ملخص
السوق السعودية تأثرت بالتقلبات الحادة في الأسواق الإقليمية والعالمية على وقع الاضطرابات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.
شهدت سوق الأسهم السعودية حالاً من التقلبات الحادة صعوداً وهبوطاً خلال الجلسات القليلة الماضية بفعل سيطرة حال من الخوف على تعاملات المستثمرين من اتساع نطاق الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فضلاً عن ارتباك أسواق النفط.
وقال محللون في الأسواق المالية في تصريحات إلى "اندبندنت عربية" إن "السوق السعودية تأثرت سلباً بعوامل خارجية عدة، على رأسها الاضطرابات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط التي تواصل التأثير في مؤشر السوق الرئيس "تاسي"، هذا إلى جانب تقلبات أسعار النفط وعودة التضخم العالمي للارتفاع، بالتالي ربما عودة البنوك المركزية لزيادة أسعار الفائدة بعد فترة توقف قصيرة".
وأضافوا أن السوق السعودية عاودت الصعود مرة أخرى بعد تراجعات حادة مع عودتها للتأثر بالعوامل الداخلية، إذ تلقت دعماً من إعلان نتائج إيجابية لبعض البنوك التي جاءت أفضل من التوقعات".
إلى ذلك قفز مؤشر السوق الرئيسة (تاسي) في جلسة أمس الأربعاء بنحو 1.2 في المئة، وهي أعلى وتيرة مكاسب يومية للمؤشر في شهر ليغلق فوق مستوى 10500 نقطة مواصلاً بذلك مكاسبه لليوم الثاني، بعد أربع جلسات من تحقيق الخسائر.
وهبط المؤشر أيضاً في نهاية تعاملات جلسة الإثنين الماضي بأعلى وتيرة منذ بداية العام الحالي، إذ فقد 202 نقطة ما يعادل 1.9 في المئة، مسجلاً أدنى إغلاق في سبعة أشهر.
وتأثرت السوق بالضغط شبه الجماعي من القطاعات مما أسهم في التراجع بصورة أكبر مما اعتادت عليه، وزادت الضغوط بعدما فقد المؤشر مستويات الدعم 10450 نقطة مسجلاً أدنى مستوياته منذ مارس (آذار) الماضي، وذلك يزيد الضغوط على المؤشر حتى مستويات قريبة من 10 آلاف نقطة.
ظل أداء المؤشر الرئيس لسوق الأوراق المالية السعودية (تداول) ضعيفاً خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، بينما شهد انتعاشاً حتى أواخر يوليو (تموز) الماضي، إلا أنه انخفض منذ ذلك الحين مرة أخرى ومحا تقريباً كل المكاسب التي حققها منذ بداية 2023.
حال عدم اليقين
وفي حين لم تعلن معظم الشركات بعد نتائج أعمالها الفصلية للربع الثالث من العام الحالي، من المنتظر أن تنتهي فترة الإفصاح بعد أسبوعين تقريباً، ويشير المحللون إلى أن تأخر النتائج يزيد من حال عدم اليقين تجاه ربحية الشركات للربع الثالث من هذا العام.
تقلبات عالمية حادة
في تلك الأثناء قال الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية علي بوخمسين، إن "ما يحدث في سوق الأسهم السعودية يتسق مع التقلبات الحادة في الأسواق الإقليمية والعالمية على وقع تعدد العوامل الضاغطة على الأسهم ولعل آخرها الاضطرابات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط."
وأشار إلى أن تأثير تلك الاضطرابات كان طفيفاً في البداية"، مستدركاً "لكن زاد تأثيرها عمقاً عندما اشتدت الأزمة وبدأت ضبابية الصورة تسود بحيث لم تعرف استدامة هذه الحرب وما إذا كانت إمدادات الطاقة ستتعرض للأزمة من عدمه"، لافتاً إلى أن "السوق السعودية استطاعت مقاومة التأثيرات لفترة معقولة قبل أن تتأثر أخيراً نتيجة التغيرات المتوقعة حيال أسعار الفائدة الأميركية".
وتابع بوخمسين أن مؤشر "تاسي" عكس اتجاهه المتراجع منذ جلسة الثلاثاء الماضي مع عودته للتأثر بالعوامل الداخلية، إذ تلقى دعماً مع النتائج الإيجابية للبنك الأهلي السعودي، بعد أن جاءت أفضل من التوقعات ومن قبله جاءت نتائج بنك "الراجحي" كذلك.
أسعار جاذبة للشراء
وأشار بوخمسين إلى وصول الأسهم لمستويات جاذبة للشراء بعد أن سجلت قاعاً قياسياً، معتبراً ذلك يخلق فرصاً استثمارية تجذب عدداً كثيراً من المستثمرين سواء المحليين أم الأجانب، قائلاً "هذا العامل ربما يكون حافزاً لعكس الاتجاه الهابط للسوق"، لافتاً إلى أن مواصلة إعلان نتائج أعمال قوية ستعزز من الأداء العام للسوق، مشيراً إلى أن المؤشر الرئيس عادة ما يسجل مستويات قياسية في شهر ديسمبر (كانون الثاني) من كل عام.
وأضاف أن أساسات السوق السعودية ما زالت قوية، ومع عودة مؤشر "تاسي" للتأثر بالظروف الاقتصادية الداخلية وآخرها نتائج أعمال الربع الثالث من العام الحالي، مع تخفيف الضغوط الواقعة عليه نتيجة العوامل الخارجية فإنه سيشهد بالتأكيد تحسناً كبيراً في المدى قصير الأجل.
تذبذبات قوية
من جهته قال المحلل المالي محمد الميموني إن "المؤشر العام للسوق السعودية يشهد فترة من التذبذبات القوية صعوداً وهبوطاً"، مشيراً إلى أن "هذا الأمر بالغ الحساسية لا سيما مع تزامنه مع حلول فترة نتائج الأعمال وخصوصاً في قطاع البنوك التي جاءت إيجابية حتى الآن الأمر الذي يعود لنمو محفظة إقراض الأفراد".
وأضاف أن "التقلبات في أسعار النفط وتباطؤ الاقتصاد العالمي دفعت نتائج أعمال قطاع البتروكيماويات إلى السلبية، وهو ما ضغط على المؤشر السعودي"، موضحاً أن "التكهنات والمخاوف السلبية في شأن نتائج الأعمال في الربع الثالث لا تزال مستمرة وربما تؤثر كذلك في المعنويات مع سيطرة حال من الحيطة والحذر على سلوك المتعاملين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوقع الميموني أن تستمر السوق السعودية في المسار الهابط ما دام المؤشر العام دون مستوى 10800 نقطة، إذ يعتبر ذلك بمثابة حاجز مهم للمؤشر في الفترة الحالية، مشيراً إلى أن ذلك يبقي فرص عودة الضغوط البيعية، لذلك فإن تداول السوق فوق تلك المستويات سيظهر قوة المشترين ومن دون ذلك يظهر استمرار ضعف الزخم الشرائي.
فجوة بين التحليل الأساسي والفني
في غضون ذلك يظهر مؤشر "تاسي" السعودي فجوة كبيرة بين التحليل الأساسي والسلوك السعري النهائي، بحسب محمد زيدان المحلل المالي في قناة "الشرق"، إذ أوضح أن "المؤشر السعودي فقد مستوى 10500 نقطة وهو مستوى دعم محوري على المدى القصير، وهو ما كان له أثر نفسي في الأسواق، فعلى رغم أن مؤشر الزخم يشير إلى تشبع بيعي، إلا أنه من الملاحظ وجود عمليات بيع قوية الإثنين الماضي، مشيراً إلى أن توقعات المحللين مستهدفات مختلفة تماماً عند 12670 نقطة خلال 12 شهراً، وهو ما يعكس التباين الكبير بين التحليل الأساسي والتحليل الفني على مؤشر "تاسي".
عوامل خارجية مؤثرة
من جانبه قال نائب رئيس في إدارة بحوث الاستثمار في شركة "كامكو للاستثمار" رائد دياب، إن حركة التداول في السوق السعودية حالياً تتأثر بالعوامل الخارجية أكثر من العوامل الداخلية، موضحاً أن في مقدمة تلك العوامل التي تؤثر في الأسواق العالمية حالياً التوترات الجيوسياسية وتباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، علاوة على ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وتذبذبات أسعار النفط وما يترتب عليها من تراجع أسعار المواد البتروكيماوية.
وأضاف أن "العوامل المؤثرة في السوق السعودية داخلياً كلها إيجابية مثل السيولة النقدية، وربحية الشركات والإنفاق الحكومي والنمو الاقتصادي الذي تعيشه الرياض"، مستدركاً "لكن مشكلة السوق الرئيسة منذ بداية العام الحالي تتعلق بعوامل خارجية".
نتائج الأعمال الفصلية
بدوره أشار محلل أسواق الأسهم محمود عطا إلى أن متداولي السوق السعودية يتابعون باهتمام نتائج الأعمال الفصلية للربع الثالث من العام الحالي، لا سيما القطاع المصرفي الذي قاد الارتفاع في آخر جلسات التداول، بعدما ظهور عدد من نتائج القطاع بأرباح فاقت التوقعات وعلى رأسهم البنك الأهلي السعودي، لافتاً إلى أن ذلك حفز بعض المستثمرين للشراء، مستدركاً "لكن في المقابل هناك مخاوف من أن تتعرض السوق للضغط عليها الفترة المقبلة بسبب النتائج المتباينة المرتقبة وخصوصاً بالقطاعات الرئيسة بما في ذلك الطاقة والبتروكيماويات"، متوقعاً أن تقود أسهم القطاع المصرفي السعودي ارتفاعات السوق خلال الفترة المتبقية من العام الحالي في ضوء نتائج الأعمال الأخيرة.