Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

20 مليون طفل سوداني مهددون بفقد مقاعدهم الدراسية

مدارس ومنشآت تعليمية تصدعت نتيجة القصف وبعضها تحول إلى دور إيواء للنازحين

تحولت مدارس الولايات إلى دور إيواء للنازحين (أ ف ب )

ملخص

ملايين الأطفال في السودان مهددون بعدم العودة للمدارس

رسم تقرير أممي صورة قاتمة لحاضر ومستقبل أطفال السودان في شأن مصيرهم التعليمي في ظل استمرار الحرب بين الجيش وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، ويعيش آلاف التلاميذ والطلاب آلام النزوح والحرمان من الحق في التعليم بخاصة بعد تحول مدارس ولايات البلاد المختلفة إلى دور إيواء للنازحين الفارين من نيران القتال في الخرطوم، علاوة على تصدع بعض المؤسسات التربوية بالعاصمة بسبب القصف المدفعي والجوي.

وأفاد تقرير جديد لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن نحو 20 مليون طفل سوداني مهددون بالحرمان من العودة للمدارس في العام الحالي والمقبل، فضلاً عن 14 مليون آخرين في حاجة ماسة إلى الدعم الغذائي والدوائي.

وأشار التقرير إلى أن انعدام الأمن والتشرد وعدم كفاية الخدمات يؤدي لتفاقم تفشي الأمراض.

توجيه وتحديات  

منذ أول مايو (أيار) الماضي والمؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة في الخرطوم وجميع أنحاء البلاد موصدة الأبواب وتعطلت إثر ذلك الدراسة في مرحلتي الأساس والثانوي، في وقت وجه رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان حكومة ولاية نهر النيل شمال البلاد بالمضي قدماً في فتح المدارس للطلاب وانتظام العملية التعليمية لتفادي تعطيل العام الدراسي الجديد.

وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي طرقت كارثة السيول والأمطار أبواب ولاية نهر النيل وأجزاء واسعة من محليات الدامر وبربر وشندي، وكذلك مناطق الباقير والمكابراب والعالياب وقدو وقبادي والسلمة بمعدلات غير مسبوقة، مسببة أضراراً وخسائر وتداعيات صحية وبيئية، وتواجه وزارة التربية والتعليم بالولاية تحديات عدة لمعالجة أوجه القصور وتأهيل الدور ومكافحة الأمراض من أجل فتح المدارس واستقرار العملية التعليمية.

إيقاف الحرب

رأي المتحدث الرسمي باسم لجنة المعلمين السودانيين سامي الباقر عبدالباقي أن "استمرار الحرب يؤدي بالفعل إلى زيادة كبيرة في أعداد الأطفال خارج المدرسة، إضافة إلى أرقام متوقعة في نسبة التسرب، ونحن نؤكد على ضرورة إيقاف القتال كخطوة أولى في طريق معالجة قضية التعليم، تعقبها خطوات جادة بوضع خطة محكمة لمعالجة الآثار التي خلفها الصراع المسلح، مع تضافر الجهود المحلية والإقليمية لإحداث إختراق حقيقي في هذا الملف المهم".

وأضاف، "نحن مع استئناف العملية التعليمية وعدم توقفها لأي سبب، ولكن يجب أن تكون هناك مبادئ أساس يتم في ضوئها فتح المدارس ومن بينها الشمول، بحيث يتم الوضع في الاعتبار عدم جعل الخطة لا تستوعب كل التلاميذ والطلاب، كما ينبغي أن تكون العملية التعليمية مدخلاً لإيقاف الحرب وعودة السلام".

وتابع عبدالباقي، "هناك تحديات تقف أمام فتح المدارس منها الوضع الاقتصادي للمعلمين "وعدم صرف المرتبات وضعفها"، فضلاً عن الوضع الاجتماعي الذي يتمثل في نزوح الأسر بما فيهم المعلمين والطلاب إلى جانب عدم توفر معينات البيئة المدرسية من كتاب و إجلاس وتأثر دور التعليم بالاشتباكات المسلحة، لأن المدارس في مناطق النزاع باتت إما ثكنات عسكرية أو أهدافاً للقصف، وفي المناطق الآمنة أصبحت المدارس دوراً للإيواء، وبالتالي توجد مطلوبات لافتتاح العام الجديد وهي التي تعالج التحديات المذكورة، ويجب أن تقوم بها الجهات كافة، خصوصاً طرفي الصراع والمجتمع الدولي حتى نستطيع فتح المدارس بصورة تحقق العدالة".

خطط مؤجلة

مدير الإدارة العامة للتعليم لمرحلة الأساس في ولاية الخرطوم محمد حامدنو البشير نوه إلى أنه "في ظروف الحرب الحالية لا يمكن لأي مسؤول التنبؤ بما يحدث مستقبلاً لأن الواقع الحالي لا يشير إلى استقرار في وقت محدد، خصوصاً أن مقر الوزارات ذات الصلة بالتعليم ومعظم المدارس في العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث تشهد اشتباكات مسلحة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف، "ليس هناك تواصل على مستوى الوزارة الولائية أو الاتحادية بسبب وضع البلاد المعلوم لدى الجميع، وبالتالي فإن الحديث عن أية خطة لمعالجة تقويم العام الدراسي تبقى من ضروب المستحيلات".

ونبه البشير إلى أنه "في حال توقف الحرب وعودة الاستقرار ستكون هناك مشاورات في شأن مصير العام الدراسي ووضع الخطط لضمان إكمال التلاميذ والطلاب دراستهم فضلاً عن الترتيب للعام الجديد".

حسرة وعجز

ويعيش كثير من أولياء أمور التلاميذ والطلاب حالاً من اليأس والقلق على المصير المجهول الذي ينتظر أبنائهم في ظل تصاعد القتال وعدم وجود أفق للحل السلمي عبر طاولة التفاوض.

وعبّر المواطن فاروق أحمد آدم عن حزنه لما وصلت إليه الأوضاع في السودان من خراب ودمار طاول حتى المؤسسات التعليمية والتثقيفية ودور الفنون الإبداعية وأسهم في فقدان الطلاب شهاداتهم التعليمية ووثائقهم جراء القصف وبسبب عمليات السلب والنهب".

واعتبر آدم أن "بداية التحول كانت في حياة النزوح التي لم يستوعبها كثير من الأطفال، وفاقمت الوضع النفسي للصغار لأنهم ابتعدوا من منازلهم ومدارسهم، كما أن رحلات اللجوء إلى دول الجوار فرقت بين الأطفال وآبائهم بسبب فقدان جوازات السفر والأوراق الثبوتية".

وتابع، "أريد الخروج من جحيم التفكير بمستقبل أطفالي، فكلما نظرت إليهم أشعر بالحسرة والعجز في آن معاً، لأنني لا استطيع الهجرة إلى الخارج والبحث عن بدائل جديدة نظراً لعدم توفر المال اللازم لكلف المدارس خارج السودان".

ظاهرة مرتقبة

وتوقع الخبير التربوي عبدالرحمن يونس ازدياد نسب التسرب من المدارس في البلاد عقب توقف الحرب بسبب تردي الوضع الاقتصادي والصدمات النفسية التي تقلل مستوى الأولوية المعطاة للتعليم، فضلاً عن فقدان الرغبة في الالتحاق بالمدارس بعد إطالة أمد الصراع المسلح الذي أكمل نصف عام مع احتمال استمراره لفترة مقبلة".

وأضاف يونس أن "غالبية الأسر غير قادرة على إرسال الأبناء إلى المدارس لأن كلف الرسوم والزي وأجور النقل فاقت الاحتمال في ظل التدهور الاقتصادي المتسارع وحال الاستنزاف المعيشي المستمرة، مما اضطر كثيراً من التلاميذ والطلاب إلى الاتجاه لسوق العمل وبخاصة في الفترة التي أعقبت اندلاع المعارك بين الجيش السوداني والدعم السريع".

وشدد الخبير التربوي على ضرورة تدارك الأزمة الراهنة عبر إيجاد حلول عاجلة لوقف الحرب أولاً ومن ثم التفكير في كيفية معالجة أزمة العام الدراسي السابق والحالي، وفق خطط تستوعب جذور المشكلة والعمل على ترغيب التلاميذ والطلاب وأسرهم في مواصلة الدراسة من دون وضع قيود وكلف تفوق قدرة السودانيين المالية".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي