Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"القبة الحديدية" من عصر ذهبي للصناعات الإسرائيلية إلى خسائر باهظة

وصفها عمير بيرتز بأنها "أفضل اختراع لتل أبيب في كل العصور"

المنظومة قادرة على اعتراض مختلف الصواريخ قصيرة المدى وقذائف مدفعية يصل قطرها إلى 155 مليمتراً (أ ف ب)

ملخص

كانت "القبة الحديدية" الأكثر ربحاً لإسرائيل من خلال توقيع صفقات عسكرية مع دول عدة

حتى السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، كانت منظومة "القبة الحديدية" إحدى أهم منظومات الدفاع الصاروخية للجيش الإسرائيلي وأكثر الإنجازات العسكرية التي تتفاخر بها إسرائيل والتي رفعت قيمة الربح العسكري لها، خلال السنوات الأخيرة، أضعاف أرباحها السابقة من خلال التوقيع على صفقات عسكرية مع دول عدة، بعدما عرضت شركات الصناعة العسكرية نجاحاتها، خلال العمليات العسكرية التي نفذتها في غزة، وتصديها لأكثر من 90 في المئة من الصواريخ التي أطلقت على إسرائيل.

لكن، بعد هذا اليوم الفاصل في تاريخ إسرائيل على مختلف الجهات، السابع من أكتوبر، تغيّر الوضع، وتعرّضت مع منظومات مراقبة وحماية ومجسات عدة، عشية هذا اليوم، لهجوم أدى إلى خلل في عملها، كما تم شلل عمل الرادارات الإسرائيلية التي كانت ستكشف عملية "طوفان الاقصى".

وجاءت الضربة من هذه المنظومة على إسرائيل، ليس فقط في عدم قدرتها على التصدي لآلاف الصواريخ التي أُطلقت باتجاهها وأدت إلى مقتل وإصابة العشرات وإلحاق الضرر الكبير بالممتلكات والأراضي الزراعية والبنى التحتية، إنماـ أيضاً ضربت ما هو معروف بـ "العصر الذهبي" لشركات الصناعة العسكرية الإسرائيلية، عموماً، والشركات المصنعة لهذه المنظومة، بشكل خاص. فحتى السنة الماضية، كانت "القبة الحديدية" الأكثر ربحاً لإسرائيل من خلال توقيع صفقات عسكرية مع دول عدة حيث شكلت حرب أوكرانيا المحركة الرئيسة للقفزة في إيرادات شركة "رفائيل" للصناعات العسكرية بعد أن سارعت دول "الناتو" إلى تحسين قدراتها في مجالات الهجوم والدفاع وأنظمة الدفاع الجوي بينها "القبة الحديدية".

من حرب لبنان الثانية إلى حرب غزة

في عام 2007، بعد عام من حرب لبنان الثانية، وضمن استخلاص العبر بعد الضربات القوية التي تلقتها الجبهة الداخلية، قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك غابي أشكنازي العمل على تجهيز الجيش بمنظومة دفاع صاروخية، ومع إنتاجها، أطلق عليها اسم "مكافحة القسام"، ثم استبدلت باسم "القبة الذهبية"، إلى أن تقررت نهائياً تسميتها بـ "القبة الحديدية"، وأطلق على الصاروخ الذي يطلق منها اسم "تامير"، ووصلت تكاليفها إلى مليار دولار. والمنظومة قادرة على اعتراض مختلف الصواريخ قصيرة المدى وقذائف مدفعية يصل قطرها إلى 155 مليمتراً، كما أن الحد الأدنى من قدرة المنظومة4.5  كيلومتر، وبلغت تكلفة المنظومة مئة مليون دولار.

وعلى مدار سنوات من استخدامها، أرهقت المنظومة ميزانية الجيش خصوصاً خلال عمليات عسكرية طويلة في غزة في مقابل تكثيف إطلاق الصواريخ على إسرائيل، ما دفع المؤسسة الأمنية إلى اتخاذ قرار بعدم استخدامها في حال أن الصاروخ متجه إلى مناطق خالية من السكان.

وفي أعقاب عدم نجاحها بنسبة عالية جداً، تم تحسين قدراتها، عام 2014، حيث أضيف لها صاروخ اعتراضي محسّن برأس حربي أكثر كفاءة لإصابة الهدف، وإضافة إلى ذلك، فإن تكلفة الصاروخ المحسّن أرخص وتصل تكاليفه إلى 50 ألف دولار لكل صاروخ، وفي العام الماضي، تمت ترقية منظومة "القبة الحديدية" لاعتراض قذائف الهاون من عيار 120 مليمتراً و160 مليمتراً بدقة، بحسب شركة "البيت" للصناعات العسكرية.

هذه التحسينات تم إدخالها في أعقاب عمليات عسكرية عدة نفذها الجيش الإسرائيلي في غزة، ولم تحقق "القبة الحديدية" نجاحاً كبيراً كما توقعوا في الأجهزة الأمنية. وعلى مدار سنوات مضت، كانت هناك نقاشات حول عمل ودقة "القبة الحديدية" مقابل تكاليفها الباهظة لإسقاط صاروخ من غزة لا تصل تكاليفه مئات الدولارات. وفي حين ادعى الجيش الإسرائيلي أنها نجحت في اعتراض نسبة عالية من الصواريخ، أكد باحثون أن نسبة نجاح القبة في إسقاط الصواريخ من غزة لا تتعدى 50 في المئة فقط وليس 90 في المئة كما يدعي الجيش. وفي عرض بحث حولها، تبيّن أنها في عملية "عامود السحاب" في غزة، عام 2012، أخطأت بشكل كبير ولم تتجاوز دقتها 50 في المئة فقط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدد البحث الإسرائيلي على أن تحليل نجاح "القبة الحديدية" تمّ على أساس التصوير الفوتوغرافي وتقارير الفيديو، وبيّن أنه يتعارض مع الواقع حيث اعترضت القبة 421 صاروخاً فيما سقط في إسرائيل 875 صاروخاً، وأصابت 58 أخرى مناطق محاذية للحدود الجنوبية في إسرائيل.

وإزاء المعطيات المتناقضة والمختلفة، ما زال الإسرائيليون مختلفين حول مدى دقتها، ولكن مع هذا، نجح الجيش وشركات الصناعات العسكرية في الترويج لميزة وقوة هذه المنظومة، ووقّعت صفقات ضخمة مع رومانيا التي اشترت نسخة وترخيصاً لها من إسرائيل لصناعة "القبة الحديدية"، كما اشترت كندا والهند وغيرهما نظام رادار القبة، وباعتها إسرائيل لأذربيجان، وقبل السابع من هذا الشهر كانت الشركة تجري مفاوضات للتوقيع على صفقات عدة لكن هذه الصفقات لم تتوقف وحسب، بل إن توقعات الإسرائيليين أن يؤدي فشل المنظومة في حرب غزة إلى إلغاء الصفقات.

أفضل اختراع إسرائيلي

وفي استعراضه لأهمية "القبة الحديدية"، وصف وزير الدفاع السابق عمير بيرتز، الذي منح المصادقة على صناعتها، بأنها "أفضل اختراع إسرائيلي في كل العصور". وقال "المنظومة الدفاعية هذه هي مشروع إسرائيلي بحت، ولد من رحم السباحة ضد التيار وله تأثير ملموس على العديد من مستويات حياة مواطني إسرائيل. إنها نظام دفاعي يسهم بشكل أساسي في منع الحروب. فبعد أن اتخذت قرار الموافقة على المشروع لمواجهة ضغوط هائلة من شخصيات بارزة في المؤسستين السياسية والعسكرية وكذلك وسائل الإعلام، التقيت بفريق التطوير في شركة رفائيل وطلبت منهم العمل 24 ساعة في اليوم لإنجازها بأسرع وقت ممكن".

ويرى بيرتز أن صناعتها كانت حاجة ضرورية وملحة لعدم تعريض الجبهة الداخلية لخطر صواريخ الطرف الآخر، وبرأيه، "فإن نصبها في كل منطقة تتعرض للصواريخ للدفاع عن السكان لا يمنع الضرورة والحاجة لشنّ هجمات لحسم المعركة". ويشير إلى أهميتها في منع الأضرار الاقتصادية الجسيمة لما تلحقه الصواريخ بالممتلكات وبقدرة الاقتصاد على الاستمرار في العمل حتى أثناء الحرب.

الحماية

حديث بيرتز جاء قبل السابع من الشهر الجاري لأن أبطال "أفضل اختراع إسرائيلي في كل العصور"، وفق وصف بيرتز، في اليوم الأول من حرب غزة سيعيدون الحسابات بأهميتها ومفعولها وقوتها. ومنذ نشوب الحرب على غزة، تعمل الأجهزة الأمنية بالتعاون مع خبراء على إعادة تفعيل المنظومة ونشر كمية كبيرة منها من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، وبسبب النقص في مخزونها، حصلت إسرائيل من الولايات المتحدة على منظومتين لـ "القبة الحديدية"، كما توجهت الشركة الإسرائيلية إلى عدد من الدول التي باعتها هذه المنظومة بطلب استرجاع بعضها لضمان مواجهة الصواريخ التي تطلق باتجاه إسرائيل من الشمال والجنوب.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير