخلوا بواجباتهم‘"، مضيفاً "نحن نعتقد بأن الأدلة متوافرة: لقد كان الزورق في المياه البريطانية. والتكنولوجيا لا تكذب".
وقال السيد مينا "كانت تقع على عاتقهم مسؤولية الحماية، وهم قاموا بإهمال مسؤولياتهم. وهذا خرق للقوانين الدولية".
وطالبت عائلات الضحايا والمفقودين أيضاً بالحصول على معلومات حول المهرب حارم أحمد أبوبكر الذي قام بتسهيل عملية العبور والذي رُحّل إلى فرنسا الصيف الماضي، حيث ينتظر محاكمته.
ماريا توماس، وهي محامية تعمل في مكتب دانكن لويس للمحاماة، وتقوم بتمثيل عائلات الضحايا، قالت إن التقرير "لم ينجح في التحقيق في احتمال وجود فشل داخل نظام العمل خلال التعامل مع تلك الحادثة، والذي ربما يكون قد أسهم في زيادة حجم الحادثة، ورفع من نسبة أخطار خسارة مزيد من الأرواح في المستقبل".
وأضافت أن الادعاءات التي سيقت في التقرير بأن من كانوا على متن القارب الصغير قاموا باتصالات متكررة سعياً إلى طلب النجدة والتي تبين أنها "مبالغ فيها أو كاذبة" هي محاولة "غير مقبولة لتبرير الإهمال ونقل مسؤولية الفشل عن كاهل جهاز خفر السواحل الملكي، إلى من كانوا يحتاجون إلى الإنقاذ".
وقال أندرو مول، المفتش العام المسؤول عن الحوادث البحرية: "في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، كانت استجابة المملكة المتحدة لأزمة اللاجئين بصدد التطور، وعلى رغم تحديد الحاجة إلى إدخال التحسينات، فإن عمليات الإصلاح كانت في طور التنفيذ ولم تكتمل بعد. والتقرير يعترف بأن تغييرات جذرية حصلت منذ وقوع تلك الحادثة.
وأضاف "على رغم ذلك، جرت توصية كل من جهاز البحرية وخفر السواحل وقوات حرس الحدود، بالقيام بتطوير آليات عملهم للتأكد من إمكان إتمام عمليات المراقبة في مضيق دوفر، حتى في حال عدم توافر الدعم الجوي".
وختم مول قائلاً "جرت أيضاً توصية جهاز البحرية وخفر السواحل بالعمل مع السلطات الفرنسية لتحسين عملية نقل المعلومات بين جهازي خفر السواحل في كل من المملكة المتحدة وفرنسا خلال عمليات عبور اللاجئين".
© The Independent