Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسلسل "وقت": تصوير واقعي لحياة النساء المؤلمة في السجون

تدخل نساء عديدات السجن لارتكابهن جنحاً خفيفة، لكن العقوبات القصيرة على الجنح غير العنيفة قادرة على قلب حياتهن بأكملها رأساً على عقب، مما يعرضهن لخطر فقدان وظائفهن وبيوتهن وأطفالهن. نستكشف كيف تُظهر السلسلة الثانية من دراما السجون "وقت"

   عدالة فجة: تمارا لورانس (ألي)، وبيلا رمزي (كيلسي)، وجودي ويتاكر (لورا) هم ثلاثي النساء في قلب المسلسل الجديد (بي بي سي)

ملخص

تدخل نساء عديدات السجن لارتكابهن جنحاً خفيفة، لكن العقوبات القصيرة على الجنح غير العنيفة قادرة على قلب حياتهن بأكملها رأساً على عقب، مما يعرضهن لخطر فقدان وظائفهن وبيوتهن وأطفالهن. نستكشف كيف تُظهر السلسلة الثانية من دراما السجون "وقت" التي تعرضها "بي بي سي" الفوارق الصارخة بين نزلاء السجون من الإناث والذكور

"عندما جئت إلى هنا، كان لدي منزل وعمل وعائلة – الآن أنا لا أملك شيئاً". هذا الجزء من الحوار الذي تقوله الممثلة جودي ويتيكر في دراما السجن "وقت" Time التي تعرضها "بي بي سي"، يلخص المحنة التي تعيشها شخصيتها بكفاءة ساحقة. تتلقى أورلا، الأم العازب لثلاثة أطفال صغار، حكماً بالسجن لمدة ستة أشهر بتهمة التلاعب بعداد الكهرباء الخاص بمنزلها (أو ما تصفه بـ"العبث بالقانون"). ستؤدي هذه العقوبة الممتدة لستة أشهر إلى فقدان وظيفتها ومنزلها ووصول أطفالها إلى دار للرعاية. ويبدو أن السؤال الوحيد الذي تطرحه سلسلة "وقت" هو، ماذا فعلت كي تعاقب بهذه الطريقة؟ عدم امتلاكها المال الكافي لإبقاء الأنوار مضاءة؟

الحالات الشبيهة بهذه، حقيقية للغاية. في حين أن الإناث يشكلن 51 في المئة من سكان إنجلترا وويلز، فإن نسبة النساء في السجون أقل من 5 في المئة من مجموع السجناء. العام الماضي، وجد تقرير للجنة بمجلس العموم أن النساء "غالباً ما يُحكم عليهن بجنح غير عنيفة ومنخفضة الخطورة ولكنها متكررة"، وفي عام 2020، كان 72 في المئة من النساء اللواتي عوقبن بدخول السجن قد ارتكبن جريمة غير عنيفة. تفيد منظمة "نساء في السجن" الخيرية أن ثلاثاً من كل خمس نساء يُسجنّ لمدة تقل عن ستة أشهر. يمكن القول إن السجينات يتعاملن مع نظام سجن صُنع للرجال، ويبدو أنه يخذلهن باستمرار. مسلسل "وقت" هو عمل يسعى إلى تسليط الضوء على هذه القصص المحبطة والمعقدة.

كانت الأحداث تدور في سجن خيالي للرجال في الموسم الأول الذي أبدعه عام 2021 كاتب السيناريو الأسطوري جيمي ماكغافرن، الرجل الذي ابتكر أعمالاً مثل "مخترِق" Cracker و"الشارع" The Street والدراما الوثائقية "هيلزبارا" Hillsborough. لعب شون بين البطولة في دور مدرس سابق يقضي عقوبة بتهمة القيادة تحت تأثير الكحول وستيفن غراهام بدور ضابط سجن منحل أخلاقياً. حاز العمل على حفنة من جوائز "بافتا"، ولكنه نال أيضاً استحسان النقاد ــ والأشخاص الذين اختبروا نظام السجون على نحو مباشر ــ بفضل تصويره القاسي للحياة خلف القضبان. الآن حول ماكغافرن تركيزه إلى سجن للنساء، وللقيام بذلك، ضم إلى فريق التأليف كاتبة السيناريو هيلين بلاك. يشمل رصيد أعمالها السابقة فيلم "حياة وموت في المستودع" Life and Death in the Warehouse الذي عرضته قناة "بي بي سي ثري"، ولديها أيضاً تجربة شخصية مع نظام العدالة الجنائية، وذلك بفضل مسيرتها المهنية السابقة في القانون. فلماذا تختلف الحياة في السجن كثيراً بالنسبة للنساء، وهل يصورها "وقت" بالشكل الصحيح؟ 

شخصية أورلا التي تلعبها ويتيكر هي واحدة من ثلاث شخصيات مركزية في المسلسل الجديد: الأخريان هما كيلسي، شابة حبلى مدمنة هيروين تلعب دورها بيلا رمزي بطلة مسلسل "آخرُنا"  The Last of Us، وآبي التي تجسدها تمارا لورانس، وتقضي حكماً مؤبداً بالسجن على جريمة تحاول إخفاءها عن زميلاتها السجينات. أثناء عملية الكتابة، تمكن ماكغافرن وبلاك من التحدث إلى نزيلات في سجن "ستايل الملكي" المغلق للنساء في منطقة تشيشر، وتأثرا بظروف المعيشة التي رأياها هناك أيضاً. تقول بلاك: "تعيش نحو 20 امرأة في منزل يضم غرف نوم مشتركة وحمامات مشتركة ومطبخاً مشتركاً وغرفة تلفزيون". إنه تناقض صارخ مع الممرات الرمادية الطويلة التي رأيناها في الموسم الأول من "وقت". وتضيف: "يُسمح لهن بالتنقل بحرية في الداخل، لكن الباب الرئيس مغلق"، مشيرة إلى أن "النساء محشودات معاً... سواء كنت رهن الحبس الاحتياطي، أو محكوماً عليك لارتكاب جريمة بسيطة أو تقضين عقوبة عن جريمة خطرة، ستكن جميعاً معاً في المنازل".

يمكن للأحكام القصيرة، مثل التي تواجهها أورلا، أن تسبب مشكلات كبيرة. إنها لا تمنح سوى وقت قليل لإعادة تأهيل السجينات، لكنه وقت كاف لفقدان وظائفهن ومنازلهن وعائلاتهن، وينتهي الأمر بعديد منهن في منظومة السجن مرة أخرى، محاصرات في بابه الدوار (تقول بلاك: "تخرجين إلى الجانب الآخر، وبعد ذلك بسرعة كبيرة، ستعودين مرة ثانية"). تعتبر قضية أورلا بمثابة "مادة تُدرّس لكيفية عمل النظام"، كما تقول إيلا*، التي أمضت ما يزيد قليلاً على عام في السجن قبل العمل مع منظمة "وركينغ تشانس" الخيرية التي توفر دعماً في العثور على عمل للنساء اللواتي لديهن أحكام. تضيف: "وهذا أمر فظيع. فعلت هذه الشخصية شيئاً مخالفاً للقانون، لكنها كانت تحاول فقط الاعتناء بأطفالها. إذا أنفقت قليلاً من المال وعرضت الدعم على تلك المرأة، فأنت لا تأخذ أطفالها، بل تحافظ على وظيفتها، وتبقيها في مسكنها".

تؤيد بلاك هذا الكلام وتقول: "يبدو الأمر سخيفاً تقريباً – لا بد أن إبقاءهن في السجن مكلف جداً، وبالتالي سيدمر حياتهن بأكملها بالتأكيد، بدلاً من تيسير أمورهن المالية ببساطة". (في عام 2021، كشفت أرقام وزارة العدل أن كل سجين، ذكراً كان أو أنثى، يكلف وسطياً 48.409 جنيهات استرلينية سنوياً). تضيف: "كان من المهم حقاً أن ترى شخصاً عادياً يعيش حياة عادية [في المسلسل] وكيف يمكن للسجن أن يحطم كل شيء تماماً... السؤال الذي نطرحه هو: من الذي استفاد من وجودهن في السجن؟ لم تكن [أورلا] تشكل خطراً على نفسها أو على المجتمع". وترى أنه حتى بالنسبة لأولئك الذين "لديهم مواقف شديدة حقاً تجاه الجريمة والعقاب، فإن المنطق السليم والعبء المالي يخبرانك بأن [الحكم القصير] ليس له أي معنى".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تشير بلاك إلى أن تأثير سجن الإناث هائل جداً، لأنهن في أغلب الأحيان "يكن العمود الفقري" لكيان الأسرة (وفي الوقت نفسه، غالباً ما يكون للسجناء الذكور أقارب ينتظرونهم في الخارج). تتابع: "لا يمكنك النظر إلى هؤلاء السجينات بمعزل عن غيرهن، لأنهن في الأغلب الشخص المركزي... ولهذا تأثير هائل مستمر". في مسلسل "وقت"، كانت رؤية انفصال أورلا عن ابنها الفتى مفجعة، حيث فصلته الحضانة بدوره عن أخويه الأصغر ويستاء من تصرفات والدته. يضطر 95 في المئة من الأطفال إلى مغادرة منازلهم عندما تدخل أمهاتهم السجن، ويعتقد أن سَجن الأمهات يؤثر في حوالى 17 ألف طفل كل عام في إنجلترا وويلز. تقول ساج زافار، التي عملت لفترة قصيرة في أحد سجون النساء قبل أن تصبح أول امرأة آسيوية تتولى منصب مديرة سجن في المملكة المتحدة: "إذا أخرجت المرأة من المعادلة، فسينهار كل شيء... هذا هو الواقع".

حتى أن إيلا تشير إلى أن بعض السجينات لا يتحدثن عن عائلاتهن، خوفاً من تدخل موظفي الرعاية الاجتماعية. تقول: "إذا سُئلت [ما إذا كان لديك أطفال] وأنت أم، وكنت قلقة من احتمال أخذ أطفالك، فما عليك إلا أن تقولي لا... لأنك تعتقدين أنك أخفيت الأمر. والبديل هو أن تقولي "نعم، لم أكن أتوقع إدانة". لكن ها أنا ذا، لدي أطفال وأنا قلقة عليهم. هذه في مقام نداء للرعاية الاجتماعية".

في عام 2018، وجد باحثون في جامعة ليفربول أن النساء معرضات لتلقي أحكام أشد بمرتين من الرجال عن الجرائم التي تشمل الكحول. هل من الممكن أنه يتم اتباع معايير مزدوجة عندما يتعلق الأمر بإصدار الأحكام؟ تقول زافار: "في ذهننا، نحن نتقبل الأمر إذا خرج رجل ما للسهر وسكر وضرب أحدهم... [يُنظر إلى] هذا على أنه طبيعي جداً، ومقبول، وهذا ما نتوقعه، أليس كذلك؟".

هناك عوامل مهمة أخرى تؤثر أيضاً في النساء المسجونات. تمثل السلامة العقلية مشكلة كبيرة في كافة السجون، لكنها تنطبق على نحو خاص على النساء، حيث أبلغ أكثر من 7 سجينات من بين كل 10 عن اعتلال صحتهن العقلية. هناك أيضاً "كل المشكلات البيولوجية المتعلقة بالحمل والولادة"، كما تشير بلاك، والتي تستكشفها قصة شخصية رمزي بطريقة مؤثرة. ويُعتقد أن حوالى ثلثي النساء في السجن تعرضن للعنف الأسري. "كثير من النساء" اللواتي التقتهن إيلا في السجن، "كن في علاقة اتسمت بالعنف الأسري، وتحملن ذلك لسنوات، [ثم] رددن العنف أو كن يحمين طفلاً... يحدث هذا عندما يتم استدعاء الشرطة فتجد النساء أنفسهن في مواجهة أحكام ضدهن".

