Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خلافات إسرائيل مع أمناء الأمم المتحدة "قصة لا تنتهي"

من همرشولد إلى غوتيريش... غالبيتهم انتقدوا تل أبيب وتعرضوا لهجمات شرسة أطاحت بأحدهم

خطاب غوتيريش الأخير الذي انتقد فيه الحضار الخانق من إسرائيل تسبب في تصعيد الخلاف بين تل أبيب والأمم المتحدة (أ ف ب)

ملخص

استخدمت الولايات المتحدة 43 فيتو لحماية إسرائيل من إجمالي 80 حق اعتراض استخدمته واشنطن منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945.

أدى خطاب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأخير الذي تحدث فيه عن الاحتلال الإسرائيلي الخانق، وأن هجوم "حماس" لم يحدث من فراغ، إلى تصعيد الخلاف بين إسرائيل والأمم المتحدة، لكن العلاقة كانت متوترة منذ عقود طويلة، إذ ظل غالبية الأمناء العامين للمنظمة الدولية على خلاف متكرر مع تل أبيب على رغم محاولتهم السير بحرص على خيط رفيع حتى لا تؤدي مواقفهم الانتقادية إلى صدام مع الولايات المتحدة حليف إسرائيل الرئيس، مما يكلفهم ثمناً باهظاً، فما أبرز أوجه الخلاف؟ ولماذا حظيت إسرائيل بأكبر قدر من الانتقادات والقرارات في المنظمة الدولية مقارنة بأية دولة أخرى؟

اختبار غوتيريش

لم يكن غوتيريش منتقداً لإسرائيل في السابق، ففي عام 2020 منحه المؤتمر اليهودي العالمي جائزة تيودور هرتزل، وأعرب رئيس المؤتمر رونالد لاور عن امتنانه لأقوال وأفعال الأمين العام للأمم المتحدة بعد أن أظهر أنه صديق حقيقي ومخلص للشعب اليهودي ودولة إسرائيل، لكن يبدو أن هذه الكلمات الدافئة لن يسمعها غوتيريش في المستقبل المنظور بعد أن تجرأ قائلاً إن الشعب الفلسطيني تعرض لأكثر من 50 عاماً من الاحتلال الخانق، وعبر عن قلقه إزاء الانتهاكات الواضحة للقانون الإنساني الدولي في غزة.

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن يعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية أن غوتيريش تجاوز الخط الأحمر وبرر فظائع "حماس"، كما اعتبر نصب "ياد فاشيم" التذكاري للمحرقة في إسرائيل أن الأمين العام للأمم المتحدة "فشل في الاختبار". ودعا سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة غلعاد إردان إلى استقالة غوتيريش، حتى إن الحكومة الإسرائيلية أعلنت أنها ستتوقف عن إصدار تأشيرات لمبعوثي الأمم المتحدة.

قصة لا تنتهي

لكن المشهد الأخير من الخلاف بين إسرائيل والأمين العام للأمم المتحدة ليس سوى الفصل الأخير حتى الآن في سلسلة طويلة من الخلافات والتوترات، ليس فقط مع الأمناء العامين للمنظمة بل مع الأمم المتحدة بشكل عام، إذ لم يصدر لأية منطقة أخرى حول العالم هذا العدد من قرارات الأمم المتحدة مثل إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وكانت العلاقة مع إسرائيل متوترة باستمرار نتيجة لذلك.

وبحسب منظمة "مراقبة الأمم المتحدة"، وهي منظمة غير حكومية في جنيف، أصدرت الجمعية العامة 140 قراراً تنتقد إسرائيل بين عامي 2015 و2022 فقط، تدين بناء المستوطنات وضم مرتفعات الجولان والعنف ضد الفلسطينيين، مقارنة بـ68 قراراً صدرت من الأمم المتحدة تتعلق ببقية مناطق العالم في الفترة نفسها الزمنية، بما في ذلك خمسة قرارات فقط في شأن إيران، على سبيل المثال.

وعلى رغم أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة يجب أن تحظى بأغلبية الثلثين لاعتمادها، وهي ليست ملزمة بموجب القانون الدولي، وتحدد فقط المبادئ التوجيهية أو مواقف المجتمع الدولي، إلا أن محاولات إدانة إسرائيل في مجلس الأمن الذي تتمتع قراراته بالإلزام كانت تصطدم دائماً بفيتو أميركي في الغالبية العظمى من القرارات، إذ استخدمت الولايات المتحدة 43 فيتو لحماية إسرائيل من إجمالي 80 حق اعتراض استخدمته واشنطن منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945.

