Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

منحة شهرية للنواب وسط أزمة اقتصادية تحدث شرخا في تونس

"المبلغ سيصرف من الموازنة الخاصة بالبرلمان ومن ثم لن يثقل كاهل الدولة بأية مصاريف جديدة"

أبلغت الرئاسة التونسية البرلمان رفض وزارة النقل منح النواب بطاقات مجانية تمكنهم من التنقل (موقع البرلمان التونسي)

ملخص

الانتقادات في شأن منحة النواب قد يؤدي إلى الإضرار بصورة المجلس الذي يسعى إلى القطع مع الصورة النمطية التي رسخت في أذهان التونسيين حول البرلمان وطريقة عمله

أثارت منحة شهرية أقرها مجلس النواب التونسي (الغرفة الأولى من البرلمان) لأعضائه سجالات سياسية داخل المجلس المنعقد في باردو وسط العاصمة وخارجه، إذ وجهت أوساط سياسية ومراقبون وابلاً من الانتقادات لهذه الخطوة، خصوصاً أنها تتزامن مع وضع اقتصادي صعب تئن تحت وطأته البلاد.

وجاء هذه القرار في خضم انشغال التونسيين مثل غيرهم بالأوضاع المشتعلة في غزة على وقع التصعيد بين حركة "حماس" وإسرائيل، فيما أرغمت الانتقادات مكتب رئاسة البرلمان على كسر الصمت وتبرير هذه الخطوة بمحاولة تسهيل تفرغ النواب لمناقشة قانون الموازنة للعام المقبل.

سجال داخل البرلمان

واغتنم عدد من النواب انعقاد جلسة عامة أمس الإثنين بحضور وزيرة المالية سهام نمصية لفتح سجال في شأن المنحة التي قرر مكتب المجلس إسنادها لأعضائه، إذ قال النائب بلال المشري إن معظم النواب فوجئوا بهذا القرار.

وأوضح المشري أن "غالب النواب اطلعوا أيضاً على المعلومة في مواقع التواصل الاجتماعي، على رغم أنه تم في وقت سابق التخلي عن منحة السكن والأكل وغيرهما"، لافتاً إلى أن هذه المسألة لم تناقش في جلسة عامة.

وأرغمت الانتقادات المكلفة الإعلام والاتصال في مكتب البرلمان سيرين المرابط على التوضيح مساء أمس الإثنين، إذ اعتبرت أن "هذه المنحة تهدف إلى تيسير تفرغ النواب لمناقشة قانون الموازنة خلال هذه الفترة".

وشددت المرابط في تصريح بثته وكالة الأنباء الرسمية (تاب) على أن "الرئاسة التونسية أبلغت البرلمان رفض وزارة النقل منح النواب بطاقات مجانية تمكنهم من التنقل، مما جعل رئيس المجلس يتقدم باقتراح لتقديم منحة استثنائية إلى النواب للأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الحالي، وهو مقترح جرى التصويت عليه".

وحاولت المتحدثة بث رسائل طمأنة إلى التونسيين بعد الجدل الذي أثاره هذا القرار، إذ قالت إن "المبلغ سيصرف من الموازنة الخاصة بالبرلمان، ومن ثم لن يثقل كاهل موازنة الدولة بأية مصاريف جديدة".

ويأتي هذا الجدل في وقت تعيش فيه البلاد أزمة اقتصادية متفاقمة تزداد حدة في ظل تعثر المحادثات الرامية إلى التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي من أجل تمويل يقدر بـ1.9 مليار دولار.

وقالت وزيرة المالية أمس الإثنين أمام البرلمان إنه لم يتم تقديم أي برنامج جديد للصندوق في شأن التمويل المذكور، وهو مما يعكس تجمد المحادثات حوله، لكنها بددت في المقابل المخاوف التي طرحها كثيرون في الأشهر الماضية حول إمكان حصول قطيعة بين تونس والمؤسسة الدولية، إذ قالت إن التواصل لم ينقطع وتونس تبقى عضواً في مجلس الصندوق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مناورة سياسية

وتصاعد الانتقادات إلى قرار البرلمان في شأن المنحة المذكورة قد يؤدي إلى الإضرار بصورة المجلس، في وقت يسعى فيه إلى القطع مع الصورة النمطية التي رسخت في أذهان التونسيين حول البرلمان وطريقة عمله.

وعندما أقر الرئيس قيس سعيد إجراءات يوم 25 يوليو (تموز) 2021 اعتبرت بمثابة زلزال سياسي، أطاحت البرلمان والحكومة المنتخبين، لم يتردد في استعراض صور لمعارك داخل مجلس النواب المنحل، متهماً أعضاءه بتغليب مصالحهم ومصالح أحزابهم على حساب مصالح التونسيين.

وسارع النائب البرلماني السابق والأمين العام لحزب "التيار الديمقراطي" نبيل الحاجي إلى التعليق بالقول إن "في هذه الأثناء، وفي غفلة من الجميع، قرر نواب مجلس الشعب منح أنفسهم منحة استثنائية بألف دينار لكل نائب".

وتابع الحاجي بنبرة ساخرة "طبعاً تم إصدار هذا القرار في إطار الحرص على المالية العمومية وضماناً لخدمة الشعب الكريم".

ويرى المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي أنه "يمكن تفسير القرار الذي اتخذه مجلس النواب من جانبين، من حيث الشكل هذه خطوة مفاجئة في وضع اقتصادي واجتماعي وسياسي صعب، بخاصة أن صورة البرلمان على المحك، وهذه المنحة في هذا التوقيت ستضع البرلمان في وضع محرج أمام الرأي العام".

وأردف الجليدي في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، "من حيث المضمون، أعتقد أن هذه مسألة إدارية تخص موازنة الدولة، وهناك أجر يصرف للنواب، مع التأكيد أن هناك محاولات لاستثمار هذه القضية سياسياً عندما كشف البعض عن هذه المنحة من خلال تسريب الوثيقة في محاولة لإحراج مجلس النواب والموالين لرئيس الجمهورية وخلق مشكلة سياسية جديدة".

ويعتقد المحلل السياسي أن "التضخيم الذي أحيط بهذه المسألة، وهي مسألة إدارية، يدخل في إطار المناورة السياسية من خلال مزايدة بعض المعارضين على السلطة".

وبحسب ناشطين سياسيين، "يطرح الرئيس التونسي قيس سعيد عديداً من الأولويات في المرحلة التي يقود فيها البلاد، منها تطهيرها من الفساد وإعطاء الأولوية لصالح الشعب على حساب المسؤولين وغيرهم".

وفي خضم عديد من الحوادث شهدها البرلمان الحالي على غرار توقيف أحد نوابه على هامش الجلسة الافتتاحية له بسبب مذكرة إيداع بالسجن، ورفع الحصانة عن عدد من نوابه، فإن نشاطه سيكون على المجهر الآن أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يضع صورته بالفعل أمام اختبار جدي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي