Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جزر إسبانية تواجه "زحفا غير مسبوق" للمهاجرين من أفريقيا

عدد الذين وصلوا في الشهرين الماضيين يتجاوز ما نسبته 80 في المئة من إجمالي الذين أتوا العام الماضي

وصل نحو ستة آلاف مهاجر من دول أفريقيا منذ بداية العام إلى جزر الكناري (أ ف ب)

ملخص

شبح لامبيدوزا يخيم على جزر البيرو والكناري الإسبانية مع تصاعد الهجرة غير النظامية

تواجه جزر الكناري والبيرو في إسبانيا زحفاً غير مسبوق للمهاجرين من أفريقيا، في تطورات تشي بأيام صعبة لهذه الجزر تشبه بشكل كبير ما تعيش على وقعه جزيرة لامبيدوزا الإيطالية التي جمعت بين المتناقضات، حيث تعد من جهة جزيرة الأثرياء الإيطاليين ومن جهة أخرى جزيرة البؤس والمعاناة للمهاجرين الذين يصلون إليها.

ودق رئيس منطقة الكناري، فرناندو كلافيخو، ناقوس الخطر أخيراً في شأن الوضع في منطقته، قائلاً إن "جزيرة البيرو (تسمى جزيرة الحديد أيضاً) قد تتحول إلى لامبيدوزا ثانية"، داعياً الحكومة المركزية إلى التدخل من أجل المساعدة على مواجهة الوضع الراهن.

ومنذ بداية العام إلى حدود الـ15 من أكتوبر (تشرين الأول) الفائت وصل نحو ستة آلاف مهاجر غير نظامي من دول أفريقيا جنوب الصحراء، التي تئن تحت وطأة أزماتها الأمنية والاقتصادية، إلى الجزيرة التي يبلغ عدد سكان 11 ألفاً فقط.

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مهاجرين منهكين في جزيرة البيرو، ما يسلط الضوء على رحلات شاقة من مسار جديد لم يكن الإقبال عليه بهذه الكثافة في السابق، للعبور إلى القارة العجوز التي يرى فيها كثيرون ملاذاً لتأمين مستقبلهم.

تحد للسلطات الإسبانية

وتشكل أعداد المهاجرين الذين يصلون إلى الأرخبيل الإسباني عبئاً ثقيلاً على المنظمات غير الحكومية، التي تبذل جهوداً مكثفة لإنقاذ هؤلاء في مرحلة أولى ثم تولي مهمة رعايتهم لا سيما أن كثيراً منهم من الأطفال والقصر.

ويرى خبراء ومحللون أن تنامي الفقر والشعور بانعدام الأمن في دول الساحل الأفريقي ودول أخرى تشهد اضطرابات سياسية وأمنية، أسهما بتصاعد تدفق المهاجرين نحو هذه الجزر التي لا يمكنها استيعاب كل هؤلاء، فعدد الذين وصلوا في الشهرين الماضيين يتجاوز ما نسبته 80 في المئة من إجمالي الذين وصلوا العام الماضي.

وقال المحلل السياسي المغربي، حسن بلوان، إن "أزمة الهجرة نحو الأرخبيل الإسباني مرتبطة أساساً بالصراعات التي تعرفها الدول التي يتحدر منها هؤلاء المهاجرون. وتوافد الآلاف وخصوصاً القصر غير مصحوبين بذويهم، يشكل تحدياً كبيراً للسلطات الإسبانية في هذه الجزر على رغم جميع البرامج والزيارات التي قام بها المسؤولون من الحكومة الإسبانية المركزية سواء إلى الجزر أو إلى موريتانيا والسنغال".

ولفت بلوان في حديث لـ"اندبندنت عربية" إلى أن ''المغرب الذي يتقاسم مع إسبانيا حدوداً بحرية، شدد المراقبة الأمنية على مستوى البحر الأبيض المتوسط وفي الصحراء، وذلك بعد التقارب الاستراتيجي بين الرباط ومدريد. المملكة المغربية بصدد الإيفاء بالتزاماتها في ما يخص الهجرة غير النظامية، وهناك تعاون قوي بين المغرب والأوروبيين للتقليص من استفحال هذه الظاهرة".

 وفي يونيو (حزيران) 2022، شهد جيب مليلية الحدودي مع إسبانيا محاولات من المهاجرين للعبور من المغرب إلى إسبانيا، ما أدى إلى وفاة 27 مهاجراً غير شرعيين "اختناقاً" أثناء عملية التدافع في ما بينهم، كما جرح العشرات بينهم 140 عنصراً من الشرطة الإسبانية.

وبين بلوان أن ''المغرب الآن يعتمد مقاربة أمنية واقتصادية واجتماعية شاملة، لكنه في الوقت نفسه يؤكد للجانب الإسباني أنه لا يمكن أن يلعب دور حارس حدود مدريد أو أوروبا، وهي مقاربة تشكل نموذجاً لا سيما لموريتانيا والسنغال باعتبارهما منطلقاً جديداً للهجرة غير النظامية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أرقام كبيرة

وتمثل الهجرة غير النظامية قلقاً للقادة الأوروبيين، الذين يتحركون على مختلف الأصعدة في محاولة لإبرام صفقات مع دول العبور للتصدي للمهاجرين، ومن بين تلك الدول تونس وموريتانيا ومصر والمغرب وغيرها.

وقال المحلل السياسي الموريتاني، سلطان البان، إن "الأيام الماضية بالفعل شهدت تزايداً للهجرة من موريتانيا والسنغال وغامبيا، وقد كشفت منظمة كامينادوز الإسبانية في تقرير لها أن 7500 شخص لقوا حتفهم خلال رحلاتهم إلى الجزر الإسبانية بين عامي 2020 و2022، وهو رقم يعطي صورة للأرقام المهولة التي عبرت إلى هذه السواحل".

واعتبر البان أن "اختيار المهاجرين لهذا الطريق يعود إلى أسباب عدة منها الابتعاد من الطرق التقليدية في كل من ليبيا وتونس في ظل الإجراءات الأمنية الأوروبية المشددة هناك، حيث أُبرمت صفقات خصوصاً بين تونس وأوروبا، لذلك أصبح المهاجرون يختارون الأرخبيل الإسباني في السعي للوصول إلى القارة العجوز على رغم أنها رحلة محفوفة بالأخطار، وتستوجب 10 أيام على الأقل للوصول".

وأردف المتحدث أن "هناك أسباباً أخرى من بينها اكتظاظ مسار تونس وليبيا بالمهاجرين، الاتحاد الأوروبي حاول سد هذه الثغرات من خلال تعاون مع موريتانيا والسنغال لضبط الحدود، لكن كل هذه المحاولات لم تكن كافية، وهناك امتعاض كبير اليوم من الأوروبيين تجاه الهجرة".

وبدأت السلطات الإسبانية تطبيق إجراءات مشددة في مسعى للتصدي إلى المهاجرين غير النظاميين في الجزر المذكورة، لكن من غير الواضح ما إذا ستكون المقاربة الأمنية ناجعة في مواجهة هذه المعضلة، خصوصاً أنها جربت في لامبيدوزا الإيطالية ولم تفلح في القضاء نهائياً على هذه الظاهرة التي تستفحل مع الظروف التي تمر بها الدول التي يتحدر منها المهاجرون.

وهناك عوامل عدة تصب في مصلحة المهاجرين غير النظاميين وكذلك مهربي البشر الذين تتهمهم السلطات الأوروبية باستغلال الأوضاع للمجازفة بحياة الفارين من الأزمات في بلدانهم، من بينها هدوء البحر الذي يحفز المهاجرين على ركوب قوارب الموت للعبور إلى الجزر الإسبانية.

وقال البان إنه "يجب على المسؤولين الإسبان والأوروبيين تنفيذ اتفاق بروكسل من خلال تسهيل الإجراءات للمهاجرين، ورفع مستوى التعاون مع دول العبور مثل موريتانيا والسنغال، وتقاسم أعباء الهجرة وتقديم الدعم المالي والرقابة الدائمة لهذه الدول حتى تقوم بتطبيق سياسة الضبط".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير