ملخص
إلى "أستاذ الأساتذة" الذي سكت عن بيع ثروات الوطن للعدو، ولم يتقدم بأي خطوة قانونية لاستعادة حقوق شعبنا ومقدرات بلاده وتفرّغ لإخضاعنا لفحوصات في الوطنية والانتماء
من يعود بكلمة "أستاذ" إلى جذرها اللغوي الأول، يجد بأنها كلمة فارسية الأصل، وليست عربية. كانت تُطلق على الأشخاص الماهرين، ثم تطور معناها واستخدامها مع الأيام، فصارت تطلق على المعلم. لكنها في الأساس تعني المهارة في شيء ما.
يمكن أن تكون مهارة في القتل، أو مهارة في التدمير أو الفوضى، أو حتى مهارة في جرائم الحروب والإبادة.
في حالتها الطبيعة هي مهارة من النوع البناء، لكن حالتها الحالية هي مهارة إجرامية بامتياز، لا يمكن إطلاقها إلا على من استحق هذا اللقب.
قال عنها الحافظ أبو الخطاب بن دحية في كتابه "المطرب من أشعار أهل المغرب": "الأستاذ كلمة ليست بعربية، ولا توجد في الشعر الجاهلي. واصطلحت العامة أن يخاطبوه بالأستاذ ذلك الماهر بصنعته لأنه ربما كان تحت يده غلمان يؤدبهم...".
بناء على هذه العجالة اللغوية، أتوجه بهذه الكلمات إلى "أستاذ الأساتذة" الذي جعل من وطني الحبيب لبنان، مكاناً بلا هوية ولا حضور ولا حاضر ولا مستقبل.
إلى "أستاذ الأساتذة" الذي دمر مستقبل جيل بأكمله وجعلنا مشردين في بلدان العالم، سلاحنا الوحيد هو مهاراتنا التي اكتسبناها مما نجا من تدميركم، من إرث تاريخ لبنان الثقافي والإنساني والحضاري والعلمي.
إلى "أستاذ الأساتذة" الذي يجعل من الأيديولوجيا البالية خطاباً تحريضياً يؤدلج به عقول من آمن بدوغماتيات تيووقراطية، لم تعد موجودة إلا في أدوات معلمه الكبير الذي يعتبره ذراعه الأولى والأخيرة.
إلى "أستاذ الأساتذة" الذي سكت عن بيع ثروات الوطن للعدو، ولم يتقدم بأي خطوة قانونية لاستعادة حقوق شعبنا ومقدرات بلاده وتفرّغ لإخضاعنا لفحوصات في الوطنية والانتماء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إلى "أستاذ الأساتذة" الذي يحاول جاهداً تغيير وجه لبنان وأبلسة أصله الأصيل، لجعله يمناً ببؤسه وعراقاً بشرذمته وسورياً بتقسيمه وصومالاً بفقره وفنزويلا بعزلته.
إلى "أستاذ الأساتذة" الذي يمتهن لعبة الردع الراقص، ليبقي علة الوجود بيده وحجة الحرب على طاولته وورقة السلاح ضمن رزمة أوراقه.
إلى "أستاذ الأساتذة" الذي يقود المحاور ويريد تغيير موازين القوى بينما بلدنا يئن بلا كهرباء ولا ماء ولا بنية تحتية أساسية ولا خدمات عامة. والأهم بلا دولة ولا قانون ولا مال عام ولا مدخرات للناس ولا مؤسسات ولا من يؤسسون... بعدما تستر وحمى الفاسدين الذين أمعنوا بنهب مقدرات الدولة والمواطنين.
أخاطبك وأنا أعرف أن ما من شيء سيتغير. أخاطبك وأنا أعرف أنني سأُخوّنُ أكثر وأكثر وأكثر. أُخاطبك وأنا مرتاحة الضمير، لأن ثوابتي وقناعاتي بالدفاع عن الحق وعن القضايا المحقة والعادلة لم تتغير يوماً، ولن تتغير ولن تتبدل.
أخاطبك لأقول إنني من بيئة تعرف حقوق الإنسان وتلتزم بقوانين الحرب وتمارس السلوكيات المهنية الراقية لا الغوغائية الرعناء. وذلك حيال العدو كما الصديق. هي ثوابت أخلاقية وإنسانية تفرض مقارعة العدو بالحقيقة لا بالشتيمة. وبالوقائع التي تدينه لا بهتك الأعراض وهدر الدماء التي تدين محرضيها.
إن الارهاب الفكري الذي يمارس علينا لن يخيفنا ولن يثنينا عن القيام بواجبنا المهني والوطني والإنساني الصرف مهما تعالت أصوات النشاز والحاقدين والفاشلين.