Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نيران الأمازون تشعل الانتقادات الدولية تجاه البرازيل

الحرائق تهدد بنسف اتفاق التجارة مع الاتحاد الأوروبي... والاتهامات تلاحق رئيس البلاد

حرائق الأمازون وضعت الرئيس البرازيلي في مرمى الانتقادات الدولية والعقوبات التجارية (أ.ف.ب)

بدأت السلطات البرازيلية عمليَّة واسعة لمواجهة موجة حرائق غير مسبوقة متواصلة منذ أكثر من 3 أسابيع في غابات الأمازون، التي تمثل بأشجارها الكثيفة (رئة لكوكب الأرض) لما توفّره من كميات كبيرة من الأكسجين (نحو 20% من الأكسجين)، وذلك وسط انتقادات دوليَّة مستمرة لموقف الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو من القضايا المرتبطة بالبيئة، وتعهدات بفرض عقوبات تجارية ضد بلده، إذا لم يغير من سياساته.

واليوم، قدَّم وزير الدفاع البرازيلي فرناندو آزيفيدو، خططاً لمكافحة الحرائق التي أثارت احتجاجاً دولياً، وكذلك تظاهرات في البرازيل ضد تعامل الرئيس جايير بولسونارو مع الأزمة البيئية.

44 ألف جندي
قال الوزير البرازيلي، إن "نحو 44 ألف جندي سيكونون متاحين لعمليات غير مسبوقة لإخماد الحرائق"، مشيراً إلى أن "القوات تتجه إلى 6 ولايات برازيلية تطلب المساعدة الفيدرالية".

وأوضح، وفق ما نقلت وكالة الأسوشيتد برس عنه، أن "المهمة الأولى للجيش ستنفذ من قبل 700 جندي حول بورتو فيلهو عاصمة ولاية روندونيا (شمال)، وإن الجيش سيستخدم طائرتين من طراز (سي - 130 هيركليز) قادرة على إلقاء ما يصل إلى 12 ألف لتر من المياه للمساعدة في القضاء على الحرائق".

وحسب آزيفيدو، فإن "هذا يظهر قلق حكومة بولسونارو بشأن هذه القضية".

 

وأعطى بولسونارو، يوم الجمعة الماضي، للجيش الإذن بالمشاركة في إخماد الحرائق، قائلاً إنه "ملتزم بحماية منطقة الأمازون".

وكان بولسونارو وصف في السابق حماية الغابات المطيرة بأنها عقبة أمام التنمية الاقتصاديَّة في البرازيل، خلافاً لما قيل بأن الأمازون تمتص كميات هائلة من الغازات الحابسة للحرارة، وهو أمرٌ حاسمٌ للجهود المبذولة لاحتواء تغير المناخ.

كما كان موقف الرئيس البرازيلي رافضاً التدخل من أي دولة للقضاء على حرائق غابات الأمازون، التي يطلق عليها اسم "رئة الأرض"، ما أثار انتقادات دوليَّة واسعة، لا سيما من جانب الزعماء المشاركين في قمة مجموعة الدول السبع الكبرى "جي 7" المنعقدة حالياً في بياريتس بفرنسا، فيما هددت بعض دول العالم الأخرى باستهداف الاقتصاد البرازيلي حال عدم اتخاذ أي خطوات من أجل القضاء على حرائق غابات الأمازون.

ما الذي يحدث في غابات الأمازون؟
سجَّلت البرازيل مستوى قياسياً من الحرائق في العام الحالي 2019، حسب بيانات وكالة الفضاء البرازيلية.

يقول المعهد الوطني لأبحاث الفضاء بالبرازيل، إن "البيانات التي رصدها قمره الصناعي تشير إلى زيادة قدرها 85% في معدلات الحرائق، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي 2018".

وحسب الأرقام الرسميَّة تم تسجيل 78 ألفاً و383 حريق غابات في البرازيل هذا العام (في الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي)، هي الأسوأ منذ 2013، ولم يتجاوز عدد الحرائق المسجَّلة في الفترة نفسها من العام الماضي 40 ألفاً.

يقول الخبراء، "إن جرف الأرض خلال أشهر الجفاف الطويلة فاقم المشكلة أمام زراعة المحاصيل أو لرعي الماشية". وأكثر من نصف الحرائق كان في الأمازون، إذ يعيش أكثر من 20 مليون شخص، واندلع قرابة 1663 حريقاً جديداً بين الخميس والجمعة، حسب المعهد البرازيلي لأبحاث الفضاء.

وتشيع الحرائق في غابات الأمازون في موسم الجفاف، الذي يبدأ من يوليو (تموز) وحتى أكتوبر (تشرين الأول).

ويمكن أن تشتعل الحرائق بفعل الطبيعة كما في ضربات البرق، لكنها أيضاً ربما تشتعل بفعل المزارعين والحطَّابين ممن يتخلصون من الحطب لتجهيز الأرض لزراعة محاصيل جديدة أو للرعي.

والحرائق التي تجتاح أكبر غابة استوائية في العالم، سمح مؤخراً الرئيس البرازيلي بمشاركة الجيش في مكافحة الحرائق والتصدي للنشاطات الإجرامية في المنطقة. وذلك بعدما طلبت 6 ولايات، بينها روندونيا مساعدة الجيش في الأمازون.

وشهدت ولايات رورايما وأكري وروندونيا والأمازون النسبة الكبرى من الزيادة في معدلات الحرائق مقارنة بالمعدل الذي ساد في السنوات الأربع الماضية (2015 - 2018). وشهدت ولاية رورايما زيادة في معدلات الحرائق بنسبة 141%، وولاية أكري زيادة بنسبة 138%، وولاية روندونيا بنسبة 115% والأمازون بنسبة 81%. وإلى الجنوب شهدت ولاية ماتو غروسو دو سول زيادة بنسبة 114%.

وعرض كل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون، اللذين يحضران قمة مجموعة السبع، مساعدة بلديهما في مكافحة الحرائق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال وزير الدفاع البرازيلي فرناندو آزيفيدو للصحافيين، "نرحب بأي مساعدة فيما يتعلق بالحرائق".

وأثارت الحرائق غضباً على الصعيد الدولي، مع احتجاج الآلاف في البرازيل وأوروبا، إذ كان بولسونارو الذي حُمّل خطابه المناهض للبيئة منذ توليه الرئاسة في يناير (كانون الثاني) مسؤولية إلحاق الضرر بغابة الأمازون والسكان الأصليين، قد ألقى باللائمة في الحرائق على منظمات غير حكومية، معتبراً أنها أضرمت النار عمداً بعد وقف تمويلها.

وتهدد الأزمة بنسف اتفاق تجارة مهم بين الاتحاد الأوروبي ودول في أميركا الجنوبية بينها البرازيل، استغرق التفاوض عليه 20 عاماً.

وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك للصحافيين في قمة مجموعة السبع، أمس السبت، "من الصعب تصوّر دول أوروبية تصادق على اتفاق تجارة مع كتلة ميركورسور فيما تخفق البرازيل في إخماد الحرائق التي تلتهم الغابات المعروفة بـ(رئة الأرض) بسبب دورها الرئيس في الحد من التغير المناخي".

كما اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرئيس البرازيلي بـ"الكذب" حول تعهداته في مجال البيئة. وردّ عليه بولسونارو متّهماً إياه بالعمل "بعقليَّة استعمارية".

يقول خبراء البيئة إن "الحرائق تأتي وسط تزايد تآكل الغابات في منطقة الأمازون، الذي بلغ في يوليو (تموز) نسبة تزيد أربع مرات مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي"، حسب أرقام المعهد الوطني لأبحاث الفضاء.

وكان بولسونارو شنَّ هجوماً على المعهد، ووصف بياناته بالأكاذيب، ودفع إلى إقالة رئيسه.

وقال في تصريحات مقتضبة إلى قناة تلفزيونية "هناك حرائق غابات في كل العالم، ولا يمكن استخدام هذا الأمر كذريعة لفرض عقوبات دولية"، رداً على الضغوط الدولية المتصاعدة لإنقاذ غابة الأمازون التي يقع 60% منها ضمن الأراضي البرازيلية.

تداعيات حريق "رئة الأرض"
خلال الأيام الأخيرة، غطت سحب من دخان الحرائق سماء منطقة الأمازون وما وراءها. وطبقاً لخدمة كوبرنيكوس (كامز) لمراقبة الجو التابعة للاتحاد الأوروبي، فإن سحب الدخان تسافر وصولاً إلى ساحل الأطلسي. بل جعلت السماء تُظلم في ساو باولو على مسافة تتجاوز 3.200 كيلومتر.

وتنبعث عن الحرائق كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، بلغت 228 ميغا طن حتى الآن في العام الحالي، حسب (كامز)، وهي الأعلى منذ عام 2010.

ومن بين الانبعاثات غاز أول أكسيد الكربون، الناتج عن احتراق الأخشاب في ندرة من الأكسجين. وتُظهر خرائط (كامز) وصول غاز أول أكسيد الكربون ذي المستويات المرتفعة من السُميّة إلى ما وراء الخطوط الساحلية لأميركا الجنوبية.

ويحيا في حوض الأمازون نحو ثلاثة ملايين نوع من النباتات والحيوانات، ومليون نسمة من السكان الأصليين.

ويعتبر حوض الأمازون حيوياً لكبح مستوى الاحتباس الحراري حول العالم، إذ تمتص الغابات ملايين الأطنان من انبعاثات الكربون كل عام.

 

وعند قطع الأشجار أو حرقها، ينطلق الكربون الذي تخزنه تلك الأشجار إلى الجو وتقلّ قدرة الغابات المطيرة على امتصاص انبعاثات الكربون.

ولم تقتصر الحرائق على البرازيل، إذ إن عدداً من الدول في حوض الأمازون، الذي تترامى أطرافه على مساحة 7.4 مليون كيلومتر مربع، شهد ارتفاعاً في عدد الحرائق خلال العام الحالي.

وكان ثاني أكبر عدد من الحرائق من نصيب فنزويلا التي شهدت أكثر من 26 ألف حريق، تلتها بوليفيا في المركز الثالث مسجلةً أكثر من 17 ألف حريق.

واستأجرت حكومة بوليفيا طائرة لإطفاء الحرائق المشتعلة شرقي البلاد. وامتدت ألسنة الحرائق إلى نحو ستة كيلومترات مربعة في الغابات والمراعي.

كما دفعت الحكومة بمزيدٍ من عمال الطوارئ إلى المنطقة، كما تعمل حالياً على إقامة محميات للحيوانات الهاربة من النيران.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات