Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأمم المتحدة: العنف في السودان على حافة "الشر المطلق"

الجيش يوسع انتشاره في الخرطوم و"الدعم السريع" تتمدد في دارفور

مخاوف من تزايد انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور (رويترز)

ملخص

معارك برية شرسة داخل أحياء أم درمان وبحري وقصف متبادل في الخرطوم

حذرت الأمم المتحدة أمس الجمعة من تزايد انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور غرب السودان بعد اشتداد المعارك في الشهر السابع من الحرب الدائرة بين الجيش وقوات "الدعم السريع".

وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان كليمنتين نكويتا سلامي خلال مؤتمر صحافي "لن نكف عن القول إن الوضع مروع وكئيب. لكن بصراحة، لا نملك الكلمات لوصف الفظائع التي تحدث في السودان". وأضافت "ما زلنا نتلقى تقارير مروعة عن عنف جنسي وعنف جنساني واختفاءات قسرية وتوقيفات تعسفية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وحقوق الطفل".

وتابعت "ما يحصل هو شر مطلق" متحدثةً عن أطفال "وقعوا في مرمى النيران" وفتيات صغيرات تعرضن للاغتصاب أمام أمهاتهن.

كما أعربت عن قلقها من المعلومات الواردة "حول تصاعد العنف والهجمات على المدنيين، بما في ذلك أعمال عنف يبدو أنها قائمة على أساس إثني" في دارفور.

ورداً على سؤال حول خطر تكرار الإبادة الجماعية التي وقعت مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في هذا الإقليم الواقع في غرب السودان، قالت إنها "قلقة جداً. ما زلنا نأمل في ألا يتكرر ذلك".

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في بيان "قبل عشرين عاماً أصيب العالم بصدمة من الفظائع الوحشية وانتهاكات حقوق الإنسان في دارفور. نخشى أن تتطور ديناميكية مماثلة". وأضاف أن "الوقف الفوري للقتال والاحترام غير المشروط للمدنيين من قبل جميع الأطراف أمر ضروري لتجنب كارثة جديدة".

وأشارت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في بيان "قتل أكثر من 800 شخص على يد الجماعات المسلحة في أردمتا في غرب دارفور وهي منطقة كانت حتى الآن بمنأى عن النزاع". وأوضح الناطق باسم المنظمة في جنيف وليام سبيندلر خلال مؤتمر صحافي أن هؤلاء الأشخاص قتلوا "في الأيام القليلة الماضية".

وتضم أردمتا أيضاً مخيماً للنازحين داخلياً في السودان، حيث دمر ما يقارب 100 مأوى، وفقاً للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين. كذلك، سجل كثير من عمليات النهب في المنطقة، خصوصاً مواد إغاثة خاصة بالمنظمة.

مواجهات شرسة

وتصاعدت حدة وشراسة المعارك والمواجهات العنيفة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في مختلف أنحاء العاصمة السودانية الخرطوم، في وقت واصلت قوات "الدعم السريع" استهدافها المدفعي لسلاح المدرعات والقيادة العامة للجيش جنوب ووسط الخرطوم، فيما تابع الجيش قصفه مواقع "الدعم السريع" في محيط أرض المعسكرات والمدينة الرياضية مع ارتفاع سحب الدخان السوداء الكثيفة في سماء المنطقة.

واشتدت حدة القصف المتبادل والاشتباكات البرية، وتبادل الطرفان خلالها القصف المدفعي وإطلاق نيران المدافع الرشاشة على نحو خاص في مدينتي أم درمان الخرطوم بحري قرب جسر الحلفايا وأجزاء من ضواحي الخرطوم الجنوبية، مخلفة أعداداً كبيرة من القتلى من الطرفين. وبحسب شهود عيان، فإن الطيران الحربي للجيش شن غارات جوية عدة على مواقع لـ"الدعم السريع" في مناطق متفرقة من الخرطوم، كما تبادل الطرفان إطلاق النار والقذائف طوال يوم أمس الخميس. وأصاب القصف المدفعي العشوائي، للمرة الثانية بحسب شهود، مستشفى "النو" بمنطقة الثورة شمال أم درمان، مما أدى إلى مقتل إحدى بائعات الشاي في فناء المستشفى وجرح عدد من مرافقي المرضى ومنتظري العلاج، كما أصابت مجموعة أخرى من القذائف أحياء في منطقة شمبات بالخرطوم بحري مما أدى إلى فرار معظم سكان المنطقة.

عمليات عسكرية

وأكدت مصادر عسكرية توسيع الجيش عملياته البرية والجوية وسط وجنوب أم درمان تمكن خلالها من تدمير موقع مدفعي لقوات "الدعم السريع" بمنطقة الكدرو، كان يستخدم في قصف شمال أم درمان وبحري خلال الفترة الماضية، كما قصف الطيران رتلاً لعربات قتالية وناقلة ذخيرة في شمال كردفان. وأوضحت المصادر ذاتها أن الجيش واصل استهدافه، بالقصف البري والجوي والمسيرات، تجمعات "الدعم السريع" في منطقة الصناعات بالخرطوم بحري مما أسفر عن خسائر في الأرواح والممتلكات.

من جانبها، أعلنت قوات "الدعم السريع"، في بيان، على منصة "إكس"، تصديها لهجوم شنته القوات المسلحة السودانية والميليشيات المرتبطة بالنظام السابق المتحالفة معها، وألحقت بها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات واستولت على ذخائر ومركبات في مواقع متعددة بمدينة أم درمان.

دارفور الملتهبة

في دارفور، لا تزال عاصمة الإقليم الفاشر تترقب وقوع الاشتباك الكبير بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في أي لحظة، في وقت تتمركز القوات المشتركة لحركات دارفور المسلحة الموقعة على اتفاق السلام على مداخل الأسواق والأحياء بغرض حماية المدنيين. وأعلن رئيس حركة تحرير السودان مصطفى تمبور وصول قواته، التي ظلت تقاتل مع الجيش في كل من زالنجي ونيالا، إلى المدينة للالتحاق بالقوات المسلحة لدحر من وصفهم بمرتزقة "الدعم السريع" القادمين من تشاد والنيجر.

وعقب الأحداث الدامية في مدينة أردمتا بغرب دارفور، أعلنت قوات "الدعم السريع" تشكيل لجنة لحماية ممتلكات المواطنين من النهب بمشاركة أعيان المدينة، وتم إغلاق الطرق والمخارج.

ودان سلطان دار مساليت سعد بحر الدين الأحداث الدامية التي شهدتها مدينة أردمتا، الأسبوع الماضي، والتي خلفت مئات القتلى والجرحى، فضلاً عن النهب وتخريب الممتلكات التي طاولت المكونات السكانية في المدينة. واتهم بحر الدين، في بيان، "ميليشيات الدعم السريع بارتكاب مختلف أشكال جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والتهجير القسري، واستهداف قادة المجتمع الأهلية والسياسية والدينية، وطاولت حتى الأطفال". وطالب البيان بضرورة التدخل العاجل لحسم الفوضى التي تجرى في دار مساليت والقبض على المتورطين وتقديمهم للعدالة، والتدخل الإنساني العاجل لإغاثة المتضررين الفارين من جحيم الحرب بدولة تشاد الشقيقة.

هجمات دارفور وكردفان

في شمال كردفان دانت حكومة الولاية هجوم "الدعم السريع" على قرى أبو حمرة القوز، والمحطة وأم دباكر والأضاي بمحلية أم روابة. وأوضح بيان لحكومة الولاية أن الهجوم هدف إلى تهجير السكان من مناطقهم بنهب وحرق منازلهم وممتلكاتهم ومنع علاج وإسعاف المصابين معتبراً أن ما حدث يمثل جريمة حرب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في السياق، حذر المحلل الأمني عبدالمنعم الصادق التوم من أن الاحتقان الكبير الذي تعيشه مدينة الفاشر بكل ما تضمه من تحشيد لثالوث من القوات من "الدعم السريع" والجيش والقوة المشتركة للحركات، فضلاً عن قوات منفردة للحركات نفسها غير المنضوية تحت القوات المشتركة، يجعل من المدينة قنبلة سيمثل انفجارها كارثة إنسانية غير مسبوقة في المنطقة برمتها.

أضاف "لا بد من تلافي انفجار الفاشر بأي طريقة وعلى وجه السرعة، ذلك أن التحشيد قد بلغ مداه بما ينذر بنقلة جديدة للحرب وصراع سيطول أمده وينفلت عقده، وربما يضع الحرب في مسار اللاعودة مرة أخرى حتى لو تحررت الخرطوم". وأشار التوم إلى أن التحذيرات الأميركية من انفجار الاقتتال في الفاشر مبعثه قراءة حقيقية للأوضاع هناك حيث يتمركز مزيج من القوات والمقاتلين.

تسهيلات إنسانية

وسط هذه الأجواء، استعرضت اللجنة الوطنية المشتركة للطوارئ الإنسانية جهود معالجة معوقات انسياب السلع للمواطنين، وأهمية إنشاء مركز للعمل المشترك وتجميع الأجهزة الفنية المعنية بالفحص والإجراءات الجمركية في الميناء والمطار بهدف تسهيل الإجراءات لكل السلع والمواد الواردة من الخارج، وبحثت اللجنة في اجتماعها الأول برئاسة الفريق إبراهيم جابر عضو مجلس السيادة الانتقالي الإجراءات المتصلة بالعمل الخارجي واتخاذ التدابير اللازمة لتسهيل تأشيرات الدخول ومعالجة الإجراءات للجهات المقدمة للمنح والعون الإنساني وتسريع عمليات التخليص والتوزيع.

سياسياً، عزا رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر فشل مفاوضات منبر جدة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار، على رغم المحاولات المتعددة، والدور الكبير للميسرين، لعدم تمتع وفدي التفاوض بالصلاحيات الكاملة وافتقار الأطراف المتفاوضة إلى الإرادة السياسية اللازمة. وأمل ناصر أن يستخدم ميسرو منبر جدة أدوات أكثر فاعلية حتى يتمكن طرفا التفاوض من التوصل إلى اتفاق سلام دائم وعاجل، مطالباً الجيش وقوات "الدعم السريع" بأن يكونا أكثر مرونة ومراعاة لمصالح الشعب السوداني الملحة في السلام والاستقرار.

وذكر بيان لرئيس حزب الأمة كلاً من القوات المسلحة وقوات "الدعم السريع" بأن الفشل في التوصل إلى وقف لإطلاق النار يفاقم عدم الاستقرار ويضاعف المعاناة الإنسانية للمواطنين المكتوين بنار هذه الحرب.

مطالب مشددة

على نحو متصل، شدد تحالف القوى المدنية لإنهاء الحرب واستعادة الديمقراطية، برئاسة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، على ضرورة أن يترجم كل من الجيش وقوات "الدعم السريع" التزاماتهما في اتفاقهما الأخير بمنبر جدة إلى أعمال ملموسة وواقع محسوس. وطالب بيان للتحالف المجتمع الدولي بتصعيد وسائل الضغط المباشر على الطرفين المتحاربين لضمان تنفيذهما بنود إعلان جدة الذي وقعاه في شهر مايو (أيار) الماضي، وكل بنود القوانين الدولية التي تكفل حماية المدنيين والأسرى وتوفير الممرات الآمنة لخروجهم من مناطق الاقتتال إلى جانب حماية البنى التحتية الضرورية لمعيشة المواطنين. وحض التحالف الطرفين المتحاربين والقوات التابعة لهما على التزام حماية المتطوعين المدنيين في مجالات العون الإنساني من أي اعتداءات.

ودعا بيان للتحالف أيضاً إلى الاعتراف بدور المنظمات المحلية في العون الإنساني وتضمينها في الخطط الدولية مع عونها وإسنادها لمتابعة أدوارها، فضلاً عن ضرورة التعامل بجدية مع تقاريرها في شأن انتهاكات الطرفين المتحاربين لالتزاماتهما مع الرصد والمتابعة الدولية لمحاسبة المسؤولين عنها.

تحذير أممي

أممياً، حذر نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في دارفور طوبي هارورد من أن مئات آلاف المدنيين والنازحين يتعرضون لخطر كبير في مدينة الفاشر مع تدهور الوضع الأمني ونقص الغذاء والماء والخدمات المحدودة للغاية، وتوقع هارورد، في منشور على منصة "إكس"، حدوث تداعيات كارثية على المدنيين جراء قتال الجيش وقوات "الدعم السريع" من أجل السيطرة على المدينة.

من جانبها، كشفت المنظمة الدولية للهجرة عن تلقيها تقارير تفيد بمقتل أكثر من 700 شخص و400 آخرين بين مصاب ومفقود بعد اشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع" في مدينة الجنينة غرب دارفور في الرابع والخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.

قلق أميركي

وأعلنت الولايات المتحدة مواصلتها محاسبة مرتكبي الفظائع في السودان، معبرة عن بالغ قلقها إزاء تقارير عن قيام قوات "الدعم السريع" بالتجول من منزل إلى آخر في منطقة أردمتا بغرب دارفور، وذبح أفراد من مجتمع قبيلة المساليت واحتجاز المدنيين بشكل تعسفي. وأشار بيان للسفارة الأميركية لدى الخرطوم، على منصة "إكس"، إلى أن قرار قوات "الدعم السريع" بتعيين عبدالرحمن جمعة، المعروف بتورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، قائداً للفرقة 15 مشاة بالجنينة، يثبت عدم جديتها بحماية المدنيين.

البرهان في الرياض

وسط هذه الأجواء، يبدأ رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، زيارة رسمية، أمس الجمعة، إلى السعودية بمرافقة وزير الخارجية المكلف علي الصادق ومدير الاستخبارات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل. للمشاركة، وفق وكالة السودان للأنباء "سونا" في القمتين العربية والإسلامية اللتين تستضيفهما الرياض.

المزيد من متابعات