استثناءات أميركية

ومع ذلك عارضت الولايات المتحدة إسرائيل ست مرات أو امتنعت عن التصويت في مجلس الأمن لاعتبارات سياسية آنية تتعلق بعملية السلام أو بسبب خلافات بين الإدارة الأميركية والحكومة في إسرائيل، وعلى سبيل المثال صوتت واشنطن عام 1990 لصالح قرار في مجلس الأمن يدين تعامل إسرائيل المفرط في استخدام القوة مع تظاهرات في المسجد الأقصى، وفي ديسمبر (كانون الأول) 1990 وافقت الولايات المتحدة على إدانة إسرائيل لطردها أربعة من قادة "حماس"، ووصف القرار القدس بأنها أرض محتلة، وأن الفلسطينيين بحاجة إلى الحماية من إسرائيل، ودعت الأطراف المتعاقدة على اتفاق جنيف إلى ضمان امتثال إسرائيل، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يلجأ فيها مجلس الأمن إلى الاتفاق ضد دولة عضو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي يناير (كانون الثاني) 1992 دعمت الولايات المتحدة قراراً يدين إسرائيل لطردها 12 فلسطينياً، وفي عام 1996 وافقت واشنطن على إدانة تل أبيب لفتحها نفقاً في محيط المسجد الأقصى، وفي مايو (أيار) 2004 امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على قرار يدين إسرائيل بسبب تصرفاتها في غزة خلال عملية عسكرية، وفي 2016 دعا مجلس الأمن إسرائيل إلى وقف بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة، لكن واشنطن لم تصوت لصالح القرار، بل اختارت الامتناع عن التصويت بسبب خلاف إدارة الرئيس باراك أوباما مع حكومة نتنياهو في إسرائيل.

علاقة متوترة

ونظراً إلى هذه العلاقة المتوترة قد ينسى بعضهم أن الأمم المتحدة كان ينظر إليها على أنها الهيئة الدولية التي قامت بعملية ولادة إسرائيل، ففي عام 1947 صوتت الجمعية العامة بالموافقة على خطط تقسيم فلسطين على رغم معارضة الدول العربية، مما مهد الطريق لتأسيس دولة إسرائيل بعد نصف عام.

وفي ذلك الوقت كانت الأمم المتحدة تتألف من 57 دولة عضواً فقط، لكن وسط موجة إنهاء الاستعمار ارتفع هذا العدد بسرعة، إذ انضمت البلدان النامية والمتوسطة الدخل إلى صفوف الأمم المتحدة، مما أدى إلى تغيير التوازن السياسي في الجمعية العامة، وبعد حرب عام 1967 والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية توترت العلاقة بين إسرائيل والأمم المتحدة بشكل كبير، وارتفع عدد القرارات الحاسمة التي أقرتها الجمعية العامة إلى عنان السماء، ووجد الوضع في الأراضي الفلسطينية طريقه إلى جدول أعمال كل اجتماع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

لكن خلال العقدين الأخيرين اتخذت الأمم المتحدة خطوات دبلوماسية أصغر لإشراك إسرائيل بشكل أكبر في المنظمة الدولية، ففي عام 2012 شغل إسرائيلي منصب نائب رئيس الجمعية العامة للمرة الأولى، وفي عام 2016 عين إسرائيلي رئيساً للجنة الشؤون القانونية، ومع ذلك ظلت علاقة تل أبيب بالأمم المتحدة مشحونة دائماً بالتوتر، وهو ما عكسه غالبية من جاءوا على رأس الجهاز الإداري للمنظمة الدولية في نيويورك.

تريغفي لي (1946-1952)

كانت مشكلة فلسطين واحدة من أول الصراعات التي اضطرت الأمم المتحدة المشكلة عام 1945 إلى مواجهتها، إذ لعب أول أمين عام للمنظمة تريغفي لي دوراً نشطاً وداعماً لخطة التقسيم وعضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، مما أدى إلى اتهامه بالتعاطف مع الصهيونية وأن تصرفاته كانت مبنية على هذا التحيز السياسي الشخصي.

ونظراً إلى توقيت المشكلة الفلسطينية فضلاً عن الاهتمام الذي نالته من وسائل الإعلام وعامة الناس، فإن تعامل الأمم المتحدة مع هذه المسألة كانت له عواقب على مكانة المنظمة في العالم، لكن في رأي الأمين العام الأول تريغفي لي كانت فلسطين بمثابة اختبار ثلاثي للمنظمة العالمية الجديدة، تمثل في اختبار لقدرتها على حل الصراعات الإقليمية، واختبار لقدرتها على التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، واختبار لقدرة الأمين العام على حماية وتعزيز المنظمة الدولية.

داغ همرشولد (1953-1961)

كان داغ همرشولد أكثر إثارة للجدل عندما كان أميناً عاماً للأمم المتحدة، ففي وقت أزمة السويس عام 1956 دانه منتقدوه باعتباره مؤيداً لمصر، في حين أعلن ديفيد بن غوريون من إسرائيل أن همرشولد "عدونا الأول بعد روسيا"، لكن الأمين العام الثاني للأمم المتحدة لم يساعد فقط في حل أزمة السويس، بل أنشأ أيضاً قوة الطوارئ التابعة للأمم المتحدة، التي أصبحت المحور المفاهيمي لجميع عمليات حفظ السلام التابعة للمنظمة في المستقبل، وفقاً لأستاذ العلاقات الدولية في جامعة كاسل هينينغ ميلبر.

وعندما أعلن الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر في منتصف عام 1956 خططه لتأميم قناة السويس، استعدت إسرائيل والمملكة المتحدة وفرنسا في انتهاك واضح لميثاق الأمم المتحدة للتدخل العسكري من أجل الاستمرار في السيطرة على هذا الممر الاستراتيجي، الذي بدأته إسرائيل باحتلال سيناء.

لكن همرشولد تمكن من الاستفادة من تحالف المصالح المشتركة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية اللذين أيدا قرار مجلس الأمن بوقف الحرب وانسحاب القوات المحتلة، الأمر الذي جعل من المستحيل على الفرنسيين والبريطانيين استخدام حق النقض، ونتيجة لهذا أعطى تفويض الأمم المتحدة همرشولد القدرة على التحرك وأضفى الطابع المؤسسي على "الخوذ الزرقاء" في مصر، وهي أول قوة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة، إذ تمركزوا في منطقة الصراع تحت قيادة الأمين العام ومنعوا الحرب، وكان جهد همرشولد تحفة فنية دبلوماسية على حد تعبير أستاذ العلاقات الدولية في جامعة تكساس روجر لويس.

وعلى رغم إعلان بن غوريون أن همرشولد كان عدواً لإسرائيل إلا أن الوكالة اليهودية للصحافة تشير على موقعها الإلكتروني إلى أنه كان متعاطفاً مع إسرائيل لدرجة أنه نقل معلومات عسكرية ودبلوماسية سرية إلى المسؤولين الإسرائيليين وعقد اجتماعات خاصة مع الوكالة اليهودية، واستمر في لعب دور مهم في إنشاء دولة إسرائيل، وكان القادة الصهاينة يشيرون إليه بمودة على أنه الأب الروحي لإسرائيل.

وفي حين أن همرشولد لقي حتفه في سقوط طائرته بشكل غامض خلال مهمة سلام في أفريقيا إذ يعتقد بعضهم أنها أسقطت عمداً، إلا أنه لم يتأكد رسمياً من سبب سقوط الطائرة حتى الآن، مما جعلها لغزاً حائراً من دون إجابة.

يو ثانت (1961-1971)

غير أن الخوذ الزرقاء التي تشكلت للمرة الأولى ووجدت طريقها إلى مصر بعد أزمة السويس عام 1956، إذ كانت السبب في تعرض الأمين العام الثالث للأمم المتحدة لانتقادات من إسرائيل حينما وافق على طلب الرئيس المصري جمال عبدالناصر بسحب قوات حفظ السلام الأممية التي كانت ترتكز في مصر وليس على الطرف الآخر في إسرائيل، ووافق يو ثانت على الطلب المصري في مايو عام 1967 باعتباره من أعمال سيادة الدولة التي توجد بها القوات التابعة للأمم المتحدة.

 

وكان هذا الإجراء، بداية التوتر الذي أدى إلى قيام إسرائيل بشن هجوم استباقي واحتلالها سيناء والجولان والقدس الشرقية والضفة الغربية وغزة، وهو ما استتبعه قرار من مجلس الأمن يطالب بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها.

كورت فالدهايم (1972-1981)

برزت الخلافات الشديدة بين كورت فالدهايم وإسرائيل في كثير من المناسبات، وعلى رغم أنه بدأ المحادثات التي أنهت الحرب الإسرائيلية - العربية عام 1973، وحصل على دعم كل من الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، إلا أنه عندما اختطف مسلحون فلسطينيون طائرة كانت تقلع من تل أبيب عام 1976، مما أدى إلى أزمة رهائن في مطار كمبالا بأوغندا، تعرض فالدهايم لانتقادات هائلة من إسرائيل والولايات المتحدة لأنه وصف مهمة الإنقاذ التي قامت بها قوات الكوماندوز الإسرائيلية بأنها انتهاك خطر للسيادة الوطنية لدولة أخرى عضو في الأمم المتحدة، وفقاً لموقع منتدى السياسة العالمية في نيويورك.

وبعد أن غادرت لجنة حقوق الإنسان مقر الأمم المتحدة في نيويورك متجهة إلى جنيف في عهد فالدهايم، بدأت في شن حملات انتقاد واسعة ضد إسرائيل وروديسيا وجنوب أفريقيا، وهو ما كان سبباً في التعرض لانتقادات شديدة من تل أبيب، واعتبرت وكالة التلغراف اليهودية أن ظهور الأمم المتحدة كمركز قيادة عالمي للفاشية يتداخل مع فترة ولاية فالدهايم خلال سبعينيات القرن الماضي.

ومن بين الأسباب الأخرى للخلاف والتوتر أن لجنة الـ20 المعنية بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، أصدرت تقريراً لها يوجه انتقادات عديدة لإسرائيل، لكن مجلس الأمن رفضه بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضده، ووصفت تل أبيب توصيات التقرير بأنها خطة من أجل تدمير الدولة العبرية.

 

وفي تقريره السنوي إلى الجمعية العامة قال فالدهايم إن معالجة القضية الفلسطينية عنصر أساس في حل النزاع بالشرق الأوسط، وأن البعد الفلسطيني حظي باهتمام متزايد في الجهود المبذولة لتحقيق سلام عادل ودائم في تلك المنطقة.

وبعد أن ترك فالدهايم الأمم المتحدة وترشح للرئاسة في النمسا واجه حملة إسرائيلية وأميركية شعواء بعد أن كشف فيلم وثائقي عن أنه كان ضابطاً في يوغوسلافيا ضمن قوات جيش ألمانيا النازية، ومنعته الولايات المتحدة من زيارتها.

خافيير بيريز دي كوييار (1982-1991)

بعد أن واجه في وقت مبكر من ولايته الأولى التهديد بقطع التمويل الأميركي عن المنظمة الدولية في حال خروج إسرائيل من الجمعية العامة للأمم المتحدة، عمل خافيير دي كوييار وراء الكواليس لوقف الجهود العربية في هذا الشأن، وكانت هناك انتقادات صامتة من المعسكر العربي بأنه أعطى الأميركيين حق الطريق في الشرق الأوسط.

لكن عندما وقعت مذبحة الأقصى عام 1990 والمعروفة أيضاً باسم "الإثنين الأسود" في السنة الثالثة للانتفاضة الأولى نتيجة إصرار أتباع جبل الهيكل من اليهود المتشددين على وضع حجر الأساس للهيكل، اندلعت اشتباكات لقي خلالها 17 فلسطينياً مصرعهم، وأصيب أكثر من 150 آخرين على يد قوات الأمن الإسرائيلية، مما دفع مجلس الأمن الدولي بدعم من كوييار إلى إدانة أعمال العنف التي ارتكبتها قوات الأمن الإسرائيلية، وحث قرار المجلس التابع للأمم المتحدة رقم 673 على أن تعيد إسرائيل النظر في رفضها السماح للأمين العام للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كوييار بإجراء تحقيق.

بطرس غالي (1992-1996)

كثيراً ما اتخذ بطرس غالي مواقف صريحة أثارت غضب إدارة الرئيس الأميركي بيل كلينتون وبخاصة انتقاده الشديد لإسرائيل بعد قصف مخيم للأمم المتحدة في لبنان عام 1996 الذي أسفر عن مقتل نحو 100 لاجئ، عقب تقرير أعده خبراء عسكريون أوروبيون يعملون لدى الأمم المتحدة، أكدوا فيه أن الهجوم المدفعي الإسرائيلي لم يكن على ما يبدو خطأ، كما قالت الحكومة الإسرائيلية.

وفي كتاباته بعد مغادرة الأمم المتحدة اتهم بطرس غالي واشنطن باستخدام المنظمة الدولية لأغراضها السياسية الخاصة، وقال إن المسؤولين الأميركيين حاولوا في كثير من الأحيان السيطرة بشكل مباشر على تصرفاته.

وفي أواخر عام 1996 صوت مجلس الأمن بأغلبية ساحقة على منحه فترة ولاية أخرى، لكن مندوبة الولايات المتحدة مادلين أولبرايت، التي أصبحت وزيرة للخارجية بعد ذلك، استخدمت حق النقض بشكل حاسم كواحدة من الأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس، وهكذا أصبح بطرس غالي الأمين العام الوحيد في تاريخ الأمم المتحدة الذي حرم من ولاية ثانية.

كوفي أنان (1997-2006)

على رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتبر أن كوفي أنان جعل الأمم المتحدة أقل معاداة لإسرائيل وأنه حارب ضد معاداة السامية عبر إنشاء يوم عالمي لإحياء ذكرى المحرقة (الهولوكوست) بمبادرة من المنظمة الدولية، إلا أن كثيرين في تل أبيب كانوا ينظرون إلى أنان على أنه ينتقد إسرائيل بشكل غير متناسب خلال الانتفاضة الثانية وحرب لبنان الثانية.

وعلى سبيل المثال أرسل أنان رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون عام 2002 انتقد فيها سقوط عشرات من الوفيات المأساوية نتيجة الأنماط المثيرة للقلق في معاملة القوات الإسرائيلية للمدنيين والعاملين في مجال الإغاثة الإنسانية، إذ أصبح القتال يشبه الحرب التقليدية الشاملة، مما أدى إلى مقتل مئات من المدنيين الأبرياء، وتعرض عديد من المباني والمنازل للضرر أو التدمير، ونشر الدبابات في مخيمات اللاجئين المكتظة بالسكان، وإسقاط متفجرات ثقيلة على بعد أمتار قليلة من المدارس التي كان يرتادها آلاف الأطفال.

 

وعبر عنان عن شعوره بالفزع بسبب فشل جيش إسرائيل في حماية واحترام سيارات الإسعاف وقتل عديد من العاملين في مجال الإغاثة الطبية على رغم أن سيارات الإسعاف تحمل علامات واضحة، بما في ذلك رفض القوات الإسرائيلية مراراً السماح للعاملين الطبيين بالوصول إلى مناطق النزاع لعلاج وإجلاء الجرحى، على رغم الاحتجاجات الرسمية من جانب "أونروا" واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وعلى رغم تأكيد أنان أن لإسرائيل الحق الكامل في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب، إلا أنه أوضح أن هذا الحق لا يعفيها من التزامها باحترام المبادئ والقواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني وقانون النزاعات المسلحة في ما يتعلق بمعاملة المدنيين وحمايتهم في الأراضي المحتلة، والحماية التي يجب منحها للمرافق مثل المستشفيات والمدارس وشارة الهلال الأحمر والتناسب في وسائل وأساليب الحرب، مما يجعل خطاب أنان مشابها تماماً لما يجري الآن في غزة.

بان كي مون (2007-2016)

لم يعرف بان كي مون بتصريحات أو مواقف قوية ضد إسرائيل، ومع ذلك لم يسلم الأمين العام للأمم المتحدة من الانتقادات الإسرائيلية عندما اتهمه بنيامين نتنياهو بتشجيع الإرهاب، وأنه لا عذر للإرهاب بعد تصريح علني له بأن إحباط الفلسطينيين يتزايد تحت وطأة نصف قرن من الاحتلال وشلل عملية السلام، وأن الشعوب المضطهدة أثبتت على مدى قرون عدة أنها تتفاعل مع الاحتلال، الذي غالباً ما يكون بمثابة حاضنة قوية للكراهية والتطرف.

أنطونيو غوتيريش (2017- حتى الآن)

منذ أن تولى غوتيريش منصبه الحالي دافع عن إسرائيل في الأمم المتحدة، معتبراً أن المنظمة الدولية لديها تركيز غير متناسب على إسرائيل، مما أحبط قدرتها على القيام بدورها بفاعلية، وفي حديثه أمام الجمعية العامة للمؤتمر اليهودي العالمي في نيويورك في أبريل (نيسان) 2017، وعد غوتيريش بالعمل ضد المد العالمي المتزايد لمعاداة السامية، وذكر أن الشكل الحديث لمعاداة السامية هو إنكار حق دولة إسرائيل في الوجود.

وفي عهده انتخب سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون نائباً لرئيس الدورة السنوية الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مايو 2017، وتولى دانون المنصب الذي استمر لمدة عام، وشارك في وضع جدول أعمال الجمعية العامة وأشرف على القواعد واللياقة خلال الجلسة.

وبعد التغلب على معارضة الوفود الفلسطينية والعربية، انتخب إسرائيل لواحد من ستة مناصب تترأس لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، ومع كل جهود غوتيريش لم يشفع له شيء، وتعرض لسهام الانتقادات الإسرائيلية لمجرد أنه، مثل غيره من الأمناء السابقين، انتقد تصرفات إسرائيل الأخيرة في غزة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات