Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مترجمو الأمم المتحدة في مالي يخشون مصير نظرائهم مع "طالبان"

"بلا شك وضع صعب ومعقد لهؤلاء في ظل الحرب المفتوحة بين الجيش والجماعات الإرهابية"

سارعت قوات بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام إلى الانسحاب من مالي بعد طلب الحكومة العسكرية المغادرة من دون تأخير (رويترز)

ملخص

راسلت مجموعة من المترجمين والموظفين الماليين الحكومة الألمانية من أجل توفير حماية لها

بينما تسارع قوات بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام "مينوسما" لإخلاء مقارها في مالي، يستشعر المترجمون الذين عملوا معها ومع قوات غربية قادتها فرنسا، في وقت سابق، خطر الانتقام منهم خصوصاً أن القتال يتصاعد بين المتمردين والجيش من جهة، وبين الجيش والجماعات الإرهابية من جهة أخرى.

وفي أغسطس (آب) الماضي، راسلت مجموعة من المترجمين والموظفين الماليين التي عملت مع الأمم المتحدة والقوات الغربية الحكومة الألمانية من أجل توفير حماية لها، وسط مخاوف من تكرار سيناريو حركة "طالبان" في أفغانستان عندما نفذت أعمالاً انتقامية ضد كل من عمل مع حلف شمال الأطلسي "الناتو" في العاصمة باماكو.

 

وقالت هذه المجموعة في رسالتها إن "رحيلكم سيخلق فراغاً أمنياً كبيراً، لا سيما بالنسبة إلى المترجمين الفوريين الذين لعبوا دوراً حساساً للغاية منذ بداية المهمة، لقد رأينا رسائل هنا في مالي يهدد فيها الإرهابيون بمهاجمة كل من عمل في القوات الوطنية والدولية، نحن نخشى خطر الأعمال الانتقامية بعد انسحاب البعثة الأممية".

وضع صعب

وسارعت قوات بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام إلى الانسحاب من مالي بعد أن طلبت الحكومة العسكرية في باماكو، في يونيو (حزيران) الماضي، المغادرة من دون تأخير، مشيرة إلى أن "هذه البعثة باتت جزءاً من المشكلة بعد تأجيج التوترات الطائفية في البلاد".

وبناء على هذا الطلب، أجازت الأمم المتحدة لبعثتها إخلاء معسكراتها، لكن انسحابها بدا فوضوياً إلى حد بعيد من مالي التي شهدت انقلابين عسكريين قادا إلى حكومة مناهضة لحضور فرنسا والغرب عموماً في البلاد، وأخذت خطوات للتحالف مع روسيا التي بات لمرتزقتها "فاغنر" حضور لافت هناك.

وفي البعثة وحدها، تم توظيف ما لا يقل عن 900 مالي كمترجمين وسائقين ومهام دعم أخرى في 12 قاعدة تابعة للأمم المتحدة منتشرة في مختلف أنحاء البلاد، وعمل هؤلاء لفترة لا تقل عن سبع سنوات، لكن مصيرهم اليوم يكتنفه الغموض في ظل استعادة الجماعات الإرهابية والمتمردين السيطرة على مساحات شاسعة من البلاد وسط قتال عنيف مع الجيش.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال المحلل السياسي المالي مادي إبراهيم إنه "بلا شك وضع صعب ومعقد للمترجمين باعتبار تصاعد الاشتباكات في غاو وكيدال وغيرهما، هي حرب مفتوحة بين الجيش المالي والجماعات الإرهابية ممثلة في تنظيم داعش والمتمردين". وأوضح إبراهيم أنه "بالنسبة إلى الذين عملوا مع الأمم المتحدة والقوات الغربية والمنظمات الدولية فإن مخاوفهم مشروعة، لأنهم سيكونون هدفاً للجماعات المتشددة والجيش سواء في العاصمة باماكو، أو المناطق البعيدة عنها، هذه حرب مفتوحة وستكون هناك خسائر فادحة مستقبلاً سواء من صفوف الجيش الوطني أو الجماعات الإرهابية وستمتد نيرانها حتماً إلى المترجمين".

أوراق ضغط

ومن مالي، قال محمد مامادو وهو اسم مستعار لموظف سابق مع البعثة الأممية "لا أعرف ماذا سيحدث لي ولعائلتي، الآن أتحصن في منزل قريبي في كيدال شمال البلاد بينما لا يعلو إلا صوت الرصاص بين المتمردين والجيش". وتابع مامادو "خشيتي الكبرى على عائلتي، لكن لو يبسط الجيش السيطرة على مواقع البعثة قد لا يكون هناك خطر، خصوصاً أن قيادته تدرك أننا عملنا مع البعثة بموافقة السلطات السابقة، لكن في حال سقوطها بيد المتمردين أو تنظيم داعش فقد يكون مصيري الإعدام رمياً بالرصاص".

وتشهد مالي اشتباكات عنيفة بمحاور عدة، في محاولة من كل طرف للسيطرة على مواقع البعثة الأممية، فيما لم يشفع إسناد ودعم قوات "فاغنر" للجيش بإحراز تقدم كبير مما يضع جدوى هذه الشراكة على المحك بالفعل.

وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية سلطان البان "بالفعل، فرضية ملاحقة المترجمين من أجل استخدامهم كأوراق ضاغطة إقليمياً ودولياً تبدو كبيرة من أجل الحصول على معلومات وخدمات معينة، والأكثر ترجيحاً في حال اختطافهم، الحصول على فدية، وهو الأسلوب الشائع والأكثر رواجاً في كل عمليات الاختطاف التي حصلت في المنطقة، أما فكرة التصفية وإعدام المترجمين فأعتقد أنها مستبعدة تماماً ولا وجود لأي مؤشرات إلى حصولها".

واعتبر البان أن "الأوضاع السياسية والأمنية في جمهورية مالي مفتوحة على كل التوقعات، وتجعل الأطراف المعنية بالصراع مستعدة لأي خطوة بإمكانها أن تحرز تقدماً كبيراً أو تفضي إلى نتائج يمكن الاستفادة منها". ولفت إلى أن "الأزمة أكبر من مجرد فرضية لتصفية مترجمين، الدولة نفسها معرضة للانقسام في أشهر قليلة بحسب معطيات الواقع، ودائرة التهديد واسعة وتضم السياسيين والعسكريين والمدنيين ورجال الدين والمترجمين، حرفياً هو صراع بأوجه وأدوات مختلفة، وقابل لكل شيء". ورأى أن "المجموعات المسلحة المتطرفة، التي لها السيطرة المطلقة على مناطق واسعة من مالي وتتقاسم الأراضي والأهداف العسكرية والمدنية، لن تتورع عن فعل أي اعتداء خصوصاً إن كان مرتبطاً بالغرب".

وأكد المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية أن "ملاحقة الموظفين هي استراتيجية لدى الإرهابيين لها دلالة على القوة والقدرة على الوصول للأهداف المطلوبة، كما أنها قد تكون مصدراً من مصادر التمويل والدعم الذي تقتات عليه للبقاء في حلبة الصراع، تاريخياً اختطفت المجموعات المسلحة موظفين غربيين وسياسيين ومنتخبين كرهائن للحصول على أموال أو كأوراق ضاغطة على السلطات المحلية وإضعافها".

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات