ملخص
منذ إعلان الفنان المصري محمد سلام اعتذاره عن مسرحية بموسم الرياض احتراماً لضحايا غزة وقعت خلافات في الوسط الفني بين مؤيد ورافض لتصرفه.
منذ ساعات لم يهدأ الجدل والتراشق على مواقع التواصل الاجتماعي بعد اعتذار الفنان المصري محمد سلام عن المشاركة في موسم الرياض، في الـ30 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بمسرحية "زواج اصطناعي" مع مي عز الدين وبيومي فؤاد ومصطفى غريب وعدد من النجوم.
وفي مقطع مصور نشره على صفحاته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، علل سلام رفضه المشاركة في مسرحية بها كوميديا ورقص واستعراض في ظل حزن كبير يخيم عليه وعلى الوطن العربي بسبب الأحداث الدموية المؤسفة التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة.
الممثل المصري قدم اعتذاره عن عدم المشاركة في بطولة المسرحية في السعودية، قبل انطلاقها بخمسة أيام فقط، ضمن فعاليات النسخة الرابعة من موسم الرياض على مسرح محمد العلي.
البعض رأى أن المشكلة لم تكن في تضامن "سلام" أو حتى اعتذاره عن بطولة العمل والسفر إلى الرياض بينما الصدمة كانت في خروجه لتفسير موقفه في فيديو فتح فيه النار بشكل غير مباشر أو مقصود.
وظهر بطل العرض المسرحي "زواج اصطناعي" بملامح يبدو عليها الحزن الشديد، وهو يتكلم بصعوبة بالغة، ليؤكد أنه "لا يستطيع السفر وسط هذا الوضع الدموي ويخاف أن يسأله الله عن مساندته للشعب الفلسطيني، وهو لا يستطيع فعل شيء وربما اعتذاره عن المشاركة في رقص وغناء هو أقل ما يمكن أن يفعله في هذا الوقت".
الفنان المصري ذهب إلى أنه كان يتوقع "تأجيل موسم الرياض أو إلغاؤه هذا العام وظل منتظراً مثل هذا القرار في ظل الأحداث المؤسفة، على غرار ما حدث في بلده مصر عبر تأجيل مهرجاني الجونة والموسيقى العربية"، لكن سلام تحدث عن أن اعتذاره "ليس رغبة في شهرة أو رياء ويشهد الله على حسن نيته" .
وعلمت "اندبندنت عربية" أن أجر الفنان المصري محمد سلام في المسرحية يصل إلى 80 ألف دولار، لكنه اعتذر عن عدم قدرته على الحديث معنا.
وقالت مصادر من القائمين على مسرحية "زواج اصطناعي" التي ستعرض ضمن فعاليات موسم الرياض، إن الفنان المصري الشاب محمد أنور حل محل "سلام" في دور زوج مي عز الدين بالعمل.
أحرج زملاءه
موقف سلام فتح الحديث بين وجهات نظر متباينة تخص قضية ممارسة الفن وسط الظروف الإنسانية الصعبة والحروب، ومدى أحقية الفنان في أن يواصل عمله بشكل مهني بصفته مصدر رزقه وعمله الوحيد، حتى إن قدم أعمالاً فقط تخص الوضع الراهن كنوع من التضامن.
هنا اختلفت الآراء ما بين من هاجم محمد سلام واتهموه بأنه يزايد على زملائه ويضعهم في موقف محرج بتصرف وصفوه بعدم المهنية، لأن على الممثل أن يمارس عمله فهذه هي وظيفته وواجبه باعتبار الفن عملاً مقدساً ليس تهريجاً أو يحمل هراء حتى يتم التوقف عنه في ظروف الحروب والمآسي الإنسانية.
وهاجم الإعلامي المصري عمرو أديب سلام، قائلاً إنه يزايد على موسم الرياض وهذا غير مقبول، لأن موقف السعودية غير قابل للنقاش وداعم للقضية الفلسطينية منذ بداية المقاومة وحتى آخر لحظة، متهماً الفنان المصري بإحراج زملائه، لأنه يظهرهم بصورة غير جيدة بشكل غير مباشر أمام الجمهور لكونهم يواصلون عملهم وسط الأحداث على رغم أنهم مهنياً يتعاملون بشكل صحيح .
كما انتقد السيناريست محمد أمين راضي موقف سلام بأنه "رغم حبه له يعتبر تصرفه غير مهني فمن أصول مهنة الممثل أو الفنان مواصلة المسيرة مهما كانت الظروف مثل المهندس والمحاسب والعامل".
وقال الفنان المصري تامر عبدالمنعم إن "هذا تصرف غير مهني، فكبار النجوم علموا الجميع أنه يجب التغلب على مشاعر الضعف ومواصلة العمل في أحلك الظروف، فقد كان النجوم يدفنون آباءهم أو أبناءهم ثم يظهرون في نفس اليوم على المسرح بدافع الالتزام المهني ومع الجمهور، بخاصة أنهم يعلمون أن الفن رسالة سامية وراقية ولا يجوز إقصاءه بسبب الظروف مهما كانت".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بدوره اعتبر الناقد الفني طارق الشناوي أنه ضد قرار اعتذار محمد سلام عن بطولة المسرحية، موضحاً أنه نهج لا يجب تعميمه، مضيفاً أنه كان من الأفضل أن يتصدى لبطولة المسرحية ويتبرع بأجره لفلسطين، وربما يفكر زملاؤه المشاركون له في العرض التفكير نفسه.
واتفق السيناريست سيد فؤاد مع رأي الشناوي، قائلاً في رسالة وجهها عبر صفحته على "فيسبوك" لمحمد سلام: "صنعت حرجاً لزملائك، ومع كامل احترامي لموقفك كان من الأفضل مهنياً أن تعتذر عن العمل مثلما تفعل مع أفلام ومسرحيات ومسلسلات كثيرة وتعيد العربون، ولا تصنع حرجاً للزملاء في نفس المسرحية أو مسرحيات أخرى".
رسائل دعم
في المقابل، دعم عدد من النجوم وصناع الفن في مصر موقف الفنان محمد سلام في رفض العمل وسط الظروف التي تمر بها المنطقة، ووصفه البعض بـ"الكبير أوي" (قوي) وهو اسم أشهر مسلسل كوميدي شارك به سلام مع أحمد مكي.
وقالت المخرجة المصرية كاملة أبو ذكرى "كنت أحب سلام من قبل والآن أنا أحترمه بشدة أكثر مما يتخيل، لأن موقفه في قمة الاحترام وانتصر لإنسانيته".
وأشادت الفنانة المصرية حلا شيحة أيضاً بموقف سلام، قائلة "إنه أثبت أنه بطل حقيقي وإنسان من طراز نادر". وكتب الفنان صبري فواز دعماً لمحمد سلام عبر حسابه الشخصي على "فيسبوك"، "محمد سلام من أنظف وأنقى الناس في الحياة، وكل الناس تحبه لأنه يستحق".
من جانبه، كتب السيناريست عبدالرحيم كمال دعماً للفنان المصري عبر "فيسبوك"، "برافو... الفنان محمد سلام اعتذر عن عدم السفر لعرض مسرحية كوميدية استعراضية في الرياض، لأن الظروف لا تسمح، تحية تقدير لفنان مصري محترم".
وكتبت الفنانة رحمة أحمد "محمد سلام رجل حقيقي، الإنسان مواقف، وحب الناس لا يأتي من فراغ، الإنسان الصادق البسيط يصل حتى من دون أن يتكلم".
ودعم الفنان حمزة العيلي محمد سلام قائلاً "محمد سلام إنسان نقي صادق، أحبه وأحترمه صديقاً وفناناً، وموقفه حقيقي بمقام جهاد، لا لوم على أحد، ولكن هذا أقل ما يمكن فعله".
هجوم على عاشور وإليسا
وعلى جانب آخر تعرض المطرب المصري تامر عاشور لهجوم كبير بسبب إعلانه عن المشاركة في حفل غنائي كبير، واتهمه قطاع كبير من الجمهور بأنه لا يشعر بمعاناة الناس في غزة وضميره يسمح بالغناء في ظروف غير إنسانية.
كانت المطربة اللبنانية إليسا تعرضت لحملة من الهجوم والانتقادات، بعد حفلها الذي أحيته في ألمانيا، تزامناً مع الأحداث المستمرة حالياً في غزة، إذ اتهمت بالغناء وممارسة عملها من دون الاهتمام بما يحدث ودماء الضحايا.
لكن إليسا كتبت رداً لاذعاً عبر حسابها على منصة "إكس"، "يعني إذا المهندس بيوقف الورشة والمحامي بيوقف مرافعة وصاحب المطعم بيوقف خدمة والمصرفي بيوقف تداولات ساعتها منوقف شغلنا كلنا".
وأضافت "بعز الحرب كانوا الفنانين مستمرين لأنو هيدا شغلنا وهيدي رزقتنا وما رح نوقف كرمال كم حدا فاشل وفاضي عم يحكي! ما بقي حدا يزايد علينا بوطنيتنا ومواقفنا! نقطة عالسطر".
وفي وقت الهجوم على إليسا تداول بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لها من الحفل نفسه على خشبة المسرح، وطلبت من جمهور الحفل الوقوف حداداً على شهداء غزة، وقالت "أنا مضطرة أعمل شغلي، لأنه لازم أعمل شغلي... راح ناخد دقيقة صمت ونوقف كلنا لأجل فلسطين ولأجل كل الشهداء".
واضطرت الممثلة اللبنانية نادين نجيم إلى تنفيذ تعاقد بتصوير عمل في باريس وأرفقت فيديو تعتذر فيه للجمهور، قائلة "أعتذر جداً فأنا مضطرة لتنفيذ اتفاقاتي وتعاقداتي، وأرجو تفهم الموقف، فهذا عملنا وهذا لا يمنع أننا نعتصر من الألم ونتضامن قلباً وقالباً مع إخواننا في غزة".