لا تتردد سلسلة "وقت" في تصويرها مجمع سجون تمزقه العيوب، لكنها لا تقوم أبداً بتقديم ضباطه كشخصيات بسيطة: ففي بعض المواقف، يكون إحباطهم من النظام واضحاً. تقول زافار متحدثة عن الأعمال التلفزيونية: "دائماً ما تجدين موظفي [السجن] مسيئين ومغرورين" لكن في الحياة الواقعية "عندما يقومون بعملهم، فإنهم يهتمون حقاً. وعليك أيضاً تذكر أنه بالنسبة لبعض هؤلاء السجناء، هذه هي المرة الأولى التي يلتقون فيها بإنسان آخر يكترث لأمرهم حقاً". تضيف إيلا أن المسلسل "يظهر بعض التعاطف الحقيقي من قسم من الضباط، وهذه هي الحال بالتأكيد... هناك علاقات جيدة فعلاً تولد من تلك التجربة".

إن صدى "جوهر العنف الكامن" لم يتردد، بالنسبة لها، في قصة سجن كارلينغفورد الملكي الخيالي. تسأل: "لماذا في كل المواد الإعلامية التي تتناول موضوع السجون، ينهمك جميع النزلاء في صناعة السكاكين واستخدامها؟"، مشيرة إلى السكين يدوية الصنع التي أعدتها إحدى السجينات في حلقة متأخرة من السلسلة. تضيف: "الشيء الأساسي في الحياة في سجن النساء هو أنك تدركين أن لديك الكثير لتخسريه". ومع ذلك، فهي تقدر أنه "ليس فيلماً وثائقياً" – وأن" إنتاج برنامج تلفزيوني يظهر [النساء في السجن] جالسات يقمن بحياكة الصوف والقراءة سيكون مملاً حقاً".

السنة الماضية، اعترفت لجنة العدل بأنه تم إحراز "تقدم محدود" في ما يتعلق بإيجاد بدائل لعقوبة السجن للنساء، مع تقديرات وزارة العدل أن عدد النزيلات الإناث سيرتفع بنسبة 30 في المئة بحلول عام 2025. وهناك أيضاً خطط مثيرة للجدل جارية على قدم وساق لإنشاء 500 مكان إضافي في سجون النساء في إنجلترا. يحدث كل هذا على رغم أن تخفيض عدد السجينات يظل أحد ركائز الاستراتيجية للجانحات الأساسية. ولقد خصصت الحكومة 15 مليون جنيه استرليني في مايو (أيار) الفائت لدعم المنظمات التي تساعد النساء في نظام العدالة، وبخاصة أولئك اللواتي يرتكبن جرائم منخفضة الخطورة؛ في الشهر الماضي، أعلن وزير العدل أليكس تشوك عن خطط لإلغاء الأحكام التي تقل مدتها عن 12 شهراً لمعظم الجرائم (باستثناء تلك العنيفة أو الجنسية).

تتبنى بلاك، كاتبة سيناريو "وقت" نظرة عملية في ما يتعلق بالتأثير الذي يمكن أن يحدثه التلفزيون، وتقول: "لا أعتقد أن باستطاعة الأعمال الدرامية تغيير القانون أو السياسة العامة، لكن أظن أنها قادرة على إثارة النقاش... أفترض أن القوة تكمن في الأشخاص الذين يشاهدونها ويجرون المحادثة... وهكذا يتم تسليط الضوء على [القضية]". بالنسبة لكثير من المشاهدين، فمن المؤكد أن قصص أورلا وكيلسي وآبي ستظل عالقة في أذهاننا لفترة طويلة بعد مشاهدة شارة الحلقة الأخيرة.

* تم تغيير الاسم لحماية هوية المتحدثة.

© The Independent

المزيد من منوعات